للتغير المناخي مفاهيم عدة ومختلفة بحسب وجهة نظر الباحثين والمهتمين بهذا الشأن وحسب تخصصاتهم أيضاً، ويمكن إيجاز بعضها على النحو الآتي :

1- أنهاء التغير الحاصل في عنصر مناخي أو اكثر لمدة زمنية طويلة لا تقل عن عشرة عقود ومن الممكن أن تصل إلى مئات أو ألاف السنين .

2ـ الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC Intergovernmental Panel on) Climate Change ) التي تعد الجهة العلمية النافذة في مجال دراسة الاحتباس الحراري وتأثيراته التي تتألف من ثلاثة آلاف من علماء المناخ وماسحي المحيطات وخبراء الاقتصاد وغيرهم إذ عرفته هذه الهيئة بأنه تغير في حالة المناخ الذي يمكن معرفته عبر تغيرات في المعدل أو المتغيرات في خصائصها التي تستمر لعقود أو أكثر .

3- عرفته اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بشأن تغير المناخ United Nations UNFCCC) Framework Convention on Climate Change) اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي بأنه التغير الذي يعزى بشكل مباشر أو غير مباشر الى النشاط البشري الذي يفضي الى تغيير في تكوين الغلاف الجوي في الأرض.

4 ـ عرفه (Burroughs) بأنه التغير في المعدل العام لعناصر المناخ بشكل كبير بحيث ترتفع معدلات هذه العناصر فوق معدلاتها السابقة .

أن فهم طبيعة اتجاه المناخ في الوقت الحاضر يتطلب من المختصين دراسة تبدل المناخ القديم، وقد تم ذلك من خلال دراسة العمر الزمني لحلقات الأشجار وعينات من الجليد ورواسب البحيرات وحبوب اللقاح ومن خلال تلك البيانات توصل العلماء إلى معلومات مهمة عن طبيعة المناخ عبر العصور الماضية ومن وجهة نظر المؤلف فتعرف التغيرات المناخية  بأنها التغيير الحاصل في العناصر والظواهر المناخية التي تتجه نحو التغذية السلبية الناتجة عن تظافر عدة عوامل طبيعية وبشرية تسببت في هذا التغير كالانقلاب المغناطيسي الذي تمربه الأرض منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا فضلاً عن زيادة نسب غازات الاحترار العالمي الناتجة بفعل الأنشطة البشرية.

لقد اتضحت التغيرات المناخية بشكل كبير خلال الـ 100 سنة الأخير أذ تراجع الجليد في القطب الشمالي شمال دائرة عرض (80) شمالاً نتيجة لارتفاع درجات الحرارة التي ازدادت في ارتفاعاتها عن معدلها السنوي لـ ( 2.5م) خلال المدة (1929-1938) فضلاً عن تغير كمية التساقط المطري واحترار مياه المسطحات المائية التي تهدد الأنظمة الأيكولوجية الحساسة وزيادة تكرار الأعاصير المدارية ووفقاً لتقارير معلنة من قبل خبراء العالم في مجال المناخ بأن عام 2014 كان العام الأكثر ارتفاعاً من حيث درجات الحرارة منذ عام 1950 على مستوى العالم وأن العقد الأخير من القرن العشرين كان الأكثر ارتفاعاً من بين عقود القرن وقد تم رصد ارتفاع درجة حرارة المحيطات على عمق 3000 متر في عام 1961 مما يعني أن المحيطات أصبحت اكثر احتفاظاً بدرجات الحرارة، فضلاً عن احتمالية تمددها بشكل اكبر بالتزامن مع استمرار ارتفاع حرارتها.

ونظراً لتداخل مصطلح التغير المناخي مع مصطلحات كثير قد تكون قريبة بالمعنى لذا سيتم التطرق لكل مصطلحات لتوضيحها والتفريق بينمها وكالآتي :

أ- التبدل المناخي Climate Change :

يقصد به التبدل الحاصل في عنصر مناخي أو أكثر خلال مدة زمنية طويلة وبشكل ثابت فمعدل درجة الحرارة يرتفع في منطقة ما ثم يستمر في الارتفاع حتى يصل الى مستوى معين بعدها يبدأ بالانخفاض الى حد الوصول لمستوى معين ثم يعود الى الارتفاع، وان هذا التباين في الارتفاع والانخفاض في المعدل يتم معرفته من خلال استخراج المعدل السنوي المتحرك الدرجة الحرارة لعدد كبير من السنين يتجاوز المائة سنة.

ب ـ التذبذب المناخي Climate Fluctuation :

يعني ارتفاع وانخفاض قيم العنصر المناخي بين سنة وأخرى حول معدله بمعنى انه الاختلاف المناخي بين سنة وأخرى أو بين مجموعة سنوات لا تتعدى الثلاثون سنة وهذا ما يميزه عن التبدل المناخي، وتعود أسباب التذبذب المناخي الى عمليات داخلية تجري بين مكونات نظام الكرة الأرضية تؤثر فيها وتتأثر بها، وتسبب تطرفات وشذوذات تحدث على مقياس واسع في حركة الجو العامة بين سنة وأخرى أو عدة سنين متتالية تؤدي هذه الشذوذات الى عرقلة عملية النقل الحراري والرطوبة عبر العروض الجغرافية أو تسرعها، ذلك مما يؤدي الى ظهور تباينات وتذبذبات مناخية عالمية.

ج ـ التقلب المناخي Climate variability :

هو التباين في قيم العناصر المناخية خلال مدة قصيرة لكنها تبقى حولة معدلها خلال الدورة المناخية، كما يعرف بأنه انخفاض أو ارتفاع قيم عناصر الحالات المناخية عن معدلها خلال فترات زمنية مكونة من عدة سنوات متتالية، قد تستغرق حوالي عقد (عشر سنوات) من الزمن أو نحوه أو أكثر من ذلك تنتهي بعودة المناخ إلى حالته العادية وبناءً على ذلك يمكن تقسيم حالات التقلب المناخي إلى حالتين أحداهما حالات تقلب مناخي موجبة ذات قيم أعلى من المعدل والأخرى حالات تقلب مناخي سالبة تكون خلالها قيم العناصر والحالات المناخية تحت المعدل. د التباين المناخي Climate variation لقد عرفت موسوعة الاحترار العالمي بأن مصطلح التباين المناخي يستخدم غالباً للدلالة على انحرافات الإحصائيات المناخية طويلة الأجل المتعلقة بنفس الفترة من العام اذ هذا يعبر المصطلح عن السمة المتأصلة في المناخ التي تتمثل في التغير المستمر عبر الزمن ، كما يعرفه البرنامج البحثي الأمريكي للتغيرات المناخية على انه التغير الطبيعي للمناخ الذي يقع ضمن المعدل الطبيعي للأحداث المتطرفة لمنطقة معينة التي تقاس بدرجات الحرارة والتساقط المطري وتكرار الأحداث المناخية كما تشمل العوامل المؤثرة في تقلب المناخ كالنينو (التذبذب الجنوبي) .

هـ - أزمة المناخ Climate crisis :

تشير أزمة المناخ إلى المشاكل الخطيرة التي تسببها أو يحتمل أن تكون ناجمة عن التغيرات في مناخ الأرض، ومنذ القرن التاسع عشر ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 1.1 درجة مئوية، مما تسبب بالفعل في أضرار جسيمة في أجزاء كثيرة من العالم، ويتوقع العلماء أن تؤدي الزيادة التي تتجاوز 1.5 درجة مئوية إلى سلسلة من نقاط التحول الخطيرة التي من شأنها أن تجعل العديد من التغييرات لا رجعة فيها وتشكل تهديداً خطيراً للغاية للحضارة الإنسانية.

و ـ البصمة الكربونية Carbon footprint :

البصمة الكربونية هي مقياس لانبعاثات غازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي من قبل شخص أو منظمة أو منتج أو نشاط معين وإن البصمة الكربونية الأكبر تعني المزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان، ومن ثم مساهمة أكبر في أزمة المناخ، ويستلزم قياس البصمة الكربونية لشخص أو منظمة النظر في كل من الانبعاثات المباشرة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة والتدفئة والسفر البري والجوي والانبعاثات غير المباشرة الناتجة عن إنتاج والتخلص من جميع المواد الغذائية والسلع المصنعة والخدمات التي يستهلكونها، كما يمكن تقليل بصمات الكربون عن طريق التحول إلى مصادر طاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، وتحسين كفاءة الطاقة، وتعزيزسياسات ولوائح الصناعات، وتغيير عادات الشراء والسفر، وتقليل استهلاك اللحوم وهدر الطعام.

ز - الاسترجاع المناخي Feed Back :

هو استجابة أو مجموعة استجابات لعنصر مناخي أو مجموعة عناصر للتغير الحاصل في العنصر الأساس، أو أنها استجابة عناصر المناخ للتغير الذي يحصل في سلوك عنصر الحرارة على سبيل المثال، وتبدأ التغذية الاسترجاعية عندما يبدأ متغير في النظام المناخي بأحداث تغيير في متغير أخر الذي بدوره يؤثر في النظام المناخي وما زال هناك الكثير من الأمور التي تحتاج الى إيضاح في هذا المجال إلا أننا استطعنا أن نفهم نوعان من الاستجابة وهما :

(1) التأثير الاسترجاعي الايجابي Positive feedback force :

أن التغذية الاسترجاعية الإيجابية هي تعميق حالة التغير الحاصل في العنصر المناخي، أيأن استجابة العناصر المناخية للتغير الحاصل في العنصر المناخي هي باتجاه تعميق هذا التغير أو زيادته، فمثلاً اذا انخفضت الحرارة فأن هذا الانخفاض سيؤدي الى سقوط الثلج بدلاً من الأمطار وسقوط الثلج سوف يؤدي الى زحف الجليد ووصوله الى مناطق لم يكن يصلها سابقاً، وهذا ما يؤدي الى انخفاض درجة حرارة المناطق التي وصل لها الثلج مما يعني استمرار او تعميق انخفاض الحرارة.

هذا النوع من الاستجابة يعتقد أنها المسؤولة عن التغير المناخي يبدأ في التغير في سلوك العنصر (وغالباً ما تكون الحرارة) يتبع هذا التغير في سلوك هذا العنصر أن تبدأ العناصر الأخرى بتغيير سلوكها استجابة للتغير الحاصل في العنصر الأساس أي تعميق انخفاض درجة الحرارة فأن هذا السلوك الإيجابي تجاه هذا العنصر أدى الى تغير مناخي واضح، أما اذا عملت العناصر الأخرى على التقليل من تأثير التغيير في سلوك العنصر فأن هذا سيوقف عملية التغيير المناخي وهذا ما يسمى بالتغذية الاسترجاعية السلبية.

(2) التأثير الاسترجاعي السلبي negative feedback force :

ويقصد بها عودة العنصر المناخي الذي حصل فيه تغيير الى سابق سلوكه فإذا ارتفعت درجة الحرارة فأن ذلك قد يؤدي الى ارتفاع كمية التبخر مما يؤدي الى زيادة كمية الغيوم وهذه الزيادة في تغطية الغيوم ستؤثر بالتأكيد على كمية الإشعاع الشمسي الواصل الى سطح الأرض مما يؤدي الى عودة درجة الحرارة الى وضعها السابق هناك كانت استجابة العناصر المناخية الأخرى لارتفاع درجة الحرارة سلبية، بمعنى أنها لم تسمح لدرجة الحرارة بالاستمرار في الارتفاع مما لا يؤدي في النهاية الى تغير مناخي اذا في حال عودة درجة الحرارة الى سابق عهدها فذه لا يعتبر تغير مناخي.