بعض النماذج للتخير بين المذاهب في قضيتين مما ورد في قانون الاحوال الشخصية |
3211
11:01 صباحاً
التاريخ: 6-2-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2017
13686
التاريخ: 22-4-2019
6412
التاريخ: 9-11-2021
2100
التاريخ: 24-5-2017
12689
|
يمكن القول بان قانون الاحوال الشخصية كله عبارة عن قانون تخير فيه المشرع من اراء الفقهاء ما وجده ملائما في نظره لظروف المجتمع ومحققا للمصلحة الشرعية فلم يلتزم القانون مذهبا واحدا يأخذ الناس به بل جاءت مسائل الاحوال الشخصية يتجاذب حكمها المذاهب الاسلامية على اختلاف مشاربها -اصول الاستنباط فيها- واتجاهاتها الفكرية يظهر هذا التجاذب جليا في بعض المسائل الخلافية في الفقه الاسلامي والتي تخير فيها المشرع رايا من الاراء في هذه المسالة أو تلك نذكر نموذجين من هذه المسائل على سبيل المثال:
النموذج الأول: أجرة تطبيب المرأة
من المسائل التي اختلف فيها فقهاء الشريعة الإسلامية والتي تخير مشرع قانون الاحوال الشخصية رايا من الاراء هو مدى شمول نفقة الزوجة لاجرة الطبيب وثمن الدواء فقد ذهب جمهور فقهاء الشريعة إلى عدم وجوب اجرة التطبيب على الزوج وخالفهم في ذلك الزيدية على التفصيل الاتي: فقد ذهب الحنفية الى ان الزوج لا يلزم بثمن الدواء او اجرة الطبيب وانما هو في مالها فقد جاء في حاشية ابن عابدين (قوله كما لا يلزمه مداواتها أي إتيانه لها بدواء المرض ولا أجرة الطبيب ولا الفصد ولا الحجامة هندية عن السراج)(1). وجاء في موضع اخر (اما الخضاب والكحل فلا يلزمه بل هو على اختياره واما الطيب فيجب عليه ما يقطع به السهوكة وعليه ما تقطع به الصنان لا الدواء للمرض ولا أجرة الطبيب ولا الفصاد ولا الحجام)(2). وجاء في المبسوط (ألا ترى أن نفقة الزوجة على الزوج وأجرة الطبيب وثمن الدواء إذا مرضت عليها في مالها لا شيء على الزوج من ذلك)(3). وما ذهب اليه الحنفية ذهب اليه الشافعية فقد جاء في اعانة الطالبين (ولا يجب عليه أجرة طبيب أي وحاجم وفاصد وخاتن وإنما لم تجب عليه كالدواء لأنها لحفظ الأصل وهو لا يجب عليه كما لا يجب عمارة الدار المستأجرة واما آلة التنظيف فإنها نظير غسل الدار وكنسها أفاده البجيرمي)(4). وفي مغني المحتاج (ولا يجب لها عليه كحل ولا يجب لها عليه خضاب ولا عطر ... و لا دواء مرض و لا أجرة طبيب وحاجم ونحو ذلك كفاصد وخاتن لأن ذلك لحفظ الأصل فلا يجب على مستحق المنفعة كعمارة الدار المستأجرة التنظيف لأنه في معنى كنس الدار وغسلها)(5). ومما جاء في كتب الحنابلة في هذه المسالة ما جاء في المغني لابن قدامة المقدسي (ولا يجب عليه شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب لأنه يراد لإصلاح الجسم فلا يلزمه كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار وحفظ أصولها وكذلك أجرة الحجام والفاصد)(6). وفي الكافي (ولا يلزمه ثمن الخضاب لأنه للزينة فأشبه الحلي ولا ثمن الدواء وأجرة الطبيب لأنه ليس من النفقة الراتبة إنما يحتاج إليه لعارض)(7). وجاء في قواعد الاحكام من كتب الجعفرية (ويجب في النفقة أمور ثمانية الأول: الطعام... والثاني: الآدم... الثالث: نفقة الخادمة أن كانت من أهل الإخدام... الرابع: الكسوة لها ولخادمها... الخامس: الفراش... السادس: آلة الطبخ والشرب... السابع: آلة التنظيف... ولا تستحق عليه الدوائر للمرض ولا أجرة الحجامة ولا أجرة الحمام إلا مع البرد)(8) . وخالف الزيدية الجمهور جاء في شرح الازهار من كتب الزيدية (والواجب للزوجة كفايتها كسوة ونفقة واداما ودواء وقال في الانتصار لا تجب اجرة الحجام وثمن الادوية واجرة الطبيب لان ذلك يراد لحفظ البدن قلنا يراد لدوام الحياة فاشبه النفقة)(9). وما ذهب اليه الزيدية هو ما اختاره قانون الاحوال الشخصية في المادة الرابعة والعشرون الفقرة الثانية والتي تنص على (تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن ولوازمها واجرة التطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لامثالها معين).
النموذج الثاني: زواج المسلم من كتابية
زواج المسلم من الكتابية هو ايضا من المسائل التي اختلف فيها فقهاء الشريعة الاسلامية فقد ذهب جمهور فقهاء الشريعة الى صحة زواج المسلم بالكتابية وخالفهم في ذلك كل من متأخري الزيدية والجعفرية على المشهور من مذهبهم. جاء في بدائع الصنائع من كتب الحنفية (فلا يجوز للمسلم أن ينكح المشركة لقوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن(10). ويجوز أن ينكح الكتابية لقوله عز وجل والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم(11) .والفرق أن الأصل أن لا يجوز للمسلم أن ينكح الكافرة لأن ازدواج الكافرة والمخالطة معها مع قيام العداوة الدينية لا يحصل الموطأ والمودة الذي هو قوام مقاصد النكاح إلا أنه لصاحب نكاح الكتابية لرجاء إسلامها لأنها آمنت بكتب الأنبياء والرسل في الجملة وإنما نقضت الجملة بالتفصيل بناء على أنها أخبرت عن الأمر على خلاف حقيقته فالظاهر أنها متى نبهت على حقيقة الأمر تنبهت وتأتي بالإيمان على التفصيل على حسب ما كانت أتت به على الجملة هذا هو الظاهر من حال التي بنى أمرها على الدليل دون الهوى والطبع والزوج يدعوها إلى الإسلام وينبهها على حقيقة الأمر فكان في نكاح المسلم إياها رجاء إسلامها فجوز نكاحها لهذه العاقبة الحميدة بخلاف المشركة فإنها في اختيارها الشرك ما ثبت أمرها على الحجة بل على التقليد بوجود الآباء عن ذلك أن ينتهي ذلك الخبر ممن يجب قبول قوله واتباعه وهو الرسول فالظاهر أنها لا تنظر في الحجة ولا تلتفت إليها ثم الدعوة فيبقى ازدواج الكافر مع قيام العداوة الدينية المانعة عن الموطأ والازدواج والمودة خاليا عن العاقبة الحميدة فلم يجز إنكاحها وسواء كانت الكتابية حرة أو أمة عندنا)(12). وجاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية "وتحل كتابية أي نكاحها لقوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم أي حل لكم(13). وفي فتح المعين (تنبيه اعلم أنه يشترط أيضا في المنكوحة كونها مسلمة أو كتابية خالصة ذمية كانت أو حربية فيحل مع الكراهة)(14). وما ذهب اليه الحنفية والشافعية ذهب اليه كل من الحنابلة والظاهرية جاء في المغني (وحرائر نساء أهل الكتاب وذبائحهم حلائل للمسلمين ليس بين أهل العلم بحمد الله اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب)(15). وفي المحلى (فلو أسلما معا بقيا على نكاحهما فإن أسلم هو قبلها فإن كانت كتابية بقيا على نكاحهما أسلمت هي أم لم تسلم)(16). وجاء في موضع اخر (وجائز للمسلم نكاح الكتابية وهي اليهودية والنصرانية والمجوسية بالزواج)(17). ومما جاء في كتب الزيدية (اجمع المسلمون انه لا يحل لامرأة مؤمنة ان تزوج يهوديا ولا نصرانيا فالحكم في النساء والرجال واحد ... وكذلك كل امرأة تخالف الرجل في ملته فانها تحرم عليه ويحرم عليها سواء كانا كافرين ام مسلما وكافرا وعن الصادق والباقر (عليهما السلام) تجوز نكاح الكتابيات واختاره في الانتصار قال فيه وهو اجماع الصدر الاول وقال فيه ايضا وانما يجوز في حق من لم يبدل وكان من نسب بنى اسرائيل فاما هؤلاء فقد غيروا وبدلوا)(18). وجاء في موضع اخر (أمامن يحرم لغير النسب والمصاهرة بل لاجل صفة فذلك ثلاثة عشر صنفا من النساء الاولى (المخالفة) له (في الملة) فلا تحل الكافرة للمسلم ولا المسلمة للكافر)(19). ومما جاء في كتب الجعفرية قول الحلي في شرائع الاسلام (وفي تحريم الكتابية من اليهود والنصارى روايتان اشهرهما المنع في النكاح الدائم والجواز في المؤجل اي نكاح المتعة وملك اليمين)(20). (وجاء في السرائر) والذي تقتضيه الأدلة وأصول المذهب، إن وطء الكافرة حرام، لقوله تعالى: ولا تمسكوا بعصم الكوافر(21). وقوله: ولا تنكحوا المشركات(22). ولا خلاف بين أصحابنا، أن ولد الزنا كافر، وإنما أجمعنا على وطء اليهودية والنصرانية بالملك، والاستدامة، والباقيات من الكافرات على ما هن عليه من الآيات ، والتخصيص يحتاج إلى دليل، وليس العموم إذا خص، يصير مجازا، بل الصحيح من قول محصلي أصول الفقه، أنه يصح التمسك بالعموم، إذا خص بعضه، فليلحظ ذلك)(23). وفي غنية النزوع (ويحرم العقد على الكافرة وإن اختلفت جهات كفرها حتى تسلم -إلا على وجه نذكره- بدليل إجماع الطائفة ، وأيضا قوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر، وقوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وقوله: لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة(24). لأنه نفي لظاهر التساوي في جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة. وقوله تعالى: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم(25). نخصه بنكاح المتعة، فإنه جائز عندنا على الكتابيات، أو نحمله على ما إذا كن مسلمات، بدليل ما قدمناه، ولا يمتنع أن يكون من جهة الشرع قبل ورود هذا البيان فرق بين من آمنت بعد كفر، وبين من لم تكفر أصلا، فيكون في البيان لاباحة نكاح الجميع فائدة)(26). اما قانون الاحوال الشخصية فقد ذهب الى صحة زواج المسلم بالكتابية اخذا بمذهب الجمهور فقد جاء في المادة السابعة عشرة (يصح للمسلم ان يتزوج كتابية ولا يصح زواج المسلمة من غير المسلم).
_______________________
[1]-ينظر ابن عابدين، العلامة محمد امين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر، ط2، 1386 : 3/575.
2- المرجع السابق: 3/579-580.
3- ينظر السرخسي، المبسوط: 21/105 وينظر ايضا محمد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير، دار الفكر، ط2، 4/ 387.
4-ينظر الدمياطي، إعانة الطالبين: 4/72.
5- ينظر محمد الخطيب الشربيني، مغني المحتاج الى معرفة الفاظ المنهاج، دار الفكر، 1398هـ، 1978، 3/431.
6- ينظر عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ط1، 1405، دار الفكر: 8/159 وجاء في كشاف القناع (ولا يجب عليه أي الزوج الأدوية وأجرة الطبيب والحجام والفاصد أن ذلك يراد لإصلاح الجسم كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار) ينظر لذلك منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، تحقيق هلال مصيلحي مصطفى هلال، دار الفكر، 1402،5/463.
7-ينظر عبد الله بن قدامة المقدسي أبو محمد، الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل، تحقيق زهير الشاويش، ط5، 1408 - 1988، من منشورات المكتب الإسلامي، 3/363.
8- ينظر الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، قواعد الاحكام، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1413هـ، 3/106.
9- ينظر احمد المرتضى، شرح الأزهار، الناشر غمطان، صنعاء، 1400 هـ، 2/697.
0[1]- سورة البقرة / 221.
1[1]- سورة المائدة / 5.
2[1]- ينظر علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط2، 1982، دار الكتاب العربي، 2/270.
3[1]- ينظر الشربيني، مغني المحتاج 3/187.
4[1]- ينظر زين الدين بن عبد العزيز المليباري، فتح المعين بشرح قرة العين، دار الفكر، 3/294.
5[1]- ينظر ابن قدامة المقدسي، المرجع السابق 7/99.
6[1]- ينظر علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد، المحلى، دار الآفاق الجديدة، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، 7/312.
7[1]- المرجع السابق: 9/445.
8[1]- ينظر الامام أحمد المرتضى، المرجع السابق: 2/208-209.
9[1]- المرجع السابق: 2/208.
20- ينظر نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي، شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام، ط2، 1409هـ، مطبعة امير قم 2/294.
[1]2- سورة الممتحنة / 10.
22- سورة البقرة / 221.
23- ينظر محمد بن منصور بن احمد ابن ادريس الحلي، السرائر، ط2، 1410هـ، مطبعة جامعة المدرسين 2/353-354.
24- سورة الحشر / 20.
25- سورة البقرة / 221.
26- ينظر حمزة بن علي ابن زهرة الحلبي، غنية النزوغ الى علمي الاصول والفروع، تحقيق الشيخ ابراهيم البهادري، ط1، 1417هـ، مطبعة اعتماد قم 339-340.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل قائد الفرقة الرابعة الشرطة الاتحادية
|
|
|