أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-11-2014
1817
التاريخ: 29-11-2015
2271
التاريخ: 11-12-2015
1304
التاريخ: 23-09-2014
1645
|
انقسم المسلمون في مسألة رؤية اللَّه إلى ثلاث طوائف :
الطائفة الأولى : التي انضمّ إليها الفلاسفة والمحققون العظام ، حيث تعتقد بأنّ رؤية اللَّه أمر محال مطلقاً.
الطائفة الثانية : وهم المجسّمون الذين يعتقدون بأنّ للَّه جسماً ، وعليه يُمكن رؤيته.
الطائفة الثالثة : وهم جماعة (أبو الحسن الأشعري) (1) : أحد متكلمي القرن الثالث ، ولهم كلام عجيب حول هذه المسألة ، فهم يقولون : «بالرغم من أنّ اللَّه عزّ وجلّ مجرّد عن الجسميّة والمادّة ولكن يُمكن رؤيته ، وهذه الرؤية تتحقق في الآخرة فقط ، لا في الدنيا ، فهنالك يرى المؤمنون اللَّه تعالى بالعين المجردة !».
يقول (فاضل القوشچي) في (شرح تجريد العقائد للشيخ الطوسي) : «اعتقد الأشاعرة بإمكانية رؤية اللَّه ، فالمؤمنون يرونه في الجنّة؟ لكنها رؤية منزهة عن المقابلة وخالية من الجهة والمكان.
ثم أضاف : اتفق جميع القائلين باستحالة الرؤية البصريّة على أنّ الانكشاف العلمي التام ممكن (إمكانية رؤيته تعالى بعين العقل والقلب) ، هذا من جهة ، ومن جهةٍ اخرى اتفق القائلون بإمكانية الرؤية البصرية أيضاً على استحالة تشكُّل صورة الباري تعالى في عين الإنسان ، أو رؤيته بواسطة الاشعة الخارجة من العين» (2).
ويجدر الأنتباه إلى وجود رأيين بين الفلاسفة الماضين حول حقيقة الرؤية ، فجماعة كانوا يؤيدّون خروج الشعاع ويقولون : الرؤية هي خروج شعاعٍ من عين الإنسان ووصوله إلى الشيء المرئي فيراه الإنسان).
وجماعة آخرون اعتقدوا بأنّ حقيقة الرؤية هي تشكل صورة المرئي في العين ، ونحن نعلم أنّ علماء العلوم الطبيعيّة اليوم يؤيدون النظريّة الثانية ، وأثبتوها بأدلّةٍ حسيّة وقالوا : (إنّ تركيب العين من هذه الناحية يشبه بالضبط آلة التصوير ، فلابدّ أن ينعكس النور الخارجي عن الجسم المرئي ليدخل العين أو آلة التصوير فتطبع صورتهُ على شبكيّة العين أو فلم التصوير).
والعجيب أنّ الأشاعرة في مقابل هذا الكلام- وهو عدم إمكانية أي واحدٍ من المعنيَين المذكورين للرؤية بالنسبة إلى اللَّه عزّ وجلّ المجرّد عن المادة- يقولون : لا تنحصر الرؤية بهذه الأمور ، خصوصاً عندما يدور الكلام حول رؤية الأمور الغيبيّة أو الغائبة !
فيمكن أن يرى الأعمى الأشياء التي تبعد عنه بفاصلة مكانية كبيرة ، فمثلا" يُمكن أن يرى عمارات الأندلس من هذه النقطة من العالَم !!
تدل هذه التعابير بوضوح على المغالطة اللفظية التي يستعملها هؤلاء ، واعتبارهم للرؤية مفهوماً مغايراً لما هو موجود في العرف واللغة.
فانْ كان مقصودهم من الرؤية ، الرؤية بعين القلب (البصيرة) والإدراك العقلي ، فهذا ما اتفق عليه جميع العلماء ولا حاجة للجدال والمناقشة فيه.
وإن كان مقصودهم هو الرؤية بالعين الظاهريّة ، فهو لا يتحقق سوى بانعكاس نور الأجسام على شبكية العين.
وإن كان هناك نوع ثالث من الرؤية ، فهو ادّعاءٌ مبهم ، وغير معقول ، وغير قابل للتصوّر ، نعلم أنّ التصديق بلا تصوُّ ر أمر محال.
ويظهر أن الأشاعرة تخلّوا عن ادّعائهم تدريجياً عندما عجزوا عن الإتيان بدليلٍ واقعي ، واقتصروا على استعمال لفظ الرؤية فقط من دون أن يكون لها مفهومٌ غير المشاهدة بعين العقل ، لأننا عندما نقول : إنّ رؤية اللَّه مجرّدة عن المكان والجهة وانعكاس صورة المرئي في العين ، وأنّ مثل هذه الرؤية قد تتحقق حتى عند الأعمى أيضاً ، فإنّها لا تعني سوى الرؤية الباطنية والقلبية.
والاغرب من ذلك هو أنّ البعض منهم قد جعلوا المسألة أكثر غموضاً فقالوا : إنّ اللَّه يهب للمؤمنين حاسة سادسةً يوم القيامة ليتمكّنوا من رؤيته بها !
وبغض النظر عن كون التعبير بالحاسة السادسة تعبيراً مبهماً وغامضاً ، فإنّه لا يحل
مشكلة المشاهدة والرؤية ، ولا يصحُّ استعمال لفظ الرؤية هنا سوى بالمعنى المجازي.
والسبب الذي أدى بالأشاعرة وأمثالهم إلى الاعتقاد بمسألة رؤية اللَّه يوم القيامة هو التقيُّد ببعض الروايات التي يوهم ظاهِرُها بشيءٍ من هذا القبيل...
_____________________________
(1) كان اسمه على بن اسماعيل ، ويرجع نسبه إلى أبي موسى الأشعري ، ولدَ في البصرة عام 260 أو 270 ، وفي البداية كان يميل إلى مباني مذهب المعتزلة ، ثم عدل إلى مذهب اللَّه ومخلوقية القرآن ، وابتدع مذهباً جديداً في أصول الدين كان أقرب إلى ذهن العامة وأكثر استحساناً من قبل المتعصبين ، لذا فقد اعتنق الكثير مذهبه ، وسلك طريقه جمع من العلماء كالغزالي وأبي بكر الباقلاني والفخر الرازي والشهرستاني وأبي اسحاق الشيرازي وقام بترويج عقائده بعض أرباب السلطة الذين اتخذوا من الدين وسيلةً لنيل مآربهم السياسيّة أمثال الأيوبيين في مصر والشام والموحدين في المغرب. (دائرة المعارف ، أبو الحسن الأشعري- بتلخيص بسيط).
(2) شرح القوشچي ، ص 435 و 436.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|