أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-7-2020
![]()
التاريخ: 5-9-2016
![]()
التاريخ: 6-9-2016
![]()
التاريخ: 18-8-2016
![]() |
القياس لمّا كان عند من يعمل به من الأدلّة العقليّة ، فكان الأليق أن يذكر فيها ، إلاّ أنّ الاصوليّين يطلقون الاستدلال تارة على إقامة الدليل مطلقا ، سواء كان نصّا ، أو إجماعا ، أو قياسا أو غيرها ؛ وتارة يخصّونه بإقامة نوع خاصّ من الأدلّة ، وهي الأدلّة العقليّة المتقدّمة. وبهذا الاصطلاح وضعوا بابا خاصّا للاستدلال وذكروها فيه ، ووضعوا لكلّ واحد من الأدلّة الأخر عقليّا كان أو غيره بابا خاصّا آخر ، فنحن (١) أيضا تأسّينا بهم.
تعريف القياس:
القياس لغة : التقدير والمساواة (٢). يقال : « قست الثوب بالذراع » أي قدّرته. و « زيد لا يقاس بعمرو » أي لا يساوى به.
وفي عرف أهل النظر : الاحتجاج بالكلّي على الجزئي وهو يفيد القطع (٣). وفي عرف الفقهاء: الاحتجاج بالجزئي على الجزئي (٤) ، وهو التمثيل عند أهل النظر (٥).
وقيل : هو في الحقيقة مركّب من القياس المنطقي والاستقراء ؛ لأنّا إذا أثبتنا علّيّة وصف معيّن لحكم ، كالإسكار للتحريم باعتبار وجوده في الأصل ، كالخمر ، لزم منه صدق قولنا : « كلّ مسكر حرام » فيتألّف قياس اقتراني ، هكذا : « النبيذ مسكر » ، و « كلّ مسكر حرام » فينتج: « النبيذ حرام ». والصغرى يقينيّة ، والكبرى معلومة بالاستقراء (6).
وفيه : أنّه يجب أن يكون الأوسط في الكبرى علّة لوجود الأكبر ، ولا يكفي مجرّد كونه معه في كونه علّة له ما لم ينضمّ إليه ما يدلّ على العلّيّة ، كنصّ ، أو مناسبة ، أو غير ذلك. والمعلوم من الاستقراء ليس إلاّ مجرّد اقتران الوصف بالحكم من غير دلالته على العلّيّة ، فلا يستفاد الكبرى من الاستقراء.
وحاصل القياس الفقهي مساواة فرع لأصل لعلّة حكمه ، أو إجراء الأصل في الفرع بجامع ، أو تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع لعلّة متّحدة فيهما ، أو حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما.
فعلى الأوّل يكون القياس شيئا ثابتا في نفسه. وعلى البواقي يكون فعلا من أفعال المجتهد. فإذا قلنا : الأرز ربوي ؛ لاشتراكه مع البرّ في علّة ربوبيّته وهو الكيل والوزن ، يكون القياس على الأوّل نفس الاشتراك في الواقع ، أو في نظر المجتهد ، وعلى البواقي الفعل المذكور.
والحقّ ، صحّة كلّ واحد من هذه الحدود من غير اختلال فيه طردا وعكسا.
وما اورد عليه (7) ظاهر الاندفاع ، ولذا أعرضنا عنه. وله حدود أخر (8) مزيّفة تركناها ؛ لعدم فائدة في ذكرها.
أركان القياس:
قد علمت من حدّ القياس أنّ أركانه أربعة : الأصل ، والفرع ، والعلّة ، والحكم. ولا كلام في أنّ العلّة هو الوصف الجامع ، والحكم هو حكم الأصل.
وأمّا الأصل ، فهو عند الفقهاء المحلّ المشبّه به الذي ثبت به الحكم ، كالخمر (9). وعند جماعة حكمه ، كحرمته (10). وعند المتكلّمين دليل الحكم ، كقوله (صلى الله عليه وآله ):
« حرّمت الخمر » (11).
وضعّف الأوّل : بأنّه لو انتفى الحكم من المحلّ ، لم يتأتّ القياس عليه ، فلا يكون أصلا.
و[ ضعّف ] الثالث : بأنّه لو علم الحكم بالضرورة ، أمكن القياس عليه وإن لم يكن عليه دليل ، فبقي الأصل إمّا حكم (12) محلّ الوفاق ، أو علّته (13).
وفيه : أنّ الكلام على فرض ثبوت الحكم في المحلّ ووجود دليل عليه ، وحينئذ لا مانع في تسمية كلّ واحد منهما أصلا ؛ لأنّ الأصل ما يبتنى عليه الشيء ، والحكم في الفرع وإن ابتنى ابتداء على الحكم في الأصل إلاّ أنّه يبتنى على دليله ومحلّه وعلّته أيضا بالواسطة ؛ لابتنائه عليهما.
فالحقّ أنّه لا بأس بتسمية كلّ من الأربعة أصلا.
وأمّا الفرع ، فهو عند الفقهاء المحلّ المشبّه الذي يراد إثبات الحكم فيه (14) ، وعند الاصوليّين حكمه (15).
وربّما قيل بأولويّة الثاني ؛ لأنّ الأوّل ليس متفرّعا على الأصل ، بل هو أصل الحكم الذي هو فرع القياس ، فهو أصل فرع. ويقابل بأنّ الثاني ثمرة القياس وفائدته ، فيتأخّر عنه ، فلا يكون من أركانه (16).
فالحقّ أنّ لكلّ واحد من الأقوال في الأصل والفرع وجها صحيحا.
وقيل : الحكم والعلّة يتعاكسان أصالة وفرعيّة في محلّ الوفاق والخلاف ، فالحكم أصل للعلّة وهي فرع له في الأوّل ؛ إذ تستنبط بعد ثبوته ، والعلّة أصل للحكم وهو فرع لها في الثاني ؛ إذ يعلم ثبوته بثبوتها (17). وله أيضا وجه صحيح.
ثمّ لا يخفى أنّ تحديد القياس على ما تقدّم (18) ، وعدّ أركانه أربعة بناء (19) على ما استقرّ عليه آراء الاصوليّين من ابتناء بحثهم في كتبهم على اصطلاح الفقهاء في الأصل والفرع ، ولو بنينا على اصطلاح غيرهم ، تغيّرت الحدود وتناقضت الأركان ، فعلى اصطلاحهم أيضا يدور رحى البحث في كتابنا هذا.
____________
(١) « ب » : « ونحن ».
(٢) الصحاح ٣ : ٩٦٨ ، « ق ي س ».
(٣) قاله السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ٢ : ١٨٥ ، والشيخ في أصول الفقه ٢ : ٦٤٧ ، والبصري في المعتمد ٢ : ٤٤٣ ، والسرخسي في اصوله ٢ : ١١٨.
(٤ و ٥) قالهما الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٥٧.
٤٣٤
(6) نسبه الغزالي إلى الفلاسفة في المستصفى : ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، ولكنّ القول للشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٢٥٧ كما يفهم من تمثيله.
(7 و 8) راجع : المستصفى : ٢٨٠ و ٢٨١ ، والإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٠٦ ـ ٢٠٩ ، ونهاية السؤل ٤ : ٢ ـ ٤.
(9 و 10) حكاهما عن الفقهاء البصري في المعتمد 2 : 197 ، والفخر الرازي في المحصول 5 : 16.
(11) كنز العمّال 5 : 498 ، ح 13735.
(12) منصوب بـ « كائنا » المقدّر قبل « إمّا ».
(13) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 17.
(14 ـ 17) حكاهما البصري عن الفقهاء والمتكلّمين في المعتمد 2 : 199. ولم يذكرا أقوال الاصوليّين ؛ لأنّ اصطلاحهم يبتني على اصطلاح الفقهاء ، كما أشار إليه المؤلّف ، والفخر الرازي في المحصول 5 : 18 و 19.
(18) تقدّم في ص 435.
(19) خبر ومرفوع.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|