إذا علم موضع النجاسة من الثوب والبدن وجب غسله ، وإن اشتبه وجب غسل كلّ ما يحصل فيه الاشتباه ، ولا يجوز التحري ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد، والنخعي ، وابن المنذر (1) ـ لأنّ النجاسة متيقنة فلا تزول بدونه ، ولقول  الصادق عليه السلام : « فإن خفي مكانه فاغسله كله » (2).

وقال ابن شبرمة : يتحرى كالثوب (3) ، والحكم في الأصل ممنوع.

وقال عطاء وحماد بنضح الثوب كله (4) ، لأنّ كلّ موضع يشك فيه فينضح ، والنضح غير كاف لتيقن النجاسة.

ولو نجس أحد الكمين غسلهما ، وإن قطع أحدهما غسل الباقي ، وعند الشافعية وجهان في التحري في أحد الكمين (5) ، ولو قطع أحدهما جاز التحري عندهم قولاً واحداً (6).

ولو نجس أحد الثوبين واشتبه وجب غسلهما ، ولم يجز التحري عندنا إجماعاً ، وبه قال أحمد ، وابن الماجشون ، وأبو ثور ، والمزني ، لأنّ أحدهما نجس بيقين ، وبالتحري لا يحصل يقين البراءة (7) ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يتحرى كالأواني (8) ، والأصل ممنوع.

ولو نجس أحد الإناءين واشتبه اجتنبا ، ووجب غسلهما معاً ، ولو لم يجد غير مائهما تيمم وصلّى ، ولا إعادة عليه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، سواء كان عدد الطاهر أكثر أو أقل أو تساويا ، وسواء السفر والحضر ، وسواء اشتبه بالنجس أو بالنجاسة ـ وبه قال المزني ، وأبو ثور ، وأحمد (9) ـ لأنّ استعمال النجس محرم فيجب الاجتناب ، كالمشتبه بالأجنبية.

وقال أبو حنيفة : إن كان عدد الطاهر أكثر جاز التحري ، وإلّا فلا (10) ، لأنّ الظاهر إصابة الطاهر ، وهو ممنوع ومنقوض بالثياب.

وقال الشافعي : إن كان [ في ] (11) أحدهما نجاسة لم يجز التحري ، وإلّا جاز مطلقاً كالتحري في القبلة (12) ، وحكم الأصل ممنوع.

وقال ابن الماجشون ، ومحمد بن مسلمة (13) : يتوضأ بكل واحد منهما (14) ، وهو خطأ.

__________________

1 ـ الشرح الصغير 1 : 32 ، مغني المحتاج 1 : 189 ، المجموع 3 : 143 ، الاُم 1 : 55 ، المغني 1 : 766 ، فتح العزيز 4 : 15 ـ 16.

2 ـ الكافي 3 : 53 / 1 ، التهذيب 1 : 251 / 725.

3 ـ المغني 1 : 766.

4 ـ المغني 1 : 766.

5 ـ المجموع 3 : 145 ، فتح العزيز 4 : 17 ـ 18 ، مغني المحتاج 1 : 189 ، المهذب للشيرازي 1 : 68.

6 ـ المجموع 3 : 145 ، فتح العزيز 4 ، 18 ، مغني المحتاج 1 : 189 ، المهذب للشيرازي 1 : 68.

7 ـ المغني 1 : 82 ، الشرح الكبير 1 : 82.

8 ـ المغني 1 : 82 ، الشرح الكبير 1 : 82 ، المجموع 3 : 144 ، فتح العزيز 1 : 274 و 4 : 21 ، مختصر المزني 1 : 18.

9 ـ المجموع 1 : 181 ، المغني 1 : 79 ، الشرح الكبير 1 : 78.

10 ـ المجموع 1 : 181.

11 ـ زيادة يقتضيها السياق.

12 ـ المجموع 1 : 180 ـ 181.

13 ـ في الاصلين « محمد بن مسلم » وهو خطأ ، والصحيح ما أثبتناه ، اُنظر المصادر المشار اليها.

14 ـ المجموع 1 : 181 ، المغني 1 : 79 ، حلية العلماء 1 : 87.