أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
1665
التاريخ: 31-8-2016
2053
التاريخ: 30-8-2016
1579
التاريخ: 1-9-2016
1763
|
إنّ الصحّة والفساد أمران إضافيان يختلفان باختلاف الآثار والأنظار والاشخاص (خلافاً لمثل الزوجيّة للأربعة وشبهها التي هي من الاُمور الحقيقية الثابتة مطلقاً) فبالنسبة إلى اختلاف الآثار نظير المأمور به بالأوامر الظاهريّة، حيث إنّ المراد من الأثر المترقّب منه إن كان هو ترتّب الثواب عليه فيتّصف بالصحّة، وإن كان المراد من الأثر سقوط الأمر الواقعي في صورة كشف الخلاف فلا يتّصف بالصحّة، فالمأمور به حينئذ صحيح من جهة وفاسد من جهة اُخرى، وهكذا بالنسبة إلى اختلاف الأنظار، فإن كان النظر في الأوامر الظاهريّة مثلا الإجزاء عن الأوامر الواقعيّة في صورة كشف الخلاف كان العمل صحيحاً وإن كان النظر عدم الإجزاء لم يكن العمل صحيحاً، وكذلك بالنسبة إلى الأشخاص فإن صلاة القصر مثلا تتّصف بالصحّة بالنسبة إلى المسافر وتتّصف بالفساد بالنسبة إلى الحاضر، وبهذا يظهر أّنه لا وجه لحصر إضافيّة الصحّة والفساد في الآثار والأنظار كما يظهر من بعض كلماتهم.
ثمّ إنّه هل الصحّة والفساد من الاُمور الواقعيّة، أو من الاُمور المجعولة بالأصالة أو بالتبع، أو أنّها من الاُمور الانتزاعيّة، أو لا بدّ من التفصيل بين العبادات والمعاملات وأنّهما من الاُمور المجعولة في العبادات دون المعاملات؟ فيحتمل كونهما من الاُمور الواقعيّة، كما يحتمل كونهما من الاُمور المجعولة بالأصالة كالملكية والزوجيّة ومنصب القضاء والولاية ونحوها من الاُمور التي تنالها يد الجعل مستقلا وبالأصالة، كما ورد في الحديث: «فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً (أو حاكماً)» ويحتمل أيضاً كونهما من الاُمور المجعولة بالتبع كالجزئيّة والشرطيّة في أجزاء المأمور به وشرائطه حيث إنّهما تجعلان بتبع تعلّق الأمر بالجزء أو الشرط، فلم يقل الشارع: «أنّي جعلت الركوع مثلا جزءً» بل استفدنا جزئيته من قوله «اركع»، ويحتمل أيضاً كونهما من الاُمور الانتزاعيّة التي لا وجود لها في الخارج بل الموجود فيه إنّما هو منشأ الانتزاع كالفوقيّة والتحتية.
والحقّ في المقام بناءً على ما مرّ من تعريف الصحّة والفساد بترتّب الأثر المترقّب من الشيء وعدمه أن يقال: إن كان المراد من الأثر الملحوظ في التعريف هو المصلحة والمفسدة فلا إشكال في أنّهما حينئذ أمران واقعيّان لا تنالهما يد الجعل لأنّ المصالح والمفاسد اُمور واقعية، وإن كان المراد من الأثر سقوط التكليف والمأمور به فبالنسبة إلى الأوامر الواقعيّة إنّهما أمران انتزاعيان ينتزعان من مطابقة المأتي به للمأمور به وعدم مطابقته له، وأمّا بالنسبة إلى الأوامر الظاهريّة فهما من الاُمور المجعولة الاعتباريّة حيث إنّ الصحّة حينئذ عبارة عن جعل الشارع الإجزاء للأوامر الظاهريّة، والفساد عبارة عن جعل الشارع عدم الإجزاء لها، هذا كلّه بالنسبة إلى العبادات.
وأمّا في المعاملات فإن كان المراد من الأثر المفسدة والمصلحة فلا إشكال أيضاً في كونهما فيما من الاُمور الواقعيّة، وإن كان المراد من الأثر ما يترتّب على العقود والايقاعات من الآثار كالملكية والزوجيّة فلا إشكال أيضاً في كونهما أمرين مجعولين، لأنّ الزوجيّة مثلا تجعل من جانب الشارع أو العقلاء بعد إجراء العقد.
هذا كلّه بناءً على المختار في تعريف الصحّة والفساد.
وأمّا بناءً على مبنى القائلين بأنّهما عبارة عن المطابقية واللامطابقية فمن المعلوم أنّهما في جميع الموارد وصفان ينتزعان من مطابقة المأتي به للمأمور به وعدمها فيكونان من الاُمور الانتزاعيّة، وقسّ عليه سائر المباني.
بقي هنا شيء:
وهو أنّ مقتضى ما مرّ منّا من تعريف الصحّة والفساد بالأثر أنّهما وصفان حقيقيّان خارجيان يتّصف بهما الوجود الخارجي وليسا من الماهيات والعناوين الكلّية الذهنيّة فإنّ المتّصف بالصحّة في باب المعاملات مثلا هو صيغة العقد الخارجي المتحقّقة في الخارج لا عنوان كلّي العقد، لأنّ المنشأ للأثر إنّما هو الخارج والفرد الخارجي لا الماهية والعنوان، وقد مرّ كراراً أنّ أخذ العناوين الكلّية في موضوع الأدلّة إنّما هو للإشارة إلى أفرادها الواقعة في الخارج.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|