المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مفهوم دراسة موضوع الحديث
18-4-2022
طرقات الأعمدة الواقعة في الجنوب والجنوب الشرقي.
2024-10-15
الاستراتيجية والسياسة والخطط الإعلامية للأعداء
14-6-2019
عوامل التقليد الأعمى‏
24-11-2015
The nature of A-bar movement
2023-02-27
السجود الواجب والمحرم والمستحب
30-9-2016


ابن أبي الخصال  
  
4224   01:02 مساءاً   التاريخ: 22-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص409-413
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015 2496
التاريخ: 30-12-2015 14311
التاريخ: 30-12-2015 5596
التاريخ: 23-3-2016 2176

هو أبو عبد اللّه محمد بن مسعود الغافقي الشّقوري المعروف بابن أبي الخصال، المولود سنة 465 بفرغليط إحدى قرى شقورة من إقليم جيان غربي مرسية. سكن قرطبة، و درس على شيوخها، و نهل من حلقاتهم ما جعله متفننا في العلوم مستبحرا في الآداب و اللغات، عالما بالأخبار و معاني الحديث و الآثار و السير و الأشعار. و يضيف ابن بشكوال إلى ذلك أنه «كان مفخرة وقته و جمال جماعته، حسن العشرة، واسع المبرة، من أهل الخصال الباهرة و الأذهان الثاقبة، فصيح اللسان، حسن البيان، حلو الكلام أحد رجال الكمال، و له تآليف حسان» منها كتاب «سراج الأدب» و كتاب «ظل الغمامة و طوق الحمامة» في مناقب من خصّه الرسول عليه الصلاة و السلام من صحابته بالكرامة، و أحلّه بشهادته الصادقة دار المقامة. و كان كاتبا بليغا و شاعرا محسنا، و له قصيدة طويلة في نسب الرسول صلى اللّه عليه و سلم سماها «معراج المناقب و منهاج الحسب الثاقب» . و له بجانب ذلك رسائله الديوانية و الشخصية البديعة، و يقول صاحب المعجب: «له ديوان رسائل يدور بأيدى أدباء أهل الأندلس قد جعلوه مثالا يحتذونه، و نصبوه إماما يقتفونه» و يقول صاحب المطرب إن نظمه الرائق و ترسله الفائق يقع في خمس مجلدات.

و لم يلتحق بديوان أحد من أمراء الطوائف، و أول مرابطي التحق بديوانه محمد بن الحاج القائد المرابطي والى يوسف بن تاشفين على قرطبة، و كان يسند إليه أحيانا قيادة الجيوش التي تنازل نصارى الشمال، و ولاه في سنة 4٩٧ على غرناطة، و عزله عنها في السنة التالية، إذ أبقاه للجيوش المحاربة. و حين تحولت مقاليد الحكم بعد يوسف إلى ابنه علي ولاه على فاس سنة 5٠١ و على بلنسية سنة 5٠٣ و ظل ينازل ألفونس ملك أراجون بالقرب من سرقسطة محاميا عنها و مدافعا حتى وفاته سنة 5٠٨. و إنما ذكرنا ذلك كله عن محمد بن الحاج؛ لأننا نظن أن ابن أبي الخصال ظل كاتبا له حتى مطالع القرن الخامس الهجري، و حتى استدعاه علي بن يوسف أمير المرابطين للعمل في ديوانه بمراكش، و سنرى عما قليل أنه كتب عنه رسالة سنة 5٠٧ و لا نعرف بالضبط متى استدعاه أو متى بدأ العمل في هذا الديوان. و يقول ابن بسام: إنه كاتبه سنة 5٠٣ ليرسل له مقتطفات من نثره و شعره يسجلها في كتاب الذخيرة، و يذكر أنه أرسل له هذه الرسالة و هو مجتاز بإشبيلية في جملة العسكر، و إذا عرفنا أن علي بن يوسف قاد جيشا في تلك السنة اتجه به إلى طليطلة و فتح عدة مدن و حصون بينها طلبيرة رجحنا أن يكون ابن أبي الخصال رافقه في جملة هذا العسكر أو هذا الجيش و كان معه ابن حمدين قاضي قرطبة، و ربما التحق فعلا بديوانه في هذه السنة أو قبلها بقليل. و ظل يحظى عند علي بن يوسف بمنزلة أثيرة، و عينّ أخاه أبا مروان معه في الديوان، و ما زالا يكتبان عن علي، و هو راض عنهما كل الرضا حتى غزا ألفونس المحارب رذمير صاحب أراجون في الشمال إقليم بلنسية سنة 5٢٣ و نهضت له منها حشود ضخمة من الأندلسيين و من المرابطين، و التقى الجمعان عند قلعة قلييرة بمقربة من جزيرة شقر، و كانت الدائرة على المرابطين و الأندلسيين، و فقدوا اثنى عشر ألفا بين قتيل و أسير يقول ابن القطان: «و بلغ ذلك علي بن يوسف فغاظه، و أمر بالكتابة إلى جنود لمتونة (المرابطين) في بلنسية بالخزي، فكتب ابن أبي الخصال عنه إليهم بكل تنكيل و خزى )1)» و أفحش أبو مروان عليهم في رسالته بقوله في بعض فصولها: «أي بني اللئيمة و أعيار الهزيمة، إلام يزيّفكم الناقد (2)، و يردكم الفارس الواحد؟ فليت لكم بارتباط الخيول ضأنا لها حالب قاعد، لقد آن أن نوسعكم عقابا و أن لا تلوثوا )3)على وجه نقابا، و أن نعيدكم إلى صحرائكم، و نطهّر الجزيرة من رحضائكم (4)» . و هي مبالغة في الإفحاش على جيش المرابطين المجاهد في الأندلس، مما أحنق علي بن يوسف، فأخّر أبا مروان عن كتابته. و يقول صاحب المعجب: إن علي بن يوسف راجع أبا عبد اللّه بن أبي الخصال فيما كتب أخوه و أن أبا عبد اللّه استعفاه فأعفاه و رجع إلى قرطبة بعد ما مات أخوه أبو مروان بمراكش» و أخوه إنما توفى سنة 5٣٩ مما يدل-في رأينا-على أن علي بن يوسف لم يقبل استقالتهما من ديوان الكتابة و أنهما ظلا يعملان فيه حتى وفاة علي بن يوسف سنة 5٣٧ على الأرجح، و ربما عملا فيه بعد وفاته إلى أن توفى أبو مروان، فعاد أبو عبد اللّه إلى قرطبة، و لازم داره بها حتى توفى سنة 54٠.

و لأبي عبد اللّه رسائل شخصية و مواعظ و وصف نثري للطبيعة و مقامة،و حسبنا الآن أن نعرض لرسالتين اخترناهما من رسائله الديوانية كتب أولاهما في سنة 5٠٧، و هي موجهة إلى أهل الأندلس للحض على الجهاد و إعلامهم أن أمير المسلمين على بن تاشفين عزم على خوض معارك ضارية مع النصارى الشماليين و في فاتحتها يقول:

«كتابنا-أعزّكم اللّه-بتقواه، و كنفكم بظلّ ذراه، و وفّر حظوظكم من حسناه، من حضرة مراكش-حرسها اللّه-يوم الاثنين منتصف شوال من سنة سبع و خمسمائة بين يدي حركتنا يمّن اللّه فاتحتها و عقباها، و قد قرعنا الظّنابيب (5)، و أشرعنا الأنابيب (6)، و ضمّرنا اليعاسيب(7)، و استنفرنا البعيد و القريب، مستشعرين إخلاص نية، و صدق حميّة، في نصر دين الإسلام، و منع جانبه أن يضام، أو يناله من عدوه اهتضام (8)، و نحن و إن كنا قد بالغنا في الاحتشاد و الاستعداد، و استنهضنا من الأجناد، ما يربى على الحصى و التّعداد، فإنا نعتقد اعتقاد يقين، بقول ربّ العالمين، في كتابه المبين قُلْ مٰا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لاٰ دُعٰاؤُكُمْ أن استنفار الدعاء، و استفتاح أبواب السماء، بخالص الثناء، من أنفع الأشياء، و أنجح الدواء، فيما أعضل (9)من الأدواء» .

و كانت هذه السنة حقا من السنوات التي أبلى فيها المرابطون بلاء عظيما في قتال نصارى الشمال سواء نصارى أراجون أو برشلونة أو القشتاليين. و إنه لمما يحمد لهم و لعلي بن يوسف أنهم ظلوا لا يغمدون سيوفهم أبدا و ظلوا يواجهون أعداءهم منزلين بهم ضربات قاصمة، و كان النصارى أحيانا ينتصرون في بعض الوقائع، و لكن سرعان ما كان المرابطون يأخذون ثأرهم، و يكيلون لهم الصاع صاعين. و في أثناء ذلك كتب المعاهدون من النصارى من أهل الذمة-و خاصة في غرناطة-إلى الملك النصراني ألفونس بن رذمير ملك أراجون يدعونه للاستيلاء على ما بيد أهل الأندلس من البلدان، فلباهم في أواخر شعبان سنة 5١٩ و قاد جيشا كثيفا اخترق البلاد من سرقسطة إلى غرناطة، و هاجم كل ما في طريقه من بلدان مثل دانية و مرسية و وادى آش و حاصر غرناطة غير أنه اضطر إلى فك الحصار عنها، و كان قد واقعه المرابطون بجوار اليسانة بالقرب من قرطبة و لم يكتب لهم النصر، و مضى على وجهه مخترقا إقليم البشرّات و مالقة إلى البحر المتوسط، و اتجه إلى الشمال عائدا إلى موطنه (10) . و كان قد ظل في هذه الحملة نحو سنة يعيث في الأندلس مما أغضب أهلها أشد الغضب، و خاصة على المعاهدين من أهل الذمة الذين يعايشونهم لا لأنهم كاتبوا ملك أراجون فحسب بل أيضا لأنهم كانوا يشدون أزره أينما توجه و يدلونه على عورات البلاد و يبذلون له كل عون. و كان يزيد في غضبهم شيء من تقاعس تميم بن يوسف بن تاشفين والى غرناطة و قرطبة في تلك السنة. و انتدب أبو الوليد بن رشد الفقيه الكبير جد الفيلسوف ابن رشد نفسه للوفود على أمير المرابطين علي بن يوسف بمراكش و إطلاعه على صنيع المعاهدين من أهل الذمة و استدعائهم لملك أراجون و عونهم له في حملته مما نقضوا به العهد الموثّق بينهم و بين المسلمين «و أفتى بتغريبهم عن أوطانهم) 11)» و وعده علي بن يوسف أن يأخذ بفتواه، و أمر ابن أبي الخصال أن يكتب إلى أهل الأندلس-و خاصة أهل غرناطة و قرطبة-يطمئنهم بأنه سيتخذ من الإجراءات ما يرضيهم، و صدع ابن أبي الخصال بأمره، و كتب إليهم رسالة ضافية جاء فيها:

«وفد إلينا، و ورد علينا، الفقيه الأجّل المشاور أبو الوليد بن رشد، فبسط لدينا شأن تلك الجزيرة-كلأها اللّه-و جلاّه، و وصف من حالها ما أصخنا له حتى استوفاه، و جال بميدان البيان أفصح مجال، و عرض الأمور في معرضها بأبلغ مقال. . و لن نألو)12)جهدا مبذولا، و جدّا حفيلا، و عزما لا نابيا و لا كليلا(13)، فيما ندرأ و ندفع، و نذود عن حوزة (14)الملة و نمنع، و ندأب لذلك الدّأب الحثيث )15)، نتبع القديم فيه بالحديث، و ننصب له النّصب الذي ليس حبله السّحيل (16)و لا الّنكيث(17)، و لا يشغلنا عنه شاغل و إن أهمّ، بل نصرف نحو جنابكم الحزم الأتمّ الأهم، و جهد الكفاية مادهم حادث و ألمّ، فاستشعروا أن أموركم إزاء ناظر اهتبالنا (18)، و من آكد مؤكّدات أشغالنا، و قد عاين الفقيه الأجلّ المتقدم الذكر، حقيقة الأمر، و سيبلغكم ذلك عنه فلا تكونوا في ريب منه، و اللّه تعالى يعيننا على ما نحن بصدده، و يمنحنا من تأييده ما يعزّ الإسلام و يقيم من أوده (19) ، بحوله و طوله، و عدله و فضله» .

و فعلا نفّذ علي بن يوسف فتوى الفقيه ابن رشد، فأمر في رمضان من سنة 5٢٠ بإجلاء المعاهدين من النصارى الذين نقضوا العهود الموثقة إلى مكناسة و سلا و غيرهما من بلدان المغرب، و عزل أخاه تميما عن غرناطة و قرطبة لتقصيره إزاء حملة ابن رذمير.

و إذا كان المرابطون قصّروا-أو أخذ عليهم شيء من التقصير-في مواجهة ابن رذمير فإنهم طالما أبلوا في منازلة النصارى الشماليين و أبلى معهم تميم كما حدث في موقعة أقليش التي انتصروا فيها على جيش ألفونس السادس ملك قشتالة، و فيها كان مصرع ابنه شانجه. و واضح مما اخترناه من كتابات ابن أبي الخصال الديوانية أنه كان كاتبا مجيدا يحسن انتخاب الكلم في نسق محكم من السجع الرصين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١) راجع قسما من نظم الجمان لابن القطان تحقيق د. محمود مكي (طبع الرباط) ص ١١٠ و ما بعدها.

٢) الناقد: الصيرفي الذي يميز النقد الحق من الزائف.

٣(  تلوثوا: تضعوا اللثام شعار لمتونة على وجوهكم.

4) رحضاء: عرق الحمى، و الكناية واضحة.

5) قرع الظنابيب: كناية عن الإسراع للحرب.

6) الأنابيب: الرماح.

٧) اليعاسيب: الخيل.

8) اهتضام: ظلم.

9) أعضل: أعجز. الأدواء: الأمراض.

10) انظر في هذه الحملة الإحاطة (طبعة عنان) ١/١١4، و الحلل الموشية ٧5و تاريخ الأندلس في عهد المرابطين و الموحدين لأشباخ ترجمة عنان ص ١46.

11) الإحاطة ١/١١٩-١٢٠.

1٢) نألو جهدا: نقصر في جهد.

1٣) كليلا: ضعيفا.

14) حوزة الملة: حدودها و جوانبها.

15) الحثيث: السريع.

16) السحيل: المفتول على قوة واحدة فتلا خفيفا.

1٧) النكيث: المنقوض المشعث، ضد المفتول.

18) اهتبالنا: اغتنامنا الفرصة.

1٩) أوده: اعوجاجه.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.