أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-02
![]()
التاريخ: 2025-01-08
![]()
التاريخ: 2025-01-16
![]()
التاريخ: 2024-12-10
![]() |
ينبغي لمن أراد الصّلاة وكان منفردا ، بعد ما شرطناه من التوجه إلى القبلة ، والنيّة ، والأذان ، والإقامة ، وغير ذلك ، أن يبتدئ فيكبر ثلاث تكبيرات متواليات يرفع بكل واحدة منهنّ يديه حيال وجهه ، وقد بسط كفيه من غير أن يفرّق بين أصابعه ، إلا الإبهام ، فإنّه يفرّق بينها وبين المسبّحة ، ولا يتجاوز بيديه في رفعهما شحمتي أذنيه ، وإذا أرسل في الثالثة يديه ، قال : اللهم أنت الملك الحق المبين لا إله إلا أنت سبحانك انّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت.
ثم يكبّر تكبيرتين على الصّفة التي ذكرناها ويقول: لبّيك وسعديك ، ومعنى لبّيك : أي إقامة على إجابتك وطاعتك بعد إقامة ، من قولهم : ألبّ فلان بالمكان ، أي أقام به ، والخير في يديك ، والمهدي من هديت ، عبدك وابن عبديك بين يديك ، لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك ، الحنان الرّحمة ، تباركت وتعاليت ، سبحانك ربّ البيت.
ثمّ يكبّر تكبيرتين ليكمل التكبيرات سبعا.
ومن اقتصر على تكبيرة واحدة ، وهي تكبيرة الافتتاح ، أجزأته ، وهي الواجبة التي بها وبالنية معا تنعقد الصلاة ، ويحرم عليه ما كان يحل له قبلها ، فلذلك سمّيت تكبيرة الإحرام ، وتكبيرة الافتتاح ، لأنّ بها تفتح الصّلاة ويجب التلفظ بها ، ويقدّم الله على أكبر ، ولا يمدّ أكبر فيقول أكبار ، لأنّ ذلك جمع كبر ، بفتح الكاف وفتح الباء التي تحتها نقطة واحدة ، وهو الطبل الذي له وجه واحد ، قال الشّاعر ، يهجو قوما:
حاجيتكم من أبوكم يا بني عصب شتى ولكنّكم للعاهر الحجر
فجئتم عصبا من كلّ ناحية نوعا مخانيث في أعناقها الكبر
بل يأتي بها على وزان أفعل ويقول: (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، (إِنَّ صَلاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيايَ وَمَماتِي ، لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) ، وأنا من المسلمين.
ثمّ يتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم ، ويفتتح القراءة بالبسملة.
وينبغي أن يلزم المصلّي في صلاته الخشوع ، والخضوع ، والوقار ، ويطرح الأفكار ، ويقبل بقلبه كلّه على صلاته ، ويكون مفرغا قلبه من علائق الدنيا ، وليقم منتصبا ، من غير أن ينحني ظهره ، وليكن نظره في حال قيامه إلى موضع سجوده ، ويفرّق بين قدميه ، ويجعل بينهما قدر شبر ، أو نحوه إن كان رجلا ، ولا يضع يدا على يد ، ولا يقدّم رجلا على أخرى.
فإذا تعوّذ فليفتتح ببسم الله الرّحمن الرحيم يجهر بها في كلّ صلاة يجهر فيها بالقراءة ، أو لم يجهر في الأوليين فحسب.
وقوم من أصحابنا يرون أنّ الجهر بها في كل صلاة ، انّما هو للإمام ، وأمّا المنفرد فيجهر بها في صلوات الجهر ، ويخافت فيما عدا ذلك.
ويقرأ الحمد ، وسورة معها أي سورة شاء ، إلا عزائم السجود التي تقدّم ذكرها ، وهي : سجدة لقمان وسجدة الحواميم وسورة النجم واقرأ باسم ربك ، فإنهن يقتضين سجودا واجبا ، وذلك لا يجوز في صلاة الفريضة ، فإن سجد بطلت صلاته ، لأنّه يكون قد زاد سجودا متعمدا في صلاته ، فإن لم يسجد بطلت صلاته أيضا ، لأنّه بقراءة العزيمة يتحتم ، ويتضيّق عليه السجود ، فإذا فعل فعلا يمنعه من الواجب المضيّق ، يكون ذلك الفعل قبيحا ، والقبيح لا يتقرّب به إلى
الله تعالى فتكون صلاته منهيا عنها ، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه.
فإن كان قراءته لها ناسيا ، لا على طريق التعمد ، فالواجب عليه ، المضيّ في صلاته ، فإذا سلّم ، قضى السجود ولا شيء عليه ، لأنّه ما تعمد بطلان صلاته ، فاختلف الحال بين العمد والنسيان.
ولا بأس بقراءة العزائم في صلاة النوافل ، ويجب عليه أن يسجد ، ولا تبطل بذلك نافلته.
فأمّا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الركعتين الأخيرتين ، فلا يجوز ، لأنّ الأخيرتين لا يتعيّن فيهما القراءة ، وانّما الإنسان مخيّر بين التسبيح والقراءة ، والدليل على ذلك أنّ الصّلاة عندهم على ضربين : جهرية وإخفاتية.
فالاخفاتية الظهر والعصر ، فان الجهر بالبسملة في الركعتين الأوليين مستحب ، لأنّ فيهما يتعين القراءة فأمّا الأخيرتان فلا يتعيّن فيهما القراءة.
والصّلاة الجهرية وهي الصّبح ، والمغرب ، والعشاء الآخرة ، فإنّ الجهر بالبسملة واجب كوجوبه في جميع الحمد.
وأمّا الآخرتان فلا يجوز الجهر بالقراءة ، إن أرادها المصلّي ، فقد صار المراد بالجهرية الركعتين الأوليين ، دون الأخيرتين ، ولا خلاف بيننا في أنّ الصلاة الإخفاتية لا يجوز فيها الجهر بالقراءة ، والبسملة من جملة القراءة ، وانّما ورد في الصّلاة الإخفاتية التي يتعيّن فيها القراءة ، ولا يتعين القراءة إلا في الركعتين الأوليين فحسب.
وأيضا فطريق الاحتياط ، يوجب ترك الجهر بالبسملة في الأخيرتين ، لأنّه لا خلاف بين أصحابنا بل بين المسلمين في صحّة صلاة من لا يجهر بالبسملة في الأخيرتين ، وفي صحّة صلاة من جهر فيهما خلاف.
وأيضا فلا خلاف بين أصحابنا في وجوب الإخفات في الركعتين الأخيرتين ، فمن ادّعى استحباب الجهر في بعضها وهو البسملة ، فعليه الدليل.
فإن قيل : عموم الندب والاستحباب بالجهر بالبسملة.
قلنا: ذلك فيما يتعيّن ويتحتم القراءة فيه ، لأنّهم عليهم السلام قالوا يستحب الجهر بالبسملة فيما يجب فيه القراءة بالإخفات ، والركعتان الآخرتان خارجتان من ذلك.
فقد قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في جمله وعقوده في قسم المستحب : والجهر ببسم الله الرّحمن الرحيم في الموضعين (1) يريد بذلك الظهر والعصر ، فلو أراد الآخرتين من كلّ فريضة لما قال في الموضعين ، بل كان يقول في المواضع.
وأيضا فلا خلاف في أنّ من ترك الجهر بالبسملة في الآخرتين لا يلحقه ذم ، لأنّه امّا أن يكون مسنونا على قول المخالف في المسألة ، أو غير مسنون على قولنا وفي كلا الأمرين لا ذم على تاركه ، وما لا ذم في تركه ويخشى في فعله أن يكون بدعة ومعصية يستحق بها الذّم ومفسدا لصلاته ، فتركه أولى وأحوط في الشريعة.
وأيضا فقد ورد في ألفاظ الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام ، تنبيه على ما قدّمناه أورد ذلك حريز بن عبد الله السجستاني في كتابه ، وهو حريز بالحاء غير المعجمة والراء غير المعجمة والزاي المعجمة ، وهو من جملة أصحابنا ، وكتابه معتمد عندهم ، قال فيه : وقال زرارة : قال أبو جعفر عليه السلام : لا يقرأ في الركعتين الآخرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئا ، إماما كنت أو غير إمام ، قلت : فما أقول فيهما ، قال : إن كنت إماما فقل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ثلاث مرات ، ثم تكبّر وتركع ، وإن كنت خلف إمام ، فلا تقرأ شيئا في الأوليين ، وأنصت لقراءته ولا تقولن شيئا في الآخرتين ، فإنّ الله عزوجل يقول للمؤمنين (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) يعني في الفريضة خلف الإمام (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) والآخرتان تبع الأولتين. قال زرارة قال أبو جعفر عليه السلام : كأنّ الذي فرض الله على العباد من الصّلاة عشرا ، فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا ، وفيهنّ السهو وليس فيهن قراءة ، فمن شك في الأوليين أعاد حتى يحفظ ، ويكون على يقين ، فمن شك في الأخيرتين بنى على ما توهم (2).
فليلحظ قوله ، وليس فيهنّ قراءة.
ولا يجوز أن يقرأ في الفريضة بعض سورة.
ويكره أن يقرأ سورتين ، مضافتين إلى أمّ الكتاب ، فإن قرأ ذلك لا تبطل صلاته.
وقد ذكر شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته ، أنّ صلاته تبطل بذلك (3). ورجع عن ذلك في استبصاره ، وقال: ذلك على طريق الكراهة (4). وهذا الذي يقوى عندي ، وافتي به ، لأنّ الإعادة ، وبطلان الصّلاة يحتاج إلى دليل ، وأصحابنا قد ضبطوا قواطع الصّلاة ، وما يوجب الإعادة ، ولم يذكروا ذلك في جملتها ، والأصل صحة الصّلاة ، والإعادة والبطلان بعد الصّحة ، يحتاج إلى دليل ، ويجوز ذلك في النافلة.
فإذا أراد أن يقرأ الإنسان كل واحدة من سورة والضحى وألم نشرح ، منفردة عن الأخرى في الفريضة ، فلا يجوز له ذلك ، لأنّهما سورة واحدة عند أصحابنا ، بل يقرؤهما جميعا وكذلك سورة الفيل ولإيلاف ، فمن أراد قراءة كلّ واحدة من الضحى وألم نشرح في الفرض ، جمع بينهما في ركعة ، وكذلك من أراد قراءة كل واحدة من سورة الفيل ولإيلاف ، جمع بينهما ، وفي النوافل ليس يلزم ذلك.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في التبيان: روى أصحابنا أنّ ألم نشرح مع الضحى سورة واحدة ، لتعلّق بعضها ببعض ، ولم يفصلوا بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأوجبوا قراءتهما في الفرائض في ركعة ، وأن لا يفصل بينهما ، ومثله قالوا في سورة ألم تر كيف ولإيلاف ، وفي المصحف هما سورتان ، فصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم (5).
قال محمّد بن إدريس رحمه الله : والذي تقتضيه الأدلة ، وعليه الإجماع ، انّ الإنسان إذا أراد قراءة ألم نشرح مع سورة الضحى بسمل في الضحى وفي ألم نشرح ، والدليل على ذلك إثبات البسملة في المصحف ، فلو لم تكن البسملة من جملة السورة ما جاز ذلك ، وهو إجماع من المسلمين ، ولا يمنع مانع أن يكون في سورة واحدة بسملتان ، كما في سورة النّمل ، وأصحابنا أطلقوا القول بقراءتهما جميعا ، فمن أسقط البسملة بينهما ما قرأهما جميعا.
وأيضا فلا خلاف في عدد آياتهما فإذا لم يبسمل بينهما نقصتا من عددهما ، فلم يكن قد قرأهما جميعا.
وشيخنا أبو جعفر يحتج على المخالفين ، بأنّ البسملة آية من كل سورة ، بأنّها ثابتة في المصاحف ، يعني البسملة ، بإجماع الأمّة بخلاف العشرات ، وهو موافق بإثبات البسملة بينهما ، في المصحف.
وأيضا طريق الاحتياط يقتضي ذلك لأن بقراءة البسملة تصح الصّلاة بغير خلاف وفي ترك قراءتها خلاف ، وكل سورة تضم إلى أمّ الكتاب يجب أن يبتدئ فيها ـ ببسم الله الرحمن الرحيم.
ويتحتم الحمد عندنا في الركعتين الأوليين ، من كل فريضة ، وهل يجب أن يضمّ إليها سورة أخرى أم تجزي بانفرادها للمختار؟ اختلف أصحابنا على قولين ، فبعض منهم يذهب إلى أنّ قراءة الحمد وحدها تجزي للمختار ، وبعضهم يقول لا بدّ من سورة أخرى مع الحمد ، وتحتمها كتحتم الحمد ، وهو الأظهر من المذهب. وبه يفتي السيد المرتضى ، والشيخ أبو جعفر في مسائل خلافه (6) وفي جمله وعقوده (7) والاحتياط يقتضي ذلك.
فأمّا الآخرتان فلا خلاف بينهم في أن الحمد لا يتعيّن ، بل الإنسان مخيّر بين الحمد والتسبيح.
واختلفوا في عدد التسبيح ، منهم من قال أقلّه أربع تسبيحات ، وهو مذهب شيخنا المفيد رحمه الله ، ومنهم من يقول الواجب عشر تسبيحات ، ومنهم من يقول الواجب اثنتا عشرة تسبيحة ، والذي أراه ويقوى عندي العشر ، وأخصّ الأربع للمستعجل.
فإن أراد أن يقرأ الحمد ، يجب عليه الإخفات بجميع حروفها على ما مضى شرحنا لذلك ، فإن أراد التسبيح فالأولى له الإخفات به ، فإن جهر به لا يبطل صلاته ، وحمله على القراءة قياس ، والقياس عند أهل البيت عليهم السلام متروك ، فإن جهر بالقراءة في الحمد بطلت صلاته ، إذا فعل ذلك متعمدا.
ولا بأس بقراءة المعوذتين في الفريضة ، ولا يلتفت إلى خلاف ابن مسعود ، (في أنّهما ليستا من القرآن).
ولا بأس للمعجل والعليل بأن يقتصرا في الفريضة على أم الكتاب وحدها.
وللمصلّي إذا بدأ بسورة ، أن يرجع عنها ما لم يبلغ نصفها ، إلا قل هو الله أحد وقل يا أيّها الكافرون ، فإنّه لا يرجع عنهما ، وهما أفضل ما قرئ في الصّلاة.
ويستحب له أن يقرأ في صلاة الصبح بعد الفاتحة ، سورة من طوال المفصل ، مثل هل أتى على الإنسان ، وإذا الشمس كوّرت ، وما أشبه ذلك.
ويستحب له أن يقرأ في صلاة الليل بشيء من السّور الطوال ، مثل الكهف ، والأنعام ، والحواميم.
وأن يقرأ في صلاة المغرب ، والعشاء الآخرة من ليلة الجمعة ، في الأولى الحمد ، وسورة الجمعة ، وفي الثانية الحمد ، وسبّح اسم ربّك الأعلى.
وفي صلاة الفجر من يوم الجمعة في الأولى ، الحمد والجمعة ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد. وروي مكان قول هو الله أحد ، سورة المنافقين (8). وفي الظهر والعصر ، الجمعة والمنافقين ، تقدم الجمعة في الاولى ، وتؤخّر سورة المنافقين في الثانية.
وإن كنت مصليا الفجر ، أو المغرب ، أو العشاء الآخرة ، أو نوافل الليل جهرت بالقراءة في الركعتين الأولتين ، وهما اللتان يتعين فيهما القراءة.
وإن كنت مصلّيا ما عدا ذلك ، من ترتيب اليوم والليلة ، خافت ، من غير أن تنتهي إلى حدّ لا تسمع معه أذناك ما تقرؤه.
والجهر فيما يجب الجهر فيه واجب ، على الصحيح من المذهب ، حتى أنّه إن تركه متعمدا ، بطلت صلاته ، ووجبت عليه الإعادة وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في مصباحه ، ذلك من السنن المؤكّدة ومن جهر فيما يجب فيه الإخفات متعمدا ، وجبت عليه الإعادة.
وأدنى الجهر أن تسمع من عن يمينك ، أو شمالك ، ولو علا صوته فوق ذلك لم تبطل صلاته.
وحدّ الإخفات أعلاه أن تسمع أذناك بالقراءة ، وليس له حدّ أدنى ، بل إن لم تسمع أذناه القراءة فلا صلاة له ، وإن سمع من عن يمينه أو شماله صار جهرا ، فإذا فعله عامدا بطلت صلاته.
وينبغي أن يرتّل قراءته ، ويبيّنها ، ولا يعجل فيها ، فإذا فرغ من قراءته كبّر، رافعا يديه حيال وجهه ، على ما تقدّم ذكره ، ثمّ يركع.
وينبغي للراكع أن يمدّ عنقه ، ويسوّي ظهره ، ويفتح إبطيه مجنّحا بهما عن ملاصقة أضلاعه ، ويملأ كفيه من ركبتيه مفرقا بين أصابعه ، ويجعل رأسه حذاء ظهره ، غير منكّس له ، ولا رافع ، ولا يجمع بين راحتيه ، ويجعلهما بين ركبتيه ، لأنّ ذلك هو التطبيق المنهي عنه.
وليكن نظره في حال الركوع إلى ما بين رجليه ، ويقول في ركوعه : اللهم لك ركعت ، ولك خشعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وأنت ربي ، خشع لك قلبي ، وسمعي ، وبصري ، وشعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ، ومخي ، وعظامي ، وعصبي ، وما أقلّته الأرض منّي ، ثم يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ، إن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، والزائد أفضل ، وتسبيحة واحدة يجزي ، وهو أن يقول : سبحان الله ، أو يذكر الله تعالى بأن يقول : لا إله إلا الله والله أكبر ، وما أشبه من ذلك من الذكر الذي يقتضي المدحة والثناء.
وقال بعض أصحابنا : أقل ما يجزي تسبيحة واحدة ، وكيفيتها أن يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ، فإذا قال : سبحان الله لا يجزيه ، والأول أظهر ، لأنّه لا خلاف بينهم في أن التسبيح لا يتعيّن ، بل ذكر الله تعالى ، ولا خلاف في أن من قال سبحان الله فقد ذكر الله تعالى ، والأصل براءة الذمة في هذه الكيفية المدعاة ، لأنّ الكيفيات عبادات زائدة على الأفعال.
والقول في تسبيح السجود والخلاف فيه ، كالقول في تسبيح الركوع.
ثمّ يرفع رأسه من الركوع ، وهو يقول بعد فراغه من الرفع : سمع الله لمن حمده ، الحمد لله رب العالمين ، أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت. والرفع واجب ويستوي قائما.
والطمأنينة واجبة في القيام ، وكذلك في الركوع ، بقدر ما ينطق بالذكر الواجب ، وما زاد على ذلك فمستحب.
وينبغي للمرأة إذا ركعت أن يكون تطأطؤها دون تطأطؤ الرجل ، وتضع يديها على فخذيها ، إذا أهوت للركوع.
ويكون قيامها ، وهي جامعة بين قدميها غير مباعدة بينهما.
فإذا عاد الراكع إلى انتصابه واستوى قائما ، كبّر رافعا يديه على ما تقدّم ، وأهوى إلى السجود ، ويلتقي الأرض بيديه جميعا قبل ركبتيه ، ويكون سجوده على سبعة أعظم : الجبهة ، ومفصل الكفين من الزندين ، وعظمي الركبتين ، وطرف إبهامي الرجلين.
والإرغام بطرف الأنف ممّا يلي الحاجبين ، وهو من السنن المؤكدة ، والسجود على السّبعة الأعضاء فريضة ، والثامن سنة وفضيلة.
ومن كان في جبهته علّة ، ووصل إلى الأرض من حدّ قصاص شعر رأسه إلى الحاجبين مقدار الدرهم ، أجزأه ، فإن لم يتمكن من ذلك أجزأه أن يسجد على ما بين الجبهة والصدغين منحرفا ، فإن لم يتمكن من ذلك ، سجد على ذقنه.
وينبغي أن يتخوى في سجوده كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه ، ومعنى يتخوى يتجافى ، يقال خوّى البعير تخوية : إذا جافى بطنه عن الأرض في بروكه ، وكذلك الرّجل في سجوده ، وهو أن يكون معلّقا لا يلصق عضديه بجنبيه ، ولا ذراعيه بعضديه ، ولا فخذيه ببطنه ، ولا يفترش ذراعيه كافتراش السّبع ، بل يرفعهما ، ويجنّح بهما ، ويكون نظره في حال السجود إلى طرف أنفه.
وجملة الأمر وعقد الباب ، في نظر المصلّي ، في جميع صلاته على خمسة أضرب ، وهي مستحبة حال قيامه ، قارئا إلى موضع سجوده ، وفي حال قنوته إلى باطن كفيه ، وحال ركوعه إلى ما بين قدميه ، وفي هذه الحال خاصّة يستحب أن يكون مغمض العينين ، وفي حال سجوده إلى طرف أنفه ، وفي حال جلوسه إلى حجره.
ويكره للساجد أن ينفخ موضع سجوده ، فإن كان نفخه بحرفين فقد قطع صلاته.
ولا بأس بأن تكون أعضاء السجود غير الجبهة مستورة ، وتقع على غير ما يجوز السجود عليه ، وإن كانت بارزة ، وعلى ما تقع عليه الجبهة كان أفضل.
وينبغي أن يكون موضع سجوده مساويا في العلو والهبوط لموضع قيامه ، ويقول في السجود : اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت ، وأنت ربي ، سجد لك وجهي ، وجسمي ، وشعري ، وبشري ، ومخي ، وعصبي ، وعظامي ، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره ، وشق سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين ، سبحان ربي الأعلى وبحمده.
الواجبة واحدة ، والمستحب ثلاث ، والأفضل خمس ، والأكمل سبع ، وقد ذكرنا فيما تقدّم فقه ذلك.
سجود التلاوة في جميع القرآن مسنون إلا أربع سور ، فإن فيها سجودا واجبا ، على ما قدّمناه على القاري والسّامع والمستمع وهو الناصت.
وذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، إلى أنّه يجب على القاري والمستمع ، دون السامع ، وهو اختيار الشافعي (9). فأما باقي أصحابنا ، لم يفصّلوا ذلك ، وأطلقوا القول بأنّ سجود أربع المواضع يجب على القاري ومن سمع ، وهو الصحيح ، وعليه إجماعهم منعقد.
وروى أبو بصير ، (10) قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إذا قرئ شيء من العزائم الأربع فسمعتها ، فاسجد وإن كنت على غير وضوء ، وإن كنت جنبا ، وإن كانت المرأة لا تصلّي ، وسائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت ، وإن شئت لم تسجد.
وينبغي للمرأة إذا أرادت السجود أن تجلس ، ثم تسجد لاطئة بالأرض ، مجتمعة ، واضعة ذراعيها على الأرض ، بخلاف ما ذكرناه في هيأه سجود الرجل ، ولو كانت على هيأه الرجل لم تبطل بذلك صلاتها ، ولو كان الرجل على هيأتها لم تبطل بذلك صلاته ، وانّما سنّ لها هذه الهيأة وللرجل تلك الهيأة.
ثم يرفع رأسه من السجود ، رافعا يديه بالتكبير ، مع رفع رأسه ، ويجلس متمكنا على الأرض ، مفترشا فخذه اليسرى مماسا بوركه الأيسر ، مع ظاهر فخذه اليسرى الأرض ، رافعا فخذه اليمنى عنها ، جاعلا بطن ساقه الأيمن على بطن رجله اليسرى ، مبسوطة على الأرض ، وباطن فخذه اليمني على عرقوبه الأيسر ، وينصب طرف إبهام رجله اليمنى على الأرض ، ويستقبل بركبتيه معا القبلة ولا بأس بالإقعاء بين السجدتين من الاولى والثانية والثالثة والرابعة ، وتركه أفضل ، ويكره أشد من تلك الكراهة في حال الجلوس للتشهدين ، وقد يوجد في بعض كتب أصحابنا : ولا يجوز الإقعاء في حال التشهدين ، وذلك على تغليظ الكراهة ، لا الحظر ، لأنّ الشيء إذا كان شديد الكراهة قيل لا يجوز ، ويعرف ذلك بالقرائن.
ويستحب أن يكبّر لرفع رأسه من السجود ، بعد التمكن من الجلوس ، وكذلك الراكع يكون قوله سمع الله لمن حمده بعد انتصابه قائما ، وأنّه إذا كان تكبيره للدخول في فعل من أفعال الصّلاة ، ابتدأ بالتكبير في حال الابتداء به ، وإذا كان تكبيره للخروج عنه ، جعل التكبير بعد الانفصال عنه ، وحصوله فيما يليه.
وينبغي أن يكون نظر الجالس إلى حجره على ما قدّمناه ، ويقول في الجلسة بين السجدتين : اللهم اغفر لي ، وارحمني ، وادفع عني ، واجبرني ، إني لما أنزلت إليّ من خير فقير.
ثم يرفع يديه بالتكبير ، ويسجد الثانية على الوصف الذي مضى في الأولة.
ثم يرفع رأسه ويكبر ، ويجلس متمكنا على الأرض على ما تقدّم من وصفه ، ثم ينهض إلى الركعة الثانية وهو يقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد ، فإذا استوى قائما قرأ الحمد وسورة معها ، فإذا فرغ من القراءة ، بسط كفيه ، حيال صدره ، إلى القنوت ، وجعل باطنهما مما يلي السماء ، وظاهرهما مما يلي الأرض.
ويكون نظره إلى باطنهما ، على ما أسلفنا القول فيه.
والأفضل أن يكون ظاهرهما يلي السماء وباطنهما يلي الأرض في جميع الصلاة إلا في حال القنوت.
وتكون الأصابع مضمومة ، إلا الإبهام ، إلا في الركوع ، فيستحب أن تكون مفرجات الأصابع.
ويكبر للقنوت على أظهر الأقوال ، وبعض أصحابنا يذهب إلى أن تركه أفضل.
والذي ينبغي أن يكون في القنوت على الجملة حمدا لله ، والثناء عليه ، والصلاة على نبيه وآله ، وهو مخيّر بعد ذلك في ضروب الأدعية ، وروي أنّ أفضل ذلك كلمات الفرج (11) ويجوز للقانت أن يدعو لنفسه ، ويسأل حاجته في قنوته ، ويدعو على أعداء الدين ، والظلمة ، والكافرين ، ويسميهم بأسمائهم ، فإنّ الرسول صلىاللهعليهوآله ، قنت ودعا على قوم من الكافرين ، وسمّاهم بأسمائهم ، فروي أنّه قال : اللهم انج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، (وعياش بن أبي ربيعة) والمستضعفين من المؤمنين ، وفي بعضها والمستضعفين بمكة ، واشدد وطأتك على مضر ، ورعل ، وذكوان (12).
قال محمّد بن إدريس رحمه الله : رعل بالراء غير المعجمة المكسورة ، والعين غير المعجمة المسكنة ، واللام ، وذكوان بالذال المعجمة ، وهما قبيلتان من بني سليم.
وروي أنّه صلى الله عليه وآله دعا أيضا في الصّلاة واستعاذ من فتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال (13).
قال محمّد بن إدريس رحمه الله : المسيح بالحاء غير المعجمة ، وسمي مسيحا لأنّ عينه ممسوحة خلقة.
ولا بأس ان تسمّت العاطس وأنت في الصلاة ، يقول يرحمك الله ، لأنّه دعاء لا يقطع الصلاة.
ورعل وذكوان والمسيح ، أوردهم شيخنا في مسائل خلافه (14) ، فذكرتهم لئلّا يجري تصحيف ، وكذلك فعل أمير المؤمنين عليه السلام.
والقنوت مستحب في جميع الصلوات الفرض والسنة ، وهو في الفرض آكد ، وفيما يجهر فيه بالقراءة آكد ، وفي المغرب والفجر آكد ، ومحلّه بعد القراءة في الثانية ، وقبل الركوع ، وهو قنوت واحد في الصلاة.
وروي أنّ في الجمعة قنوتين (15) ، والأظهر الأوّل ، لأنّ هذا مروي من طريق الآحاد ، والقنوت الواحد مجمع على استحبابه.
ويجهر به في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة ، ويخافت به فيما يخافت فيه بالقراءة.
وقد روي أنّ القنوت يجهر به على كل حال (16).
فإذا فرغ من قنوته رفع يديه ، وكبر للركوع على ما وصفناه ، وسجد السجدتين ، فإذا جلس من السجدة الثانية متمكنا على ما تقدّم به الوصف ، وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى ، دون ركبتيه ، وكفه اليسرى على فخذه اليسرى دون ركبتيه.
ثم ليقل إن كان مصليا فرضا سوى الفجر : بسم الله وبالله ، والحمد لله ، والأسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا ، بين يدي السّاعة ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، كأفضل ما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، وإن كان في صلاة الفجر يتشهد كتشهد الذي نذكره ، وفي أثره التسليم.
فإذا فرغ من التشهد الذي ذكرناه ، نهض قائما وهو يقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد.
وبعض أصحابنا ينهض إلى الركعات بالتكبير ، لا بحول الله وقوته أقوم وأقعد ، وهو مذهب شيخنا المفيد رحمه الله : ولا يكبر للقنوت ، لأنّه جعل في الصّلوات الخمس أربعا وتسعين تكبيرة ، وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله بخمس وتسعين تكبيرة ، وهو الأظهر في الأقوال والروايات ، فالخلاف بينهما في تكبيرة واحدة ، لأنّ الشيخ المفيد يقول : انا أقوم إلى الثوالث بالتكبير ، فلأربع فرائض ، لهن ثوالث ، ففيهن أربع تكبيرات ، والفجر لا ثالثة لها ، فلا تكبيرة لها ويوافق في أعداد التكبيرات الباقيات في أحوال الصلاة ، ولا يقنت ـ بالتكبير.
والشيخ أبو جعفر رحمه الله يقول : أنا اقنت في الخمس الفرائض ، أمد يدي بالتكبير ، فيهن خمس تكبيرات ، وعدد التكبيرات في الخمس الصلوات خمس وتسعون تكبيرة ، خمس منها تكبيرة الإحرام واجبة ، وتسعون مسنونة ، منها خمس للقنوت ، في الظهر اثنتان وعشرون تكبيرة ، وفي العصر والعشاء الآخرة مثل ذلك ، وفي المغرب سبع عشرة تكبيرة ، وفي الفجر اثنتا عشرة تكبيرة.
ويسبح في الركعتين الآخرتين من الظهر ، والعصر والعشاء الآخرة ، وفي الركعة الثالثة من المغرب عشرة تسبيحات ، على ما مضى القول فيه يقول : (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله) ثلاث مرات ، ويزيد في الثالثة (والله أكبر) ، وإن شاء قرأ الحمد ، والتسبيح أفضل ، على الأظهر من المذهب ، وبعض أصحابنا لا يفضّل أحدهما على الآخر ، وبعضهم يقول توسطا بين الأخبار ، الحمد أفضل للإمام خاصّة.
فإذا جلس للتشهد الثاني ، قال : التحيات لله ، والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الناعمات الغاديات الرائحات المباركات الحسنات لله ، ما طاب وطهر وزكى وخلص ( بفتح اللام ) ونمى أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، وأشهد أنّ الجنة حق ، وأنّ النار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، وأشهد أنّ ربي نعم الرب ، وأنّ محمّدا صلى الله عليه وآله نعم الرسول ، وأشهد أنّ ما على الرسول إلا البلاغ المبين ، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وبارك على محمد وآل محمّد ، كأفضل ما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ـ والصلاة على محمّد والصلاة على آله واجبتان في التشهدين جميعا ، الأوّل والأخير ـ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله المرسلين ، وعلى ملائكته المقربين ، السلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيّين ، السلام على عباد الله الصالحين.
ثم يسلّم تسليمة واحدة مستقبل القبلة ، وينحرف بوجهه قليلا إلى يمينه إن كان منفردا ، أو إماما وإن كان مأموما يسلم تسليمتين ، واحدة عن يمينه على كلّ حال ، واخرى عن شماله ، إلا أن تكون جهة شماله خالية من أحد فيسلّم عن يمينه ويدع التسليم على شماله ، ولا يترك التسليم عن يمينه على كل حال ، كان في تلك الجهة أحد ، أو لم يكن على ما قدّمناه ، والذي ذكرناه من كيفية التشهدين فضل ، لا حرج على تاركه ، وأدنى ما يجزى فيهما ، الشهادتان ، والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله ، والصلاة على آله عليهم السلام.
والتسليم ، الأظهر أنّه مستحب ، وذهب السيد المرتضى رضي الله عنه إلى وجوبه ، وأحتج بما روي عنه عليه السلام من قوله : مفتاحها التكبير وتحليلها التسليم (17).
وهذا أولا خبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا ، خصوصا عند هذا السّيد ، وأيضا لو كان متواترا ، فهو دليل الخطاب ، ودليل الخطاب أيضا عنده وعندنا متروك بدليل آخر ، وأيضا فما روي عنه عليه السلام من قوله : إنّما صلاتنا هذه تكبير وقراءة وركوع وسجود (18) يعارض خبره ، وفيه ما يقويه وهو لفظة (إنما) المحققة المثبتة للمذكور ، النافية لما عداه ، وما ذكر التسليم انّه من جملة صلاتنا ، وأيضا لو كان منها لكان إذا سلّم المصلي ساهيا أو ناسيا في غير موضع التسليم ، لا يجب عليه سجدتا السّهو ، ولا يقطع صلاته به وهذا الا يقوله أحد من أصحابنا.
وما اخترناه مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته (19) وجمله وعقوده (20) وهو مذهب شيخنا المفيد رضي الله عنه ، والأصل براءة الذّمة ، فإن المرتضى قال في الناصريات : ما وجدت لأصحابنا في ذلك نصّا (21) فقد أقرّ أنّه لم يجد لهم في ذلك نصا ولا قولا:
وقد ورد عنهم عليهم السلام انّهم قالوا : اسكتوا عما سكت الله عنه (22) وهذا من ذلك.
ويستحب بعد التسليم والخروج من الصلاة أن يكبّر وهو جالس ثلاث تكبيرات يرفع بكل واحدة يديه إلى شحمتي أذنيه ، ثمّ يرسلهما إلى فخذيه في ترسّل واحد.
مّ يقول لا إله إلا الله وحده وحده وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعزّ جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير.
ثمّ يسبح تسبيح الزّهراء عليها السلام ، وهو أربع وثلاثون تكبيرة ، التكبير أوّل بلا خلاف ، وثلاث وثلاثون تحميدة على الصحيح من المذهب ، وأنّه بعد التكبير ، وقال بعض أصحابنا يجعل التسبيح بعد التكبير ، والأول أظهر في الفتوى والقول ، وثلاث وثلاثون تسبيحة.
ثمّ يصلّي على النبي ، ويستغفر من ذنوبه ، ويدعو بما أحبّ ، ويسجد سجدة الشكر ، وصفتها أن يلصق ذراعيه وجؤجؤه بالأرض ، ويضع جبهته على موضع سجوده ، ثمّ خدّه الأيمن ، ثمّ خده الأيسر ، ثم يعيد جبهته ، ويدعو الله في خلال ذلك ، ويسبحه ويعترف بنعمته ، ويجتهد في الشكر عليها.
وقد روي (23) فيما يقال في سجدة الشكر أشياء كثيرة ، من أرادها أخذها من مواضعها ، وأوجزها أن يقول : شكرا شكرا شكرا ويكرر ذلك مرارا ، أدناها ثلاثا ، أو حتى ينقطع النفس ، وإن شاء عفوا عفوا.
وروي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول إذا سجد : وعظتني فلم أتعظ ، وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر ، وغمرتني أياديك فما شكرت ، عفوك عفوك يا كريم (24).
ويستحب له إذا رفع رأسه من السّجود ، أن يضع باطن كفه اليمنى على موضع سجوده ، ثمّ يمسح بها وجهه وصدره.
وهذا التعقيب يستحب في دبر كلّ فريضة ونافلة ، والسجود والتعفير ، إلا فريضة المغرب ، فالمستحب أن يكون تعقيبها بهذا الدّعاء ، والسّجود والتعفير ، ما خلا تسبيح الزّهراء ، فإنّه بعد نافلتها ، وبذلك تظاهرت الآثار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام ، ومن سجد وعقّب بما ذكرناه كان فاعلا فضلا ، ومن ترك ذلك فلا شيء عليه.
وسجدة الشكر مستحبة عند تجديد نعم الله ، ودفع البلايا والنقم ، وأعقاب الصلوات.
وروي عنه عليه السلام انه لما أتى برأس أبي جهل لعنه الله تعالى سجد شكرا لله (25).
وروي (26) أنه رأى نغاشيا فسجد ، والنغاشي بالنّون المضمومة والغين المعجمة المفتوحة والشين المعجمة المكسورة والياء المشدّدة : الرّجل القصر الزري.
________________
(1) الجمل والعقود: فصل 9 في ذكر ما يقارن حال الصلاة ، الرقم 5 من المسنونات.
(2) الوسائل: الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ، ح 1 و 2.
(3) كتاب النهاية: في باب القراءة من الصلاة (ولا يجوز ان يجمع بين سورتين مع الحمد ..).
(4) الاستبصار: ج 1 ، 174 باب القران بين السورتين في الفريضة.
(5) التبيان: ج 10 الطبع الحديث في ذيل سورة الانشراح.
(6) كتاب الخلاف: في كتاب الصلاة ، المسألة 86 .
(7) الجمل والعقود: في فصل في ذكر ما يقارن حال الصلاة.
(8) الوسائل: كتاب الصلاة ، الباب 70 من أبواب القراءة في الصلاة ، ح 10 .
(9) كتاب الخلاف: كتاب الصلاة ، مسألة 179 .
(10) الوسائل: كتاب الصلاة ، الباب 42 من أبواب قراءة القرآن ، ح 2 .
(11) الوسائل: كتاب الصلاة ، الباب 7 من أبواب القنوت ، ح 4 .
(12) مستدرك الوسائل: كتاب الصلاة الباب 10 من أبواب القنوت ، ح 4 .
(13) كتاب الخلاف : كتاب الصلاة ، مسألة 133.
(14) كتاب الخلاف : كتاب الصلاة ، مسألة 133 .
(15) الوسائل : الباب 5 من أبواب القنوت ، ح 5 و 8 و 9.
(16) الوسائل : الباب 21 من أبواب القنوت ، ح 1.
(17) الوسائل: الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام ، ح 7. والباب 1 من أبواب التسليم ، ح 8 نقلا بالمعنى.
(18) عوالي اللئالي : ج 1 ، ص 421 .
(19) النهاية : كتاب الصلاة ، باب فرائض الصلاة وسننها.
(20) الجمل والعقود : في فصل 9 في ذكر ما يقارن حال الصلاة.
(21) الناصريات : المسألة 82 من كتاب الصلاة.
(22) عوالي اللئالي : ج 3 ، ص 166.
(23) الوسائل: الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر.
(24) الكافي : كتاب الصلاة ، باب السجدة والتسبيح والدعاء فيه ، ح 21 .
(25) كتاب الخلاف : كتاب الصلاة ، مسألة 182.
(26) كتاب الخلاف : كتاب الصلاة ، مسألة 182 .
|
|
هل يمكن أن تكون الطماطم مفتاح الوقاية من السرطان؟
|
|
|
|
|
اكتشاف عرائس"غريبة" عمرها 2400 عام على قمة هرم بالسلفادور
|
|
|
|
|
رئيس هيأة التربية والتعليم يطَّلع على سير الأعمال في المبنى الجديد لجامعة العميد
|
|
|