أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
![]()
التاريخ: 8-8-2016
![]()
التاريخ: 9-8-2016
![]()
التاريخ: 31-8-2016
![]() |
الواجب المعيّن ما تعلّق الوجوب به بخصوصه ، كالصلاة ، والصوم ، وأمثالهما.
والواجب المخيّر ما عيّن له الشارع بدلا من غير نوعه اختيارا.
وبالقيدين الأخيرين (1) يخرج الموسّع والكفائي ، والغسل والوضوء إذا لم يمكنا.
وتحقيق المقام : أنّ المأمور به في الواجب التخييري أمر كلّي له أفراد متعدّدة ، أيّها حصلت (2) في الخارج ، يكون الكلّي في ضمنها (3) ؛ فالمأمور به في الكفّارة إحدى الخصال الذي هو قدر مشترك بين جميعها ، وأيّتها وجدت يتحقّق القدر المشترك فيها ، فلا يجب فعل كلّ واحد من الأفراد ؛ لتحقّق المأمور به بدونه ، ولا فعل واحد معيّن منها ؛ لعدم تعلّق الوجوب به بخصوصه ، ولا يجوز الإخلال بكلّ واحد منها لا إلى بدل ؛ لعدم تحقّق المأمور به حينئذ ؛ فالواجب حينئذ واحد منها لا على التعيين. فالتخيير حينئذ بين الأفراد ، بمعنى أنّ المكلّف مخيّر بين كلّ واحد منها وبين الأفراد الأخر ، وأيّها فعل كان واجبا بالأصالة ، ولا يتخيّر بين المأمور به الذي هو القدر المشترك والمفهوم الكلّي ؛ لأنّه أمر واحد لا تعدّد فيه حتّى يعقل التخيير فيه. وهذا هو الذي اختاره أصحابنا (4) ورؤساء المعتزلة (5).
والدليل عليه الإجماع ، والتنصيص عليه في موارد مخصوصة ، وهي لا تحتمل سوى التخيير؛ لأنّه إذا قال رجل لغيره : « افعل أحد هذين ، واختر أيّهما شئت ، ولا يجوز لك تركهما معا ، ولا يجب عليك فعلهما معا » لا يفهم منه سوى التخيير بالمعنى الذي ذكرناه.
وذهب الأشاعرة إلى أنّ الواجب واحد غير معيّن يتعيّن بفعل المكلّف (6). والظاهر ـ كما قال الإمام الرازي (7) ـ إنّ هذا راجع إلى مذهب التخيير ، فلا نزاع معنى. ولو أرادوا غيره ، فلا ريب في بطلانه.
وقال بعض المعتزلة : الواجب هو الجميع ، ولكن يسقط بواحد (8).
ويدلّ على فساده أنّه لو وجب الجميع ، لكان اللازم الإتيان به ، ولم يبق للتخيير حينئذ معنى. ولا أدري من أين يفهم من موارد التخيير وجوب الجميع وإسقاطه بواحد ؛ فإنّه لا دلالة عليه بواحدة من الثلاث.
وقال بعض : إنّ الواجب واحد معيّن ، لكن يسقط به وبكلّ واحد من الأفراد الأخر (9).
وظهر بطلانه ممّا ذكرنا.
وهنا مذهب آخر ينسبه كلّ من الأشاعرة والمعتزلة إلى الآخر ، واتّفقا على بطلانه ، وهو أنّ الواجب واحد معيّن عند الله ، مبهم عندنا (10).
ووجه ظهور سخافته : أنّ الواجب إذا كان معيّنا عند الله ، فلا معنى لأن يخيّر عباده بينه وبين غيره.
ثمّ اورد (11) على مذهب التخيير بأنّه لا معنى لتعلّق التكليف بالمبهم ؛ لاستحالة إيقاعه.
والجواب ـ كما أشرنا إليه (12) : أنّ التكليف إنّما تعلّق بالمعيّن ، وهو الأمر الكلّي الصادق على كلّ واحد من الأفراد ، وكون الواحد المبهم واجبا إنّما هو لأجل اشتماله على هذا الأمر الكلّي.
واورد شبه آخر واهية ، وأجوبتها ظاهرة (13).
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه يتفرّع عليه أنّ المكلّف إذا أتى بجميع أفراد الواجب المخيّر معا دفعة، فهل يوصف المجموع بالوجوب ؛ نظرا إلى عدم رجحان بعضها ، فيكون المسقط للفرض جميعها ؛ لأنّه أيضا من أحد الأفراد ، فيثاب المكلّف على الجميع ثواب واجب. أو يكون كلّ واحد منها مسقطا للفرض ، ويوصف كلّ واحد منها بالوجوب ، فيثاب على كلّ واحد ثواب واجب. أو يكون الواجب أحد الأفراد إذا تساوت ، وأدناها أو أعلاها إذا تفاوتت ، فيثاب عليه ثواب الواجب ، وعلى البواقي ثواب التطوّع (14)؟
قيل : الموصوف بالوجوب ليس إلاّ واحدا منها ، وهو الذي يتحقّق به مسمّاه ؛ لأنّ الشارع لم يطلب منّا سواه ، فيثاب عليه ثواب الواجب ، وعلى البواقي ثواب المستحبّ (15).
وفيه تأمّل ؛ لأنّ الشارع وإن لم يطلب منّا سوى ما يتحقّق به مسمّى الوجوب ، إلاّ أنّه تحقّق في الفرض المذكور في جميع الأفراد ، فيجب أن يكون ثوابه ثواب الواجب. وإن أتى بالأفراد على التعاقب ، فلا تأمّل في كون ما أتى به أوّلا واجبا ، فثواب البواقي ليس إلاّ مستحبّا.
ثمّ إنّ بعض الأفراد إذا كان داخلا في بعض آخر ، كمسح الرأس في الوضوء ـ حيث إنّ بعض أفراده المسح بإصبع واحدة ، وهو داخل في المسح بثلاث مثلا وأتى المكلّف بالفرد الأكمل ـ فالحقّ هنا أنّه يوصف بالوجوب ؛ لأنّ الواجب هو الماهيّة الكلّيّة التي يمكن أن تتحقّق في الفرد الناقص والكامل ، وهنا تحقّقت في الكامل ، فيتّصف بالوجوب ، ويثاب عليه ثواب الواجب.
ومن قال : إنّ القدر الزائد مستحبّ (16) ، فنظره إلى أنّه ليس بواجب. وجوابه معلوم.
وإذا ترك جميع الأفراد، فلا شبهة في أنّه لا يعاقب إلاّ على أقلّها ؛ لأنّه لم يطلب سواه.
وممّا يتفرّع عليه : أنّه إذا أوصى رجل بفرد معيّن من أفراد الكفّارة ، وكان أعلى الأفراد ، فهل يحسب من الأصل ؛ نظرا إلى أنّه لو أتى به اتّصف بالوجوب ، أو يحسب الزيادة من الثلث ؛ نظرا إلى أنّ الواجب أقلّ منه؟ والظاهر ، الثاني.
تذنيب :
يصحّ التخيير بين الواجب والندب ، وهذا ما يقال : إنّ أحد الفردين أفضل ، كالتخيير بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر على القول به ، والتخيير بين القصر والإتمام في المواطن الأربعة (17)، وتخيير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في قيام الليل بين الثلث والنصف والثلثين (18) ، وتخيير المدين بين الإنظار والصدقة (19) ، وغير ذلك.
ويجوز التخيير بين المندوبين ، كما إذا نذر بأن يفعل أحد الأمرين ، ولم يجر الصيغة ؛ فإنّه يستحبّ الوفاء به ، ويتخيّر بينهما.
ولا يجوز التخيير بين المباح والحرام وفاقا.
وما روي من تخيير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الإسراء بين اللبن والخمر فاختار اللبن ، فقال له جبرئيل : اخترت الفطرة ، ولو اخترت الخمر لغوت أمّتك (20) ، ليس تخييرا بين المباح والحرام ؛ لعدم كون الخمر حراما لو اختار. نعم ، كان له سوء عاقبة ، وهذا غير الحرمة.
تتميم :
الحقّ أنّه يصحّ النهي تخييرا ، بمعنى أن يحرّم واحد لا بعينه ، وذلك كتحريم إحدى الاختين جمعا ، وتحريم البنت أو الأمّ ، وتحريم وطء إحدى الأمتين. وهذه المسألة كمسألة الوجوب التخييري اختلافا ، وتحقيقا ، ودليلا ، وردّا ، وإيرادا ، وجوابا ، وتفريعا ؛ فلا نطيل الكلام بذكرها.
___________
(1) أي « بخصوصه واختيارا ».
(2) كذا في النسختين والصحيح « حصل ».
(3) كذا في النسختين والصحيح « ضمنه ».
(4) منهم : السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 1 : 88 ، والعلاّمة في مبادئ الوصول : 102 ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : 51 ، القاعدة 9.
(5) منهم البصري في المعتمد 1 : 77 ، ونسبه أيضا إلى أبي علي وأبي هاشم في ص 79 ، والفخر الرازي في المحصول 2 : 159.
(6) حكاه الفخر الرازي في المحصول 2 : 159 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1 : 141 ، والشيخ حسن في معالم الدين : 72.
(7) المحصول 2 : 159.
(8) حكاه الباجي عن محمّد بن خويزمنداد في إحكام الفصول : 97 و 98.
(9) راجع منهاج الاصول ، المطبوع مع نهاية السؤل 1 : 142.
(10) حكاه عنهم الأنصاري في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى 1 : 66 ، والفخر الرازي في المحصول 2 : 160 ، والأسنوي في التمهيد : 79 ، والشيخ حسن في معالم الدين : 72 و 75.
(11) هو ما يسمّى بقول « التراجم » ؛ لأنّ الأشاعرة يرجمون به المعتزلة ويروونه عنهم ، وكذلك المعتزلة يفعلون ، ولا يعلم قائله ، ولكن نسبه الأصفهاني إلى أبي الخطّاب الحنبلي ، راجع : المعتمد 1 : 87 ، والمحصول 2 : 160 ، والإبهاج 1 : 54 ، وسلّم الوصول المطبوع مع نهاية السؤل 1 : 141.
(12) في ص 125.
(13 و 14) راجع تمهيد القواعد : 52 ، القاعدة 9.
(15) المصدر : 59 ، القاعدة 12.
(16) راجع تمهيد القواعد : 59 و 60 ، القاعدة 12.
(17) هي المسجد الحرام ، ومسجد النبيّ ، والحائر الحسيني ، ومسجد الكوفة.
(18) كما يستفاد ذلك من الآيات 1 ـ 4 من المزّمّل (73).
(19) كما يدلّ عليه قوله تعالى : {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 280]
(20) انظر صحيح مسلم 1 : 145 ، ح 259 / 162.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
أصواتٌ قرآنية واعدة .. أكثر من 80 برعماً يشارك في المحفل القرآني الرمضاني بالصحن الحيدري الشريف
|
|
|