أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
299
التاريخ: 17-10-2016
373
التاريخ: 17-10-2016
315
التاريخ: 17-10-2016
328
|
أعقب الملوك السلوقيين المقدونيين في حكم العراق الملوك الفرثيون الإيرانيون في منتصف القرن الثاني ق.م (138 ق.م، 126 ق.م) ودام حكمهم إلى العام 227 ق.م، فيكون العهد الفرثي قد دام في العراق زهاء الثلاثة قرون ونصف القرن، حيث حل محلهم الفرس الساسانيون (637 – 227م) إلى الفتح العربي الإسلامي, والفرثيون يرجعون في أصلهم إلى القبائل "الهندية ــ الأوروبية" في آسية، ويمتون بصلة إلى "الاسكوزيين" او "السكيثيين" (Scythians) الذي ورد ذكرهم في كلامنا على الدولة الآشورية. وكان موطن الفرثيين في السهوب الممتدة ما بين بحر قزوين وبحر "أرال" واشتهروا بالفروسية والحرب. اما اسمهم أي الفرثيون أو البارئيون فمشتق من اسم الإقليم الذي استولوا عليه بعدئذ في إيران المسمى "بارتوا" (إقليم خراسان تقريباً)، حيث ظهروا في التأريخ في حدود 250 ق.م(1) وقد ورد ذكر هذا الإقليم في عهود أقدم قبل ان يستوطنه هؤلاء الأقوام في أخبار الفرس الأخمينيين وفي الأخبار الآشورية مثل حوليات الملك الآشوري أسرحدون (القرن السابع ق.م). وذكر اسم بلاد "برتوكا" او "بارتوا" في أخبار كورش, ولا تعرف لغتهم الأصلية قبل استيطانهم البلاد التي سمعوا بها. ومهما كان الحال فإنهم تكلموا بإحدى اللهجات الإيرانية القديمة المسماة "بهلويك" (البهلوي الفرثي) وهي قريبة الصلة باللغة الفارسية الساسانية (بارسيك) وكلتا اللهجتين من الفارسية القديمة. واتخذ الفرثيون الخط الآرامي لكتابة لغتهم على الرقوق بالدرجة الاولى مما كان سبباً في تلف معظم مآثرهم المدونة، ويجدر ان نذكر بهذا الصدد أن نصوصاً فرثية وجدت في منطقة جبال "هورمان" في جهات حلبجة كما ذكرنا.
ظهر الفرثيون في المسرح السياسي في حدود 250 ق.م، حينما ظهر من بينهم زعيم مقتدر اسمه "أرشاق" (Arsaces) ، فقاد جموع قومه من اخيه المسمى "تيرايداتس" واستولى على إقليم خراسان من الحاكم السلوقي حيث كانت إيران تابعة إلى الامبراطورية السلوقية كما مر بنا. وعد العام 247 ق.م بداية العهد الفرثي الرسمي في بلاد إيران. على أن الحروب استمرت بين الفرثيين والسلوقيين للاستيلاء على الولايات الشرقية وعلى العراق وشغلت حكم "تيريداتس" الأول (211- 248 ق.م) الذي تلا أخاه أرشاق في الحكم (248 – 250) وحكم "أرطبان" الأول (191 – 211 ق.م) و "فريافاطوس" (176 – 191 ق.م) وافراهاط الأول (171 – 176 ق.م) ومثراداتس الأول (138 – 171 ق.م)(2)، وكانت هذه الحروب سجالا بين الجانبيين ولكن باستمرار رجحان الكفة بجانب الفرثيين بسبب الضعف المتزايد الذي حل بالسلوقيين من جراء نزاعهم المستمر مع بطالسة مصر ومع رومة. واخيراً استطاع مثراداتس الأول فتح العراق في حدود 141 ق.م، ولكن السلوقيين حاولا استعادته منهم ولا سيما في عهد الملك السلوقي انطيوخس السابق "سديتس" (129 – 138ق.م) الذي أحرز نجاحاً مؤقتاً, على أن الملك الفرثي افراهاط الثاني (124 – 128 ق.م) استطاع ان يتغلب على الجيوش السلوقية في إيران وأن يقضي عل الملك السلوقي واستتب حكم الفرثيين في العراق في عهد أرطبان الثاني (124 – 128ق.م) بحيث اعتبر بعض الباحثين حكم الفرثيين المتواصل في العراق من عهد هذا الملك، في حدود 126 ق.م.
من أبرز النقاط التي تخص تاريخ العراق في هذا العهد, أن العهد الفرثي في العراق تميز بكثرة الحروب اولاً مع السلوقيين كما قلنا ثم مع الرومان. وكان شمالي العراق ميدان الكثير من المعارك التي نشبت ما بين الفرثيين والرومان، فبرزت في أخبار هذه الحروب جملة مدن مهمة على الحدود في شمالي ما بين النهرين مثل إنطاكية وحران ونصيين وغيرها .
وبدأت العلاقات الحربية ما بين هاتين الدولتين منذ عام 92 ق.م في عهد القائد الروماني "سولا" (Sulla). وكانت اولى المعارك الكبرى في عهد الملك الفرثي (أورود) الثاني (37 – 57 ق.م) وكان الحاكم الروماني في سورية "كراسوس"، فنشبت معركة حران الشهيرة (53 ق.م) التي اندحر فيها الرومان وفني معظم جيوشهم وقتل القائد "كراسوس" نفسه, وانتهز الفرثيون اضطراب الأحوال الذي عم رومة بعد مقتل قيصر فوسعوا فتوحهم إلى الغرب، واستولوا على سورية وفينيقية، فأرسل القائد الروماني "مارك أنطوني" الذي كان في مصر حملة كبيرة لوقف الزحف الفرثي، أحرزت النصر على جيش الملك الفرثي "أفراهاط" الرابع (2 – 37ق.م). وتوقف النزاع من بعد ذلك فترة ما ، عقدت فيها معاهدات سلم ما بين الطرفين، وكانت هذه الفترة التي بدأت من العهد الميلادي فترة مظلمة في تأريخ الفرثيين بوجه عام وتأريخ العراق بوجه خاص، وضعفت الدولة الفرثية بسبب المؤامرات الكثيرة في البلاط، وظل الضعف ملازماً لها إلى أن تولى العرش الملك أرطبان الثالث (38 – 11 م) الذي حصل في عهده شيء من الانتعاش في حياة المملكة الفرثية الأمر الذي جعل الرومان يترددون في تدخلهم بشؤون الولايات الغربية التابعة للملكة الفرثية. ولعل الثورة اتي اندلعت في العراق من جانب مدينة سلوقية في عهد أرطبان الثالث وقد دامت زهاء سبع سنوات كانت بتحريض الرومان.
انتهى السلم ما بين الفرثيين والرومان في زمن الامبراطور الروماني تراجان (117 – 98م) المعاصر للملك الفرثي خسروا (Osroes) (128-109م). فبدأت الحملات الرومانية تسير إلى الفرات وكثيراً ما هاجمت الفرثيين في أراضي العراق، كما نهب العاصمة "طيسون مراراً. وبدأ تراجان حملته من إنطاكية، قاعدة الجيوش الرومانية في بلاد الشام، وعبر الجيش الروماني دجلة بعد تغلبه على مقاومة ضعيفة، بيد أن "تراجان" لم يزحف على العاصمة "طيسفون" رأساً بل إنه رجع فعبر دجلة واتجه غرباً قاطعاً بادية ما بين النهرين ومر بمدينة الحضر(116) فلم يستطع فتحها لمقاومتها الشديدة ومناعة أسوارها فتركها إلى الفرات واتصل بأحد الأسطولين الآتي أحدهما في الفرات والثاني في دجلة فسار بالإسطول إلى بابل، وكان الملك الفرثي يرقب الامور عن كثب ولم يلتحم بالجيش الروماني بل ترك تراجان يهاجم طيسفون ويغنم كنوزها. وسار تراجان من بعد ذلك في النهر إلى أسفل دجلة والخليج، وبينهما كان في هذه الرحلة النهرية غارقاً في أحلامه بمحاكاة الاسكندر الكبير في فتح الهند بلغته أنباء مروعة عن أن الملك الفرثي أخذ يستعيد جميع المدن التي أخذها الجيش الروماني، فأسرع الامبراطور بالعودة في حر الصيف وقد أحاط به الأعداد في كل مكان، فحلت الكارثة به ومات في المعارك واضطر خلفه الامبراطور هادريال (138 – 117م) إلى التنازل عن جميع الأقاليم المفتوحة إلى الفرثيين وعاد بالجيش عبر الفرات إلى سورية. ولكن الرومان اعادوا غزو العراق في عهد الامبراطور الروماني "مرقس أوريليوس" (169 – 161م) المعاصر إلى الملك الفرثي "أولغاش" الثالث (Vologases) كما قاد الامبراطور الروماني "سبتيموس سويروس" (211 – 193م) حملة حربية أخرى وحاصر مدينة الحضر في عهد "أولغاس" الرابع (207 – 191م) فعز عليه فتحها. وعاود الحرب الامبراطور "كراكلا" (217 - 211) ابن الامبراطور "سبتيموس سويروس"، وحاصر طيسفون، وكان هذا فاتحاً قاسياً استدرجه سكان المدينة إلى الخروج من أسوار مدينتهم بحجة إبرام الصلح والاحتفال بزواجه من ابنه الملك الفرثي "أولغاش" الخامس (222 - 207 ) ولما خرج الناس أوقع المهاجمون فيهم القتل وكانت آخر حرب بين الطرفين هي التي نشبت قرب نصبيين بين آخر الملوك الفرثيين المسمى أرطبان الخامس (226 – 208) وبين الامبراطور الروماني "مكرينيوس" (Macrinus) (218 – 217م) وقد انتهت بإبرام الصلح. وهكذا فشلت محاولات الرومان في الاستيلاء على العراق وإيران من الفرثيين. ولكن حياة الفرثيين السياسية انتهت بعد تلك المعركة حيث دخلت بلاد إيران والعراق تحت حكم السلالة الفارسية الجديدة، هي السلالة الساسانية (637 – 227م) التي استمرت في عهده الحروب مع الرومان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وعرف الفرثيون أيضاً باسم الاشغانيين، او الاشكانيين، ولغتهم البهلوية "الاشكالنية" وقد عثر على بعض نصوص منها في منطقة جبال هرومان في شمالي العراق.
(2) حول تسلسل الملوك الفرثيين وأخبارهم انظر:
(1) Debevoise, A Political History of Prathia, (1938).
(2) E. Bickerman, in Berytus, (1943-4), 73 ff.
(3) J. Wolski, in Ibid, (1956-8), 35 ff.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
بعد إطلاقها لقافلة المساعدات السادسة العتبة العباسية تفتح باب التبرع للراغبين في دعم الشعب اللبناني وإسناده
|
|
|