المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



الأزجال  
  
11171   10:08 مساءاً   التاريخ: 24-3-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص163-167
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2022 2128
التاريخ: 24-2-2022 1985
التاريخ: 23-6-2022 1994
التاريخ: 4-7-2016 2135

الأزجال جمع زجل(1)، و هو في اللغة التطريب، و قد سمى به الأندلسيون الفن الشعرى العامي المقابل للموشحة. و في اسمه الذى اختاره الأندلسيون ما يدل على أنه نشأ للتغني به في الطرقات و الأسواق و المحافل العامة، و ظل ذلك شأنهم على توالى الزمن، و نرى ابن قزمان يصرح بذلك في بعض أزجاله (2)، و نلتقي بعده بابن عبد الرؤوف و رسالته في الحسبة، و نراه يقول إنه ينبغي أن يمنع الذين يمشون في الأسواق بالأزجال إلا أن تكون نفيرا للجهاد أو تهليلا لحج بيت اللّه الحرام و السفر إلى الحجاز (3). و حين رأى المستشرق الإسباني «ريبيرا» أن صورتها لا تختلف في شيء عن صورة الموشحة من حيث الأقفال و الأغصان قرنها بها في نشأتها منذ أواخر القرن الثالث الهجري قائلا إنه نشأ حينئذ طراز شعري شعبي تمتزج فيه مؤثرات غربية و شرقية متخذا صورتين هما الموشحة الفصيحة و الزجل السوقي الدارج (4)، و يبسط غرسية غوميس فكرته قائلا إنه «قدّم براهين جلية على وجود لغة رومانثية كان يتكلمها أهل الأندلس و هي اللغة التي كتب بها ابن قزمان شاعر القرن الثاني عشر الميلادي أزجاله. . و كانت اللغة الدارجة الجارية على الألسن في قرطبة»  (5). و الشعبتان جميعا كما يراهما ريبيرا تحتاجان إلى مراجعة، إذ ينقصهما البرهان اليقيني، أما أنه كانت تشيع في الأندلس لغة دارجة رومانثية كتبت بها الأزجال فإن الأزجال نفسها تنقضها لأنها كانت مكتوبة بلغة عامية عربية لا رومانثية بدليل أن أبواب البلدان العربية جميعا فتحت لها و تناشدها الناس فيها، و أكبّوا على روايتها و دراستها، حتى ليقول ابن سعيد إنه رأى أزجال ابن قزمان إمام الزجل الأندلسي مدونة ببغداد أكثر مما رآها مدونة بحواضر المغرب )6). و من الطريف أن نعرف أن الأندلسيين لم يكتبوا فيها بحثا و لا دراسة، و أن أول من بحثها و درسها و حاول أن يعرض شيئا من تاريخها و خصائصها العروضية و اللغوية بغدادي هو صفى الدين الحلي المتوفى سنة ٧5٠ في كتابه «العاطل الحالي و المرخّص الغالي» و لو أنها كانت منظومة بلغة رومانثية أو لاتينية كانت دارجة في الأندلس ما استطاع فهمها و لا درسها دراسة علمية قيمة على نحو ما نقرأ في كتابه السالف، الذى لا أبالغ إذا قلت إن أحدا لا يستطيع أن يدرس الأزجال الأندلسية دراسة علمية بصيرة دون الاعتماد عليه. و لم يبن دراسته للزجل على دراسة ديوان ابن قزمان وحده بل لقد استعرض معه طائفة من دواوين الزجالين الذين جاؤوا بعده حتى القرن السابع مما يدل-بوضوح-على أنها كانت متداولة جميعا في المشرق و أنها كانت منظومة بعامية عربية لا لاتينية دارجة أو رومانثية، و لا ننكر أنه تتخلل بعض الأزجال و خاصة عند ابن قزمان بعض ألفاظ رومانثية بحكم أنها دخلت العامية الأندلسية، بالضبط كما حدث لمثيلات لها في لغات الشعوب التي فتحها العرب و التي استحدثت فيها عاميات مختلفة، و لكن ذلك لا يخرجها جميعا-كما لا يخرج العامية الأندلسية-من عالم العاميات العربية.

و بالمثل الشعبة الثانية من رأى «ريبيرا» ، و هي أن الزجل نشأ مع الموشحة منذ أواخر القرن الثالث الهجري في حاجة أيضا إلى مراجعة، إذ لا تذكر المراجع الأندلسية أي شيء عن زجل أو أحد الزجالين قبل القرن السادس الهجري، مما يمنعنا علميا أن ننسب نشأة الزجل إلى القرن الخامس فضلا عن القرن الرابع و ما قبله. و نفس ابن قزمان المتوفى في منتصف القرن السادس يحدثنا في مقدمة ديوانه بأن الزجالين الذين عاشوا في زمنه أو قبله بقليل لم تستقر عندهم القاعدة الأساسية للزجل، و هي أن يكون بلغة عامية تخلو من الإعراب و من التفاصح بالألفاظ العربية الجزلة، و يقول إن أول من اتخذ هذه القاعدة أساسا للزجل أخطل بن نماره وحده دون غيره ممن سبقوه فإن ألفاظ أزجاله ملحونة و سلسة. و يدل على أن أصول الزجل و قواعده لم تكن قد وضعت نهائيا قبل ابن قزمان، أنه عاد يأخذ على ابن نمارة تفاصحه ببعض الألفاظ التي لا تجري في العامية الأندلسية، و حمل بسبب ذلك على زجال يسمى يخلف بن راشد حملة عنيفة. و هذا يؤكد أن نشأة الزجل متأخرة و أنه لم يأخذ مقوماته و خصائصه الكاملة إلا على يد ابن قزمان، و يشهد بذلك ابن سعيد إذ يقول إن الأزجال قيلت بالأندلس قبل ابن قزمان و لكن لم تظهر حلاها، و لا انسكبت معانيها، و لا اشتهرت رشاقتها إلا في زمانه )7)» . و يجزم ابن خلدون بأنها ظهرت متأخرة محاكاة للموشحة، يقول: «لما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس و أخذ به الجمهور لسلاسته و تنميق كلامه و ترصيع أجزائه نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله و نظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيها إعرابا، و استحدثوا فنا سموه بالزجل»  (8).

و معنى ذلك أن تصور «ريبيرا» و من تابعه مثل غرسيه غوميس أن الزجل نشأ مبكرا مع الموشحة و أنه نظم بلغة رومانثية دارجة كانت تشيع على ألسنة أهل الأندلس تصور مخطئ أشد الخطأ، فقد نظم بلغة عامية عربية لا لاتينية دارجة، أو رومانثية، و نظم محاكاة للموشحة بعد أن شاعت و ذاعت و ازدهرت في عصر الطوائف و ما بعده كما يقول ابن خلدون. و سنخص ابن قزمان بكلمة. و ينبغي أن نعرف أن الزجل مثل الموشحة يكثر فيه الغزل و وصف المتاع بالخمر و وصف الطبيعة و الإعجاب بجمالها الفاتن و المديح و الهجاء و الرثاء و جميع أغراض الشعر العربي، و كان كثير منه ينشد في الحثّ على جهاد النصارى و في المناسبات الدينية. و أكبر زجّال في الجيل التالي لابن قزمان هو أحمد بن الحاج المشهور باسم مدغلّيس (9)، و هو من أهل المريّة، و له أزجال كثيرة في مديح الأمراء و القواد، و يقول ابن سعيد إن أزجاله مطبوعة إلى نهاية، و يقول المقري في نفح الطيب: كان أهل الأندلس يقولون: ابن قزمان في الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء و مدغليس بمنزلة أبى تمام بالنظر إلى الانطباع و الصناعة، فابن قزمان ملتفت للمعنى و مدغليس ملتفت للفظ، و كان أديبا معربا لكلامه مثل ابن قزمان (يريد أنهما كانا ينظمان الشعر الفصيح) و لكنه لما رأى نفسه في الزجل أنجب اقتصر عليه»  (10) و كان ديوانه يروى في المشرق و حصل صفي الدين الحلي على مخطوطة منه، و أدار عليه و على ابن قزمان أكثر ملاحظاته على عروض الزجل الأندلسي و خصائصه اللغوية، و ذكر له كما أسلفنا-ثلاث عشرة قصيدة عامية على أوزان الشعر العربي، و ذكر له قطعا من أزجاله و أروعها الزجل الذى أنشده له ابن سعيد، و فيه يقول(11)

ثلاث آشيا فالبساتين    لس تجد في كلّ موضع 
النّسيم و الخضره و الطّير       شم و اتنزّه و إسمع 
و رذاذا دقّ ينزل       و شعاع الشمس يضرب 
فترى الواحد يفضّض       و ترى الآخر يذهّب 
و النبات يشرب و يسكر    و الغصون ترقص و تطرب 

   و يشيد في نهاية الزجل بغناء أم الحسن. و الزجل مفعم بالسلاسة و العذوبة و التصاوير الرائعة الملحنة على أنغام وزن الرمل المرقص المطرب، و كأنما تحمل إلينا الألفاظ أنفاس البستان و أريج رياحينه. و مع أن مدغليس لم يوحّد القوافي بين الأجزاء الأولى المتقابلة في قوافل هذا الزجل و أغصانه و اكتفى باتحادها في الأجزاء الثانية أسوة بابن قزمان في بعض أزجاله يموج زجله بجرس يلذ الأذن و يمتع النفس لدقته في اصطفاء ألفاظه و حسن ذوقه في انتخابها حتى لكأننا نستمع فيها إلى لحن موسيقى. و ربما كان هو أول من ابتكر صياغة القصائد بالعامية التي أسلفنا الحديث عنها، و كأنما رأى أن يقيس القصيدة على الموشحة، فكما صاغوا الزجل قياسا على الموشحة صاغ القصائد العامية قياسا على قصائد الفصحى بنفس أعاريضها المستعملة عند العرب-كما مرّ بنا-من مديد و خفيف و غير ذلك. و من كبار الزجالين بعده أبو الحسن على بن محمد الشاطبي، و قد أنشد له صاحب العاطل الحالي قطعة من زجل يبدو أنه كان من أزجال الاستنفار للجهاد و أنه قاله عقب انتصار، يقول فيه واصفا حال العدو (12):

كلما را السيوف إليه تنجرد    صاح و يشكو و ثمّ لم يرتفد )13)
ينبح الكلب إذ يرى الأسد     و الأسد لس يهزّو ذاك النّباح 
و رجاعت عليه جنود و وبال     و مال النّحس ما عو كف ما مال 
لم تنجيّه وصيّة الكردنال     ول فادت نصيحة النّصّاح 
و واضح أن الزجل من وزن الخفيف. و يذكر ابن سعيد في المغرب طائفة من الزجالين و طرائفهم الزجلية، و قد نقل كثيرين منهم عن كتاب ملح الزجالين لابن الدباغ المالقي، و منهم زجّالو إشبيلية: أبو عمرو الزاهر و أبو بكر الحصار و أبو عبد اللّه بن خاطب و أبو بكر بن صارم و منهم ابن (14)ناجية اللورقي. و قد أضاف ابن سعيد إليهم طائفة من زجالي القرن السابع أمثال البلاّرج القرموني و يحيى بن عبد اللّه بن البحبضة. و ترجم لابن الدباغ )15)المذكور آنفا و قال إنه لقيه بمالقة و إنه إمام في الهجو على طريقة الزجل، و ذكر له بعض أزجاله. و نشعر أن الزجل-مثل الموشحة-انتهى عصر ازدهاره بانتهاء عصر الموحدين لو لا ما أتيح له من حيوية و روحانية بعد ذلك على لسان المتصوفة من أمثال الششتري المتوفى بدمياط سنة 66٨ للهجرة. و من الزجالين المهمين ابن عمير، و قد أنشد له صاحب العاطل من زجل قوله (16):

يا حبيب قلبي تعطّف      بعض هذا الهجر يكفا 
فدموع عيني ما ترقا       و لهيب قلبي ما يطفا 
و الزجل من وزن الرمل، و يقول ابن خلدون إنه نزل بمدينة فاس في المغرب و نظم لهم نوعا من الشعر الملحون في أعاريض مزدوجة فأولعوا بالنظم فيه و سموه عروض (17)البلد. و يذكر ابن خلدون من الزجالين في عصره ابن الخطيب (المتوفى سنة ٧٧6 للهجرة) و كان يعاصره إمام في الزجل هو محمد بن عبد العظيم من أهل وادى آش، و ينشد له ابن خلدون قطعة من زجل عارض به زجلا لمدغليس استهله بقوله:

حلّ المجون يا أهل الشطارا     مذ حلّت الشمس بالحمل 
و جدير بنا أن نقف قليلا عند ابن قزمان إمام الزجل الأندلسي و نتحدث عن بعض أزجاله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١) (راجع في هذا الموضوع كتاب الرجل في الأندلس للدكتور عبد العزيز الأهواني (نشر معهد الدراسات العربية العالية في الجامعة العربية) و كتاب تاريخ الأدب الأندلسي: عصر الطوائف و المرابطين للدكتور إحسان عباس ص ٢5٢ و ما بعدها.

٢) انظر الزجل رقم 6١ في ديوانه.

3) راجع رسالة الحسبة لابن عبد الرؤوف في ثلاث رسائل نشر بروقنسال.

4) انظر بالنثيا ص ١4٢.

5) دراسات أندلسية للدكتور الطاهر مكى ص ١٨6.

6) المقتطف ص ٢6٣.

7) المقتطف ص ٢6٣.

8) مقدمة ابن خلدون (تحقيق د. على عبد الواحد وافى) ص ١٣5٠.

9)انظر في مدغليس المغرب ١/٢١4 و تعليقنا على ترجمته في الهامش.

١0) النفح ٣/٣٨5.

11)المغرب ٢/٢٢٠.

12)انظر العاطل الحالي ص ٣4 و ٨٠.

١3)يرتفد: يريد أنه لم يدعم بمدد من قومه.

14) انظر في هؤلاء الزجالين فهرس المغرب.

15) المغرب ١/4٣٨.

16) العاطل الحالي ص56.

17)المقدمة ص ١٣5٧.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.