المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24
ما يجب توفّره في الراوي للحكم بصحّة السند (خلاصة).
2024-11-24
من هم المحسنين؟
2024-11-23

سيلوزيا (عرف الديك) Celosia cristata
26-12-2018
تراجم أولاد ابن جزي
2024-01-08
a1-Antitrypsin
27-11-2015
كلوتين الحنطة Wheat Gluten
22-9-2020
الخل Vinegar
2-1-2018
مـثال تـطبيـقـي على إعـداد خـطـة تـنفيـذ مـهـمة التـدقيـق
2023-03-28


السـاميون  
  
2367   07:17 مساءاً   التاريخ: 15-9-2016
المؤلف : عادل هاشم علي
الكتاب أو المصدر : البنية الاجتماعية في العراق القديم
الجزء والصفحة : ص29-42
القسم : التاريخ / اقوام وادي الرافدين / الساميون /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2016 1631
التاريخ: 15-9-2016 2983
التاريخ: 15-9-2016 3842
التاريخ: 1143

التسمية:

اطلق مصطلح الجزريون على الأقوام التي جاءت من شبه الجزيرة العربية لاسيما المناطق الغربية لبلاد الرافدين والتي اهمها مناطق بوادي العراق الغربية والأطراف الشمالية للجزيرة العربية ( بلاد الشام ) ومن تلك المناطق هاجرت الى المناطق الاكثر خصباً وملائمةً للعيش مثل وادي الرافدين وسوريا وفلسطين ولبنان وحتى بعض الاطراف من مصر(1)   .

 اما عن تسمية هذه الاقوام بـ( الساميين ) فقد اطلقه لأول مرة الباحث النمساوي ( اوغست فردريك شلوتزر ) في مقالة عن الكلدانيين عام 1781، حيث قال فيها : " من البحر المتوسط الى الفرات ، ومن ارض الرافدين حتى بلاد العرب سادت كما هو معروف لغة واحدة . ولهذا كان السوريون والبابليون والعبريون والعرب شعبا واحداً. وكان الفينيقيون ( الحاميون ) ايضاً يتكلمون هذه اللغة التي اود ان اسميها اللغة السامية "(2) ؛ وهذه التسمية نسبة الى سام بن نوح اقتبسه شلوتزر من العهد القديم سفر التكوين الإصحاح العاشر (21-31) والإصحاح الحادي عشر ( 10 – 26) والذي يتحدث عن انساب سام بن نوح واطلق تلك التسمية على الاقوام التي استقرت في سوريا وفلسطين والعراق منذ اقدم الازمنة وعلى لغاتها المتشابهة ، ثم استخدم المصطلح ليشمل الاقوام العربية الشمالية والاقوام الأكدية والبابلية والاشورية والكنعانية والامورية والعبرية والارامية وغيرها من الاقوام على حد سواء . وقد استعمل هذا المصطلح الكثير من الكتاب والمؤلفين العرب والاجانب(3)   .

لقد عمل الباحثون (لاسيما العراقيون) على مناقشة هذا المصطلح وابراز الاخطاء في هذه التسمية ، حيث ظهرت في قائمة انساب التوراة التي اعتمدها شلوتزر العديد من الاقوام التي لاتنتمي الى سام بن نوح كالأقوام الليدية والعيلامية ، ثم إغفالها عن الكنعانيين(4). لذلك فقد أُهمـِل استعمال هذا المصطلح( الساميين ) واستبدل بمصطلح الجزريين(5).

الموطن الاصلي:

اختلف الباحثون وتعددت الآراء في تحديد الموطن الأصلي للأقوام الجزرية ؛ الغالبية منهم يتفق على انهم من شبه الجزيرة العربية ، وإنما يكمن الاختلاف ضمن حدود الجزيرة نفسها . فمنهم من يرى انهم من المناطق الساحلية للخليج العربي وتحديداً منطقة العروض في البحرين . ويرى البعض الآخر بان اليمن هي مصدر هجرة القبائل إلى شمال الجزيرة حتى في فترة قبيل الاسلام وبعده(6).

ويرى اخرون بانهم جاءوا من المنطق الشمالية الشرقية لإفريقيا بالاستناد الى بعض المفردات المتشابهة في اللغـات الجزرية والحامية(7). ويرى الأستاذ جواد علي بان ارض الامورييــن ( المناطق الغربية للفرات ) هي الموطن الأصلي لهم(8)   .

 وهناك من يرى بان أرمينيا وجبلها الأبرز (آرارات) هي الموطن الأصلي للساميين وهذا الرأي نراه يعتمد على النص ألتوراتي الوارد في سفر التكوين ( 10 : 22، 24 ) حيث يجعل الأمم السامية أبناء ( ارفخشد بن سام ) وهو الذي سميت باسمه منطقة اربخيتيس Arrapachitis الواقعة بين الحدود بين ارمينا وكردستان(9) ؛ وربما ان نسبة هذه الأقوام (السامية ) إلى هذه المنطقة راجعة إلى الرواية القائلة بان سفينة النبي نوح - عليه السلام – قد رست بالقرب من تلك المنطقة أو على جبل آرارات في منطقة يريفان (عاصمة أرمينيا)(10)  .

عموماً ، فأن معظم الباحثين يتفقون على المناطق التي تمركز بها الجزريون وهي منطقة الهلال الخصيب وبوادي الشام – كما مربنا – ومنها نزحوا الى المناطق المجاورة والاكثر ملائمة للعيش دفعهم لذلك عدة اسباب طبيعية وبيئية واقتصادية .

اسباب هجرة الساميين من مناطقهم الاصلية:

أن اول ما يلفت النظر في هذه القبائل هو اسباب هجرتها من مناطقها الاصلية نحو المناطق المجاورة والاخصب منها(11) ؛ ومن هذه الأسباب نلاحظ السعي وراء موارد العيش بعد ان حلت فترة جفاف نسبي ادت الى قلة الموارد الطبيعية في الجزيرة ، فضلاً عن زيادة عدد سكان القبائل وقلة الامطار. الامر الذي اثر على الانتاج الزراعي وقلة الحيوانات ؛ وهذه الامور ادت الى ضعف نظام الحكم وعدم استقراره(12). من جهة اخرى فقد كان للتحرك والهجرة سبب في تغيير طرق التجارة الى غير اماكنها الاصلية وذلك تبعاً لتغيير سكنى القبائل المنتشرة على الطريق والتي كانت بمثابة محطات تجارية، الامر الذي دفع سكان المناطق الاخرى الى النزوح نحو بلدان تتوفر فيها موارد العيش والرعي والزراعة ، متخذين من بعض المناطق المهمة مراكز توسعية لهم نحو المناطق الاخرى مثل مدينة كيش ومدينة ماري(13).

والمهم هنا هو هجرة الاقوام الجزرية الى بلاد الرافدين ، فقد كانت للطبيعة الجغرافية أثر كبير في تدفق هذه الاقوام لاسيما وان القسم الغربي من العراق والذي يعرف بالهضبة الصحراوية يعد جزءاً من هضبة جزيرة العرب؛ لذلك فان تحركات الجماعات البشرية ضمن هذه الارض كان امراً طبيعيا لعدم وجود حاجز طبيعي يعيق هذه التحركات ، كما ان الاقوام التي تسكن هذه المناطق ( البدوية ) ترجع في الغالب الى اصل واحد(14) اضف الى ذلك اتصال منطقة الغرب الاوسط من السهل الرسوبي اتصالا مباشرا مع مناطق شمال بلاد سومر حتى ان بعض من هذه الجماعات توغلت في هجرتها الى جنوب بلاد سومر(15). كما ان ظاهرة التسطح في منطقة (بلاد أكد) جعلت وادي الفرات يتصل مباشرة بأرض الشام والجزيرة العربية؛ لذلك فقد غلبت عليه الصبغة الجزرية ( السامية ) منذ أقدم العصور. ومما يذكر ايضا ان الطبيعية الجغرافية والظروف الاقتصادية التي حتمت تحرك الجماعات البدوية في العصر الحديث تشابه الى درجة كبيرة تحرك الاقوام القديمة ايضا ، لذا فان هجرة الجزريين ( الساميين ) من الجزيرة العربية شمالا نحو ( الشام ) وباتجاه الشمال الشرقي ( العراق ) ، كان قد بدأ مع وجود هذه الاقوام بالمنطقة(16).

ان الفترة التي جاء بها الجزريون الى السهل الرسوبي من بلاد الرافدين كانت قديمة مع قدم الاستيطان في المنطقة ؛ الا انه لا يمكن تحديد هذه الفترة بالضبط ، لذلك فان عدم الدقة هذه ولدت آراء مختلفة طرحت بشأن هذا الموضوع وهي كما يلي :-

الرأي الأول: هناك من يرى بان الجزريين قد سبقوا السومريين في الاستيطان بمنطقة بلاد سومر وذلك الراي يعتمد على جداول الملوك السومرية والتي ذكرت اسم اول ملكين حكما في مدينة اريدو - وهي اول مدينة نزلت بها الملوكية – وهذين الملكين الجزريين هما (آلولم Alulim) و (الاكارAlakar) وذلك كما جاء في النص المسماري لقائمة الملوك السومرية :

" بعد ان هبطت الملكية من السماء ، أصبحت اريدو مقـــر الملكية. في اريدو حكم ( آلوليم ) ... وحكم ( لاكار) .... ثم هــُجرت اريدو ... "(17).

ويلاحظ الصفة الجزرية على الاسم الأول وهذا ما يشير الى وجود العنصر الجزري او على الأقل تواجد الجزريين بمناطق قريبة ومجاورة للسومريين . كما ان مسالة ذِكر جداول الملوك لاسم أول ملك لمدينة اريدو يدل على المكانة القيادية التي تمتع بها الجزريون ؛ ومع ذلك فأن البعض لا يعد وجود اسم الملك لجزري دليلا كافيا لأسبقية تواجدهم في المنطقة(18).

ومما يستد لبه ايضاً ضم هذا الراي هو ان موقع مدينة اريدو على الجانب الغربي من نهر الفرات واتصالها المباشر مع شبه الجزيرة العرقية زاد من قوة مركزها التجارية وجعلها محطة لمرور وتوقف للقوافل ، وبالتالي فان هذا يزيد من تاثير هذه المدينة بالعنصر الجزري(19) ؛ أضف الى ذلك ان مدينة اريدو تمثل اقدم مركز استيطاني في بلاد سومر وهي تمتلك أهمية حضارية في المنطقة(20) ، اذ انها احتوت على بواكير نشأت الحضارة العراقية القديمة ونضوج المعتقدات الدينية وكذلك وضوح المعالم المدنية من خلال التطور المعماري للمعابد العراقية القديمة(21) ؛ لذا فان توفر العنصر البشري الجزري في اريدو من خلال أسماء الملوك الموجودة – كما لاحظنا – يجعل من الجزريين متواجدين اساسا في اقدم مستوطن في بلاد سومر ( اريدو ) ، وربما ان تواجدهم كان متداخلاً مع السومريين بصورة لا يمكن التمييز بين المظاهر الحظارية لكل منها على انفراد .

الراي الثاني: يعتمد على الصناعات الفخارية التي يرجع تاريخ صناعتها الى عصر الوركاء ، حيث ان صناعة الفخار تحمل ملامح تأثيرات الاقوام الشمالية الغربية ( الجزرية ) وبالتالي فان دخولهم الى منطقة السهل الرسوبي يرقى الى بدايات عصر الوركاء في حوالي ( 3300- 3100 ق.م)(22) ؛ وهذا الراي يتماشى وفكرة الانقطاع لحضاري ونظرية الفراتيون الاوائل – السابقة الذكر – والتي تعتمد على وجود مؤثرات جزرية في صناعة الفخار ، حيث ان فخار الفترة السابقة ل (العبيد) مزينة بخطوط ملونة في حين ان فخار الوركاء (ألجزري ) يخلو من تلك الخطوط والنقوش(23).

الرأي الثالث: يشير إلى إن الجزريين ظهروا في بلاد الرافدين واخذوا بالتكاثر منذ أواخر عصر الطبقة الرابعة من دور الوركاء الحضاري والتي ظهرت بوادر الكتابة فيها . ويبدو انه قد أصبح لهم دورا مهما كما تظهر إسهاماتهم في بناء الحضارة التي ازدهرت فيما بعد في بلاد سومر(24). ونجد في المنوال نفسه إن البعض اعتبر وجودهم في الألف الرابع قبل الميلاد اعتمادا على المنحوتات والكتابات المنقوشة وورود أسماء جزرية ترجع إلى العصر الذي يلي الوركاء ، أي عصر جمدة نصر(25).

الرأي الرابع: يقول بان الجزريين ظهروا في وثائق عصر فجر السلالات لاسيما أسماء الملوك والأعلام الواردة في قائمة الملوك السومرية الخاصة بفترة ما بعد الطوفان مثل ( كلبم – قالومو_اربئوم ..... الخ )(26) ، ويستدل من التوزيع الجغرافي التي وجدت فيها هذه الاسماء والنصوص الجزرية على انهم كانوا منتشرين في رقعة جغرافية واسعة نسبيا وهي التي اطلق عليها فيما بعد ( بلاد أكد) والتي تبدأ من شمال بلاد سومر الى الشمال من بغداد الحالية . وكـُل من بلاد أكد وسومر اخذت تعرف فيما بعد باسم بلاد بابل(27).

ويبدو ان الجزريين كانوا يتمتعون بالنفوذ الأكبر في مدينة ( كيش تل الأحيمر ) ومما يلاحظ انها اول مدينة نزلت بها الملوكية بعد الطوفان(28) ؛ حيث ان النفوذ ألجزري كان واضحا كما هو الامر في بداية الملوكية في اريدو ، اذن فان السمه القيادية قد استأنفت بعد الطوفان في مدينة كيش .

من الطبيعي ان يركن الباحث الى احد هذ الآراء الخاصة بتاريخ ظهور الجزريين في بلاد الرافدين . وفي الحقيقة ان المتمعن بهذه الآراء يجدها تكمل بعضها البعض ، فالرأي الاول يذكر ان الجزريين قدماء في المنطقة قــِدم الاستيطان فيها معتمدا على اسماء الملوك الأوائل الذين حكموا في اريدو . ولو اخذنا الراي الثاني نراه يكمل الأول من حيث توسع الجزريين وزيادة نشاطاتهم في الحياة وظهور المعالم الحضارية الخاصة بهم وكذلك الامر بالنسبة للرأي الثالث الذي يمثل استمرارية حضارية للجزريين وهي فترة عصر فجر السلالات وما تبعها . وليس هناك أي دقة تاريخية في راي واحد ، على الرغم من ان كل راي يستند الى أدلة صحيحة لكنها مفتقرة الى ربطها مع الفترات التاريخية السابقة واللاحقة لها  . إذن فان نظرة الباحث الى الآراء تكون نظرة رأي واحد متسلسل وليس منفصلة عن بعضها الآخر.

اهم الاقوام الجزرية المهاجرة:

من المعروف ان هجرات الجزريين كانت على شكل دفعات وأقوام اهمها الاقوام الأكدية . حيث يتفق معظم الباحثون على ان الاكديين قد تمركزوا في بداية الامر في المنطقة الواقعة شمال غرب بلاد سومر ، وربما تجمعوا في المنطقة المحصورة ما بين شمال ( نـُـفـّر=نيبور ) في الجنوب والمنطقة الواقعة بين هيت – سامراء في الشمال . وقد اطلقت تسمية بلاد اكد على هذه الاجزاء من بلاد الرافدين(29).

ان أول ما يلفت النظر عند الحديث عن الاكديين هو اسم الملك ( سرجون الاكدي ) الذي استطاع ان يؤسس اول إمبراطورية أكدية ( جزرية ) توسعت من بلاد اكد وسومر حتى وصلت إلى البحر العلوي ( المتوسط) شمالا ، والبحر السفلي (الخليج العربي) جنوبا(30) . وقد ورد اسم الملك سرجون في النصوص المسمارية بصيغة ( شروكين ) والتي تعني الملك الصادق او الملك الشرعي او الحقيقي(31).

وتشير النصوص الى ان سرجون لم يكن يعرف أباه وان امه كانت كاهنة ولدته في السر ، حيث كان محرما على بعض الكاهنات الزواج والحمل ، لذا فقد وضعته في سلة القصب ورمته في نهر الفرات حتى وصل الى البستاني ( آكي او آقي =Aqqi) الذي أخذه ورباه وعلمه حرفة البستنة في مدينة كيش(32), ان الظروف التي أحاطت بعملية استيلاء سرجون على الحكم غامضة ، فهناك من يرى انه اقام ثورة على ملك كيش( اور زبابا ) ، وآخر يرى ان سرجون استولى على الحكم بعد موت الملك اور زبابا . وعموماً فان معالم ملوكية سرجون بدت واضحة بعد قضائه على الملك لوكال زاكيزي حاكم مدينة اوما(33).

بعد الانتصار الذي حققه على خصومه أسس عاصمته الجديدة التي اسماهـا ( أكد AKKAD) وأطلق على قومه تسمية الاكديين نسبة إلى عاصمتهم تلك والتي لا يزال موقعها وبقاياها مجهولة ليومنا هذا . ومع هذا فان اسم الاكديين واسم مدينتهم بقي يتردد في الكتابات المسمارية حتى في العهد الآشوري الوسيط (34), وعلى اية حال فان الاكديين استطاعوا التعايش سلميا مع الأقوام السومرية ، ومارسوا حياتهم وأبدعوا في مجالات متعددة ارتبطت بطبيعتهم الجزريـة (البدوية) لاسيما التجارة وتربية الماشية ، فضلا عن الزراعة والري وباقي أصناف الحرف والصناعات.

ومن الاقوام الجزرية الاخرى التي كان لها اثر في تاريخ بلاد الرافدين لا سيما بعد سقوط سلالة اور الثالثة ، هي الأقوام الأمورية ، حيث تشير المصادر المسمارية الى ان الهجرات الأمورية قد بدأت عهد الملك ( شوسين) ، ويبدو ان هذه الهجرات قد بدأت تزعج إمبراطورية اور الثالثة ، مما حدا بالملك شوسين الى بناء سور كبير لصد تقدم تلك القبائل نحو بلاد سومر(35). وعلى الرغم من ان هذا السور قد ساهم في ايقاف زحف الاموريين وقتيا(36). الا ان تلك القبائل اخذت بالاندفاع نحو بلاد سومر حتى استقرت في المدن التي انفصلت عن السلطة المركزية لإمبراطورية اور الثالثة فكان إيذانا لبدء عهد جديد في تاريخ بلاد الرافدين(37).

اختلفت التسميات التي اطلقت على القبائل الجزرية القادمة من جهة غرب بلاد الرافدين (الأمورية ) تبعا للمصادر التي تذكرها ؛ فالسومريون اطلقوا عليهم مصطلح (مارتو = MAR-TU )(38) ؛ والذي يعني النجمة الغربية او الرياح الغربية(39). في حين اسماهم الأكديون (آمورو = Amuru ) والتي تعني ارض مستقر الشمس(40) .

وهناك من يذكر استعمال كلمة آمورو للدلالة على إله الاموريين القومــــي ( آمورو ) وأيضا (مردو = مردوخ) . لذا فان بعض الكتــّـاب يطلق عليهم ( المردة الاموريين ) نسبة الى الاله امورو ومردوخ . كما هو الحال بالنسبة للأشوريين وإلههم آشور(41).

في حين اطلق بعض الباحثين على الاقوام الأمورية لفظ ( الكنعانيون الشرقيون ) تمييزا لهم عن الكنعانيون الغربيون وهم ( الفينيقيون) والذين استوطنوا سواحل لبنان وشمال فلسطين(42).

وكما مر بنا ، فان الموطن الأصلي للأقوام الجزرية على حد سواء وهو شبه الجزيرة العربية . وبالنسبة للأقوام الأمورية فان الملوك العراقيون القدماء في مدوناتهم قد اشاروا الى منطقة تواجد الاموريين من خلال ذكر المرتفعات (بسار) التي تتطابق مع ما يعرف حاليا بجبل (بشري) والذي ورد في النصوص المسمارية بهيئة BI– SI –IR  و BI – SIR وbisuru   وهذا ما ورد خصوصا في المدونات الآشورية(43).

وهناك إشارة إلى أن المصريين كانوا يسمون سهل البقــــاع في جنوب لبنــــــان باسم( آمورو ) ومن هذا المكان انتشرت القبائل الامورية نحو البلدان المجاورة لاسيما سوريا القديمة وغرب الفرات. وتوضح مراسلات تل العمارنه في القرن الرابع عشر قبل الميلاد الى ان مواطن الاموريين كانت تمتد من عكا وبحرية طبريا جنوبا حتى قادش وبحرية حمص شمالا ، ومن هذه المناطق انتشر الاموريين نحو الأقاليم والأصقاع المختلفة(44). 

ان ذكر الاموريين ( المارتو ) في النصوص المسمارية يرجع الى عصر فجر السلالات الثالث في حوالي 2600 ق.م حيث ظهرت كلمة ( مارتو ) في عقود بيع عقارات نصوص تعود إلى مدينة شروباك . حيث ذ كـِر فيها أشخاص اموريين متعاقدين في قوائم البيع والشراء وهذا أول ذكر يخص الاموريين في النصوص المسمارية(45).

ومع تسلل الاموريين الى بلاد الرافدين بصورة سلمية خلال الالف الثالث ق.م ، اخذ الملوك العراقيين القدماء يشيرون في كتاباتهم الى بلاد المارتو, ومنذ العصر الاكدي ايضاً نلاحظ اتضاح المفهوم العام للمارتو ( الاموريين) بعد ان ذكرتهم نصوص الفأل الخاصة بفترة حكم سرجون الاكدي(46) ؛ على انه يجب الاشارة هنا الى ان الاموريين كانوا قد انتشروا خلال العصر الاكدي في المدن العراقية القديمة مثل لكش زواوما وأدب بصورة مهنية داخل المجتمع، فكانوا يشكلون يدا عاملة للمجتمع الرافديني القديم فضلاً عن كون بعضهم موظفين في ادارة لدولة آنذاك(47).

وفي فترة حكم سلالة اور الثالثة يلاحظ ان الاشارة الى الاقوام الامورية اخذت تزداد حيث جاء في اخبار الملك ( شولكي ) ان اعداد من الاسرى الذين اخضعهم الملك كانوا آموريين ؛ وكذلك الامر بالنسبة الى الملك أمارسين . اما الملك شوسين فقد اطلق عليهم اسم ( التيدنوم) والذي يحتمل ان يكون اسم مدينة او اقليم لهم (48)  .

ويبد ان استمرارية تدفق الاموريين اخذت بالتزايد نحو جنوب بلاد الرافدين لاسيما بعد اقتحامهم للسور الذي بناه شوسين ؛ فاصطدموا مع اخر ملوك سلالة اور الثالثة ( ابي سين ) وذلك في الستة الخامسة من حكمه . ويلاحظ انهم استقروا في مناطق بلاد اكد ولم يتوجهوا نحو بلاد سومر لسببين ، الاول يتمثل بانتشار الملوحة في المنطقة ؛ الامر الذي جعل انتاج الحبوب لا يشجع الناس على السكن فيها . والثاني انها منطقة مليئة بالأهوار وهذا لا يتناسب مع حياة المارتو ( البدو)(49)   .

لقد وصفت الكتابات المسمارية الاموريين بأوصاف ونعوت دلت على بداوتهم والقسوة والوحشية التي كانوا يتصفون بها . وهذه، طبعا، كانت قبل استقرارهم في مدن بلاد الرافدين وتكوينهم سلالات حاكمة. ومن هذه الاوصاف التي اطلقت على الاموري بانه " ساكن الخيمة الذي يقاوم الرياح " الذين لم يعرفوا المدن منذ القديم " ، " ذو غرائز حيوانية كالذئاب ولا يعرفون الشعير " ، " الاقوام التي لا تدفن بعد الموت " الى غير ذلك من النعوت(50).

ومهما يكن من امر فان الاموريين فرع من الاقوام الجزرية التي استقرت في بلاد الرافدين وكانت لهم حاضرات مهمة في تاريخ العراق القديم مثل سلالة بابل الاولى والتي اشتهرت بملكها حمورابي الذي تسلط مع قومه على بلاد الرافدين حتى نهاية العصر البابلي القديم .

________________

(1) عبد الكريم عبدا لله : ملامح الوجود السامي في جنوبي العراق قبل تأسيس الدولة الاكدية ، مجلة سومر ، العدد 3 ، 1974 ، ص 62 . 

(2) سبتينو موسكاتي : الحضارات السامية القديمة ، ترجمة وتعليق السيد يعقوب بكر . مراجعة محمد القصاص ، ( لندن – 1957 )  ، هوامش المترجم ، ص 239 .

(3) جورج رو : العراق القديم ، ص 52 .

(4) عامر سليمان . احمد الفتيان : محاضرات ، ص 98 .

(5) أول من استبدل مصطلح سامي ب( جزري ) هو الأستاذ المرحوم سامي سعيد الأحمد عام 1978 . ينظر تاريخ اللغات الجزرية ؛ ضمن كتاب حضارات الوطن العربي القديم للمؤلف نفسه ( بغداد – 2003 ) ، ص 110 – ص 113

(6) سبتينوموسكاتي : الحضارات السامية ، ص 53 ، ص 54 .

(7) حول هذا الرأي ينظر:

       فيليب حتي وآخرون: تاريخ العرب (مطول) :، ط 3 ، ( لبنان – 1961 ) ، ج2 ، ص 9 .

      عبد الكريم عبد الله : الأصول العربية السامية في حضارة الهكسوس وتاريخهم . مجلة كلية         

       الآداب، جامعة بغداد، العدد 25، 1979، ص 71. 

Barton, G. A: Semitic & Hamitic origins. (Philadelphia – 1934). p. 1.

 

(8) جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام. ط 1 ، ( بيروت – 1968 ) ج1 ، ص 223 .   

(9) سبتينو موسكاتي : الحضارات السامية . هوامش المترجم ، ص 246 . 

(10) سفر التكوين .، 8 : 4 .

(11) للتفصيل عن هذه الأسباب ينظر :

     طه باقر وآخرون : تاريخ العراق القديم ، ج 1 ، ص 139 – ص 142 .

 سامي سعيد الاحمد تاريخ اللغات الجزرية ، ص 111 – ص 161.

(12) رغد عبد القادر محمد : العصر الاكدي ومعطياتة الحضارية، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد ، كلية الآداب ،2004 ، ص 8 . 

(13) سبتينو موسكاتي : الحضارات السامية ، ص53 .

(14) عبد الكريم عبد الله: ملامح الوجود السامي، ص 62.

(15) م. ن. ص 70 .

(16) م . ن . ص 62 – ص 63 .

(17) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 473 .

(18) عبد الكريم عبد الله : ملامح الوجود السامي ، ص 70 .

(19) ريا محسن الحاج يونس : فجر الحضارة السومرية في ضوء أختام عصري الوركاء وجمدة نصر ، أطروحة دكتوراه غير منشورة ، جامعة بغداد ، كلية الاداب ، 1998 ، ص 52 .

(20) Safar, F ;Mustafa, M,A ; Lloyd ,S :ERIDU ,(Baghdad - 1981) , p . 22. 

(21) ريا الحاج يونس : فجر الحضارة السومرية ، ص 26 .

(22) عبد الكريم عبد الله: ملامح الوجود السامي، ص 70.

(23) فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة  , ص 28 .

(24) عبد الكريم عبد الله: ملامح الوجود السامي، 62.

(25) م . ن . ص 61 .

(26) صموئيل نوح كريمر : السومريون  ، ص 474 - ص 478 .

(27) سيتون لويد : آثار بلاد الرافدين ، ص 159 ، ص 160 .

(28) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 473 .

(29) فرج البصمة جي : كنوز المتحف العراقي ، وزارة الإعلام ، ( بغداد – 1972) ، ص 29 .

(30) م . والصفحة.

(31) فوزي رشيد : سرجون الاكدي ، وزارة الثقافة ، ( بغداد- 1990 ) ، ص 5 .

(32) يلاحظ بعض التشابه بين قصة النبي موسى علية السلام وسرجون الاكدي ، من حيث الطريقة التي يتم بها التخلص من الطفل بصورة سليمة ، ولكن القصة الأكثر تشابها مع قصة سرجون هي قصة ( سايروس = Cyrus) الهيليني ، حيث يظهر من ابرز نقاط التشابه بينهما هو ان كل من سرجون وسايروس وقعا في يد انسان بسيط وكلاهما أصبحا بستانيا ثم بعد ذلك أصبحا حاملين لكؤوس الملك ومن ثم وصلا إلى دلسة الحكم والسيطرة على البلاد . انظر عامر سليمان : العراق في التاريخ القديم . ط1 ، ( الموصل – 1992 ) ، ج1 ،

(33) طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات ، ص 140 .

(34) عبد الكريم عبد الله : ألقاب حكام السلالات واسم أكد . مجلة كلية الآداب ، جامعة بغداد ، 1978 . ص 245 – ص 246 .

(35) سُـمي هذا السور بسور ( موريق تيدنم ) الذي يبعد التدنم . انظر جون اوتس : بابل تاريخ مصور ، ترجمة سمير عبد الحليم ( بغداد – 1990 ) ، ص 76 .

(36) نوالة احمد محمود المتولي : مدخل في دراسة الحياة الاقتصادية لدولة اور الثالثة . اطروحة دكتوراه غير منشورة ، جامعة بغداد ، كلية الآداب ، 1994 ، ص 402 .

(37) طه باقر ، واخرون : تاريخ العراق القديم ، ج 2 ، ص 162 .

(38) Halloran ,John . A: Sumerian lexicon, p.195.

(39) Ibid . p.174.

(40)  Pennsylvania Sumerian Dictionary( PSD) , letter (A) ;  in  http:// psd.museum.upenn.edu/epsd/                                                               

(41) بطرس ضو الماروني : تاريخ الموارنة الديني والسياسي والحضاري . ط2 ، ب. ت. بيروت ص 19 .

(42) من اهم هؤلاء الباحثين هم ثيو باو , لاندسبيركر . ينظر تاريخ العراق القديم ، ج2 ، ص 176 .

(43) عماد طارق توفيق العاني : المستجدات السكانية والسياسية والحضارية لعصر ما بعد اور الثالثة . اطروحة دكتوراه , جامعة بغداد, كلية الآداب , 1997, ص 9 .

(44) كان الاموريون – المردة يطلق عليهم في صنعاء اسم الاحرار وفي الكوفة الاحامرة وفي 

       البصرة الاساورة وفي الجزيرة الخضارمة وفي سوريا الجراجمة . للتفصيل ينظر :

       ابو فرج الاصفهاني : ألاغاني ، طبعة بولاق المجلد 16 ، ص 73 .

       بطرس الماروني : تاريخ الموارنة ، ص 20 .

(45)جان بوتيرو وآخرون : الشرق الادنى الحضارات المبكرة ، ترجمة عامر سليمان ( الموصل- 1989) ، ص 176 .

(46) عماد العاني: المستجدات السكانية ، ص 10 .

(47) إيمان جميل آل عبيد : نصوص مسمارية غير منشورة من العصر البابلي القديم . رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد ، كلية الاداب ، 1983 ، ص 30 .

(48) عماد العاني : المستجدات السكانية ، ص 11.

(49) فوزي رشيد : ابي سين ، ص 41 .

(50) م . ن . ص 38 – ص 42 .

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).