اللّهمّ إِنّي أَسأَلكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْملِه ، وَكُلُّ جَمالِكَ جَميلٌ ، اللّهمّ إِنِّي أَسأَلكَ بِجَمالِكَ كلِّهِ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ جَلالِكَ بأَجَلِّه ، وَكُلُّ جَلالِكَ جَليلٌ ، اللّهمّ إِنِّي أَسألكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-17
![]()
التاريخ: 2023-05-15
![]()
التاريخ: 2024-05-01
![]()
التاريخ: 2024-05-02
![]() |
« اللّهمّ إِنّي أَسأَلكَ مِنْ جَمالِكَ بِأَجْملِه ، وَكُلُّ جَمالِكَ جَميلٌ ، اللّهمّ إِنِّي أَسأَلكَ بِجَمالِكَ كلِّهِ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ جَلالِكَ بأَجَلِّه ، وَكُلُّ جَلالِكَ جَليلٌ ، اللّهمّ إِنِّي أَسألكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ ».
واعلم أنّ الوجود كلّما كان أبسط وبالوحدة أقرب كان اشتماله على الكثرات أكثر ، وحيطته على المتضادّات أتمّ . والمتفرّقات في عالم الزمان مجتمعات في عالم الدهر ؛ والمتضادّات في وعاء الخارج ملائمات في وعاء الذهن ؛ والمختلفات في النشأة الأولى متّفقات في النشأة الآخرة . كلّ ذلك لأوسعية الأوعية وقربها من عالم الوحدة والبساطة .
سمعت من أحد المشايخ من أرباب المعرفة - رضوان اللَّه عليه - يقول : إنّ في الجنّة شربة من الماء فيها كلّ اللذّات ، من المسموعات بفنونها من أنواع الموسيقي والألحان المختلفة ؛ ومن المبصرات بأجمعها من أقسام لذّات الأوجه الحسان وسائرها ، من الأشكال والألوان ؛ ومن سائر الحواسّ على ذاك القياس ، حتّى الوقاعات وسائر الشهوات ، كلّ يمتاز عن الآخر ، لحكومة نشأة الخيال وبروز سلطنتها .
وسمعت من أحد أهل النظر - رحمه اللَّه - يقول : إنّ مقتضى تجسّم الملكات وبروزها في النشأة الآخرة أنّ بعض الناس يحشر على صور مختلفة ، فيكون خنزيراً وفأرة وكلباً إلى غير ذلك في آنٍ واحد . ومعلوم أنّ ذلك لسعة الوعاء وقربها من عالم الوحدة والتجرّد ، وتنزّهها عن تزاحم عالم الطبيعة والهيولى .
فحقيقة الوجود المجرّدة عن كافّة التعلّقات الستّة ([1]) ، المنزّهة عن تعلّق الخلق وتجرّد الأمر ، لمّا كانت بسيطة الحقيقة وعين الوحدة وصرف النورية ، بلا شوب ظلمة العدم وكدورة النقص ، فهي كلّ الأشياء وليست بشيء منها .
فالصفات المتقابلة موجودة في حضرتها بوجود واحد مقدّس عن الكثرة العينية والعلمية ، منزّه عن التعيّن الخارجي والذهني ، فهي في ظهورها بطون وفي بطونها ظهور ، في رحمتها غضب وفي غضبها رحمة ، فهي اللطيفة القاهرة الضارّة النافعة .
وعن أمير المؤمنين - عليه الصلاة والسلام - : « سبحان من اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته ، واشتدّت نقمته لأعدائه في سعة رحمته » ([2]) .
فهو تعالى بحسب مقام الإلهية مستجمع للصفات المتقابلة ، كالرحمة والغضب ، والبطون والظهور ، والأوّلية والآخرية ، والسخط والرضا . وخليفته لقربه إليه ودنوّه بعالم الوحدة والبساطة مخلوق بيديه اللطف والقهر ، وهو مستجمع للصفات المتقابلة كحضرة المستخلف عنه ، ولهذا اعترض على إبليس بقوله تعالى : ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ([3]) أي : مع أنّك مخلوق بيد واحدة .
فكلّ صفة متعلّقة باللطف فهي صفة الجمال ، وكلّ ما يتعلّق بالقهر فهو من صفة الجلال . فظهور العالم ونورانيته وبهائه من الجمال ، وانقهاره تحت سطوع نوره وسلطة كبريائه من الجلال . وظهور الجلال بالجمال ، واختفاء الجمال بالجلال : جمالك في كلِّ الحقائق سائر * وليس له إلّا جلالك ساترُ ([4]) وكلّ انس وخلوة وصحبة من الجمال ، وكلّ دهش وهيبة ووحشة من الجلال .
فإذا تجلّى على قلب السالك باللطف والمؤانسة تذكّر الجمال ويقول : « اللهمّ إنّي أسألك من جمالك بأجمله » إلى آخره . وإذا تجلّى عليه بالقهر والعظمة والكبرياء والسلطنة تذكّر الجلال بقوله : « اللهمّ إنّي أسألك من جلالك بأجلّه » ، إلى آخره .
فللأولياء السالكين إلى اللَّه والمهاجرين إليه ، والمطيفين حول حريم كبريائه أحوال وأوقات وواردات ومشاهدات وخطورات واتّصالات ، ومن محبوبهم ومعشوقهم تجلّيات وظهورات وألطاف وكرامات وإشارات وجذبات وجذوات ، وفي كلّ وقت وحال يتجلّى عليهم محبوبهم بمناسبة حالهم . وقد تكون التجلّيات على خلاف الترتيب والتنسيق : اللطف أوّلًا والقهر ثانياً واللطف ثالثاً .
ولهذا وقعت الفقرات في الأدعية على خلاف الترتيب ؛ فإنّ الظاهر عنوان الباطن ، والدنيا مربوطة بالآخرة .
لمعة : في بيان اختلاف قلوب الأولياء في قبول التجلّي
إنّ قلوب الأولياء والسالكين مرآة تجلّيات الحقّ ومحلّ ظهوره ، كما قال تعالى : « يا موسى لا تسعني أرضي وسمائي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن » ([5]) . إلّا أنّ القلوب مختلفة في بروز التجلّيات فيها ، فرُبَّ قلب عشقي ذوقي تجلّى عليه ربّه بالجمال والحسن والبهاء ، وقلب خوفي تجلّى عليه بالجلال والعظمة والكبرياء والهيبة ، وقلب ذي وجهتين تجلّى عليه بالجمال والجلال والصفات المتقابلة ، أو تجلّى عليه بالاسم الأعظم الجامع ، وهذا المقام مختصّ بخاتم الأنبياء وأوصيائه عليهم السلام ، ولهذا خصّ الشيخ الأعرابي ([6]) حكمته بالفردية ([7]) ؛ لانفراده بمقام الجمعية الإلهية دون سائر الأولياء ؛ فإنّ كلّ واحد منهم تجلّى عليه ربّه باسم مناسب لحاله :
إمّا بصفة الجلال كشيخ الأنبياء والمرسلين صلوات اللَّه عليه وعليهم أجمعين ؛ فإنّه عليه السلام لاستغراقه في بحر عشقه تعالى وهيمانه في نور جماله ، تجلّى عليه ربّه بالجمال من وراء الجلال ؛ ولهذا اختصّ بالخلّة وصارت حكمته مهيّمية ([8]). وكيحيى عليه السلام ؛ فإنّ قلبه كان خاضعاً خاشعاً منقبضاً ؛ فتجلّى عليه ربّه بصفة الجلال من العظمة والكبرياء والقهر والسلطنة ؛ ولهذا خصّت حكمته بالجلالية ([9]).
وإمّا تجلّى عليه ربّه بالجمال كعيسى عليه السلام ، ولهذا قال في جواب يحيى عليه السلام - حين اعترض عليه معاتباً [ إيّاه ] حين رآه يضحك فقال :
« كأنّك قد أمنت مكر اللَّه وعذابه ! » - بقوله عليه السلام : « كأنّك قد آيست من فضل اللَّه ورحمته ! » فأوحى إليهما : « أحبّكما إليّ أحسنكما ظنّاً بي » ([10]) فيحيى عليه السلام بمناسبة قلبه ونشأته تجلّى عليه ربّه بالقهر والسلطنة ، فاعترض بما اعترض ؛ وعيسى عليه السلام بمقتضى نشأته ومقامه تجلّى له باللطف والرحمة ، فأجاب بما أجاب . ووحيه تعالى بأنّ أحبّكما إليّ أحسنكما ظنّاً بي بمناسبة سبق الرحمة على الغضب وظهور المحبّة الإلهية في مظاهر الجمال أوّلًا ؛ كما ورد : « يا من سبقت رحمته غضبه » ([11]) .
[1] راجع الحكمة المتعالية 8 : 325 - 327 .
[2] نهج البلاغة : 123 ، الخطبة 90 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 44 ؛ شرح الأسماء ، السبزواري : 544 .
[3] ص ( 38 ) : 75 .
[4] انظر اصطلاحات الصوفية : 40 ؛ جامع الأسرار : 152 ؛ شرح المنظومة 3 : 637 .
[5] عوالي اللآلي 4 : 7 / 7 ؛ بحار الأنوار 55 : 39 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 139 .
[6] أبو بكر محيي الدين محمّد بن علي ( 560 - 638 ق ) الملقّب بالشيخ الأكبر والمعروف ب« ابن عربي » . من أكبر وأشهر علماء الصوفية في عصور الإسلام . تعلّم علم القراءات والحديث والفقه والتصوّف عند علماء إشبيلية ، ثمّ زار كثيراً من البلدان وطار صيته في الأقطار الإسلامية . كتب كثيراً من الكتب والرسالات يجدر بالذكر ؛ منها : « الفتوحات المكّية في معرفة الأسرار المالكية والملكية » ، « فصوص الحكم وخصوص الكلم » ، وهو من المتون الدراسية المهمّة في فنّ العرفان والتصوّف » ، « التجلّيات الإلهية » ، « عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب » و « إنشاء الدوائر » .
راجع دائرة المعارف الإسلامية 1 : 231 - 237 ؛ معجم المؤلّفين 11 : 40 ؛ روضات الجنّات 8 : 47 - 57 ؛ هدية العارفين 2 : 114 - 121 .
[7] فصوص الحكم : 214 ، فصّ 27 ( فصّ حكمة فرديّة في كلمة محمّدية ) .
[8] فصوص الحكم : 80 ، فصّ 5 ( فصّ حكمة مهيّمية في كلمة إبراهيمية ) .
[9] فصوص الحكم : 175 ، فصّ 20 ( فصّ حكمة جلالية في كلمة يحيوية ) .
[10] شرح فصوص الحكم ، القيصري : 1011 .
[11] إقبال الأعمال: 674 ؛ بحار الأنوار 91 : 386 .
|
|
رمضان بنشاط.. أسرار الاستعداد ببروتين صحي ومتوازن
|
|
|
|
|
العلماء يتوقعون زيادة نشاط الشمس في مارس
|
|
|
|
|
بمشاركة أكثر من (130) طالبا وطالبة.. جامعة السبطين (ع) التابعة للعتبة الحسينية تختتم امتحان العلوم الأساسية لكلية الطب بنجاح
|
|
|