العادات والتقاليد والعبادات الخرافية السائدة بين المشركين 					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						ناصر مكارم الشيرازي					
					
						
						 المصدر:  
						تفسير الامثل					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ج4 ص223-225					
					
					
						
						25-09-2014
					
					
						
						6261					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				 لإِقتلاع جذور الشرك وعبادة الأصنام من الاذهان يعود القرآن إِلى ذكر العادات والتقاليد والعبادات الخرافية السائدة بين المشركين، ويثبت في بيان واضح أنّها خرافية ولا أساس لها، فقد كان كفّار مكّة وسائر المشركين يخصصون لله سهماً من مزارعهم وأنعامهم، كما كانوا يخصصون سهماً منها لأصنامهم أيضاً، قائلين: هذا القسم يخص الله، وهذا القسم يخص شركاءنا أي الأصنام: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} [الأنعام: 136].
 
على الرغم من أنّ الآية تشير إِلى نصيب الله فقط، ولكن العبارات التّالية تدل على أنّهم كانوا يخصصون نصيباً للأصنام أيضاً، جاء في بعض الرّوايات: أنّهم كانوا يصرفون ما يخصصونه لله على الأطفال والضيوف، والنصيب المخصص للأصنام من الزرع والأنعام كانوا يصرفونه على خدم الأصنام والقائمين على معابدها والأضاحي وعلى أنفسهم أيضاً (1).
 
سبب اعتبارهم الأصنام شركاءهم يعود إِلى كونهم يرونها شريكة لهم في أموالهم وحياتهم.
 
وتعبير (ممّا ذرأ) أي ممّا خلق، يشير إِلى بطلان مزاعمهم، إِذ إِنّ كل أموالهم وما يملكون هو ممّا خلق الله فكيف يجعلون نصيباً منه لله ونصيباً منه للأصنام؟!
 
ثمّ تشير الآية إِلى واحد من أحكامهم العجيبة وهو الحكم بأنّ ما خصصوه لشركائهم لا يصل إِلى الله، ولكن ما خصصوه لله يصل إِلى شركائهم {فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ} [الأنعام: 136].
 
اختلف المفسّرون بشأن المقصود من هذه الآية، ولكن آراءهم كلها تدور حول حقيقة واحدة، هي أنّه إِذا أصاب نصيب الله ضرر على أثر حادثة قالوا: هذا لا أهمية له لأنّ الله لا حاجة به إِليه، ولكن إِذا أصاب الضرر نصيب أصنامهم عوضوا عنه من نصيب الله، قائلين: إِنّ الأصنام أشد حاجة إِليه.
 
كما أنّهم إِذا نفذ الماء المار بمزرعة الله إِلى مزرعة الأصنام قالوا: لا مانع من ذلك، فالله ليس محتاجاً، ولكن إِذا حدث العكس منعوا الماء المتسرب إِلى مزرعة الله، قائلين: إِنّ الأصنام أحوج!
 
وفي الختام تدين الآية هذه الخرافات فتقول: (ساء ما يحكمون).
 
إِنّ قبح عملهم ـ فضلا عن قبح عبادة الأصنام ـ يتبيّن في الأُمور التّالية.
 
1 ـ على الرغم من أنّ كل شيء هو من خلق الله، وملك له دون منازع، وأنّه هو الحاكم على كل الكائنات وهو مدبرها وحافظها فإِنّهم إِنّما كانوا يخصصون جانباً من ذلك كله لله، وكأنّهم هم المالكون الأصليون، وكأنّ حق التقسيم بيدهم، (إِنّ جملة (ممّا ذرأ) تشير إِلى هذا كما قلنا).
 
2 ـ لقد كانوا في هذا التقسيم يلزمون جانب الأصنام ويفضلون ما لها على ما لله، لذلك لم يكونوا يهتمون بما يصيب نصيب الله من ضرر، ولكنّهم كانوا يجبرون كل ضرر يصيب نصيب الأصنام من نصيب الله، فكان هذا تحيزاً إِلى جانب الأصنام ضد الله!
 
3 ـ يتبيّن من بعض الرّوايات أنّهم كانوا يهتمون إِهتماماً كبيراً بحصة الأصنام، فقد كان خدم الأصنام والقائمون على معابدها وكذلك المشركون يأكلون من حصة الاوثان، بينما كانوا يخصصون حصة الله للأطفال وللضيوف، وتدل القرائن على أنّ الأغنام السمينة والمحاصيل الزراعية الجيدة كانت من نصيب الأصنام، أي لمصلحة السدنة الخاصّة (2).
 
كل هذا دل على أنّهم في هذا التقسيم لم يكونوا يعترفون لله حتى بمنزلة مساوية لمنزلة الأصنام.
 
فأي حكم أقبح وأدعى إِلى العار من أن يعتبر إِنسان قطعة من الحجر أو الخشب الذي لا قيمة له أرفع من خالق عالم الوجود، هل هناك هبوط فكريّ أحط من هذا؟ 
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تفسير المنار ج8 , ص122
2- بحار الانوار ج9 , ص 92 و 207 , وتفسير العياشي ج7, ص89
 				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  مقالات عقائدية عامة					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة