المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7452 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


نتيجة البحث في أدلّة الإستصحاب  
  
665   01:58 مساءاً   التاريخ: 23-8-2016
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة : ج 3 ص 311.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2020 1051
التاريخ: 23-8-2016 604
التاريخ: 14-5-2020 870
التاريخ: 23-8-2016 659

..ظهر أنّ الدالّ على الاستصحاب من بين الأدلّة إنّما هو بناء العقلاء وسيرتهم ( مع دلالته على أنّ الاستصحاب أصل لا أمارة ، وذلك لما قلنا سابقاً من أنّ للعقلاء اصولاً كما أنّ لهم أمارات ) وخمس روايات من الروايات المذكورة ، ثلاثة منها روايات زرارة ، والرابعة رواية علي بن محمّد القاساني في صوم شهر رمضان ، والخامسة رواية الخصال في من كان على يقين فشكّ ...

وأمّا الإجماع فقد مرّ أنّه مدركي في المقام ، وأمّا الإستقراء فقد عرفت أنّه إستقراء ناقص جدّاً.

لكن هيهنا سؤال وهو أنّه لو كانت دلالة هذه الأحاديث تامّة فلِمَ لم يستند إليها القدماء من الأصحاب ، واعترف الشيخ الأعظم  رحمه الله بعدم استنادهم إليها إلى زمان والد الشيخ البهائي  رحمه الله؟

والجواب عنه : أنّه يمكن أن يكون عدم إستنادهم إليها لجهات عديدة :

منها : أنّهم قد ظنّوا استغناءهم عنها بسيرة العقلاء وقد مرّ أنّ هذه الروايات إمضاء لها.

ومنها : أنّهم ظنّوا أنّها روايات خاصّة وردت في أبواب معيّنة لا يمكن الاستدلال بها على العموم ، وإنّ اللام في اليقين والشكّ إشارة إلى العهد لا الجنس ، كما مرّ احتماله سابقاً ، فمن هنا تركوا الاعتماد على هذه الروايات ورجعوا إلى بناء العقلاء ، وقد ثبت في محلّه أنّ إعراض المشهور عن الدلالة غير ضائر في الحجّية.

التفصيل بين الشبهات الحكميّة والشبهات الموضوعيّة:

ثمّ إنّه هل المستفاد من هذه الأدلّة حجّية الاستصحاب في خصوص الشبهة الموضوعيّة، أو إنّها تعمّ الشبهات الحكميّة أيضاً؟

ذهب إلى الثاني جميع المتأخّرين، وذكر أنّ الأمين الاسترابادي في بعض كلماته أنّ أحداً من القدماء الماضين قدّس الله أسرارهم لم يقل بهذا العموم، فلم يستندوا إلى الاستصحاب في بقاء حلّية العصر العنبي مثلا بعد الغليان، وبقاء نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بنفسه.

والصحيح هو الأوّل كما ذهب إليه بعض أعاظم العصر (قدّس الله سرّه) ، وإن كان دليله الذي أقامه على الانحصار غير تامّ (كما سيأتي بيانه وبيان المناقشة فيه).

دليلنا عليه أمران:

أحدهما: أنّه قد مرّ أنّ أساس الاستصحاب إنّما هو سيرة العقلاء، وهى جارية في خصوص الشبهات الموضوعيّة، وأمّا الشبهات الحكميّة فإن كان الشكّ فيها في نسخ قانون وعدمه فلا ريب في أنّهم يتمسّكون باستصحاب عدم النسخ أيضاً، وأمّا إذا لم يكن منشأ الشبهة النسخ، بل شكّ في بقاء الحكم وعدمه، ولم يكن هناك عموم أو اطلاق، كما إذا جعلت زكاة على العنب وبعد تبدّله إلى الزبيب شكّ في بقائه مثلا (مع فرض كون وصف الزبيبيّة من الأوصاف لا من المقوّمات) فإنّ العقلاء لا يعتمدون في مثل هذه الموارد على استصحاب بقاء ذلك الحكم.

ثانيهما: أنّ الوجدان حاكم على أنّه لو عشنا نحن في عصر صدور أخبار الاستصحاب مكان زرارة لم نشكّ في وجوب الفحص عن الحكم في الشبهات الحكميّة بالسؤال عن الإمام(عليه السلام)، ولم نحتمل جواز التمسّك بالاستصحاب بمجرّد الشكّ في بقاء حلّية العصر العنبي بعد

الغليان مثلا، أو بقاء نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بنفسه.

وإن شئت قلت: حيث إنّ الفحص والسؤال عن المعصوم كان ممكناً في عصر الأخبار غالباً لا سيّما للرواة، ولم تمسّ الحاجة غالباً إلى جريان الاستصحاب فيمكن أن يقال حينئذ بانصراف أخبار الاستصحاب عن الشبهات الحكميّة، ولذلك إعترف الشيخ الأعظم الأنصاري(رحمه الله) في مبحث الاحتياط أنّ الأخبار الدالّة على وجوب الاحتياط ناظرة إلى زمن الحضور، كما أنّه قد ورد في بعضها التعبير بـ «إذا أصبتم بمثل هذا فعليكم الاحتياط حتّى تسألوا وتعلموا».

وكيف كان، لا أقل من الشكّ في اطلاق أخبار الاستصحاب أو عمومها بالنسبة إلى الشبهات الحكميّة، وهذا كاف في عدم جواز الاستدلال بها على العموم.

ويؤيّد ذلك أنّ مورد جميع الروايات خاصّ بالشبهات الموضوعيّة، كالسؤال عن إصابة النجاسة بالثوب ووقوع النوم وعدمه في روايات زرارة، وعن يوم الشكّ في شهر رمضان في خبر علي بن محمّد القاساني، وهكذا في رواية الشكّ في الركعات.

استدلال بعض الأعاظم للتفصيل ونقده:

ثمّ إنّ بعض أعاظم العصر قدّس الله سرّه استدلّ لعدم حجّية الاستصحاب في الشبهات الحكميّة بما حاصله: إنّ الاستصحاب في الأحكام الكلّية معارض بمثله دائماً.

وإليك ملخّص ما أفاده في توضيح ذلك في كلام طويل له في المقام:

إنّ للأحكام مرحلتين: مرحلة الإنشاء والجعل، ومرحلة الفعلية والمجعول، مثلا الشارع ينشأ وجوب الحجّ على المستطيع مع عدم وجود مكلّف أو مستطيع، فهنا إنشاء الحكم على موضوعه وإن كانت الشرائط غير موجودة والموانع غير مفقودة، فإذا وجد الموضوع واجتمعت الشرائط وفقدت الموانع صار فعليّاً.

والاستصحابات الحكميّة معارضة دائماً بالاستصحاب العدمي في مرحلة الجعل والإنشاء، فالمرأة إذا طهرت من الدم ولم تغتسل جرى في حقّها استصحاب بقاء حرمة الوطيء، ولكنّه معارض بعدم جعل الحرمة من أوّل الأمر فيما زاد على زمان الدم، فيتعارض الاستصحابان ويسقطان من الجانبين.

ثمّ أشكل على نفسه باُمور:

1 ـ إنّ استصحاب عدم جعل الحرمة (مثلا) معارض باستصحاب عدم جعل الحلّية.

فأجاب عنه أوّلا: بأنّه لا مجال لاستصحاب عدم جعل الحلّية لأنّ الرخصة كانت متحقّقة في صدر الإسلام لتشريع الأحكام تدريجاً.

وثانياً: بأنّ التعارض فرع لزوم المخالفة العمليّة القطعيّة، وهنا ليس كذلك كما لا يخفى.

وثالثاً: بأنّه لو تنزّلنا عن جميع ذلك فنقول: يقع التعارض بين هذه الاستصحابات الثلاث لأنّها في مرتبة واحدة.

2 ـ إنّ استصحاب عدم جعل الحرمة حاكمة على استصحاب بقاء الحرمة السابقة لأنّ الأوّل سببي والآخر مسبّبي.

وأجاب عنه: بأنّه يعتبر في حكومة الأصل السببي على الأصل المسبّبي أن يكون التسبّب بينهما شرعيّاً، وهنا ليس كذلك، وبعبارة اُخرى: الملاك كون المشكوك في أحدهما أثراً مجعولا شرعيّاً للآخر، مع أنّ سببيّة الجعل للمجعول عقلي، وليست من الأحكام الشرعيّة.

3 ـ إنّ استصحاب عدم الجعل مثبت في المقام لأنّ الحلّية من اللوازم العقليّة لعدم جعل الحرمة.

وأجاب عنه: بأنّ الأصل المثبت إنّما هو في اُمور لم يكن أمر وضعه ورفعه بيد الشارع، أمّا لو كان وضعه ورفعه كذلك فالأصل المثبت لا إشكال فيه، لأنّه إذا رفعه الشارع واقعاً ترتّب عليه جميع آثاره العقليّة والشرعيّة (انتهى ما إستفدناه من أبحاثه ومحاضراته قدّس الله سرّه الشريف).

4 ـ ما ورد في بعض تقريراته عن اُستاذه المحقّق النائيني(رحمه الله) وهو: «إنّ استصحاب عدم الجعل غير جار في نفسه لعدم ترتّب الأثر العملي عليه لأنّ الجعل عبارة عن إنشاء الحكم والإنشائية لا تترتّب عليها الآثار الشرعيّة، بل ولا الآثار العقليّة من وجوب الإطاعة وحرمة المعصية مع العلم بها، فصحّ عن التعبّد بها بالاستصحاب فإنّه إذا علمنا بأنّ الشارع جعل وجوب الزكاة على مالك النصاب لا يترتّب على هذا الجعل أثر ما لم تتحقّق ملكية في الخارج، وعليه فلا يترتّب الأثر العملي على استصحاب عدم الجعل فلا مجال لجريانه»(1).

أقول: والجواب عنه ظاهر (والعجب كيف خفى هذا على مثل هذا المحقّق النحرير قدّس الله سرّه) لأنّ ترتّب آثار الحكم كالبعث والزجر والطاعة والمعصية يتوقّف على كلّ من الجعل والمجعول، أي كلّ واحد من مقام الإنشاء ومقام الفعلية، وبعبارة اُخرى: يتوقّف على الجعل وتحقّق الموضوع معاً، فيكفي في عدمها إنتفاء أحدهما، فلو استصحبنا عدم أحدهما وهو الجعل مثلا (كما هو المفروض في المقام) كفى في إثبات عدم وجوب الطاعة، وكما أنّ استصحاب بقاء الجعل يجري (ولو قبل تحقّق الموضوع) لإثبات فعلية التكليف عند وجود الموضوع، كذلك استصحاب عدم الجعل يجري (ولو قبل تحقّق الموضوع) لإثبات عدم فعليته عند وجود الموضوع.

هذا بالنسبة إلى ما نقله عن اُستاذه المحقّق النائيني(رحمه الله)، وفي كلامه أيضاً مواقع للنظر:

1 ـ (بالنسبة إلى ما ذكره من أنّ تعارض استصحاب عدم جعل الحرمة مع استصحاب عدم جعل الحلّية لا يوجب سقوطهما عن الحجّية لعدم لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة) أنّه قد تلزم المخالفة القطعيّة العمليّة، وهو في مثل استصحاب عدم جعل نجاسة الماء المتغيّر الذي زال عنه التغيّر بنفسه إذا كان الماء منحصراً فيه ولا يكون له ماء آخر، فإنّ استصحاب عدم جعل النجاسة فيه معارض مع استصحاب عدم جعل الطهارة، ويلزم من جريانهما المخالفة القطعيّة العمليّة، لأنّه لو كان طاهراً يجب التوضّي به، ولو كان نجساً يحرم شربه، فيلزم من إجراء الأصلين جواز الشرب وعدم وجوب التوضّي منه.

2 ـ (بالنسبة إلى قوله أنّ الطهارة عبارة عن عدم النجاسة فتكون أمراً عدميّاً لا يقبل الجعل حتّى يمكن استصحاب عدمه) يرد عليه ما مرّ من أنّ الطهارة والنجاسة أمران وجوديّان، ولكلّ منهما أحكام وآثار شرعية، ولذلك يجب طهارة ماء الوضوء والماء الذي يريد المكلّف أن يتطهّر به عن الخبث، وإلاّ لا يكون مطهّراً عن الحدث والخبث.

3 ـ (بالنسبة إلى قوله: إنّ في صورة التعارض يسقط جميع الاستصحابات الثلاثة) أنّ الاستصحاب الحكمي مقدّم على استصحاب عدم الجعل (عكس ما قد يقال من أنّ استصحاب عدم الجعل مقدّم لكونه سببيّاً) لأنّ الاستصحاب الحكمي بنفسه يكون جعلا لحكم ظاهري، ولذلك يقال: إنّ استصحاب الحكم من قبيل جعل مماثل، فإنّ معنى استصحاب نجاسة الماء الذي زال عنه التغيّر أنّ الشارع جعل له نجاسة ظاهريّة في هذا الحال، ومع وجود هذا الحكم الظاهري لا يبقى شكّ في جعل الطهارة، فلا مجال لاستصحاب عدمه.

4 ـ (هذا وما بعده من الإشكال الآتي هو العمدة في المقام) أنّ الاستصحاب الحكمي (استصحاب المجعول) لا يكون معارضاً لاستصحاب عدم الجعل في جميع الموارد والأمثلة، بل كثيراً ما يكون موافقاً له، كاستصحاب طهارة المذي الخارج بعد الوضوء الذي لا يعارضه استصحاب عدم جعل ناقضية المذي (فإنّ استصحاب عدم الجعل فيه عبارة عن استصحاب عدم الناقضية كما لا يخفى) بل يعضده، وهكذا استصحاب بقاء الملكية في عقد المعاطاة بعد قول المالك الأوّل «فسخت» فإنّه ليس معارضاً لاستصحاب عدم جعل الفسخ رافعاً، وأمّا الملكيّة الحاصلة بالبيع فهى مستمرّة بالإجماع لولا الفسخ، فلا يمكن أن يقال: نحن نشكّ في جعل الملكية حتّى في ما بعد الفسخ، لأنّه عبارة اُخرى عن جعل الفسخ نافذاً، والأصل عدم جعله نافذاً، فهو موافق لاستصحاب بقاء الملكية، وكذلك بالنسبة إلى كلّ مورد يكون الشكّ فيه في النقض أو الرفع أو الفسخ.

فلابدّ لمن قام دليله على عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة وتعارضه مع استصحاب عدم الجعل أن يفصّل ثانياً بين مواردها فيكون تفصيلا في تفصيل.

5 ـ إنّ الأساس في الاستصحاب كما مرّ كراراً إنّما هو بناء العقلاء وسيرتهم، وهى قائمة في خصوص الموارد التي تكون الغلبة فيها على البقاء، مثل الصحّة والمرض الذي تكون الغلبة فيه على السلامة، وفي الأملاك والمساكن التي تكون الغلبة فيها بقائها على حالها، وأمّا فيما إذا كانت الغلبة على العكس، كما إذا وقعت زلزلة في بلد من البلاد وخربت أكثر بيوته، ففي مثل هذا المورد لا يعتمد العقلاء على استصحاب بقاء دار زيد مثلا، أو إذا شاع مرض مثلا وأهلك غالب سكّان البلد فلا شكّ في أنّهم لا يعتمدون أيضاً على استصحاب حياة زيد مثلا، ومن هذا القبيل ما نحن فيه، حيث إنّ ظهور الإسلام والشريعة المقدّسة أوجب تزلزلا وتغييراً أساسيّاً بجعل أحكام جديدة في كثير من الموضوعات بحيث صارت الغلبة على وجود الجعل والمجعول، وفي مثله لا تأتي تلك السيرة مع ذلك الملاك، فلا يجري استصحاب عدم الجعل فيه.

فتلخّص من جميع ذلك أنّ أصل مدّعاه(قدس سره) (الموافق لما ذكره النراقي) أي التفصيل بين الشبهات الموضوعيّة والحكميّة صحيح وإن لم يتمّ دليله.

تفصيل الشيخ الأعظم الأنصاري; بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع:

ثمّ إنّ هيهنا تفصيلا آخر من الشيخ الأعظم قدّس سرّه الشريف الذي نسبه إلى المحقّق(رحمه الله)في المعارج (وإن كان في النسبة نظر كما سيأتي) وهو التفصيل بين الشكّ في المقتضي فلا يكون الاستصحاب حجّة، وبين الشكّ في الرافع فيكون حجّة، وتحليل المسألة وإيضاح الحقّ فيها يحتاج إلى رسم اُمور:

1 ـ بيان الموارد من المقتضي والمانع.

2 ـ دليل الشيخ الأعظم(رحمه الله) على هذا التفصيل.

3 ـ نقد كلامه الشريف.

أمّا الأمر الأوّل فنقول: قد أوضح الشيخ(رحمه الله) بنفسه مقصوده من المقتضي والمانع بأوفى البيان مع ذكر المثال، ولا ينقضي تعجّبي عن بعض الأعلام من أنّه كيف أتعب نفسه الزكيّة فذكر لتوضيح مراد الشيخ(رحمه الله)احتمالات عديدة هى أجنبية عن مرامه ومخالفة لما صرّح به نفسه؟

وإليك نصّ كلام الشيخ(رحمه الله) في مبحث تقسيم الاستصحاب باعتبار الشكّ المأخوذ فيه: «الثالث من حيث إنّ الشكّ في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي، والمراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليته في ذاته للبقاء، كالشكّ في بقاء الليل والنهار وخيار الغبن بعد الزمان الأوّل، وقد يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء، وهذا على أقسام ...»(2).

ثمّ ذكر الأقوال في حجّية الاستصحاب وقال: «والأقوى هو القول التاسع وهو الذي اختاره المحقّق، فإنّ المحكيّ عنه في المعارج أنّه قال: إذا ثبت حكم في وقت ثمّ جاء وقت آخر

ولم يقم دليل على انتفاء ذلك الحكم هل يحكم ببقائه على ما كان، أم يفتقر الحكم في الوقت الثاني إلى دلالة؟ كما يفتقر نفيه إلى الدلالة، حكى عن المفيد(رحمه الله) أنّه يحكم ببقائه ما لم تقم دلالة على نفيه، وهو المختار، وقال المرتضى(رحمه الله): لا يحكم. ثمّ مثل بالمتيمّم الواجد للماء في أثناء الصّلاة، ثمّ احتجّ للحجّية بوجوه:

منها: أنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود، ثمّ ذكر أدلّة المانعين وأجاب عنها، ثمّ قال: والذي نختاره أن ننظر في دليل ذلك الحكم فإن كان يقتضيه مطلقاً وجب الحكم باستمرار الحكم كعقد النكاح فإنّه يوجب حلّ الوطيء مطلقاً. فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال: حلّ الوطيء ثابت قبل النطق بهذه الألفاظ فكذا بعده، كان صحيحاً، لأنّ المقتضي للتحليل ـ وهو العقد ـ اقتضاه مطلقاً، ولا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء، فيثبت الحكم عملا بالمقتضي(3).

فظهر أنّ كلام الشيخ(رحمه الله) واضح لا حاجة في توضيحه إلى بيان احتمالات عديدة، نعم الظاهر أنّ كلام المحقّق(رحمه الله) لا ربط له بالاستصحاب وبالشكّ في المقتضي أو المانع المبحوث عنه في مبحث الاستصحاب، بل الظاهر أنّ مراده من المقتضي إنّما هو العمومات التي يرجع إليها عند الشكّ في المخصّص، والشاهد عليه ما صرّح به في ذيل كلامه حيث قال: «وقوع العقد إقتضى حلّ الوطيء لا مقيّداً بوقت» فإنّه ناظر إلى عموم «اُوفوا بالعقود» و «أحلّ الله النكاح» الذي لا نعلم تخصيصه بالألفاظ المشكوكة في أبواب الطلاق، فالتمسّك بالعموم عند الشكّ في المخصّص شيء، والتمسّك بالاستصحاب شيء آخر، وهذا نظير الاستدلال لأصالة اللزوم في أبواب المعاملات بـ «اُوفوا بالعقود» و «أحلّ الله البيع» و «تجارة عن تراض» وغيرها، كما تمسّك الشيخ الأعظم نفسه بها في ابتداء مباحث البيع والخيارات. ثمّ أضاف إليها لاستصحاب بعنوان دليل آخر.

وأمّا الأمر الثاني: فاستدلّ الشيخ(رحمه الله) لهذا التفصيل بما حاصله: أنّ للنقض معنىً حقيقيّاً وهو عبارة عن رفع الهيئة الإتّصاليّة كما في نقض الحبل، ومعنى مجازياً أقرب وهو رفع الأمر الثابت، أي المستحكم الذي فيه إقتضاء الثبوت والاستمرار، ومعنىً مجازياً أبعد وهو مطلق رفع اليد عن الشيء وترك العمل به ولو لعدم المقتضي له، فإذا تعذّر المعنى الحقيقي كما في المقام

ودار الأمر بين المعنيين المجازيين، فيتعيّن الأوّل منهما الأقرب، فيختصّ اليقين حينئذ بما كان متعلّقه أمراً ثابتاً مستحكماً فيه اقتضاء الاستمرار كالزوجيّة والملكيّة والعدالة ونحوها ممّا يحتاج رفعه إلى وجود رافع ومزيل دون ما ليس فيه اقتضاء الثبوت والاستمرار بل يرتفع بنفسه.

إن قلت: هذا يستلزم التصرّف في معنى اليقين وإرادة المتيقّن منه، وهو خلاف الظاهر.

قلنا: لابدّ من هذا التصرّف على أي حال، لأنّ اليقين بما هو يقين لا يتعلّق به النقض الاختياري، ولا يتصوّر بالنسبة إليه النقض أو عدم النقض، وبعبارة اُخرى: التعبير بالنقض قرينة على أنّ المراد من اليقين إنّما هو المتيقّن.

وأمّا الأمر الثالث: فقد أورد (أو يرد) على كلامه إشكالات أربع:

الأوّل: (وهو العمدة) أنّه لا بأس بأن تكون صفة النقض بلحاظ وصف اليقين لا المتيقّن، أي يكون متعلّق النقض اليقين نفسه، وهذا لا ينافي كونه من الأفعال الاختياريّة التي تتعلّق بما يكون فعلا اختيارياً، لأنّ النهي عن عدم نقض اليقين كناية عن العمل على طبقه والإجراء على وفقه عملا، وحينئذ نقول: أنّ وصف اليقين أمر مبرم ومستحكم سواء كان متيقّنه أيضاً كذلك أو لم يكن.

إن قلت: لا معنى لنقض اليقين بأي معنى كان في مورد الاستصحاب، لأنّ المفروض إنّ زمان اليقين قد مضى، والموجود الآن هو الشكّ.

قلنا: المفروض في مورد الاستصحاب أيضاً أنّ الشارع غضّ نظره عن زمان متعلّق اليقين والشكّ وعن تغاير المتعلّقين من ناحية الزمان، فلاحظهما معاً، ثمّ نهى عن نقض أحدهما بالآخر، فيكون النقض حاصلا.

الثاني: أنّ تفصيله مبنى على شمول جميع روايات الاستصحاب على التعبير بـ «لا تنقض» مع أنّه لم يرد في رواية الخصال، حيث إنّ الوارد في صدرها «فليمض على يقينه»، وهكذا حديث علي بن محمّد القاساني الذي عبّر بـ «اليقين لا يدخل فيه الشكّ صم للرؤية وافطر للرؤية» ولا إشكال في أنّ تعبيري المضيّ والدخول عامان لا يختصّان بخصوص موارد الشكّ في الرافع.

نعم، يمكن أن يقال بالنسبة إلى الرواية الاُولى (كما قال به الشيخ الأعظم(رحمه الله)نفسه) أنّ

ذيله وهو «فإنّ الشكّ لا ينقض اليقين» قرينة على تقييد الصدر.

وأمّا الرواية الثانية فأجاب عنها الشيخ(رحمه الله): بأنّها ناظرة إلى استصحاب الإشتغال لا الاستصحاب المصطلح، ولا يخفى أنّ استصحاب الإشتغال يكون دائماً من قبيل الشكّ في الرافع، لأنّ شغل الذمّة دائمي إلى أن يرفعه رافع.

لكن جوابه هذا غير تامّ صغرى وكبرى:

أمّا الصغرى: فلأنّ المفروض في هذه الرواية أنّ الشكّ متعلّق بعمر شهر رمضان وشهر شعبان، ولا إشكال في أنّ الشكّ في عمر الشهر من قبيل الشكّ في المقتضي.

مضافاً إلى أنّه لا إشتغال للذمّة بالنسبة إلى يوم الشكّ في إبتداء رمضان حتّى يكون الاستصحاب فيه من قبيل استصحاب الإشتغال.

وأمّا الكبرى: فلأنّه لو فرضنا كون المورد من قبيل الشكّ في الرافع إلاّ أنّ الكبرى الواردة في صدر الرواية وهى قوله «لا يدخل ...» عامّ لا يخصّص بالمورد.

ومن الروايات التي لم يرد فيها التعبير بالنقض رواية عبدالله بن سنان الواردة في باب العارية، ولكن الشيخ(رحمه الله) ذكرها مؤيّداً لسائر الروايات، لا دليلا مستقلا على الاستصحاب، فلا ينقض بها كلامه.

الثالث: أنّ من مصاديق الاستصحاب المجمع عليها استصحاب عدم النسخ حتّى عند الشيخ الأعظم(رحمه الله)نفسه، مع أنّ الشكّ في مورده يكون دائماً من قبيل الشكّ في المقتضي، لأنّه شكّ في عمر الحكم الشرعي، لما ذكر في محلّه من أنّ حقيقة النسخ دفع الحكم لا رفعه.

اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ استصحاب عدم النسخ ثابت بالإجماع، لا الروايات والظاهر أنّ الإجماع معتمد على العموم الأزماني الموجود في أدلّة الأحكام، أو على روايات نظير قوله(عليه السلام): «حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ...» لا على روايات الاستصحاب.

الرابع: أنّه قد مرّ أنّ الأساس في باب الاستصحاب إنّما هو بناء العقلاء، وهم لا يفصّلون بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع، لأنّ القدر المسلّم من مصاديق الاستصحاب عندهم استصحاب الحياة، ومن المعلوم أنّ النفوس المختلفة متفاوتة في مقدار استعداد البقاء، وقد يكون إنسان مستعدّاً للبقاء إلى ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة، وقد يكون أقلّ من ذلك أو أكثر، ولا ينبغي الشكّ في جريان الاستصحاب عند العقلاء في جميع هذه الموارد، بل لو قلنا أنّ الحدّ الوسط في الاستعداد للبقاء مثلا هو خمسون أو ستّون سنة فلا شكّ في جريان الاستصحاب بعده أيضاً، مع أنّه من قبيل الشكّ في المقتضي.

_______________

1. نقله منه في مصباح الاُصول: ج3، ص45.

2. فرائد الاُصول: ص558 ـ 559، طبع جماعة المدرّسين.

3. فرائد الاُصول: ص561، طبع جماعة المدرّسين.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


قسما الإعلام والعلاقات العامة يبحثان تغطية حفل تخرج طلبة الجامعات العراقية
العتبة العباسية تقدّم دعوة لجامعة كركوك لمشاركة طلبتها في حفل التخرج المركزي
العتبة العباسية تقدم دعوة للجامعة الوطنية للعلوم والتكنلوجية في ذي قار
للمشاركة في حفل المركزي للطلبة العتبة العباسية تقدم دعوة للجامعة التقنيّة الجنوبيّة في محافظة البصرة