أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-7-2019
1592
التاريخ: 29-6-2019
1880
التاريخ: 19-4-2017
3766
التاريخ: 15-3-2018
3550
|
ميزقانون العقوبات العراقي، جريا على ما سلكته اغلب قوانين العقوبات الحديثة بين طائفتين من المساهمين في الجريمة (المواد من 47 الى 54). طائفة تضم أولئك الذين يساهمون فيها بدور اصلي رئيس وطائفة تضم أولئك الذين يساهمون فيها بدور تبعي ثانوي. وتبعا لذلك ظهرت صورتان للمساهمة في الجريمة هما صورة المساهمة الأصلية وصورة المساهمة التبعية. وتتحقق الأولى عند قيام شخص من الطائفة الأولى بعملية في الجريمة. وتتحقق الثانية عند قيام شخص من الطائفة الثانية بعمله في الجريمة ولكن ما هو معيار التمييز بين الطائفتين؟ ان هذه المسالة محل خلاف في الفقه، حيث تنازعتها نظريتان هما :-
1.النظرية الشخصية :
ومعيارها في التمييز بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية يكمن في الركن المعنوي للجريمة. اذ تميز المساهم الأصلي عن المساهم التبعي بانه من توافرت لديه نية من نوع خاص، اما نوع عمل المساهم فهي لا تهتم به مطلقا وبالتالي لا ترى فيه مؤثرا في التمييز موضوع البحث.وتعتمد هذه النظرية في تمييزها هذا على اعتبارات شخصية مردها الى إرادة من اقترف الفعل الذي ساهم به في ارتكاب الجريمة. فالمساهم الأصلي في نظرها من تتوافر لديه نية الفاعل الأصلي، اما المساهم التبعي فهو من تتوافر لديه نية الشريك. الأول هومن ينظر الى الجريمة باعتبارها مشروعة الاجرامي، هو سيده ويعتبر غيره من زملائه مجرد اتباع له الجريمة يعملون لحسابه. والثاني : هو من ينظر اليها باعتبارها مشروع غيره، اما هو فمجرد معضد لصاحب المشروع وعامل لحسابه (1). يرفض كثير من الكتاب هذه النظرية ويدمغونها بانها لم توفق في تحديد معيار للتمييز بين صورتي المساهمة الجنائية.
2.النظرية الموضوعية :
ومعيارها في التمييز بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية يكمن في الركن المادي للجريمة أي في نوع السلوك الذي يرتكبه المتهم ومقدار خطواته على الحق الذي يحميه القانون. حيث تجعل هذا المعيار هو مقدار مساهمة الفعل من الناحية المادية في احداث النتيجة الاجرامية. فالفعل الاكثر خطورة على الحق والاقوى مساهمة في احداث النتيجة يجعل مقترفه مساهما اصليا في الجريمة. اما الفعل الأقل خطورة والاضعف مساهمة فلا يعود مقترفه ان يكون غير مساهم تبعي. ولذلك قال بعضهم، ان المساهم الأصلي هو من يرتكب سلوكا يعد عملا تنفيذيا للجريمة، اما المساهم التبعي فهو من يرتكب سلوكا يمهد به للعمل التنفيذي او يتيح به الفرصة لمرتكبه كي يتمه، وهو على وجه التحديد الأعمال التحضيرية للجريمة. والعمل التنفيذي، كما نعلم، هو الفعل الذي يقوم به الركن المادي للجريمة او جزء منه او عملا من الأعمال المكونة له او عملا ليس من ذلك ولكنه مؤدي إليه مباشرة. وعندنا ان الاعتماد على الاعتبارات الشخصية غير كاف لا قامة معيار للتمييز بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية. ولذلك نحن نميل الى تاييد النظرية الموضوعية وعلى وجه التحديد قولها بالاستناد في التمييز بين صورتي المساهمة في الجريمة الى العمل التنفيذي والعمل التحضيري الى الجريمة واعتبار صاحب الأول مساهم اصلي وصاحب الثاني مساهم تبعي. وهو ما اخذ به قانون العقوبات العراقي في المادتين 47و48. ذلك ان النظرية الموضوعية تمتاز بالإضافة الى وضوحها وسهولة تطبيقها، فان لها سندها القانوني حيث ان التفرقة بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية هي تفرقة بين من قام بدور رئيس في الجريمة فكان اجرامه خطيرا ومن قام بدور ثانوي فيها فكان اجرامه اقل خطرا. فان من يرتكب العمل التنفيذي انما يرتكب عملا غير مشروع لذاته وهو بالتالي أمعن في الاجرام ممن يقترف عملا تحضيريا ليست له في ذاته صفة غير مشروعة وانما اكتسب هذه الصفة عرضا لعلاقة قامت بينه وبين فعل آخر.
أهمية التمييز :
وتظهر أهمية التمييز بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية في الجريمة حتى في القوانين التي ساوت في العقوبة بين صورتي المساهمة كقانون العقوبات العراقي (المادة 50) في وجوه عدة أهمها :
1.من حيث العقاب :
تقرر كثير من قوانين العقوبات للمساهم التبعي في الجريمة نفس عقوبة الجريمة نفس عقوبة الجريمة التي ساهم فيها، وبذلك تساوى بينه وبين المساهم الأصلي في العقاب، ومنها قانون العقوبات العراقي وقانون العقوبات المصري. ومع ذلك فان هذه المساواة في العقاب ليست مطلقة، حيث هناك حالات يقرر فيها القانون للمساهم التبعي عقوبة تختلف عن عقوبة الجريمة. والى ذلك إشارات المادة (50) قانون العقوبات العراقي قائلة : (كل من ساهم بوصفه فاعلا او شريكا في ارتكاب جريمة يعاقب بالعقوبة المقررة لها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك). وفي هذه الحالات تظهر أهمية التمييز صورتي المساهمة.
2.من حيث اعتبار تعدد الجناة ظرفا مشددا : تقرر كثير من قوانين العقوبات اعتبار تعدد الجناة مرتبكي الجريمة في بعض الجرائم ظرفا مشددا للجريمة يستوجب تشديد عقوبتها، كما هول الحال في جريمة السرقة في القانون العراقي. والراجح فقها ان هذا الظرف لا يعد متوافرا الا اذا تعدد المساهمون الاصليون في الجريمة. وبالتالي فلا تحقق للظرف المشدد ان كان الفاعل الأصلي للجريمة واحدا ساهم معه عدد من المساهمين التبعيين (2).
3.من حيث توافر اركان بعض الجرائم :هناك بعض الجرائم لا يتصور ارتكابها الا من قبل شخص ذي صفة معينة وتصبح هذه الصفة عندئذ ركنا من اركان الجريمة. كجريمة الرشوة حيث لا يرتكبها الا موظف وجريمة الزنا حيث لا يرتكبها الا زوج. مما يترتب عليه ان تحقق هذه الصفة المساهم الأصلي في الجريمة امر ضروري لقيامها، بخلاف ذلك في المساهم التبعي.
4.من حيث تأثير الظروف :
ان بعض قوانين العقوبات وان كانت تقضي في الاصل، بمعاقبة المساهم التبعي بعقوبة المساهم الأصلي الا انها أحياناً لم تجعل الظروف التي تتوافر لدى المساهم الأصلي حكم الظروف التي تتوافر لدى المساهم التبعي حيث تفرد لكل منهما احكاما تختلف عن الاحكام التي يخضع لها الاخر (3).
______________________________
1-انظر الدكتور محمود نجيب حسني، المرجع السابق ص449 ن 453 – الدكتور رمسيس بنهام، المرجع السابق، ص656.
2-انظر جارسون، المرجع السابق، مادة 60 ن 18 – جارو، المرجع السابق، ج3 ن949 ص122 – فيدال ومانيول، المرجع السابق، ج1 ن407 ص568 – الدكتور السعيد مصطفى السعيد، المرجع السابق، ص268.
3- ومن هذه القوانين العقوبات المصري وقانون العقوبات البغدادي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|