أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016
460
التاريخ: 18-8-2016
1162
التاريخ: 4-9-2016
696
التاريخ: 5-9-2016
885
|
يشترط في صحّة التواتر شروط، بعضها في المخبرين ، وبعضها في السامعين :
الأوّل : أن يبلغ عددهم في الكثرة حدّا يمتنع معه عادة تواطؤهم على الكذب. ووجه اشتراطه ظاهر.
والحقّ أنّه لا يشترط فيه عدد خاصّ ، بل الضابط فيه ما يفيد العلم ، وهو يختلف باختلاف القرائن والوقائع ، وأحوال المخبرين والسامعين. وتفاوت كلّ منها يوجب اختلاف العدد بحيث لا يمكن حصره ، فكيف إذا تركّب بعضها مع بعض. ولو كان العدد المخصوص معتبرا لما وقع الاختلاف؟
وأيضا يحصل لنا العلم من الأخبار المتواترة من غير تنبّه (1) لعدد مخصوص، ولو كان شرطا، لتوقّف حصوله على حصوله.
واجيب عنه : بأنّ التوقّف على حصوله في الواقع ، لا على العلم به (2).
وفيه : أنّ حصول العلم لو كان مسبّبا عن عدد خاصّ ، لعلم حصوله عند حصوله ، مع أنّه يحصل لنا العلم من الأخبار المتواترة ولا ننتقل منه إليه.
ثمّ لمّا كان حصول العلم من الخبر المتواتر تدريجيّا ـ لأنّه إذا سمع من واحد أفاد ظنّا ، وكلّما تكرّر قوي ، وهكذا يتقوّى بتدريج إلى أن يصير علما ـ فحصول العلم بعدد التواتر يتوقّف على ضبطه تدريجا ، وهذا مع صعوبته موجب لاختلافه للأسباب المذكورة.
هذا ، ولكن يجب في المتواتر أن يكون للتعدّد والكثرة دخل في إفادة العلم وإن اختلف بالامور المذكورة ، فيخرج الخبر المحفوف بالقرينة.
ثمّ القائلون باشتراط العدد الخاصّ اختلفوا فيه على أقوال شتّى (3). ولكلّ قول شبهة واهية. ولا فائدة في ذكرها بعد العلم ببطلانها.
الثاني : أن يخبروا عن محسوس ، فلا تواتر في المعقول ، كحدوث العالم وأمثاله ؛ لتأتّي الاشتباه في العقليّات ، ومعارضة الوهم للعقل فيها ، فلا يفيد قولهم العلم.
الثالث : أن يكون إخبارهم عن علم لا عن ظنّ.
وقيل : إنّ هذا الشرط لا يعمّ جميع المخبرين ، بل يكفي ثبوته لبعضهم (4).
الرابع : استواء الطرفين والواسطة في إفادة العلم بأن يبلغ كلّ واحدة من الطبقة الاولى المشاهدين لمدلول الخبر ، والطبقة الواسطة الناقلين عن الاولى ـ متّحدة كانت أو متعدّدة ـ والأخيرة الناقلين عن الواسطة ، عدد التواتر ، ويكون خبر كلّ منها عن علم.
فلو ذكر واحد خبرا لجماعة وكلّ منهم لجماعة اخرى ، وهكذا إلى أن يبلغ في طبقة إلى عدد كثير يفيد قولهم العلم لو لا المانع ، لم يكن متواترا. ومن هذا الطريق يحصل الأراجيف بين الناس وتشتهر إذا لم يسند كلّ مخبر خبره إلى القائل الأوّل ، ولذا إذا اشتهر الأراجيف يذكرها كلّ أحد ولا يعرف القائل الأوّل.
وغير خفيّ أنّ هذا الشرط في كلّ تواتر تحقّق فيه الطبقات الثلاث ، وإذا تحقّق فيه طبقتان من دون تحقّق واسطة ، فيشترط استواؤهما في إفادة العلم ولا حاجة إلى ذكر الواسطة ، وإن كان المخبرون هم المشاهدين ، فينتفي هذا الشرط رأسا.
الثاني اثنان :
الأوّل : أن لا يسبق الخبر المتواتر تقليد ، أو شبهة للسامع. وهذا الشرط قد تفرّد بذكره المرتضى (رحمه الله) (5) ، وتبعه أعيان المتأخّرين عنه (6). وهو حقّ.
ويدلّ على اعتباره نقلا : قوله تعالى : {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]. وعقلا : كون كلّ واحد من الشبهة والتقليد في القلب بمنزلة معارض قويّ لما يفيده العلم ، فيمنعه من أن يؤثّر أثره فيه.
وبه يندفع ما يحتجّ به مخالفونا من أنّه لو تواتر معجزات النبيّ أو (6) النصوص على خلافة عليّ (عليه السلام) لحصل لنا العلم (7).
الثاني : أن لا يكون السامع عالما بمدلول الخبر ضرورة ، بأن يكون مشاهدا له ؛ لاستلزامه تحصيل الحاصل.
وفيه نظر ، أمّا على التعريف الأخير (8) المذكور للمتواتر ، فظاهر ؛ لعدم اعتبار إفادة العلم فيه. وأمّا على التعريف الأوّل (9) له ؛ فلأنّ العلم الحاصل من الخبر مخالف بالنوع للعلم الحاصل من المشاهدة ، فلا يلزم تحصيل الحاصل.
وهنا شروط فاسدة اعتبرها بعض الناس (10) أعرضنا عن ذكرها لعدم الفائدة فيه.
تتمّة :
قيل : كلّ عدد أفاد خبرهم علما بقضيّة لشخص فمثله يفيد العلم بها (11) لشخص آخر ، وبغيرها لكلّ منهما (12).
وغير خفيّ أنّ هذا يتوقّف على تساوي المخبرين والقضيّة والسامع من كلّ وجه ؛ لما عرفت (13) من أنّ الخبر يختلف في إفادة العلم باختلافها ؛ وتساويها من كلّ وجه نادر. نعم ، مع فرض تحقّقه (14) يفيد العلم.
ويتفرّع عليه : جواز عمل الحاكم ـ بناء على القول بجواز العمل بعلمه كما هو الحقّ ـ بإخبار (15) جماعة في واقعة ، وعدم العمل بإخبارهم (16) في واقعة اخرى ، وبإخبار (17) مثلهم في الاولى والاخرى. وكذا يجوز حصول العلم من إخبار (18) جماعة لحاكم دون آخر.
المتواتر إمّا لفظي ، وقد عرفته (19).
وإمّا معنوي ، وهو المعنى الكلّي الذي كان قدرا مشتركا بين أخبار جماعة كثيرة يمتنع تواطؤهم على الكذب في وقائع مختلفة.
فكلّ واحد من هذه الأخبار وإن لم يبلغ حدّ التواتر إلاّ أنّ هذا المعنى الكلّي المشترك بين جميعها متواتر ؛ لأنّ كلّ واحد منها يدلّ عليه بجهة التضمّن ، أو الالتزام.
وذلك كشجاعة عليّ (عليه السلام )؛ فإنّه قد نقل منه (عليه السلام) وقائع مختلفة من الغزوات يدلّ كلّ واحدة منها على شجاعته ، كغزوة خيبر ، واحد ، وبدر ، وغيرها ، فكلّ واحدة منها إن لم يكن متواترا ، فلا شكّ في تواتر القدر المشترك بينها وهو الشجاعة. وكذا الحكم في سخاوته (عليه السلام) ، وسخاوة حاتم. ويمكن فتح هذا الباب في معجزات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مماشاة للخصم ؛ لأنّه كاف للمطلوب.
____________
(1) في « ب » : « تنبيه ».
(2) أجاب به الباجي في إحكام الفصول : 246.
(3) راجع : الإحكام في أصول الأحكام 2 : 37 و 38 ، والمحصول 4 : 265 و 266 ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : 70 ، وشرح مختصر المنتهى 1 : 154.
(4) ذهب إليه ابن الحاجب في منتهى الوصول : 69 وفي مختصر المنتهى : 153 ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى 1 : 153.
(5) الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 491.
(6) كالعلاّمة في نهاية الوصول إلى علم الأصول 3 : 319 ـ 320 ، والشيخ حسن في معالم الدين : 186.
(7) في « ب » : « و ».
(8) راجع المحصول 4 : 259.
(9) وهو أخبار جماعة يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب. راجع ص 216.
(10) وهو تعريف المتواتر بإفادته العلم. راجع ص 216.
(11) راجع : منتهى الوصول لابن الحاجب : 70 ، وشرح مختصر المنتهى 1 : 155.
(12) لم يرد في « ب » : « بها ».
(13) نسبه الآمدي إلى القاضي أبي بكر وأبي الحسين البصري في الإحكام في أصول الأحكام 2 : 42 ، وابن الحاجب في منتهى الوصول : 71 ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى 1 : 155.
(14) راجع ص 221.
(15) أي تحقّق التساوي.
(16 ـ 18) يجوز فتح الهمزة أيضا.
(19) تقدّم في ص 216.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
اللجنتان العلمية والتحضيرية تناقش ملخصات الأبحاث المقدمة لمؤتمر العميد العالمي السابع
|
|
|