المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



المعتمد بن عباد  
  
2491   08:38 صباحاً   التاريخ: 24-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص339-341
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015 2929
التاريخ: 28-12-2015 11483
التاريخ: 12-08-2015 1829
التاريخ: 19-06-2015 3839

هو المعتمد محمد بن المعتضد عباد أمير إشبيلية، من سلالة النعمان بن المنذر اللخمي أمير الحيرة في الجاهلية رزق به المعتضد سنة 4٣١ و نشأ في الحلية و الزينة و الترف، و كان المعتضد أديبا مثقفا، فكان طبيعيا أن يعنى بتربيته و أن يحضر له المعلمين من فقهاء و علماء بالعربية و كانت فيه فطنة و ذكاء، و شبّ و تفتحت ملكته الشعرية. و رأى أبوه و هو لا يزال في بواكير شبابه أن يعهد إليه بحكم شلب في الجنوب الغربي للأندلس و كانت تتبعه، و نزل المعتمد فيها بقصر الإمارة المسمّى بقصر الشراجيب، و تعرّف عليه سريعا ابن عمار الشلبي، و كان شابا مثله و فيه مجون، فأغواه و أغراه بالخمر و المجون و السماع، و ترامت إلى أبيه أنباء لهوه، فاستدعاه في نحو العشرين من عمره إلى إشبيلية، و أخذ يدربه على الحكم. و تصادف أن تعرّف سريعا على فتاة تسمى اعتماد مولاة لرميك من أهل إشبيلية، فاستهوته بجمالها و بداهتها الشعرية على نحو ما مرّ بنا في غير هذا الموضع، فاقترن بها، و هي أم أبنائه، و له فيها كثير من أشعاره، و كان أبوه قد استطاع أن يستولي بجانب شلب على مدينة الجزيرة الخضراء الواقعة على زقاق جبل طارق و قرمونة في الشمال الشرقي لإشبيلية و لبلة و باجة في غربيها، و طمح إلى الاستيلاء على مالقة سنة 45٩ من يد باديس الزيري الصنهاجي أمير غرناطة، و أرسل إليها جيشا بقيادة المعتمد فاستولى عليها سريعا، و غرّه ذلك فأفضى إلى لهوه و خمره، و أرسل باديس إليه جيشا باغته و تشتت جيشه و عاد إلى إشبيلية مدحورا. و توفي المعتضد سنة 46١ فأمسك المعتمد بزمام الحكم، و جاءه ابن عمار فاستوزره و استطاع الاستيلاء على قرطبة في العام التالي لحكمه. و أخذ يكثر مع ابن عمار من مجالس الأنس و لياليه، كما أخذ يكثر من الاغداق على الشعراء فاجتمع ببابه منهم كثيرون عنى ابن بسام في الذخيرة بالترجمة لغير شاعر منهم. و بينما كان يغاور جيرانه من أمراء الطوائف المسلمين أبناء دينه كان يسالم ألفونس السادس ملك قشتالة و يؤدي إليه الجزية صاغرا كل عام، و حاول ألفونس أن يسلبه بعض ممتلكاته. و كان ضغط النصارى يشتد أيضا على المتوكل صاحب بطليوس في الغرب و على أمير غرناطة عبد اللّه بن بلقين، فأجمع أمرهم-مع الفقهاء-على استدعاء يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، و لبّاهم و كتب لهم معه النصر المؤزر في الزلاقة، و عاد يوسف إلى بلاده، و عاد المعتمد و غيره من أمراء الطوائف إلى اللهو و القصف و الانغماس في اللذات، فاستغاث الفقهاء و أهل الأندلس بابن تاشفين ثانية كي يخلص الأندلس من حكم هؤلاء الأمراء الذين مزّقوها في يد كل منهم مزقة مع ما يستنزفونه من طيباتها في الخمر و المجون. و عبر يوسف الزقاق، و استسلم سريعا أمير غرناطة، أما المعتمد فأبى الاستسلام و طلب من ألفونس السادس المهزوم في الزلاقة النجدة ضد ابن تاشفين و المرابطين. و كان ذلك جرما فظيعا و خطئا كبيرا لا يحق له بعده أن يظل أميرا في موطنه، و قاوم و لم تنفعه مقاومته فاستسلم، و أمر ابن تاشفين بنفيه مع أهله إلى المغرب، فنقلوا بالسفن من إشبيلية إلى طنجة، و منها إلى مدينة مكناس، و أخيرا إلى أغمات بالقرب من مدينة مراكش، و ظل بها مع أسرته، و فيها توفيت زوجته اعتماد الرميكية، و لم يلبث أن توفي سنة 4٨٨ للهجرة بعد نحو أربع سنوات قضاها في منفاه. و طبيعي لشاعر مثله أن يبكي إمارته و دولته و ما كان فيه من عز و سلطان و أبهة و حياة مرفهة، و اسمه ملء الآذان في الأندلس، و الشعراء يغدون عليه و يروحون بفرائد من أمداحهم، و هو يسبغ عليهم عطايا كأنها سحب غدقة منهلّة.

و كل ذلك امّحى و زال، و كأنه كان حلما و استيقظ منه على اليأس و البؤس، و يبكي و يظل يبكي و يذرف الدمع مدرارا، منشدا:

غريب بأرض المغربين أسير    سيبكى عليه منبر و سرير
و تندبه البيض الصّوارم و القنا     و ينهلّ دمع بينهنّ غزير
فياليت شعري هل أبيتنّ ليلة أمامي و خلفي روضة و غدير

بمنبتة الزّيتون مورثة العلا    تغنّى قيان أو ترنّ طيور
بزاهرها السّامي الذّرى جاده الحيا     تشير الثريّا نحونا و نشير

  لقد أصبح غريبا و أسيرا منفيا في المغرب و إن منبر خطابته و عرش إمارته ليبكيانه و تبكي شجاعته السيوف و الرماح، و يتقاطر دمع غزير، و يتساءل هل يمكن أن ينعم ليلة بما كان فيه من بساتين و رياض بإشبيلية بلدة الزيتون و العز و العلا و القيان المغنيات الجميلات و الطيور الصادحات حول قصوره: الزاهر و الثريا و غيرهما مما تأنق في بنيانه. لقد تحولت كل هذه المباهج التي  نعم بها المعتمد في إشبيلية إلى متاعس في أغمات، و حانت منه التفاتة فرأى قمريّة تنوح بفننها و أمامها و كر أو عشّ به حمامتان، و كأنها تبكي أليفها فقال:

بكت أن رأت إلفين ضمّهما وكر     مساء و قد أخنى على إلفها الدّهر
بكت لم ترق دمعا و أسبلت عبرة     يقصّر عنها القطر مهما همى القطر
و ناحت و باحت و استراحت بسرّها      و ما نطقت حرفا يبوح به سرّ
فما لي لا أبكي؟ أم القلب صخرة     و كم صخرة في الأرض يجري بها نهر
بكت واحدا لم يشجها غير فقده      و أبكى لألاّف عديدهم كثر

  و هو يقول إن القمرية بكت حين رأت إلفين في وكر، بينما هي فقدت إلفها، فهي تبكيه بدمع مترقرق في جفونها لا يبلغ تعبيره في الحزن و الشجا القطر مهما همى و سال. و يقول كأنما نواحها أراحها من سرها الدفين سر حزنها على إلفها الذي فقدته، و يخاطب نفسه لماذا لا أبكي ؟ هل أنا صخرة؟ و مع ذلك فالصخر تتشقق منه-و تجري به-الأنهار و المياه الغزيرة، و لقد بكت واحدا شجاها و أحزنها فقده، و حرى بي أن أبكي ألاّفي و خلاّني الذين يخطئهم العد. و يمر به سرب قطا فيهيج وجده و يحرّك شوقه، و يتمنى لو كان مثله حرا ينطلق كما شاء، و يدعو له منشدا:

ألا عصم اللّه القطا في فراخها    فإنّ فراخي خانها الماء و الظّلّ
فهو يدعو لكل قطاة أن يعصمها اللّه في فراخها فلا تصاب بظمأ و لا بمسغبة و لا بعناء كما أصيب أولاده من بنين و بنات. و للمعتمد أشعار أخرى كثيرة تصور لوعته لفقده ملكه و حرقة فؤاده على فلذات كبده.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.