أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-14
1070
التاريخ: 2015-12-20
5063
التاريخ: 2024-11-10
199
التاريخ: 9-11-2014
5525
|
قال تعالى : {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت : 60]
ان كثيرا من الناس يؤمنون - نظريا - باللَّه ، وان أرزاق الخلائق بيده وحده ، وان خزائنه لا نفاد لها ولا نهاية ، وانه كريم لا يخيب من توكل عليه ، ووثق به ، يؤمن بهذا نظريا ، ولكنه يكفر باللَّه - عمليا - ويثق بالمخلوق دون الخالق ، ويتقرب إليه بما فيه ذهاب دينه وضميره طامعا بما في يده من جاه ومال ، ويبتعد عن اللَّه يائسا منه ومن جوده وخزائنه . . وهذه الآية تقريع وتهديد لهذا المؤمن الكافر .
ان اللَّه سبحانه هو خالق الكون بما فيه ، وأسباب الرزق بشتى أنواعها تنتهي إليه ، وهي مهيأة لكل طالب وراغب إذا سعى لها سعيها ، وان تعذر منها سبب تهيأ للراغب ما هو خير وأجدى من حيث لا يحتسب بشهادة الحس والعيان ، بل ان كثيرا من الكائنات الحية لا تعمل للرزق ولا تحمله ، ومع هذا يأتيها رغدا عند حاجتها إليه . . وفي هذا عظة للخائنين العملاء ، ولكل من باع دينه للشيطان ، واتخذ من معصية اللَّه ذريعة للرزق ولقمة العيش ، وحاشا للَّه أن ينهى عن شيء ويحصر سبب الرزق فيه ، كيف ودينه دين الحياة ! قال الإمام علي ( عليه السلام ) :
« ان الذي أمرتم به أوسع من الذي نهيتم عنه ، وما أحل لكم أكثر مما حرم عليكم ، فذروا ما قلّ لما كثر ، وما ضاق لما اتسع - وقال - ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخلقان من خلق اللَّه ، وانهما لا يقربان من أجل ، ولا ينقصان من رزق » .
وأوضحنا فيما تقدم الفرق بين الايمان الحق والايمان الموهوم ، وان الايمان الصادق هو الذي يثبت في القلب ، ويتمثل في الخوف من اللَّه والاهتمام بطاعته ومرضاته قولا وعملا ، أما الايمان الموهوم فلا قرار له في القلب ، وانما هو لعق على اللسان ، ويعرض على الوهم والخيال تماما كما تعرض الأطياف والأحلام ، وأصدق شاهد على هذا الايمان المزيف ان يؤمن صاحبه باللَّه - قولا - وهو يرجو المخلوق ويخافه - عملا - من دون الخالق .
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت : 61].
ضمير سألتهم يعود إلى المترفين العتاة الذين عاندوا رسالة محمد ( صلى الله عليه واله ) . وتسأل : إذا اعترفوا صراحة بأن اللَّه هو خالق الكون فأين سبب الخلاف والتضاد بينهم وبين الأنبياء ؟
الجواب : انهم يعترفون باللَّه على أساس انه تعالى قد خصهم بالمال والسلطان ، وانه اختار لغيرهم الفقر والعبودية ، وان من أنكر هذا فهو في ضلال مبين ، هذا هو اعترافهم باللَّه ، وليس من شك ان من كفر باللَّه وآمن بأن له ما للناس ، وعليه ما عليهم أفضل عند اللَّه من هذا الظالم الآثم ، أما الدليل على انهم يعترفون باللَّه على هذا الأساس فقوله تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يس : 47]. { فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } تصرفون عن الحق بافترائكم ان اللَّه خصكم بالمال والسلطان دون الناس أجمعين .
{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [العنكبوت : 62]
تقدم مثله في الآية 26 من سورة الرعد ج 4 ص 401 فقرة « الإنسان والرزق » { ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } . إن سئلوا عن خالق الكون أجابوا معترفين باللَّه ، على شرطهم ، وإن سئلوا عن الذي نزل الماء وأحيا به الأرض ، وهو السبب المباشر لما في أيديهم من رزق وثراء ، أجابوا أيضا معترفين بأنه اللَّه وحده . . وقد ناقضوا بهذا الاعتراف أنفسهم بأنفسهم ، لأن أسباب الرزق إذا كانت من صنع اللَّه لا من صنعهم فكيف تكون لهم وحدهم من دون الناس أجمعين ؟ ان اللَّه للجميع ، فكذلك خيراته وبركاته « قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ » الذي أظهر الحق حتى على ألسنة أعدائه المفترين { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ } انهم كاذبون مفترون يناقضون أنفسهم بأنفسهم .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|