أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2016
1767
التاريخ: 20-6-2019
1579
التاريخ: 6-10-2016
1078
التاريخ: 8-10-2016
3698
|
النيوليتي Neolithic مصطلح يطلق على المرحلة الأخيرة من العصور الحجرية، ويعني العصر الحجري الحديث. وهو مختلف عن العصر الحجري القديم – الباليوليتي الذي سبقه. ترك إنسان هذا العصر حياة التنقل والتقاط النباتات وصيد الحيوانات البرية ليسكن في بيوت مستقرة، ويزاول الزراعة وتدجين الحيوانات، وبذلك نشأت القرى الزراعية الأولى وما رافقها من تحولات وتطورات اجتماعية وروحية وفنية، وضعت أسس الحضارة الحديثة بمفهومها الشامل والمركّب. وتعدّ الأواني الفخارية من أهم ابتكارات هذا العصر؛ وعليه فقد قسم الباحثون هذا العصر إلى قسمين رئيسين:
- الأول ويؤرخ بين نحو 10000- 7000 سنة ق.م، ويسمى العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري.
- والثاني يسمى العصر الحجري الحديث الفخاري Pottery Neolithic ويؤرخ بين 7000 - 5500 سنة ق.م.
وقد حصل هذا التحول النيوليتي -أو عملية النولتة كما يسميها بعض المؤرخين - في الشرق الأوسط وفي بلاد الشام تحديداً قبل أيّ منطقة أخرى من العالم، وقد اكتشفت القرى الزراعية الأولى على امتداد المنطقة الواقعة بين حوض الفرات شمالاً وحوض الأردن جنوباً. وتعدّ مواقع
أريحا - في فلسطين - والمريبط - في سورية - من أقدم هذه القرى.
فنون هذا العصر:
تعدّ الفنون من أهم إنجازات المجتمعات في العصر النيوليتي، ومع أن الظهور الأول لهذه الفنون ولا سيما الدمى والتماثيل الإنسانية والحيوانية والحلي والخرز- يعود إلى العصر الحجري القديم الأعلى والعصر الحجري الوسيط (الميزوليت) اللذين سبقا العصر النيوليتي؛ فإن نضوج هذه المبتكرات الفنية وانتشارها وتنوعها تمت في العصر النيوليتي. ومهما قيل عن دلالة هذه المبتكرات ومعانيها فهي تبقى على صلة وثيقة بالواقع الاجتماعي وبالمعتقدات التي سادت ذلك العصر، وعلى رأسها عقيدة(الربة الأم) التي جُسِّدت بوساطة دمى صغيرة figurines صُنعت من الطين غالباً، ومن الحجر أو العظم أو الكلس أحياناً، وجُسدت المرأة جالسة أو واقفة تسند ثدييها بيديها، عريضة الأرداف، وقد ضُخمت مناطق الأنوثة والأمومة فيها. وثمة تماثيل صغيرة لنساء واقفات يعتمرن قبعات، وتماثيل تزينها عصابات حمراء وأقنعة بأوضاع حسية مثيرة. لقد وجدت الدمى الإنسانية – التي جسدت في غالبيتها العظمى المرأة - في جميع المواقع النيوليتية تقريباً، وكانت أكثر انتشاراً من أيّ معطيات فنية أخرى. ومع أن الباحثين قد اختلفوا في تفسير هذه الأعمال الفنية؛ فهم متفقون على أنها تحمل دلالات رمزية وروحية تبرز مفاهيم تلك العصور ومعتقداتها.
تُعدّ مكتشفات تماثيل الآلهة الأم في مواقع المريبط في حوض الفرات السوري وتل أسود في حوض دمشق أقدم دليل على ظهور هذه العقيدة في القرى الزراعية الأولى في بلاد الشام، وذلك منذ الألف الثامن ق.م، واستمرارها حتى العصور الكلاسية.
وقد تحدث الباحثون عن عقيدة ثانية مورست في العصر النيوليتي هي (عبادة الثور) ؛ إذ وجدت دمى لثيران معظمها من الطين المشكل باليد، كل على حدة؛ إذ لم يكن القالب قد دخل في الاستخدام بعد. وإلى جانب الثور ثمة حيوانات أخرى كالغزال والماعز والغنم والبقر، مع أنه يصعب في كثير من الحالات تحديد نوع الدمية بدقة.
وقد عبّرت الفنون النيوليتية عن عقيدة ثالثة انتشرت في ذاك العصر هي عقيدة (تقديس الأسلاف) Ancestors ’Cult التي دلت عليها الجماجم المقوْلبة التي تم تحضيرها بالكلس والمغرة الحمراء مع المحافظة على تقاسيمها، ووضعت على تماثيل كبيرة الحجوم أحياناً، واستخدمت في أثناء المراسم والشعائر الدينية. ويعتقد الباحثون أن مثل هذه التماثيل هي دليل الاهتمام بالأموات والحرص على وجودهم المستمر بين أحفادهم الأحياء وإن بأشكال مختلفة.
عُثر على دلائل هذه العقيدة في جميع مناطق بلاد الشام تقريباً؛ ولاسيما مواقع تل أسود وتل الرماد في غوطة دمشق، وأريحا وبيسامون في فلسطين، ومعظمها يُؤرخ من الألف السابع ق.م.
من أكثر الاكتشافات الفنية الحديثة إثارة في هذا العصر هي اللوحات الحجرية الصغيرة التي احتوت أشكالاً إنسانية وحيوانية وطبيعية وهندسية معقدة التركيب، لكنها ذات دلالات رمزية وفنية متميزة. وهناك النصب الحجرية الكبيرة التي حملت أشكالاً تشبه تلك التي وجدت على اللوحات الحجرية الصغيرة، وقد وُزِّعت في أبنية خاصة مثل المعابد، وهناك الرسوم الجدارية التي كشفت عن موضوعات غنية ومتنوعة كتلك التي وجدت على جدران المنازل في موقع شاتال هويوك في الأناضول، وقد عرضت مشاهد تتمركز حول الخصوبة والموت والطبيعة، مثل مشهد العقبان وهي تحوم فوق الرؤوس المقطوعة للموتى، أو مشهد الصيادين يرقصون بالرماح والأقواس حول الحيوانات البرية والغزلان، وهناك مشاهد جُسِّدت بالطين النافر كالنساء في وضعية الولادة، أو الحمل، أو مع الأطفال، أو رجال على ظهور الحيوانات ورؤوس الثيران من الطين وقد حملت قروناً حقيقية. ويضاف إلى ذلك الرسوم التي عثر عليها في موقع حالولة في الفرات السوري تصوِّر نساءً يرقصن حول شكل مربع، ربما معبد، وغير ذلك من الرسوم الهندسية أو الزخرفية المتنوعة. وعلى صعيد آخر فقد أظهرت الأواني الفخارية كثيراً من الابتكارات الفنية النيوليتية؛ ولا سيما تلك الأواني المنسوبة إلى المرحلة الأخيرة من هذا العصر، حيث سادت حضارات حسونة وسامرّاء وحلف في الألفين السادس والخامس ق.م.
لقد حملت الأواني الفخارية لهذه الحضارات أشكالاً متنوعة نفذت بدقة وبمختلف الألوان، مثل الخطوط الهندسية المتعامدة والمتشابكة والصليب المعقوف تحيط به طيور تحمل الأسماك في مناقيرها، والنساء وهن يرقصن بشعرهن المتطاير وبقربهن العقارب والحيوانات البرية وما إلى ذلك من الأشكال الحيوانية والطبيعية والإنسانية التي جُسدت بواقعية وحيوية غير معهودة من قبل، ودلت على وجود فن حقيقي ورائع.
ومن الممكن أن يضاف إلى الفنون النيوليتية الأختام المسطحة التي صنعت من الأحجار النادرة، وحملت أشكالاً زخرفية طبيعية وهندسية جميلة. وهناك الأواني المرمرية الدقيقة الصنع ومختلف أنواع الخرز والقلادات من الأحجار النادرة والصدف والعاج والعظم وغيره.
إن الفن النيوليتي بكل تجلياته من نحت ورسم وحفر وتشكيل وبكل وظائفه ودوافعه والأهداف الكامنة خلفه ما هو إلا دليل حضارة غنية وابتكارات تجاوزت الحدود والحاجات المادية لمجتمعات ذلك العصر التي قطعت شوطاً مهماً على طريق التطور، وأعارت اهتماماً خاصاً للفكر والروح، فأسهمت في رقي الإنسان وسموه على مر العصور.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|