أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016
1509
التاريخ: 21-4-2016
2916
التاريخ: 29/10/2022
1667
التاريخ: 3/11/2022
1715
|
الرجالي الذي يقوم بالتوثيق والتضعيف تارة يكون من المتقدمين كالنجاشي والشيخ الطوسي وأُخرى يكون من المتأخرين كالعلّامة وابن طاووس.
والذي يراد الإشارة له الآن هو نص بعض الرجاليين المتقدمين على وثاقة شخص، واما نص بعض المتأخرين فتأتي الإشارة له فيما بعد ان شاء الله تعالى. والوجه في حجية توثيق المتقدمين ـ على ما قيل ـ هو ان مثل النجاشي ثقة، وحيث ان خبر الثقة حجة بالسيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع بسبب عدم الردع فتثبت حجية توثيق مثل النجاشي.
والإخبار عن الوثاقة وان كان إخباراً عن موضوع من الموضوعات (1) وليس اخباراً عن حكم شرعي إلّا ان دليل حجية خبر الثقة ـ وهو السيرة العقلائية ـ عام للإخبار عن الموضوع أيضاً خلافاً لبعض حيث اختار اختصاص الحجية بما إذا كان الإخبار عن حكم.
لا يقال: إن خبر الثقة وان كان حجة بالسيرة العقلائية إلّا ان ذلك فيما إذا كان الإخبار اخباراً عن حس دون ما إذا كان عن حدس واجتهاد، ومن الواضح ان النجاشي حينما يوثّق زرارة مثلاً فحيث انه ليس معاصراً له كان اخباره عن وثاقته إخباراً عن حدس لا عن حس.
فانه يقال: إن النجاشي وان لم يكن معاصراً لزرارة إلّا ان إخباره عن وثاقته يحتمل كونه إخباراً عن حس، ومع احتمال كونه عن حس يلزم البناء على ذلك ـ أي كونه اخباراً عن حس ـ لأصالة الحس العقلائية عند دوران الإخبار بين كونه عن حس أو عن حدس.
اذن لنا دعويان لا بدَّ من اثباتهما: ـ
احداهما: ان إخبار النجاشي عن وثاقة زرارة يحتمل كونه عن حس.
ثانيتهما: لا بدَّ من البناء على الحس عند الدوران بينه وبين الحدس.
اما بالنسبة إلى الدعوى الأولى فيمكن ان يقال في اثباتها ان مجرد عدم المعاصرة الزمنية بين زرارة والنجاشي لا يستلزم كون اخباره عن وثاقته إخباراً عن حدس، فنحن نخبر عن وثاقة الشيخ الطوسي والأنصاري والآخوند الخراساني ونظائرهم من علمائنا المتقدمين، ولكن هل ان اخبارنا عن ذلك اخبار عن حدس؟ كلا انه اخبار عن حس، فان وثاقة امثال هؤلاء الأعلام واضحة في زماننا كوضوح الشمس في رابعة النهار.
ونفس الشيء يمكن ان نقوله في توثيق النجاشي لزرارة فان الكتب الرجالية المعدَّة للتوثيق والتضعيف كانت كثيرة في الفترة التي عاشها النجاشي والشيخ الطوسي وحصل الوضوح نتيجة تلك الكتب.
ولعل أول من تصدَّى للتأليف في هذا المجال هو الحسن بن محبوب الراوي الجليل حيث ألفَّ كتابه المعروف بالمشيخة (2) وتلته كتب أخرى على ذلك المنوال.
وقد تصدى الشيخ أغا بزرك الطهراني (قدس سره) بجمع من الَّف في المجال المذكور في كتاب سماه بمصفى المقال ذكر فيه ما يزيد على مائة تأليف.
ومما يؤكد ما نقول تعبير الشيخ الطوسي في عدته حيث قال: «انا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثقت الثقات منهم وضعفت الضعفاء... وصنفوا في ذلك الكتب...».
والنجاشي يعبر احياناً في ترجمة بعض الرواة ويقول: «ذكره اصحاب الرجال».
واما بالنسبة إلى الدعوى الثانية فيمكن ان نقول في اثباتها ان العقلاء إذا اخبرهم ثقة بخبر فلا يأخذون بالتدقيق معه وان اخبارك عن حس أو عن حدس بل مادام يحتمل نشوؤه عن حس فهم يبنون عليه.
هكذا قيل في توجيه توثيقات المتقدمين(3).
اشكال وجواب
ومن خلال ما ذكرناه يتضح اندفاع الاشكالين التاليين: ـ
1- ما افاده الشيخ فخر الدين الطريحي في كتابه المعروف بتمييز المشتركات حيث ذكر ان توثيقات المتقدمين بما انها مبنية على الحدس دون الحس فيشكل الاعتماد عليها.
والجواب: ان احتمال نشوئها عن حس موجود للبيان المتقدم، وبضم اصالة الحس العقلائية يتعين الحكم بكون منشأها الحس.
2- ما اشير إليه في كثير من الكلمات من ان توثيقات المتقدمين وان سلم نشوئها عن حس ومن باب نقل ثقة عن ثقة وكابر عن كابر إلّا ان النجاشي مثلاً حينما يوثق شخصاً لا يذكر اسماء سلسلة من يستند إليه في نقل التوثيق، ومع عدم ذكره لأسمائهم يكون اخباره عن الوثاقة بمثابة الخبر المرسل، وهو ليس حجة.
وان شئت قلت: ان النجاشي نفسه لو كان ينقل حكماً شرعياً عن الإمام بواسطة سلسلة من الثقات من دون اشارة لأسمائهم فهل يقبل نقله ؟كلا بل يكون اخباره مرسلاً وساقطاً عن الحجية لاحتمال ان احد رجال السند له جارح.
فاذا كان اخبار النجاشي لا يُقبل في باب الأحكام إذا كان مرسلاً ومن دون تصريح باسم السلسلة فيلزم ان لا يقبل إذا نقل الوثاقة بشكل مرسل أيضاً لعدم الفرق.
وهذا الاشكال ظريف وقوي حتى قال البعض ان من قدَّم لي حلاً له قدَّمت له جائزة وكنت له شاكراً (4).
والجواب عنه على ضوء ما تقدم: ان وثاقة امثال هؤلاء يمكن ان تكون واضحة كوضوح وثاقة الشيخ الأنصاري والآخوند عندنا، ومع هذا الوضوح لا تكون شهادة النجاشي بوثاقة زرارة اخباراً عن حدس حتى يرد الاشكال بلزوم رفضها لاستنادها إلى الحدس كما ولا تكون من باب اخبار شخص عن شخص ليكون اخباراً مرسلاً بعد جهالة الواسطة بل لشقٍ ثالث غيرهما وهو الوضوح فيندفع الاشكال.
و إذا قيل بان الوضوح لا يمكن ان يكون هو المنشأ للإِخبار و إلّا فكيف نفسر الاختلاف الحاصل بين الشيخ والنجاشي في بعض الحالات فالشيخ قد يوثّق شخصاً والنجاشي يضعفه أو بالعكس.
كان الجواب: ان هذا الاختلاف لا يدل على عدم الوضوح، ففي زماننا هذا قد أختلف انا وأنت في شخص معين معاصر لنا فأحدنا يوثقه والآخر يفسقه وكل منا يرى وضوح ما يدعيه.
هذا ما قيل في دفع الاشكال المذكور ونعود ان شاء الله تعالى له ثانية عند التحدث عن النقطة الثالثة المتكفلة للبحث عن الوجه في حجية قول الرجالي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- فان وثاقة الراوي موضوع للحكم بوجوب تصديقه شرعاً، فالحكم الشرعي هو وجوب التصديق، والوثاقة موضوع له.
2- على وزن مفعلة. وهو جمع شيخ.
3- راجع معجم رجال الحديث 1: 41.
4- راجع كتاب بحوث في علم الرجال للمحسني: ص 45.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|