أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-10-2014
![]()
التاريخ: 11-10-2017
![]()
التاريخ: 3-07-2015
![]()
التاريخ: 29-3-2017
![]() |
أما الصفات السلبية التي تسمى بصفات " الجلال " فهي ترجع جميعها إلى سلب واحد وهو سلب الإمكان عنه، فإن سلب الإمكان لازمه، بل معناه سلب الجسمية والصورة والحركة والسكون والثقل والخفة وما إلى ذلك، بل سلب كل نقص (أ).
ثم إن مرجع سلب الإمكان في الحقيقة إلى وجوب الوجود، ووجوب الوجود من الصفات الثبوتية الكمالية (ب)، فترجع الصفات الجلالية " السلبية " آخر الأمر إلى الصفات الكمالية " الثبوتية ".
والله تعالى واحد من جميع الجهات لا تكثر في ذاته المقدسة ولا تركيب في حقيقته الواحد الصمد (ج).
____________________
(أ) لما عرفت من أنه تعالى صرف الوجود وكماله المعبر عنه بواجب الوجود، إذ مع فرض كونه واجب الوجود يستحيل أن يكون ممكن الوجود وإلا لزم الخلف في وجوب وجوده، فالواجب مقتض لسلب الإمكان عنه وهذا السلب الوحيد مساوق لجميع سلوب النقائص عنه، لأن كل نقص من ناحية الإمكان لا الوجوب، فإذا لم يكن للإمكان فيه تعالى سبيل في أي جهة من الجهات فكل نقص مسلوب عنه تعالى بسلب الإمكان عنه، فكماله الوجودي الذي لا يكون له نهاية وحد يصحح سلب جميع النقائص عنه تعالى (1).
ثم إن سلب الجسمية والصورة والحركة والسكون والثقل والخفة ونحوها بسلب الإمكان عنه واضح. لأن هذه المذكورات من خواص التركيب وعوارضه، إذ المادة والصورة والجنس والفصل لا تكون بدون التركيب، كما أن الحركة والسكون والثقل والخفة من أحوال المحدود والجسم وعوارضه، وحيث عرفت أن الواجب تعالى غير محدود بقيد وحد وشئ من الأشياء، وغير محتاج إلى شئ، بل هو صرف الوجود والكمال والغنى، فلا يكون مركبا من الأجزاء الخارجية المعبر عنها بالمادة والصورة، ولا من الأجزاء الذهنية المعبر عنها بالجنس والفصل، وإلا لزم الخلف في صرفيته ووجوبه، ولزم الحاجة إلى الأجزاء، ولزم توقف الواجب في وجوده على أجزائه ضرورة تقدم الجزء على الكل في الوجود، وهو مع وجوب وجوده وضرورته له محال.
فهذه الصفات أمور لا تمكن إلا في المهيات الممكنة فإذا سلب الإمكان عنه تعالى سلبت هذه الصفات عنه تعالى بالضرورة، إما لأن هذه الأمور من لوازم بعض أصناف المهيات الممكنة بداهة انتفاء الأخص بانتفاء الأعم، أو لأن كل نقص من النقائص المذكورة عين المهيات الإمكانية، فطبيعي الممكن متحد مع هذه النقائص فإذا تعلق السلب به كان معناه سلب جميع أفراده ومنها هذه النواقص لا أنها منتفية بالملازمة كما أشار إليه المصنف بالإضراب حيث قال: " بل معناه سلب الجسمية والصورة الخ ".
(ب) إذ سلب الإمكان عنه بأي معنى كان سواء أريد به الإمكان الماهوي أو الإمكان الفقري والوجودي، يرجع إلى أن الوجود ضروري الثبوت له بحيث لا يحتاج إلى شئ من الأشياء، بل مستقل بنفسه وذاته، كما أن سلب النقص والحاجة عنه بقولنا: إنه ليس بجاهل أوليس بعاجز أوليس بمركب ونحوها يرجع إلى إيجاب الكمال وإثباته، لأن النقص والحاجة في قوة سلب الكمال، فسلب النقص راجع إلى سلب سلب الكمال وهو ايجاب الكمال، فمعنى أنه ليس بجاهل سلب سلب العلم ومعناه ايجاب العلم (2).
وبالجملة فهو تعالى حقيقة مطلقة مستقلة غير متناهية واجبة الذات من جميع الجهات، بحيث لا يشذ عنه كمال من الكمالات، بل هو واجدها بالفعل من دون حاجة إلى الغير، ولا سبيل للإمكان والقوة ولوازمهما إليه فهو واجب بالذات لذاته.
(ج) إشارة إلى ما في سورة التوحيد، والعجب كل العجب من إفادة السورة المباركة التوحيد بمراتبه المختلفة من التوحيد الذاتي والصفاتي، بل الأفعالي بموجز كلامه مع حسن بيانه وإعجاز أسلوبه.
ولقد أفاد وأجاد العلامة الطباطبائي - قدس سره - حيث قال: " والآيتان تصفانه تعالى بصفة الذات وصفة الفعل جميعا فقوله: " الله أحد " يصفه بالأحدية التي هي عين الذات، وقوله: " الله الصمد " يصفه بانتهاء كل شئ إليه وهو من صفات الفعل، - إذ الصمد هو السيد المصمود إليه، أي المقصود في الحوائج على الإطلاق - والآيتان الكريمتان الاخريان أعني: " لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " تنفيان عنه تعالى أن يلد شيئا بتجزيه في نفسه، فينفصل عنه شئ من سنخه بأي معنى أريد من الانفصال والاشتقاق، كما يقول به النصارى في المسيح - عليه السلام -: إنه ابن الله، وكما يقول الوثنية في بعض آلهتهم: إنهم أبناء الله سبحانه، وتنفيان عنه أن يكون متولدا من شئ آخر ومشتقا منه بأي معنى أريد من الاشتقاق كما يقول الوثنية. ففي آلهتهم من هو إله أبو إله، ومن هو آلهة أم إله، ومن هو إله ابن إله، وتنفيان، أن يكون له كفوء يعدله في ذاته أو في فعله وهو الايجاد والتدبير (3).
ولقد زاد أيضا بأن الذي بينه القرآن الكريم من معنى التوحيد أول خطوة خطيت في تعليم هذه الحقيقة من المعرفة، غير أن أهل التفسير والمتعاطين لعلوم القرآن من الصحابة والتابعين ثم الذين يلونهم، أهملوا هذا البحث الشريف.
فهذه جوامع الحديث وكتب التفسير المأثورة منهم لا ترى فيها أثرا من هذه الحقيقة لا ببيان شارح ولا بسلوك استدلالي، ولم نجد ما يكشف عنها غطاءها إلا ما ورد في كلام الإمام علي بن أبي طالب - عليه أفضل الصلاة والسلام - خاصة، فإن كلامه هو الفاتح لبابها والرافع لسترها وحجابها على أهدى سبيل وأوضح طريق من البرهان، ثم ما وقع في كلام الفلاسفة الإسلاميين بعد الألف الهجري، وقد صرحوا بأنهم استفادوه من كلامه (4).
ويشهد لما ذكره ما رواه في " نور الثقلين " عن الكافي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد قال: سئل علي بن الحسين - صلوات الله عليه - عن التوحيد فقال: إن الله عز وجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون، فأنزل الله تعالى " قل هو الله أحد " والآيات من أول سورة الحديد إلى قوله: " عليم بذات الصدور " فمن رام وراء ذلك فقد هلك " (5).
_________________
(1) راجع الاسفار: ج 6 ص 122.
(2) بداية الحكمة: ص 137 - 138.
(3) الميزان: ج 20 ص 545.
(4) الميزان: ج 6 ص 109.
(5) نور الثقلين: ج 5 ص 706 ح 46.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة لجامعة الفرات الأوسط التقنية للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|