أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016
2053
التاريخ: 2024-11-14
133
التاريخ: 13-12-2014
2071
التاريخ: 11-10-2014
1676
|
هنالك آيات في سورة الأحزاب نزلت بحق علي عليه السلام على ضوء قول طائفة من المفسرين، أو أنّها ناظرة إلى تضحياته الفريدة من نوعها.
فنقرأ في قوله تعالى : {مِّنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَاعَاهَدوُا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَّنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدْيلًا} (الاحزاب/ 23) .ويقول تعالى (أي بعد آيتين) : {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً} (الاحزاب/ 25).
نحن نعلم أنّ معركة الأحزاب كانت من أهم الغزوات في الإسلام، فهي كما يتضح من اسمها تعتبر صراع جميع أعداء الإسلام ضد المسلمين، وتظافرت كافة الفرق التي تعرضت مصالحها للخطر نتيجة لانتشار الدين الإسلامي، من أجل القضاء على الإسلام ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ولتطمئن قلوبهم إلى الأبد!.
فهناك سبع عشرة آية من سورة الأحزاب شرحت أحوال هذه المعركة، وقد توضحت فيها دقائق الامور وخفاياها، وقد فصلت أحوال مختلف فرق المسلمين في هذا المضمار بدقة وظرافة.
لقد مرّت على المسلمين لحظات حرجة وخطيرة للغاية في هذه المعركة، فحشود العدو، وقلة الجيش الإسلامي في مقابلهم (ذكر المؤرخون عدد جيش الأحزاب بعشرة الآف رجل، والجيش الإسلامي بثلاثة الآف رجل) بالإضافة إلى استعداد العدو من حيث المعدات الحربية وقلة عدّة المسلمين.
فالآيتان من ضمن هذه الآيات السبع عشرة.
ويروي صاحب «شواهد التنزيل» في ذيل الآية الاولى بسنده عن علي عليه السلام قوله : «فينا نزلت رجال صدقوا ما عاهدوا اللَّه عليه، ثمّ قال : فأنا واللَّه المنتظر» (1).
ويروي عن «عبد اللَّه بن عباس» أيضاً : إنّ الآية {مِّنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ} ناظرة إلى علي عليه السلام والحمزة وجعفر، وعبارة {وَمِنْهُم مَّن يَنْتَظِرُ} إشارة إلى علي عليه السلام الذي كان ينتظر الشهادة في سبيل اللَّه، «فواللَّه لقد رُزق الشهادة» (2)..
وروي هذا المعنى أيضاً في كل من «الصواعق المحرقة» لابن حجر، و «الفصول المهمّة» لابن الصباغ المالكي، و «الكشف والبيان» للنيسابوري (3)..
البحث فيما يتعلق بالآية الثانية أكثر اتساعاً من هذا، فقد قال الكثير من المحدثين والمفسرين : إنّ {كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ القِتَالَ ...} إشارة إلى علي عليه السلام وضربته المؤثرة التي وجهها لعمر بن عبد ود وكفى المؤمنين قتال الكفار.
ومن بين الذين رووا هذا المعنى هو «عبد اللَّه بن مسعود»، فعندما كان يقرأ هذه الآية كان يقول في تفسيرها : «و كفى اللَّه المؤمنين القتال، بعلي بن أبي طالب» (4)..
ويروي «الحاكم الحسكاني» عدّة أحاديث بهذا المضمون عن عبد اللَّه بن مسعود (5)..
ويروي عن ابن عباس أيضاً أنّه لمّا قرأ آية «وكفى اللَّه المؤمنين القتال» قال : «كفاهم اللَّه القتال يوم الخندق بعلي بن أبي طالب، حين قتل عمرو بن عبد ود» (6)..
كما روى عن حذيفة الصحابي المعروف حديثاً مفصّلًا حول نزال علي عليه السلام لعمرو بن عبد ود وقتله، ثمّ يقول : قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : «أبشر يا علي! فلو وزن اليوم عملك بعمل امّة محمد لرجح عملك بعملهم وذلك أنّه لم يبق بيت من بيوت المسلمين إلّا وقد دخله عزٌ بقتل عمرو» (7).
وينقل نفس المعنى عن «ابن حكيم» عن جده عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
ينقل «السيوطي» في الدر المنثور عن «ابن أبي حاتم»، و «ابن مردويه»، و «ابن عساكر» عن «ابن مسعود» أنّه لما كان يقرأ هذه الآية، يقول (في شرحها) : «وكفى اللَّه المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب» (8).
ونقل هذا المعنى العلّامة «الشيخ سليمان القندوزي» في «ينابيع المودة» (9).
ونقل فريق آخر يطول المقام بذكر أسمائهم، هذا الحديث أيضاً.
والجدير بالاهتمام أنّ مضمون هذه الآيات ومن خلال الشرح المذكور هو أنّ علياً عليه السلام كان السبب في انتصار المسلمين بإذن اللَّه في ذلك الميدان الخطير للغاية، حيث كانت معركة الأحزاب السهم الأخير بيد العدو، وهي أصعب مؤامرات المشركين ضد الإسلام، نعم، فقد كان مجريا للإرادة الإلهيّة، واحد الأسباب المهمّة لانتصار المسلمين في هذه المعركة، فلا تشاهد هذه المنقبة لأي أحد من امّة محمد صلى الله عليه و آله سوى علي عليه السلام.
ألا يستحق من يفوق عمله هذا عمل كافة امّة محمد صلى الله عليه و آله، خلافة النبيّ صلى الله عليه و آله؟!
سؤال :
ربّما يقال هنا : إنّه قد جاء في الآية التي تشير بالإجمال إلى قصة معركة الأحزاب :
{يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيكُمْ اذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيراً} (الاحزاب/ 9).
طبقاً لهذه الآية، فأحد أسباب هزيمة الاحزاب كانت الريح العاصفة التي هبت عليهم، والسبب الآخر الجنود غير المرئيين (الملائكة)، وعليه فكيف يمكن القول : إنّ علياً عليه السلام كان سبب الانتصار؟
الجواب : هو أنّ الانتصار في معركة ما، ربّما تكون له عوامل متعددة كالعامل العسكري، والطبيعي، والمعنوي، وغيرها، وممّا لا شك فيه أنّ ثلاثة عوامل قد تظافرت في هذه المعركة بحيث لا يتسنّى انكار أي منها أبداً، وهي : مصرع عمر بن عبد ود فارس الأحزاب على يد علي عليه السلام، وهبوب الرياح، وجيش الملائكة، ففي جميع الحالات التي تتظافر فيها عوامل عديدة في صنع حادث ما، يمكن نسبة ذلك الحادث إلى واحد منها أو إليها جميعاً.
_____________________
(1) شواهد التنزيل، ج 2، ص 1 و 2، ح 627.
(2) المصدر السابق.
(3) علي في الكتاب والسنّة، ص 218.
(4) شواهد التنزيل، ج 2، ص 3، ح 629.
(5) المصدر السابق، ح 630 و 631 و 632.
(6) المصدر السابق، ص 5، ح 633.
(7) شواهد التنزيل، ج 2، ص 7، ح 634.
(8) تفسير در المنثور، ج 5، ص 192.
(9) ينابيع المودة، ص 94.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|