أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016
1604
التاريخ: 29-8-2016
1633
التاريخ: 30-8-2016
1745
التاريخ: 31-8-2016
1543
|
في ألفاظ الإشارة:
إنّك إذا راجعت وجدانك وأحفيت الحقيقة من موارد استعمال ألفاظ الإشارة وأخواتها تجد : أنّ ما زعمه القوم ـ من الاُدباء وغيرهم ـ في توضيح معانيها بعيد عن الصواب ، وغير خال عن التعسّف ; إذ هم قائلون بأنّ لفظة «هذا» مثلا موضوعة لنفس المشار إليه ـ أعني المفرد المذكّر(1) ـ وإن كان بعض تعبيراتهم أيضاً يناسب ما اخترناه ، وكذلك الضمائر الغائبة ; فإنّها عندهم لأفراد الغائب على اختلافها(2) ، فعليه يكون مفادها معان اسمية مستقلّة .
هذا ، ولكن التحقيق : أ نّها موضوعة لنفس الإشارة ، أعني لإيجادها ، إمّا إلى الحاضر كما في ألفاظ الإشارة ، أو إلى الغائب كما في بعض الضمائر ، فعليه لا يكون المشار إليه داخلا في معناه رأساً ، بل تمام الموضوع له فيها ليس إلاّ نفس الإشارة .
وإحضار المشار إليه في ذهن السامع ـ على اختلاف في المتعلّق ـ تبعي ، كإحضاره بإشارة الأخرس ، من غير أن يكون دخيلا في الموضوع له فالإشارة إلى الحاضر لا تتوقّف إلاّ على حضور المشار إليه حقيقة وحكماً ، كما أنّ الإشارة إلى الغائب تحتاج إلى كونه معهوداً أو مذكوراً من قبل حتّى يمكن الإشارة إليه . وعلى هذا فيندرج تلك الألفاظ برمّتها في باب الحروف ، وتنسلك في عداد مفاهيمها ; من حيث عدم الاستقلال مفهوماً ووجوداً .
والدليل عليه ـ مضافاً إلى أنّ العرف ببابك ـ أ نّك لا تجد فرقاً في إحضار الموضوع بين الإشارة إليه بالإصبع وبين ذكر اسم الإشارة المناسب ، بل ربّما يقوم أحدهما مقام الآخر عند عدم التمكّن منه ، كما في إشارة الأخرس .
فترى أنّ الجميع ـ بميزان واحد ـ آلة لإيجاد الإشارة ، من غير فرق بينها . غاية الأمر : أنّه يترتّب عليه إحضار المشار إليه في الذهن قهراً ، من دون أن يكون الوضع منحدراً عليه . وقد أشار إلى ما ذكرنا بعض الأجلّة ، دام ظلّه(3) .
وصحّة التركيب ووقوعها مخبراً عنها في قولنا «هذا قائم» و« هو قائم» وأشباههما لا تثبت ما راموه ; إذ لا نسلّم أنّ المخبر عنه في هذه الموارد هو مفاد هذه الكلمات ، بل المشار بها إليه .
فترى الفرق بين قولنا «زيد قائم» وبين «هذا قائم» أو «هو قائم» ، فلفظة زيد في الأوّل تحكي عن المحكوم عليه ; حكاية اللفظ عن معناه الموضوع له ، بخلافهما ; فإنّهما يحضران المحكوم عليه في ذهن السامع ، كما في الإشارة بالإصبع ، من غير أن يكونا موضوعين له ، ومن دون أن يكون دلالتهما عليه من قبيل حكاية اللفظ عن معناه .
نعم ، يفترق الثاني عن الثالث بالإشارة إلى الحاضر والإيماء إلى الغائب ، ولعلّه إلى ما ذكرنا ينظر قول ابن مالك في «ألفيته» :
بـذا لمفـرد مـذكّــر أشــر بذي وذه تي تا على الاُنثى اقتصر
ولا يشذّ عن ذلك لسان الفُرس وغيرهم ; حيث ترى مرادفاتها في تلك الألسنة أيضاً كذلك .
في الموصولات:
الظاهر : أنّها لا تفترق عن ألفاظ الإشارة وأخواتها في أنّها موضوعة لنفس الإشارة إلى المبهم المتعقّب بصفة ترفع إبهامه ، فتفترق عمّا تقدّم بالتفاوت في المشار إليه ، كما تفترق أسماء الإشارة ـ على قولهم ـ وحروف الإشارة ـ على المختار ـ عن ضمائر الغيبة به أيضاً .
نعم ، هنا احتمال آخر ربّما يصعب تصوّره ، ولا يبعد أن يكون هو المتبادر منها عند إطلاقها ; وهو أن يقال : إنّها موضوعة لإيجاد الإشارة إلى مبهم يتوقّع رفع إبهامه ; بحيث يكون عملها أمرين : أحدهما أصل الإشارة ، وثانيهما إفهام المشار إليه المتوقّع للتوصيف ، فيكون معنى «الذي» و«التي» معنى مبهم مشار إليه بإيجاد الإشارة إليه ، فتكون الموصولات متضمّنة للمعنى الحرفي ، وهذا وإن يصعب تصوّره ، لكن بعد التصوّر يسهل تصديقه ويفترق عن أسماء الإشارة .
هذا في غير «من» و «ما» و «أيّ» ، وأمّا فيها فالظاهر : أنّها أسماء وضعت لعناوين مبهمة، والأمر سهل .
في الضمائر:
وأمّا ضمائر الخطاب والتكلّم فليست للإشارة قطعاً ـ متّصلها ومنفصلها ـ بل الثاني موضوع لنفس المتكلّم بهويته المعيّنة ، كما أنّ الأوّل موضوع للمخاطب بهويته الشخصية ، ولجميع هذه مرادفات في جميع الألسنة تعطي معناها .
وأمّا حال الوضع من خصوص الموضوع له أو عمومه : فما كان من سنخ المعاني الحرفية ـ ومنها الإشارة ـ فإنّها بالحمل الشائع ممّا تتحصّل وتتقوّم بالمشير والمشار إليه ، ولا يمكن تعقّلها بذاتها ، ولا يستقلّ وجودها في الخارج ، كما لا يمكن إحضارها في ذهن السامع كذلك .
وقد عرفت : أنّها بهذا المعنى هي الموضوع له لألفاظ الإشارة ، فعندئذ : لا يجد الباحث ملجأً في مقام تحقيق وضعها إلاّ القول بخصوص الموضوع له فيها ; لامتناع الجامع الحرفي ; أي ما يكون ربطاً ومتدلّياً بالحمل الصناعي بين المعاني الحرفية ، لا ذهناً ولا خارجاً ، كما تقدّم(4) .
ولا تقصر الموصولات عن ذلك ; إذ هي على كلا المعنيين من سنخ الحروف ـ سواء قلنا بتضمّنها معنى الحرف أم لا ـ لكن تفترق ضمائر التكلّم والخطاب عنها وعن أشباهها في كون مفادها معان اسمية مستقلّة ، إلاّ أ نّهما متّحدان حكماً ; إذ المتبادر منهما هو الهوية الشخصية ، لا مفهوم المتكلّم أو المخاطب .
فتحصّل : أنّ الموضوع له في الجميع خاصّ بحكم التبادر .
_____________
1 ـ شرح الكافية في النحو 2 : 29 ، البهجة المرضية 1 : 42 ، هداية المسترشدين 1 : 182 ، كفاية الاُصول : 27 .
2 ـ شرح الكافية في النحو 2 : 3 ، البهجة المرضية 1 : 42 ، هداية المسترشدين 1 : 182 ـ 183 ، كفاية الاُصول :
3 ـ نهاية الاُصول : 25 ـ 26 .7 .
4ـ تقدّم في الصفحة 46 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|