أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016
4738
التاريخ: 21-4-2016
2481
التاريخ: 21-4-2016
2501
التاريخ: 7/9/2022
1751
|
في بيان الحاجة الى علم الرجال اعلم انه بعد ابطال القول بقطعية صدور اخبار الكتاب الاربعة فضلا عن غيرها كما ادعاه الشيخ الحر في آخر وسائله فانه لم يقتصر على الكتب الاربعة بل اضاف كثيرا من الكتب تعرض لذكرها هناك وادعى قطعيتها واقام على ذلك ادلة كثيرة حسب انها تدل على ذلك واتعب نفسه في ذلك تعبا شديدا ونحن لما لاحظناها وتأملنا على كثرتها - لم نجد فيها ما يدل على مدعاه بل غاية ما تدل على الظن بها والوثوق في الجملة ولما قامت الادلة الاربعة على حرمة العمل بالظن فلا بد من الرجوع الى ما هو الحجة ولما كانت الاخبار في كمال الغش إذ فيها المكذوب والصحيح والحسن والموثق والضعيف والوارد للتقية الى غير ذلك كان اللازم على المجتهد تعيين ما هو الحجة عنده وذلك لا يحصل الا بالرجوع الى هذا الفن إذ فيه معرفة الامامي وغيرها والعادل وغيره والموثق وغيره والحسن وغيره والضعيف والرجوع في ذلك الى الغير غير جائز لاحتمال رجوع الغير الى الغير ايضا مع عدم معلومية حاله عندنا فنكون قد عولنا على توثيق من لم نعرف حاله وذلك غير جائز هذا مع ما ترى من الاختلاف فيما بينهم كثير من الرجال أو في الاكثر بل في كثير من الاعاظم فترى هذا يوثق محمد بن سنان بل يجعله في اعلى درجات الوثاقة وآخر يضعفه بل يجعله غاليا وكالمفضل بن عمر الى غير ذلك فان التعويل عليهما والاخذ بهما غير ممكن والتعويل على احدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح فانحصر الامر بالترجيح وهو المطلوب إذ لا يكون الا بالرجوع الى هذا الفن فانه متكفل ببيان احوال الرواة جميعا التي بملاحظتها يحصل الترجيح هذا مع العلم بحصول الاختلاف واما مع عدم العلم فلا يجوز ايضا التعويل على تعديل الغير بمجرد العثور عليه للعلم بوجود الجارح غالبا فهو كالعام قبل الفحص عن مخصصه فكما لا يجوز العمل بالعام قبل البحث والفحص عن مخصصه للعلم الاجمالي بتخصيص العمومات غالبا حتى قيل ما من عام إلا وقد خص فلا بد من البحث الى الحد المعتبر وحينئذ فيخرج ذلك العام المبحوث عن حاله - بعد البحث - عن اطراف ذلك العلم الاجمالي فهناك يجوز العمل بذلك العام فكذا في المقام لا يجوز العمل بالتعديل بمجرد العثور عليه للعلم الاجمالي بوجود الجارح غالبا فلعل محل الابتلاء منه فلا بد من البحث الى الحد المعتبر فهناك يجوز العمل بذلك التعديل لخروج مورده بعد البحث عن اطراف ذلك العلم الاجمالي مضافا الى اصالة حرمة العمل بالظن وحينئذ فليقتصر على المتيقن خروجه فليس هو إلا ما كان بعد البحث ولا اطلاق لادلة حجية الخبر بحيث يشمل صورة الشك اعني المشكوك في عدالته وبعبارة اخرى المشكوك في حصول شرط القبول له الذى هو العدالة أو الوثاقة ولو بالمعنى الاعم كما عليه الشيخ - رحمه الله - كما هو الاظهر كما حررناه في محله وحينئذ فلابد من احرازه اما بالعلم أو ما قام مقامه وليس هو الا ما كان بعد البحث ولا يجوز اجراء الاصل اعني اصالة عدم المعارض اعني الجارح المعارض للتعديل المفروض ثبوته للعلم الاجمالي بوجود الجارح غالبا المانع من اجرائه كما في العام قبل البحث عن معارضه أو هو في الحقيقة من باب الشبهة المحصورة فكما لا يجوز اجراء الاصل فيها اعني في كل مورد من اطراف العلم الاجمالي لأدائه الى ابطال العلم الاجمالي فكذا في المقام وهذا ما تقتضيه القواعد وحينئذ فما وقع من السيد محسن في رجاله بعد نقل كلام صاحب المعالم المانع من التمسك في نفيه بالأصل بعد العلم بوقوع الاختلاف في شأن كثير من الرواة بل لا بد للمجتهد من البحث عن كل ما يحتمل ان يكون له معارض حتى يغلب على الظن انتفاؤه قال اعلى الله مقامه: " قلت: هذا وان كان لا يعرف لغيره الا انه ليس بالبعيد الا ان الوجه ان يخص ذلك بما إذا كان مظنة اختلاف وربما لم يكن فان الاختلاف في الرواة لم يبلغ في الكثرة الى حيث يكون عدمه مرجوحا ليكون التعويل على التعديل من دون بحث تعويلا على المرجوح كما قلنا في العام " هكذا قال اعلى الله مقامه وهو كما ترى في غاية الغش كما نبهنا عليه في الفائدة السادسة وتعرضنا لما فيه وما يمكن ان يكون منشأ للوهم تفصيلا هناك فلاحظ والحاصل فلا فرق بين العام وما نحن فيه قبل البحث وبعده ودعوى الفرق اشتباه وغفلة مضافا الى الاخبار العلاجية الآمرة بالأخذ بالأعدل والاوثق الموقوف امتثالها والعمل بها على البحث عن احوال الرجال والفحص عنها ليعرف ذو المزية والرجحان فيؤخذ به ويقدم على غيره لإفادة تلك الاخبار كون المدار في الترجيح عند التعارض على قوة الظن ولا اشكال في كون ملاحظة احوال الرواة والاطلاع عليها له كمال المدخلية في قوة الظن فأخبار من اتفقوا على وثاقته كزرارة مقدمة على غيرهم واخبار من اجتمعوا على تصحيح ما يصح عنهم اقوى من غيرهم وان كانوا ممن اتفقوا على وثاقته واخبار من وثقه الائمة عليهم السلام كيونس والعمرى اقوى من غيرهم وهكذا وحينئذ (فأقول) بان علم الرجال علم منكر يجب التحرز عنه لان فيه تفتضح الناس وقد نهينا عن التجسس عن معائبهم وامرنا بالغض والتستر عن قبائحهم (كما ترى) مما لا ينبغى سطره فانه منقوض بمقام المرافعات المبنى على ذلك فانه مسلم عند الجميع مع انه لا يتم الا بذلك فإذا جاز هناك جاز هنا، لعدم الفرق من حيث التوقف لوضوح توقف معرفة الاحكام على هذا التجسس وهذا التفتيش لعدم حصول شرط القبول للرواية الذى هو العدالة بالمعنى الاعم أو الاخص بدونه (ودعوى) حرمته فيسقط ما توقف عليه لانحصاره بالمحرم (في محل المنع) لمنع حرمته على الاطلاق بحيث يشمل المقام وما دل على حرمته كالآية منصرف الى غير المقام، ولو سلم عمومه فالاهمية في المقام وشبهه كالمرافعات مسوغة له، بل موجبة كغير المقام من نظائره كما لو توقف حفظ بيضة الاسلام على التترس ببعض المؤمنين أو توقف انقاذ الاجنبية على الاطلاع على عورتها أو توقف حفظ نفس محترمة على قطع الصلاة الواجبة أو غيرها من الواجبات الى غير ذلك مما لا يحصى فهذه الشبهة باطلة ساقطة ومثلها غيرها من الشبه التي ذكروها أو يمكن استنادهم إليها (فمنها) ان الرجوع الى علم الرجال وكتبه ليس الا تعويلا على النقوش وما هي فيها من القراطيس وغاية ما ثبت انما هو حجية ظواهر الالفاظ ومن الواضح البين ان النقوش ليست من الالفاظ في شيء فلتكن على الاصل والقاعدة من حرمة العمل بالظنون فكيف يجوز الركون إليها والاعتماد عليها وليست هي من امارات القطع بالمراد (والجواب) ان الدليل القائم على حجية ظواهر الالفاظ والاعتماد عليها من اجماع ونحوه بعينه قائم على حجية هذه النقوش والكتابات وان لم تكن من الالفاظ فان سيرة العلماء بل وجميع الناس وديدنهم قديما وحديثا على العمل بها والركون إليها والاحتجاج من بعض على بعض بها من غير ظهور نكير منهم على ذلك ولا تفوه منهم واحد بذلك بل لو تفوه بذلك متفوه لاعابوا عليه وجعلوا حقه من الجواب الاعراض عنه وهكذا حال السابقين فترى الائمة مع أصحابهم يتكاتبون هذا يرسل السؤال والامام يرسل الجواب مع علمه بانه انما طلب بالسؤال الجواب ليعمل به ويهتدى به بعد حيرته وعلى هذا ديدنهم وطريقتهم فلو كان في العمل بهذه النقوش باس لظهر منهم النكير ولاخبر به الخبير فانهم بمرئى منهم ومسمع مع قدرتهم على ردعهم وزجرهم مع انه لم يظهر منهم نكير على ذلك يوما بل ظهر منهم الاقرار على ذلك بل الامر بذلك كما يشهد له امر العسكري في كتب بنى فضال حيث قيل له: ما نصنع بكتبهم وبيوتنا منها ملاى ؟ قال عليه السلام - خذوا ما رووا وذروا ما راوا وامر الشيخ ابى القسم الحسين بن روح بعد ما سئل عن كتب الشلغمانى بانى اقول فيها ما قال العسكري في كتب بنى فضال وامر الصادق عليه السلام المفضل بن عمر بالكتابة وتوريثه بنيه بعد الموت معللا بانه ياتي على الناس زمان هرج لا يانسون الا بكتبهم الى غير ذلك. (والحاصل) لا فرق بين الكتابة والالفاظ اجماعا بل ضرورة ولكن مع الامن من التزوير والوثوق بها كما عليه طريقة الناس .. (ومنها) ان الرجوع غير مفيد لعدم معلومية كون تعديل المعدل للراوي حال روايته بل غاية ما يثبت انما هو قضية مهملة وذلك غير مجد فلا يجوز الاعتماد على توثيقه وتعديله وكيف يجوز الاعتماد عليه والركون إليه ولم يحصل به الشرط الذى هو العدالة لاحتمال كون تعديل المعدل انما كان قبل الرواية أو بعدها (والجواب) ان الظاهر - بل المقطوع به ان هؤلاء المعدلين كالنجاشي والشيخ والعلامة والمجلسي وامثالهم ناظرون في تعديلهم الى الرواة المذكورين في الاسانيد حال روايتهم وليس غرضهم اثبات وصف العدالة للراوي في الجملة حتى يقال: انه غير مفيد فلا معنى للاعتماد عليه ولذا نراهم يعولون على من وثقوه ويقبلون خبره ويطرحون من ضعفوه ويقدمون عليه غيره وما ذاك الا لانطباق ذاك التعديل على حال الرواية ويشهد لذلك ان الواقفية حال وقفهم يسمونهم الكلاب الممطورة تشبيها لهم بالكلاب المبتلة من المطر كل ذلك من التحاشي عنهم والتجنب لهم هذا مع ان كثيرا من الرواة بل الاكثر ان لم يكن الكل احوالهم مظبوطة ومذاهبهم معروفة معروفون بين اهل عصرهم وزمانهم الذين يرجع إليهم في تعديلهم والموثوق بقولهم فيهم كعلى بن فضال و الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي فالمعدلون اما ان تكون تزكيتهم عن اطلاع وخبرة لمعاصرتهم اياهم أو يكونوا ممن اخذ عنهم. (والحاصل) فالتزكية انما هي ناظرة الى الراوي حال روايته لا قبلها ولا بعدها فالشرط حاصل. (ومنها) ان العدالة مختلف فيها وفي المراد منها وهكذا الكبائر والصغائر وحينئذ فالرجوع الى المعدلين والجارحين غير نافع ولا مثمر لعدم العلم بما يريدون.
(والجواب) ان العلم بارى المعدل أو مراده امر ممكن بل ميسور سيما لمن كان في هذا الفن ماهرا حاذقا مطلعا غاية الاطلاع وله فيه سعة باع - كما تقدم عن (المنتقى) التصريح به ولو لم يعلم المراد فقد يقال بل هو الوجه بان المعدل أو الجارح إذا كان عدلا وجب قبول خبره وكان اللازم حمله على الواقع من غير فرق بين الوفاقيات والخلافيات كساير اخباراته وهذا القدر كاف بل لا غرض الا الواقع وعلى ذلك السيرة والطريقة ولذا لم نر احدا من علمائنا قد تأمل من هذه الجهة في تعديل من التعديلات مع اكثارهم التأمل من جهات اخر بل نراهم يتلقون تعديل الاخر بالقبول حتى انهم يوثقون بتوثيقه ويجرحون بجرحه وما ذاك الا لحملهم له على الواقع الذى هو المطلوب وهذا نظير افعال المسلمين فان اللازم حملها على الصحة الواقعية من غير فرق بين عباداتهم ومعاملاتهم وعلى ذلك السيرة والطريقة من الناس مع ان الغرض من التعديلات المذكورة في احوال الرواة انما هو بيان احوال الراوي من جهة قبول الخبر وعدمه فهذه قرينة على عدم ارادة ما نسب الى الشيخ في معنى العدالة من ظهور الاسلام مع عدم ظهور الفسق إذ هو غير نافع في القبول اصلا مع ان القول به لم يثبت لغير الشيخ وحينئذ فينحصر الامر في ارادة احد القولين الاخيرين وحيث ان القول بحسن الظاهر ليس قولا مغايرا للقول بالملكة على الظاهر بل هو تعبير عن الطريق إليها بواسطة الاثار الكاشفة عنها كان المراد من تلك التعديلات انما هو الملكة وهو المطلوب (هذا) مع النقض بالمرافعات وفي هذا كفاية ..
(ومنها) ان اكثر اسامى الرجال مشتركة بين العادل والممدوح وغيره واكثر اسباب التمييز أو كلها لا تفيد الا اقل مراتب الظن وهو منهى عنه عقلا ونقلا كتابا وسنة واجماعا. (والجواب) منع اكثرية الاشتراك وما يوجد منه وهو القليل أو الاقل فالتمييز له حاصل وان كان بالظن (ودعوى) المنع منه في المقام (في محل المنع) لقيام الدليل عليه ..
(ومنها) ان تعديلات اهل الرجال غالبا ان لم تكن كلا من باب شهادة الفرع بل تفرع الفرع وهكذا لعدم ملاقاتهم اياهم ولا ملاقاة من لاقاهم ولا خلاف في عدم اعتبار غير الاولى مطلقا ومورد اعتبار الاولى الاموال وحقوق المخلوق دون غيرها وفي كون المقام منها تأمل بل منع مضافا الى ان المعتبر حينئذ اثنان والمعروف الاكتفاء بالواحد. (والجواب) المنع من كونها شهادة فرع أو فرع الفرع بل هي من شهادة الاصل وعدم ملاقاتهم لا يمنع من ذلك لإمكان العلم بأحوال السلف بالإمارات والقرائن واحوالهم وصفاتهم المحكية عنهم سيما لأهل الفن الماهرين المطلعين غاية الاطلاع مع ان الوجه في التعديل ما عرفت من انه ليس من باب الشهادة ولا من باب الحبر بل هو من باب الظنون الاجتهادية ومن هذا يظهر الجواب عما يقال: بان كثيرا من المعدلين كانوا فاسدي العقيدة كابن عقدة لكونه زيدياً وابن فضال لكونه فطحياً وشهادة مثلهم غير مسموعة اجماعا لما عرفت من انها ليست من الشهادة في شيء مع انها على المشهور من كونها من الخبر مقبولة لكفاية العدالة بالمعنى الاعم في قبوله على الاظهر وهى فيهم حاصلة ولا فرق في ذلك بين الجرح والتعديل فما عن البهائي من التفصيل بين جرح غير الامامي للإمامي وتعديله بان جرح غير الإمامي للإمامي لا عبرة به وان كان الجارح ثقة اما تعديل غير الامامي إذا كان ثقة لمن هو إمامي المذهب فحقيق بالاعتماد والاعتبار فان الفضل ما شهدت به الاعداء ومن هذا القبيل توثيق ابن عقدة لحكم بن حكيم هكذا فصل في (فوائده) وهو كما ترى في محل المنع إذ هي ان كانت من باب الشهادة فهى غير مقبولة مطلقا وان كانت من باب الخبر فهى مقبولة مع الوثاقة مطلقا ايضا وكذا لو كانت من باب الظنون لدوران الامر مدار الظن حينئذ فلا وجه للتفصيل. (ومنها) ان الرجوع الى التعديلات المذكورة في كتب القوم غير نافع لاحتمال السقط في السند إذ التعديلات انما تنفع في معرفة احوال الرواة المذكورين في السند اما في معرفة الساقط فلا وحينئذ فلا يعرف الخبر من أي الاقسام الاربعة التي جرى عليها الاصطلاح بين المتأخرين فيكون الخبر بحكم القسم الضعيف الذى هو غير حجة. (والجواب) ان احتمال السقط منفي بالاصل إذ السقط عن عمد منفي بحكم العدالة إذ هو من الكذب والتدليس فلم يبق الا ما كان عن غفلة ونسيان وهو منفي بالاصل فان العقلاء حاكمون بذلك والا لكان ذلك قادحا في جميع الاخبارات لجريان ذلك بعينه فيها، فيقتضى ان لا يقبل شيء منها الا بعد احراز عدم السقط فيها بالقطع وبناء العقلاء على خلافه مع انا لا نعول على أي نسخة تكون بل لابد من كونها معتبرة مصححة حتى يحصل الظن والاطمئنان بها وهو كاف لتعذر العلم وهذا من الظنون التي قام الدليل على اعتبارها، الى غير ذلك من الوجوه التي استندوا إليها أو يمكن دعوى استنادهم إليها وما سمعت هو العمدة منها وقد عرفت فساده والغرض لنا اثبات الحاجة الى هذا الفن في الجملة في مقابل السلب الكلى ولسنا ندعى ثبوت الحاجة في كل مورد من موارد الاستنباط لوضوح ان كثيرا من الاحكام اجماعية وكثيرا منها مدركها الاصول العملية شرعية أو عقلية وكثيرا منها قطعية بالسيرة العملية أو بقاعدة اليسر و نفي الحرج أو بقاعدة لا ضرر أو بقاعدة القرعة أو بغير ذلك من القواعد التي لا تتوقف على معرفة احوال الرواة نعم ما كان من الاحكام مدركه الاخبار الظنية كان محتاجا فيه الى معرفة الطريق الذى هو الرواة لذلك الخبر من غير فرق بين صورة التعارض وغيرها ولعله الاكثر ومن هنا تعظم الحاجة إليه ومن هنا يظهر بطلان ما قد يقال أو قيل بثبوت الحاجة في صورة التعارض دون غيرها لوضوح انه مع عدم التعارض لا بد من معرفة صحة الطريق أو كونه من الحسن أو كونه من الموثق أو كونه من القوى وهو موقوف على الرجوع الى هذا الفن هذا لو قلنا بالاصطلاح الجديد وقصرنا الحجية على بعضها أو قلنا باعتبار الجميع اما لو قلنا باعتبار مطلق المظنون صدوره والموثوق به كما هو الصحيح عند القدماء فكذلك الحاجة ثابتة إذ الرجوع الى هذا الفن والاطلاع على احوال الرواة من اعظم الامارات المفيدة للظن بل الظن اقوى كاهل الاجماع ومن شابههم وحينئذ فالقول بالتفصيل بين صورة التعارض فالافتقار الى هذا الفن وغيرها فلا كما عن بعضهم كما ترى في غير محله. (والحاصل) فالحاجة الى هذا الفن من حيث معرفة احوال الرواة في الجملة في مقابل السلب الكلى مما لا ريب فيه وفي الوجدان والعيان غنية عن اقامة البرهان فالتامل فيه فضلا عن القول بعدمه عناد صرف بل حتى لو قلنا بقطعية اخبار الكتب الاربعة دون غيرها أو مع الضم إليها من غيرها فالحاجة ايضا ثابتة إذ تعيين كون ذلك المضمون الصادر يقينا انه هو الواقع أو للتقية قد ينفع فيه معرف احوال الرواة كما هو واضح مع ان القول بالقطعية بديهى البطلان كما بيناه تفصيلا في اول تعليقتنا على الفوائد وحينئذ فنقول: ان الرواة اقسام ثلاثة فقسم متفق على وثاقته ومنهم أصحاب الاجماع وقسم مختلف فيه وثالث مجهول حاله قد اهملوا ذكره ولا ينبغى الغض عن هذا القسم اصلا والاعراض عنه راسا، بل عليك الفحص والتفتيش عن احواله مهما امكن فلربما يظهر من بعض الامارات ما يفيده مدحا كرواية بعض الأجلاء كابن ابى عمير عنه أو غيره من اهل الاجماع أو غيرهم من الأجلاء أو روايته عنهم الى غير ذلك من امارات المدح أو القدح التي يطلع عليها الماهر المتتبع دون غيره فكم من راو مجهول الحال عند جملة وعند اخرين خلافه كالقسم بن عروة فقد عده بعضهم من مجهول الحال كصاحب (المنتقى) ومثله ولده الشيخ محمد في حاشيته على التهذيب مع ان في رواية ابن ابى عمير بل وصفوان عنه ما يفيد مدحه بل ربما يشير الى الوثاقة بواسطة ما عن الشيخ من انه لا يروى الا عن ثقة ولذا وغيره رجح بعضهم كالوحيد البهبهاني حسن حاله أو الاعتماد عليه وقد يستفاد حسن حال الراوي أو ضعفه من بعض الاخبار كعمر بن حنظلة لقول الصادق - عليه السلام فيه في حديث الوقت: " إذا لا يكذب علينا بل حكم الشهيد الثاني بوثاقته لذلك وان رده ولده المحقق (صاحب المعالم) واستغربه لضعف الخبر لمكان يزيد بن خليفة مع ان الدلالة ضعيفة ولكن المدح لا ينكر سيما بعد رواية الأجلاء له وعمل كثير به ومثله غيره في استفادة حاله حسنا وضعفا من الاخبار وقد ذكر شيخنا البهائي في فوائده جملة من الرواة يستفاد حالهم من الاخبار كأحمد بن محمد بن خالد فانه استفاد ضعفه من اخر الحديث الطويل الصحيح المذكور في الكافي في باب ما جاء في الاثنى عشر والنص عليهم - عليهم السلام (1) وذريح فانه استفاد مدحا عظيما له من (الفقيه) في باب قضاء التفث في حديث صحيح السند (2) والقاسم بن عبد الرحمن الصيرفي فانه استفاد مدحه من حديث صحيح السند في اواخر كتاب (الروضة) من الكافي (3) وداود بن زربى فانه استفاد تشيعه من حديث توضأ ثلاثا من زيادات القضاء من التعذيب كما هو مروى فيه بسند موثق (4) وعبد الحميد بن سالم العطار فانه استفاد توثيقه من حديث صحيح (5) (قال): ولعل العلامة اخذ توثيقه من هذا الحديث، والا فالقوم لم يوثقوه (انتهى) الى غير ذلك من الامارات التي يقف عليها المتتبع وقد ذكروا للمدح والقدح امارات كثيرة وقد تعرض لها (الوحيد) في فوائده الخمس التي جعلها مقدمة لتعليقته وتعرض لما فيها من الاقوال ونحن قد تعرضنا لكثير منها أو الاكثر فيما علقناه على تلك الفوائد وحاصلها يرجع الى امرين: قول وفعل والقول يرجع الى قسمين فقسم مرجعه العرف واللغة كقولهم ثقة وعدل وخير وصالح وضابط ومتقن الى غير ذلك وفي القدح ما يقابله واخر مرجعه الى الاصطلاح كقولهم قطعي يريدون من قطع بموت الكاظم عليه السلام وواقفي وهو من وقف عليه ولم يتعده كما هو المعنى المعروف له دون من وقف على غيره وسمى بغير هذا الاسم كالكيسانية وهم الذين وقفوا على محمد ابن الحنفية لزعمهم انه حى غاب في جبل رضوى، وربما يجتمعون ليالى الجمعة في الجبل ويشتغلون بالعبادة و الناووسية وهم القائلون بالامامة الى الصادق عليه السلام الواقفون عليه لزعمهم انه حى ولن يموت حتى يظهر ويظهر امره وهو القائم المهدى (قيل) نسبوا الى رجل يقال له ناووس (وقيل) الى قرية يقال لها ذلك ولكن المعروف هو الاول واما الفعل فكونه يروى عن الثقات أو الأجلة أو يروى الأجلة عنه سيما اهل الاجماع وخصوصا مثل ابن ابى عمير والبزنطي الذى قيل في حقهم ما سمعت. هذا في المدح، وفي القدح ما يقابله كروايته عن المجاهيل أو الضعفاء أو الغلاة أو المفوضة فيكون للفعل الدال على المدح قسمان فقسم صدر من الراوي دال على حسن حاله وهو روايته عن الثقات أو الأجلة وهو القسم الاول لدلالته على اتصاله بهم اما لتعلمه منهم فهم مشايخه أو لصحبته لهم فإذا كثرت روايته عنهم دل على كونه من خاصتهم وبطانتهم فيفيد زيادة في الحسن ولذا ورد عنهم عليهم السلام -: اعرفوا منازل الرجال منا بقدر روايتهم عنا ومن هنا عدوا كثرة الرواية من امارات المدح بل ربما جعل هذا امارة على التوثيق (قال السيد) في رجاله: وليس بذلك البعيد بناء على الاكتفاء في العدالة بحسن الظاهر (ثم قال): ولعل بناء الشهيد الثاني رحمه الله كان على ذلك حيث قال في الحكم بن مسكين لما كان كثير الرواية ولم يرد فيه طعن -: فانا اعمل بروايته على ما حكى التقى المجلسي عنه والقسم الثاني ما كان صادرا عن غيره كرواية الثقات أو الأجلة عنه ودلالة هذا على المدح اظهر من الاول، إذ هو اما من مشايخهم أو من أصحابهم الاعلون ولا اقل من ان يكون من امثالهم ونظرائهم (وكيف كان) فهو في المرتبة القصوى من المدح ومن ذلك رواية على بن ابراهيم عن ابيه واكثاره الرواية عنه فانه من الامارات الدالة على حسن ابيه بل من اعظمها بل ربما تشير الى الوثاقة والاعتماد ومن هذا الباب كثرة الراوين لكتابه فان ذلك من امارات الاعتماد اما عليه أو على كتابه إذ الغرض من الرواية انما هو العمل ظاهرا فيفيد الاعتماد عليه ولو في رواياته سيما بملاحظة اشتراطهم العدالة في الرواية وقد يجتمع الوجهان أو الوجوه الثلاثة وهى كثرة الراوين لكتابه أو عنه أو كثرة روايته عنهم عليهم السلام وعن الأجلة ففي اسماعيل بن ابى زياد السكوني اجتمع الوجهان فانه اكثر الرواية عنهم عليهم السلام وكثر تناول الأصحاب منه وان اشتهر تضعيفه وانه عامى بل عن ابن ادريس في فصل ميراث المجوس: انه لا خلاف في كونه عاميا وربما ايد ذلك باسلوب رواياته فانه لا يقتصر في الغالب على ابى عبد الله عليه السلام بل يروى هكذا عنه عن ابيه عن ابائه، وربما يجعل اجتماع هذين الوجهين فيه طريقا للحكم بكونه اماميا وعن النقى المجلسي: ان الذى يغلب في ظنى انه كان اماميا لكنه مشهور بين العامة حتى انه كان من قضاتهم وكان يروى عن الصدق عليه السلام في جميع ابواب الفقه فكان يتقى منهم اشد تقاة (قلت) فإذا انضم الى ذلك ما عن الشيخ والمحقق وغيرهما من الحكم بوثاقته حتى حكى الشيخ انفاق الأصحاب على العمل بروايته كان ثقة إذ ما كانوا ليتفقوا على غير ثقة فهب انه كان عاميا لكنه ثقة في مذهبه فغايته ان الرواية تكون من جهته من الموثق لا من الصحيح على الاصطلاح الجديد وهو حجة على الاظهر وفي حكم الفعل الدال على المدح أو الوثاقة ترك القدح في سند من جهة بعض الرواة مع القدح فيه من جهة غيره مع اتحاد الطريق لوضوح كشفه عن الحكم بصحته والا لقدح فيه كغيره وانما جعلنا القسم الثاني من الدال على المدح فعلا لان الدال على المدح ليس الا الرواية عن الثقات والأجلة أو روايتهم عنه وكونها من الافعال واضح ولو لاحظناها محكية إذ المحكي للناقل ليس الا الفعل وهو الدال على المدح ولا كذلك المحكي من الالفاظ الدالة على المدح أو التوثيق كقولهم ثقة أو عدل أو صالح أو نحو ذلك فان نفس المحكي وصف من اوصاف المدح أو هو توثيق بنفسه كاللفظتين الاوليين فالحاكي للفظ لا عن غيره اما شاهد بالوثاقة أو مخبر بها أو بما يقضى بالمدح والحسن بالدلالة الوضعية كصالح ووجه وعين ونحوها من الالفاظ الدالة بالوضع على المدح بخلاف الفعل المحكي ككونه كثير الرواية عنهم عليهم السلام فانه امر خارجي لا دلالة له وضعية كاللفظ وانما دلالته من جهة العادة والاعتبار وذلك من جهة كشفه بواسطة تلك الكثرة عن شدة الملازمة وزيادة الصحبة فيفيد انه بمكان من القرب منهم وهكذا كلما زادت الصحبة زاد القرب حتى يبلغ مراتب الخواص بل اخص الخواص ومن هنا قالوا صلوات الله عليهم اعرفوا منازل الرجال بقدر روايتهم عنا ولعل من هذا الباب اعني من المدح بالفعل قولهم: من مشايخ الاجازة فان مرجعه الى انه يجيز كثيرا حتى صار له دابا وفي ذلك مرجعا وفي الحقيقة هو قابل للدخول في القسمين كما هو واضح وكيف كان فلا ريب في افادته المدح بل مدحا معتدا به بل لا يبعد افادته الوثاقة والاعتماد إذ معنى كونه من مشايخ الاجازة انه ممن يستجاز في رواية الكتب المشهورة وذلك ان طريقة الأصحاب على قديم الدهر مستقيمة على عدم استباحة الرواية من الكتب وان كانت معروفة حتى يروى لهم رواية رواية ولا اقل من ان يجيز لهم الشيخ رواية ما فيه حتى انهم ليشدون الرحال في ذلك ويتكلفون المشاق وكفاك شاهدا على ذلك ما وقع لعلى بن الحسن بن فضال حيث كان يروى كتب ابيه عن اخويه ولم يستبح روايتها عن ابيه مع انه كان قابله بها وهو ابن ثمانى عشرة سنة غير انه لم يكن ذلك على سبيل الرواية من حيث انه لم يكن يعرف ذلك ولم يجزه ابوه وما جرى لاحمد بن محمد بن عيسى مع الحسن بن على الوشاحين ساله ان يخرج له كتابي العلا بن رزين وابان بن عثمان الاحمر فلما اخرجهما قال: احب ان تجيزهما لى فقال له: يرحمك الله ما اعجلك اذهب فاكتبهما واسمع من بعد فقال: لا امن الحدثان (الحكاية) وما حكى حمدويه الثقة عن ايوب بن نوح من انه دفع إليه دفترا فيه احاديث محمد ابن سنان فقال: ان شيءتم ان تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمد ابن سنان ولكن لا اروى لكم عنه شيئا فانه قال قبل موته كلما حدثتكم لم يكن لى سماع ولا رواية وانما وحدته ومن هنا استقامت طريقتهم على الفرق بين الرواية عن الراوي والنقل من الكتاب فتراهم تارة يقولون: ورى فلان وحدثني واخرى: وجدت في كتابه وخطه إذا عرفت هذا قلنا: ما كان العلماء وحملة الاخبار ولا سيما الأجلاء ومن يتحاشى في الرواية عن غير الثقات فضلا عن الاستجازة ليطلبوا الاجازة في روايتها الا من شيخ الطائفة وفقيهها ومحدثها وثقتها ومن يسكنون إليه ويعتمدون عليه وبالجملة فلشيخ الاجازة مقام ليس للراوي ومن هنا حكى عن صاحب المعراج (6) انه قال: لا ينبغى ان يرتاب في عدالتهم بل عن المحقق البحراني ان مشايخ الاجازة في اعلى درجات الوثاقة والجلالة وعن الشهيد الثاني ان مشايخ الاجازة لا يحتاجون الى التنصيص على تزكيتهم ولأجل ذلك صحح العلامة وغيره جملة من الاخبار مع وقوع من لم يوثقه اهل الرجال من المشايخ في السند واعترض بأمرين: (احدهما) ان ابراهيم بن هاشم وابن عبدون كانا من مشايخ الاجازة قطعا مع عد هم لأخبارهما في الحسان. (الثاني) ان من مشايخ الاجازة من كان فاسد العقيدة كبنى فضال واضرابهم إذ لا ريب ان أصحابنا في الرجوع إليهم كانوا يروون عنهم ويستجيزون منهم. (والجواب) ان التعلق في ذلك انما هو بالظهور والمظنة ولا ريب في ظهور ما قلناه من الوثاقة والجلالة ومن عد اخبار ابراهيم وابن عبدون في الحسان فهو مبنى على عدم اعتبار المظنة وعدم ملاحظة هذه الطريقة بل لابد عنده من التنصيص على الوثاقة واما احتمال فساد العقيدة فيضمحل بثبوت كون الشيخ من أصحابنا فان لم يثبت وقام احتمال الانحراف كان موثقا قويا بل قد نقول بظهور الوثاقة مع قيام الاحتمال وبالجملة فالتعديل بهذه الطريقة غير بعيد حقيقة كما عليه كثير من المتأخرين كما عن (المعراج) وان كان المعروف عد ذلك في الممادح وموجبات الحسن (واعلم) ان الغرض من الاستجازة ليس مجرد الاتصال كما قد يظن بل الضبط فان العلم بالكتاب لا يستلزم العلم بكل خبر من اخباره بل العلم بالخبر لا يستلزم العلم بكيفيته مع ان الاصل عدم العلم ثم لا يخفي ان الاستجازة كما تكون في المعلوم فكذا تكون في غيره بان يدفع إليه اصلا مصححا لا يعرفه الا من قبله ويجيز له روايته وحيث انجر الكلام الى الاجازة فلنذكر جملة من طرقها وانواعها فان في ذلك فوائد كثيرة ومنافع عظيمة. فاعلم ان الاجازة تتنوع انواعا اربعة لأنها اما ان تتعلق بأمر معين لشخص معين أو عكسه أو بأمر معين لغيره أو عكسه واعلاها الاول وهو الاجازة لمعين بمعين كأجزتك الكتاب الفلاني وانما كانت اعلى لانضباطها بالتعيين حتى زعم بعضهم انه لا خلاف في جوازها وانما الخلاف في غير هذا النوع ثم الاجازة لمعين بغير معين كقولك اجزتك مسموعاتي أو مروياتي وما اشبهه وهو ايضا جائز على الاظهر الاشهر (ووجه القول) بالعدم من حيث عدم انضباط المجاز فيبعد عن الاذن الاجمالي المسوغ (وهو كما ترى) ولو قيدت بوصف خاص كمسموعاتي من فلان أو في بلد كذا فالجواز اوضح ثم بعدهما الاجازة لغير معين كجميع المسلمين أو من ادركه زماني أو ما اشبه ذلك سواء كان بمعين كالكتاب الفلاني أو بغير معين كما يجوز لى روايته ونحوه وفيه خلاف فجوزه على التقديرين جماعة من الفقهاء والمحدثين ومنهم شيخنا الشهيد رحمه الله فانه طلب من شيخه السيد تاج الدين ابن معية الاجازة له ولولده ولجميع المسلمين ممن ادرك جزء من حياته جميع مروياته فأجازهم ذلك بخطه وتبطل الاجازة بمروى مجهول أو لشخص مجهول فالأول ككتاب كذا وللمجيز كتب كثيرة بذلك الاسم والثاني كقوله: اجزت لمحمد بن فلان وله موافقون في ذلك الاسم والنسب ولا يتعين المجاز له منهم وليست من هذا القبيل اجازته لجماعة معينين بأسمائهم وانسابهم والمجيز لا يعرفهم بأعيانهم فانه غير قادح كما لا يقدح عدم معرفته لهم إذا حضروا في السماع منه لحصول العلم في الجملة وتمييزهم في انفسهم وفي صحة الاجازة للمعدوم ابتداء كقوله: اجزت لمن يولد لفلان قولان من انها اذن لا محادثة فتجوز ومن انها لا تخرج من الاخبار بطريق الجملة وهو لا يعقل للمعدوم ابتداء ولو سلم كونها اذنا فهي لا تصلح للمعدوم كذلك كما لا تصح الوكالة للمعدوم وتصح لغير المميز من المجانين والاطفال بعد انفصالهم بغير خلاف ينقل وهو ان لم يكن اجماعا مشكل بعدم القابلية وعدم الاهلية مع انه أي فرق بينه وبين المعدوم الذى اختلفوا في صحة الاجازة له ابتداء (فان قيل) الوجود فارق (قيل له) أي ثمرة في الوجود مع عدم القابلية مع انهم اختلفوا في الحمل قبل وضعه فان في صحة الاجازة له قولين فلو كان الوجود بمجرده كافيا لم يكن للخلاف وجه لكن المحكي عن جماعة من علمائنا الاعاظم فعل ذلك لأولادهم واطفالهم كشيخنا الشهيد اعلى الله مقامه فانه استجاز من اكثر مشايخه بالعراق لأولاده الذين ولدوا بالشام قريبا من ولادتهم و السيد جمال الدين بن طاووس لولده غياث الدين وهل يشترط في صحة الاجازة التلفظ بها ؟ الظاهر لا فإذا كتب المجيز بالاجازة وقصدها وعرف منه ذلك صحت وان لم يتلفظ بها كما صحت الرواية بالقراءة على الشيخ مع انه لم يتلفظ بما قرا عليه ووجهه تحقق الاذن والاخبار بالكتابة مع الامارات الكاشفة عن القصد كما تتحقق الوكالة بالكتابة مع قصدها وان لم يتلفظ بها عند بعضهم حيث ان الغرض مجرد الاباحة والاذن وهى تتحقق بغير اللفظ كما تتحقق به كتقديم الطعام الى الضيف ودفع الثوب الى العريان ليلبسه والاخبار يتوسع بها في غير اللفظ عرفا ثم اعلم ان المشهور بين العلماء من المحدثين والاصوليين نقلا وتحصيلا على الظاهر جواز العمل بها بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه بل غير معلوم وجود المخالف منا. (نعم) حكى الخلاف عن الشافعي في احد قوليه وجماعة من أصحابه وهو في غاية الضعف والسقوط لعدم الفرق بينها وبين طريق السماع الا في الاجمال والتفصيل إذ الاجازة عرفا في قوة الاخبار بمروياته جملة فهو كما لو اخبره تفصيلا بكل خبر ولا يعتبر التصريح نطقا كما في القراءة على الشيخ والغرض حصول الافهام وتحقيق الاجازة ولسنا نكتفي بالإجازة مطلقا بل لا بد من تصحيح الخبر من المخبر بحيث يوجد في اصل مصحح سليم من الدس والتزوير والتصحيف ونحو ذلك من الخلل وموانع العمل ثم اختلف المجوزون في ترجيح السماع على الاجازة والقراءة أو العكس على اقوال (ثالثها) الفرق بين عصر السلف قبل جمع الكتب المعتبرة التي يعول عليها ويرجع إليها وبين عصر المتأخرين ففي الاول السماع ارجح لان السلف كانوا يجمعون الحديث عن صحف الناس وصدور الرجال فدعت الحاجة الى السماع خوفا من التدليس والتلبيس بخلاف ما بعد تدوينها لان فائدة الرواية حينئذ انما هي اتصال سلسلة الاسناد بالنبي صلى الله عليه واله وسلم والائمة عليهم السلام تبركا وتيمنا والا فالحجة تقوم بما في الكتب ويعرف القوى منها والضعيف من كتب الجرح والتعديل وهذا قوى متين غير ان السماع من الشيخ لا يخفي رجحانه على اجازته وعلى القراءة عليه لوضوح اضبطيته في تشخيص متن الحديث بزيادة حرف أو نقصانه أو تغيير مادة أو هيئة أو نحو ذلك مما يوجب تغيير المعنى والاجازة اخبار اجمالي واين هو من التفصيلي والقراءة على الشيخ لا تخلو عادة من غفلته فليست هي كالسماع منه من غير فرق بين كون السماع من حفظه أو من كتاب بيده ومن غير فرق بين كون السماع هو المقصود أو غيره، فان ذلك كله من السماع في الاصطلاح ومع كونه ارجح هو ارفع الطرق واعلاها عند جمهور المحدثين كما نصوا عليه كالشهيد الثاني في (درايته) وغيره واستدل في الدراية بان " الشيخ اعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته ولأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وسفيره الى امته والاخذ منه كالأخذ منه ولان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - اخبر الناس اولا واسمعهم ما جاء به والتقرير على ما جرى بحضرته اولى ولان السامع اربط جاشا واوعى قلبا وشغل القلب وتوزع الفكر الى القاري اسرع وفي صحيحة عبد الله بن سنان قال: قلت لابي عبد الله - عليه السلام -: " يجيئني قوم فيسمعون منى حديثكم فاضجر ولا اقوى قال: فاقرأ عليهم من اوله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا فعدوله الى قراءة هذه الاحاديث مع العجز يدل على اولويته على قراءة الراوي والا لأمر به " انتهى ودلالة الصحيحة لا تخلو من تأمل لاحتمال كون الامام - عليه السلام - بصدد كفاية الطريق تسهيلا عليه اما انه اولى فلا.
(ومن الامارات الفعلية) الدالة على المدح اعتماد القميين عليه وروايتهم عنه لما عرفوا به من شدة الانكار ولذا طعنوا في احمد بن محمد البرقى حتى ان احمد بن محمد بن عيسى ابعده عن قم مع ان ذلك ليس لضعف في نفسه بل لكونه يروى عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولذا اعاده إليها بعد ما ابعده واعتذر إليه ولما توفي مشى في جنازته حافيا حاصرا ليبرئ نفسه مما قذفه به ومثله رواية ابن الغضائري عنه معتمدا عليه ولما عرف من حاله من تسرعه بالقدح فإذا اعتمد على رواية احد دل على سلامته مما يراه قادحا فيفيد ذلك مدحا عاليا بل اعتمادا وتوثيقا ولكن لا يخفي ان ما نزهه عنه قد لا يكون عيبا في الواقع بل خلافه وضده هو العيب كمقالة الصدوق - عليه الرحمة - من ان نفي السهو والنسيان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - والائمة - عليهم السلام - من اول مراتب الغلو، فان اعتقاد ذلك بل احتماله في حقهم - عليهم السلام - فضلا عن القول به - هو العيب وحينئذ فاعتماده كقدحه غير نافع، لتسرعه وعدم تثبته في موجبات المدح والقدح كغيره من المتسرعين في سائر الموارد وهذا عيب عام في جميع اهل الصنايع ولا خصوصية لهذا الفن كما هو واضح ولذا وقع من الشيخ الطوسى - رحمه الله - ما وقع مع انه شيخ الطائفة وفقيهها وعمادها ومرجعها حتى ان تلامذته على ما حكى التقى المجلسي وغيره ما يزيد على ثلثمائة من مجتهدي الخاصة والعامة مما لا يحصى وقد كان الخليفة جعل إليه كرسى الكلام يكلم عليه الخاص والعام حتى في الامامة لخفة التقية يومئذ وذلك انما يكون لوحيد العصر فهو مستوعب لاوقاته ومستغرق لها ما بين تدريس وكتابة وتأليف وكلام وافتاء وقضاء وزيارة وعبادة وغير ذلك وكان همه جمع الآثار والاقوال والاحاطة بجميع المذاهب والفنون فمن اجل ذلك لابد من حصول الغفلة والعثرة والمعصوم من عصمة الله.
(فمن ذلك) ذكره الرجل في بابين متناقضين كباب من يروى وباب من لم يرو فيما علم اتحاده فيوهم من لا تدبر له التعدد وذلك كما ذكر فضالة بن ايوب مرة في أصحاب الكاظم - عليه السلام - فانه قال: فضالة بن ايوب الازدي ثقة وفي أصحاب الرضا - عليه السلام - قال: فضالة بن ايوب عربي ازدى وفي باب من لم يرو قال: روى عنه الحسين بن سعيد وكما ذكر القاسم بن عروة مرة في أصحاب الصادق - عليه السلام - حيث قال اعلى الله مقامه -: القاسم بن عروة مولى ابى ايوب المكى وكان أبو ايوب من موالى المنصور له كتاب واخرى في باب من لم يرو حيث قال: القاسم بن عروة روى عنه البرقى احمد وكما ذكر القاسم بن محمد الجوهرى مرة في أصحاب الكاظم - عليه السلام (- حيث قال: القاسم بن محمد الجوهرى له كتاب واقفي ومرة في أصحاب الصادق - عليه السلام - حيث قال: القاسم بن محمد الجوهرى مولى تيم الله كوفي الاصل، روى عن على بن حمزة وغيره له كتاب وفي باب من لم يرو قال: القاسم بن محمد الجوهرى روى عنه الحسين بن سعيد وكما ذكر قتيبة بن محمد الاعشى مرة في رجال الصادق - عليه السلام - قال قتيبة بن محمد الاعشى أبو محمد الكوفي وفي باب من لم يرو قال: قتيبة الاعشى روى حميد بن القاسم بن اسماعيل عنه، وكما ذكر كليب بن معاوية الاسدي مرة في أصحاب الباقر - عليه السلام - هكذا - مقتصرا عليه -، ومرة في أصحاب الصادق - عليه السلام - واخرى فيمن لم يرو حيث قال: كليب بن معاوية الاسدي روى عنه الصفوانى، وكما ذكر محمد بن عيسى العبيدي مرة في أصحاب الرضا - عليه السلام قائلا: محمد بن عيسى بن عبيد بغدادي واخرى في باب من لم يرو قال: محمد بن عيسى اليقطينى ضعيف وفي أصحاب الهادى - عليه السلام - محمد بن عيسى بن عبيد اليقطينى يونسى ضعيف وفي أصحاب العسكري - عليه السلام - محمد بن عيسى اليقطنى بغدادي يونسى وكما ذكر معاوية بن حكيم مرة في أصحاب الجواد والهادي - عليهما السلام - ففي الاول ابن حكيم مقتصرا عليه وزاد في الثاني ابن معاوية بن عمار الكوفي وفي باب من لم يرو عنهم - عليهم السلام - روى عنه الصفار ومن ذلك ما نبه عليه شيخنا البهائي في فوائده من عد زرارة ومحمد بن مسلم من أصحاب الكاظم عليه السلام حيث قال: فائدة في عد الشيخ في كتاب رجاله زرارة ومحمد بن مسلم من أصحاب الكاظم عليه السلام نظر لا يخفي على الممارس الى غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع. (فان قلت) ان الصحبة لا تسلتزم الرواية خصوصا وقد ذكر في الخطبة انه يذكر في باب من لم يرو من تأخر عن زمان الائمة - عليهم السلام - ومن عاصرهم ولم يرو عنهم. (قلت) لكنه ذكر مع ذلك انه يذكر في ابوابهم اسماء الرواة فكانا متناقضين وبيان ذلك انه قال من مفتتح كتابه - بعد الحمد والصلاة على خير خلقه محمد وآله الطاهرين من عترته وسلم تسليما -: " اما بعد فانى قد اجبت الى ما تكرر من سؤال الشيخ الفاضل فيه من جمع كتاب يشتمل على اسماء الرجال الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الائمة عليهم السلام من بعده الى زمن القائم عليه السلام ثم اذكر بعد ذلك من تأخر زمانه عن الائمة عليهم السلام من رواة الحديث ومن عاصرهم ولم يرو عنهم (الخ) وهذا كما ترى ظاهر في ان ما ذكره من أصحاب الائمة عليهم السلام في كل باب باب انما هم من الرواة عنهم لا محض الصحبة والمعاصرة لهم فكيف يذكرون مع ذلك في باب من لم يرو وقد يقال في الذب عنه: ان غرضه انه يذكر في كل باب من تلك الابواب من يختص به من الرواة لا انه لا يذكر فيه الا الرواة بل قد يذكر غيرهم ممن عاصرهم ولم يرو عنهم حينئذ فيصح ذكرهم في باب من لم يرو ولكن لا يخفي ان هذا لا يتم ايضا إذ جملة ممن ذكره في تلك الابواب مع انه من الرواة قد ذكره في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام - كالقاسم بن عروة فانه من أصحاب ابى عبد الله عليه السلام وروى عنه كما نص عليه النجاشي وكذا فضالة بن ايوب الازدي من أصحاب ابى ابراهيم موسى الكاظم صلوات الله عليه وعلى آبائه وابنائه - وروى عنه كما في (الخلاصة) ونحوه (النجاشي) وزاد له كتاب الصلاة وهؤلاء كلهم ذكرهم في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام الى غير ذلك اللهم الا ان يقال بان غرضه ان باب من لم يرو عنهم عليهم السلام قد عقده لمن لم يرو عنهم اما لتأخر زمانه عنهم أو لعدم رؤياه لهم وان كان في زمانهم ولا يمتنع ان يذكر في هذا الباب بعض من صحبهم وروى عنهم لوجود الطريق له هناك ايضا فيكون هذا الباب مشتملا على اقسام ثلاثة من تأخر زمانه عنهم ومن لم يرو عنهم وان عاصرهم ومن صحبهم وروى عنهم ايضا فلا يكون باب من لم يرو عنهم عليهم السلام منحصرا في القسمين الاولين كما عساه يظهر من كلامه اعلى الله مقامه وان كان اصل الغرض من عقد هذا الباب مختصا بهما لكنه لا باس به بل هو انفع لإفادته كثرة الطرق وزيادتها ولا اشكال في رجحانه إذ ربما تكون الرواية بواسطة ذلك من قسم المستفيض أو المحفوف بالقرائن المتاخمة للعلم بل قد يبلغ العلم والله اعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع: كتاب الحجة من اصول الكافي الباب المذكور الحديث الثاني (ج 1 - ص 526) طبع ايران (طهران) سنة 1381 هج
(2) راجع: كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق - رحمه الله - كتاب الحج باب قضاء التفث الحديث الثامن (ج 2 - ص 291) طبع النجف الاشرف سنة 1377 هج وراجع ايضا الحديث في الكافي في كتاب الحج باب اتباع الحج بالزيارة الحديث الرابع (ج 4 - ص 549) طبع ايران (طهران) سنة 1377 هج.
(3) راجع: كتاب روضة الكافي (ص 374) الحديث ال (562) طبع ايران (طهران) سنة 1377 هج.
(4) راجع: التهذيب (ج 1 - ص 82) كتاب الطهارة - باب صفة الوضوء والفرض منه الحديث ال (63) طبع النجف الاشرف سنة 1377 هج وراجع رجال الكشي (ص 264) في ترجمة داود بن الزربى فانه روى فيه حديث (توضأ ثلاثا).
(5) راجع الحديث في التهذيب (ج 9 - ص 240 - ص 241) باب الزيادات من كتاب الوصايا - الحديث ال (25) طبع النجف الاشرف سنة 1382 هج.
(6) صاحب المعراج هو أبو الحسن شمس الدين الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله بن على بن الحسن بن احمد بن يوسف بن عمار البحراني السترى الماحوزى صاحب المؤلفات العديدة التي منها (بلغة المحدثين) في الرجال المولود سنة 1075 هج والمتوفي سنة 1121 هج.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|