أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-21
![]()
التاريخ: 2024-06-15
![]()
التاريخ: 2024-02-17
![]()
التاريخ: 2024-06-14
![]() |
وفي عام 553ق.م قامت ثورة في مملكة ميديا انتهت بأن ملك الفرس «كورش الثاني»، أسر ملك ميديا الذي كان يدعى «أستياجس» Astyages فسقط من عليائه؛ وقد كان من جراء سقوط دولة «ميديا» أن أزيح نير ثقيل عن عوائق كل ممالك آسيا الصغرى، غير أنه لم يمضِ طويل زمن، حتى تطورت الأحوال بصورة أخرى مختلفة لم تكن في الحسبان لدى «بابل» و«سارديس» و«سايس»، وذلك أنه في عام 550–549ق.م مات الملك «أستياجس» ملك ميديا في سجن كورش. فانتقل الملك لأسرة الفرس الأخمينية، وبذلك لم تتمزق مملكة إيران العظيمة، كما أن أجزاءها لم تتناحر. ولا نزاع في أن هذا التغير كان يعني انقلابًا ثوريًّا في الموقف العالمي؛ إذ كانت مملكة ميديا بما لها من قوة جبارة تعد خطراص خفيًّا على جيرانها، ولكن يرجع الفضل في منع هذا الخطر إلى سياسة الملك نبوخد نصر العظيمة التي حفظت التوازن الدولي وقتئذ مؤقتًا. فقد كانت المعاهدة التي بين كورش وأستيجاس لا تُعد شيئًا يذكر، بل كانت في الواقع تعد قصاصة ورق، ولا تحتوي على أية روابط أسرية من جهة بابل وميديا. وقد كان المنتظر في كل لحظة في هذه الفترة من الزمن أن تقبض مملكة فارس على السيادة العالمية، وتنشر سلطانها على العالم المتمدين.
وقد وجد الملك أمسيس نفسه في تلك الآونة في الموقف الذي كان فيه الملك بسمتيك الأول منذ سبعين عامًا مضت، وذلك عندما كان نجم آشور ينذر بالأفول، وقد كان نفس السبيل الذي سلكه سلفه، فقد كانت بابل في نفس الموقف الضعيف الذي كانت تقف فيه آشور في عهد بسمتيك الأول؛ أي إنها كانت دولة معادية لها، ولكنها كانت بالنسبة لمصر جارة لا خطر منها، بل كانت مهددة بالفناء من دولة جديدة لا تعرف مقاصدها على وجه التأكيد. وفي هذا الوقت عمل أمسيس على أن تستمر سياسة مصر على ما هي عليه، وبعبارة أخرى لم يتخذ سياسة هجوم؛ ففي عام 547ق.م عقد معاهدة دفاعية مع عاهل بابل «نبونبد»، ومع كروسوس ملك ليبيا، كما أشار إلى ذلك «هردوت» (Herod, I, 77)، فيقول في ذلك في حديثه عن حروب كروسوس مع كورش: ولكن «كروسوس» قد ألقى اللوم على جيشه بسبب قلة عدده؛ وذلك لأن قواته التي اشتركت في الحرب كانت أقل من قوات كورش، وفي اليوم التالي لم يحاول كورش مهاجمته، بل عاد إلى «سارديس» وفي نيته أن يطلب من المصريين تنفيذ ما بينهما من معاهدة؛ لأنه كان قد عقد معاهدة مع أمسيس ملك مصر قبل أن يعقد معاهدة مع لسديمونيا … إلخ. هذا وقد أنهى كروسوس الهجوم المنتظر من قبل «كورش» بإعلان حرب وقائية. ففي مستهل عام 547 ق.م عبر نهر هاليس الذي يقع عند الحدود بين البلدين، ولكن وجدنا في فصل الخريف من نفس السنة أن «كورش» قد انتصر على الليديين انتصارًا ساحقًا، واستولى على «ساردس» عاصمة ملكه، ووقع كروسوس أسيرًا في يد كورش. هذا ولم يجد «نبونبد» ملك بابل فرصة لمهاجمة كورش من الجناحين والقلب، كما لم يكن في استطاعة أمسيس وحلفائه الأسبرتيين إرسال مساعدة له، إذ في الوقت الذي عزمت فيه أسبرتا على إرسال المساعدة كان كروسوس قد وقع أسيرًا، ودخل كورش ساردس عاصمة ملكه (راجع Herod, I, 83)، وقد كانت النتيجة المحتمة أن وضع كورش ذلك الفاتح العظيم كل آسيا الصغرى تحت قدميه. ومما تجدر ملاحظته هنا أن «كليكيا» التي كانت تعد قوة لا يستهان بها في آسيا الصغرى، والتي كانت تتمتع باستقلالها تمامًا قد خضعت عن طيب خاطر للعاهل الفارسي متمشية في ذلك مع سير الأحوال، وأصبحت تدين لسلطانه (راجع Xenophon, Cyropade VIII 6,8)، وقد كان من نتائج هذه الأحداث الجسام أن تهدمت السياسة المصرية.
ومما يلفت النظر هنا أن دولة بابل قد استمرت بعد ذلك لعدة سنين على قيد الحياة، والأسباب الداعية لذلك تعوزنا. وعلى أية حال فإنه منذ عام 546ق.م كان أمر سقوطها متوقعًا الحين بعد الحين، وتدل الأحوال على أن «أمسيس» أمام هذه الحوادث الضخمة كان قد قطع متن الرجاء من أية مساعدة من ناحية «بابل» التي كانت تحتضر وقتئذ. ولا غرابة في ذلك فإن دولة «نبوخد نصر» العظيمة قد سقطت بعد موته بعشرين عامًا دون قتال تقريبًا، وذلك أنه في خريف عام 539ق.م زحف كورش عاهل فارس على بابل فدخلها ظافرًا، كما سقطت المعاقل السورية والفلسطينية على أثر ذلك. وقد أشار «هردوت» إلى تسليم الفنيقيين من تلقاء أنفسهم. (راجع Herod. III, 19)، أما من جهة مصر فقد كان الموقف جليًّا الآن؛ وذلك لأن سياسة تجنب أية حروب كانت هي السياسة التي اختطتها لأنفسهم الملوك الساويون منذ مائة سنة مضت، غير أن هجوم دولة فارس الجبارة على مصر كان متوقعًا في كل لحظة، ولم يمنع زحف كورش على مصر إلا اضطراره لمحاربة بدو التورانيين، وفوق ذلك فإنه قد حضرته الوفاة في عام 529ق.م فكان ذلك سببًا مباشرًا لتأخير الهجوم على مصر حتى عام 525ق.م في عهد ابنه وخليفته قمبيز 525–521ق.م ولم يكن في استطاعة أمسيس اتخاذ إجراءات فعالة مضادة لدرء هذا الخطر الجارف الذي كانت تتوقعه بلاده.
ويرجع السبب في ذلك إلى أن العالم الإغريقي الذي كانت علاقته مع مصر قوية في مدة المائة والخمسين سنة الأخيرة من تاريخها كان بمعزل عن الممالك العظيمة، التي كانت تسيطر على العالم المتمدين في القرن السادس قبل الميلاد، ولم يكن هم أمسيس في هذه الآونة إلا عقد تحالف مع حكومة إغريقية قوية، وقد اتجه إلى بوليكراتس التيراني صاحب جزيرة ساموس غير أن ذلك لم يُجْدِ نفعًا؛ وذلك لأنه في اللحظة التي كان يرغب فيها «أمسيس» عقد محالفة مع بوليكراتس كان الأخير، ومعه جزيرة قبرص قد انحازا إلى جانب «قمبيز» عاهل الفرس (Herod. III, 44, 45) لمحاربة مصر. وفي نوفمبر (أو ديسمبر) سنة 526 مات «أمسيس» بعد حكم طويل حافل بجلائل الأعمال. وسنحاول فيما يلي أن نتحدث عن الآثار التي خلفها في مصر، وفي أنحاء العالم المتمدين وقتئذ.
|
|
دراسة تكشف "مفاجأة" غير سارة تتعلق ببدائل السكر
|
|
|
|
|
أدوات لا تتركها أبدًا في سيارتك خلال الصيف!
|
|
|
|
|
مجمع العفاف النسوي: مهرجان تيجان العفاف يعزز القيم الأخلاقية والثقافية لدى طالبات الجامعات العراقية
|
|
|