لكل نهر "دورة حياة" مثله في ذلك الحيوان أو النبات (شكل 1) ففي البداية حينما يكون النهر يافعاً في مرحلة الشباب فإنه يتدفق بسرعة في وادي ضيق عميق شديد انحدار الجوانب شكله في هيئة حرف 7، وتعترض قاعة الحفر الوعائية والجنادل والشلالات. وبمرور الزمن تعمل التعرية النهرية على توسيع الوادي وتعميق قاعه. كما يقل انحدار النهر فتتناقص سرعة تياره, وتظهر المنعطفات في مجراه ويزداد وضوحها. ويكون النهر حينئذ قد وصل الى مرحلة النضج.

وتستمر التعرية في عملها فيتسع الوادي اتساعاً عظيماً، ويقل الانحدار كثيراً فتنشط عمليات الارساب. ويلقي النهر بطبقات من الرواسب ويبسطها فوق أرض الوادي كله، فينشأ عن ذلك سهل فسيح هين الانحدار ويعرف بالسهل الفيض. ويترنح النهر في جريانه بطيئاً خلال منعطفات كبيرة(شكل 2), وقد ينفصل ويتفرع الى عدة مجاري تجري في سهله الفيضي متجهة نحو المصب. ويصبح النهر حينئذ في مرحلة شيخوخة (شكل 3). وينشئ الارساب النهري في منطقة المصب أحياناً قطعة من الأرض مثلثة الشكل تعرف بالدلتا.

وتتمثل كل هذه المراحل الثلاث في كثير من الأودية النهرية كنهر النيل ونهر السند ونهر إيراوادي (في بورما). فالجزء من المجرى الذي يقع في المناطق الجبلية ويسمى بالسيل أو بالمجرى الأعلى يمثل مرحلة الشباب، والجزء الأوسط من النهر الذي يعرف بالوادي يمثل مرحلة النضج، بينما تتمثل في الجزء الأدنى من النهر ويعرف بالسهل كل مظاهر مرحلة الشيخوخة. ولا يشترط بالضرورة أن تتمثل كل هذه المراحل الثلاث في كل الأنهار، فكثيراً ما تظهر فيها مرحلة واحدة أو مرحلتان فقط، ومنها الأنهار الجبلية التي تجري من المنابع صوب البحر مباشرة, ويزداد عمق الوادي النهري بواسطة النحت الرأسي، ويزداد اتساعه النحت الجانبي (انظر الاشكال أ، ب، جـ، د، 1) والنحت الرأسي عملية يقوم بها النهر وحده. أما النحت الجانبي فعملية يشترك فيها عاملان:

النهر ذاته ويقوم بنحت جوانب المجرى، والتجوية وتعمل على تفتيت صخور جوانب الوادي. وحينما يكون انحدار النهر شديداً أي حينما يكون النهر في مرحلة الشباب (السيل)، يكون النحت الرأسي هو السائد. وعندما يكون انحدار النهر هينا أي حينما يكون في مرحلة النضج (الوادي) يشيع النحت الجانبي. وحينما يكون انحدار النهر هيناً جداً أي عندما يكون النهر في مرحلة الشيخوخة (السهل) يقل النحت ويعظم الارساب (انظر الاشكال الخاصة بوادي النهر في مختلف مراحله أ، ب، جـ، د، 3).