أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2016
3453
التاريخ: 2-4-2016
5294
التاريخ: 25/10/2022
1012
التاريخ: 17/10/2022
1151
|
كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) من أبر الناس بأبيه و مربيته فقد خفض لهما جناح المودة و الرحمة و لم تبق مبرة و لا خدمة إلا قدمها لهما و بلغ من عظيم بره لأبيه أنه طلب من عمته زينب بطلة كربلاء في يوم الطف أن تزوده بالعصى ليتوكأ عليها و بالسيف ليذب به عن أبيه في حين أن المرض قد فتك به فلم يتمكن أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته عن ذلك لئلا تنقطع ذرية النبي (صلى الله عليه و آله) فأي مبرة مثل هذه المبرة؟ و من خدماته لأبيه أنه قام بعد شهادته بتسديد ما عليه من الديون الضخمة التي كان قد أنفقها على البؤساء و المحرومين فمن مبراته لأبويه دعاؤه لهما فدعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) لأبويه هو من المع القواعد في التربية الإسلامية الهادفة إلى إصلاح الأسرة و سعادتها و شيوع المحبة و الاحترام بين أفرادها و من الطبيعي أن الأسرة إذا صلحت صلح المجتمع بأسره و إذا فسدت فسد المجتمع كذلك لأنها الخلية الأولى في بناء المجتمع و تكوينه و فيما يلي نص هذه اللوحة الذهبية من دعائه :
اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و أهل بيته الطاهرين و اخصصهم بأفضل صلواتك و رحمتك و بركاتك و سلامك و اخصص اللهم والدي بالكرامة لديك و الصلاة منك يا أرحم الراحمين ؛ اللهم صلّ على محمد و آله و ألهمني علم ما يجب لهما علي الهاما و اجمع لي علم ذلك كله تماما ثم استعملني بما تلهمني منه و وفقني للنفوذ فيما تبصرني من علمه حتى لا يفوتني استعمال شيء علمتنيه و لا تثقل اركاني عن الحفوف فيما الهمتنيه .
و مثلت هذه الكلمات المشرقة سمو آداب الإمام و معالي اخلاقه و مدى احترامه لأبويه فقد دعا لهما اللّه أن يخصهما بالفضل و الكرامة لديه و أن يلهمه تعالى ما يجب لهما من الحقوق ليقوم بأدائها و أن لا يثقله عن أدائها و لنستمع إلى قطعة أخرى من دعائه لهما :
اللهم صلّ على محمد و آله كما شرفتنا به و صل على محمد و آله كما أوجبت لنا الحق على الخلق بسببه , اللهم اجعلني اهابهما هيبة السلطان العسوف و أبرهما بر الأم الرؤوف و اجعل طاعتي لوالدي و بري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان و اثلج لصدري من شربة الظمآن حتى اوثر على هواي هواهما و أقدم على رضاي رضاهما و استكثر برهما بي و إن قل و استقل بري بهما .
و إن كثر و ليس في دنيا البر و الإحسان للأبوين مثل ما ذكره الإمام في هذه الفقرات لأبويه فقد سأل من اللّه تعالى أن يمنحه المزيد من الهيبة لهما ليطيعهما و لا يخالفهما و أن يبرهما بر الأم الرؤوف لولدها و أن يؤثر هواهما على هواه و يقدم رضاهما على رضاه و أن يشكر ما أسدياه إليه من البر و الإحسان و أن يستقل بره لهما و من الطبيعي أن مثل هذه الآداب من الأبناء تجاه آبائهم فإنها مما تنسيهم متاعب الحياة و آلام الشيخوخة كما توجد سعادة الأسرة و ازدهار الحياة الاجتماعية و نعود إلى مواصلة ذكر الفقرات المشرقة من دعاء الإمام لأبويه :
اللهم خفض لهما صوتي و اطب لهما عريكتي و اعطف عليهما قلبي و صيرني بهما رفيقا و عليهما شفيقا اللهم اشكر لهما تربيتي و أثبهما على تكرمتي و احفظ لهما ما حفظاه مني في صغري اللهم ما مسهما مني من أذى أو خلص لهما عني من مكروه أوضاع قبلي لهما من حق فاجعله حطة لذنوبهما و علوا في درجاتهما و زيادة في حسناتهما يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات .
و مثلت هذه القطعة آداب أهل البيت (عليهم السلام) و سمو تربيتهم فقد أضاف الإمام فيها إلى ما ذكره سابقا من حقوق الأبوين حقوقا أخرى و هي:
1- أن يخفض الولد صوته أمام أبويه و لا يعلو به عليهما.
2- أن يطيب لهما عريكته و لا يقابلهما بالشدة و القسوة.
3- أن يملأ قلبه عطفا و حنانا و مودة لهما.
4- الدعاء لهما بالمغفرة و الرضوان على ما أسدياه إليه من المعروف و اللطف أيام صغره الذي هو في أمس الحاجة إلى رعايتهما و تربيتهما.
5- الطلب من اللّه أن يكتب لهما المزيد من الأجر على ما مسهما من الأذى و خلص إليهما من المكروه أو التقصير في أداء حقوقهما من قبله و ليس في عالم التربية المثالية مثل هذه الآداب التي يسمو بها الإنسان و تزدهر بها حياته و لنستمع إلى قطعة اخرى من كلامه (عليه السلام) .
اللهم و ما تعديا علي فيه من قول أو أسرفا علي فيه من فعل أو ضيعاه لي من حق أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته لهما وجدت به عليهما و رغبت إليك في وضع تبعته عنهما فإني لا اتهمهما على نفسي و لا استبطئهما في بري و لا أكره ما تولياه من أمري يا رب فهما أوجب حقا علي و أقدم احسانا إلي و اعظم منه لدي من أن أقاصهما بعدل أو أجازيهما على مثل أين ذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ و أين شدة تعبهما في حراستي؟ و أين اقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما و لا أدرك ما يجب علي لهما و لا أنا بقاض وظيفة خدمتهما فصل على محمد و آله و اعني يا خير من استعين به و وفقني يا أهدى من رغب إليه و لا تجعلني في أهل العقوق للآباء و الأمهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون .
إن هذه التربية العلوية إنما هي نفحة من روح اللّه لتكون منارا إلى الأمم و الشعوب لترفع من قيمة الإنسان و تسمو به إلى عالم الملكوت ؛ لقد عرض هذا الإمام المربي إلى أن الواجب يحتم على الأبناء أن يسامحوا آباءهم على ما يصدر منهم من تعد عليهم في القول أو إسراف في الفعل أو تقصير في واجب عليهم أن يهبوا كل ذلك لهم مكافأة لهم و مجازاة لتربيتهم و عنايتهم و نعمتهم التي لا يؤدي الولد البار مهما عمل من خدمة بعض ما يجب عليه من البر و الإحسان لأبيه , و لنستمع إلى القطعة الأخيرة من دعاء الإمام:
اللهم صلى على محمد و آله و ذريته و اخصص أبوي بأفضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين و أمهاتهم يا أرحم الراحمين اللهم لا تنسني ذكرهما في ادبار صلواتي و في آناء من أناء الليل و في كل ساعة من ساعات نهاري اللهم صل على محمد و آله و اغفر لي بدعائي لهما و اغفر لهما ببرهما بي مغفرة حتما و ارض عنهما بشفاعتي لهما رضى عزما و بلغهما بالكرامة مواطن السلامة اللهم و ان سبقت مغفرتك لهما فشفعهما في و إن سبقت مغفرتك لي فشفعني فيهما حتى نجتمع برأفتك في دار كرامتك و محل مغفرتك و رحمتك إنك ذو الفضل العظيم و المن القديم و أنت أرحم الراحمين .
إن الإنسانية إنما تسمو و تتميز بهذه الأخلاق العلوية الهادفة إلى خلق مجتمع متكامل واحد تسوده المحبة و الألفة و الاحترام المتبادل خصوصا في عالم الأسرة التي ينطلق منها تهذيب الفرد و بناء شخصيته , لقد دعا الإمام (عليه السلام) لأبويه في هذه الفقرات الأخيرة طالبا من اللّه أن يتفضل عليهما بالمغفرة و الرضوان و أن يغفر له ببركة دعائه لهما و أن يغفر لهما ببرهما له فأي مودة و رحمة للأبوين مثل هذه المودة و الرحمة؟
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|