التنميـة البيئيـة وأثـرها الاقـتـصادي (علـم اقتـصاد البيئـة والتنمـيـة البيئـيـة) |
57
05:13 مساءً
التاريخ: 2025-02-10
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2018
7237
التاريخ: 6-12-2019
3148
التاريخ: 2024-07-17
656
التاريخ: 25/12/2022
1337
|
الفصل الثالث
التنمية البيئية وأثرها الاقتصادي
مدخل
"البيئة الطبيعية ليست بحاجة لبني البشر ولكن بني البشر بحاجة للطبيعة"
إن أحد جوانب أزمة المجتمعات المعاصرة هو إشكالية علاقة هذه المجتمعات بالبيئة. فعوامل البيئة تتداخل في كل النشاطات الاقتصادية، بل هي تؤثر في كل جوانب النشاط والجهد الإنساني.
ولم يعد يسمح التدمير الحاصل في البيئة بالنظر إلى مشاكل البيئة على أنها مشاكل جانبية للنشاط الاقتصادي بل هي من صلب المشاكل الاقتصادية ويفترض أن يكون الحكم على مستوى الأداء الاقتصادي حكماً على النجاح الطويل الأجل والأقل ضرراً للبيئة، ويجب أن يكون هدف السياسات الاقتصادية النمو الاقتصادي النوعي وليس الكمي. يمكن أن تفهم أزمة البيئة من وجهة النظر الاقتصادية على أنها عدم إعادة إنتاج عامل الإنتاج "الطبيعة " بشكل كاف. فلقد كان يتم رفع مستوى المعيشة عبر العصور التي خلت عن طريق استنزاف رأس المال الطبيعي وكان ينظر إلى الطبيعة ضمن إطار العملية الإنتاجية كشرط للإنتاج ومصدر للموارد المجانية. ولكن هذا الزمن قد ولى ولا يمكن لاقتصاد ناجح أن يستمر دون أن يأخذ بالاعتبار الطبيعة كعامل إنتاج إلى جانب العمل ورأس المال، وكما أن العمل ورأس المال يساهمان في الناتج الاجتماعي ويعاد إنتاجهما. كذلك هي الطبيعة تساهم في الناتج الاجتماعي وتحتاج إلى إعادة إنتاج فقسم كبير من الناتج الاجتماعي تقدمه الطبيعة، وخاصة في البلدان التي تعتمد بشكل أساسي على ثرواتها (نفط، غاز، فوسفات، غابات طبيعية..) وبالتالي يجب النظر إلى الطبيعة كجزء مهم جداً في الدورة الاقتصادية.
علم اقتصاد البيئة والتنمية البيئية
هناك بعض الجوانب المهملة في الحياة الاقتصادية تفرض نفسها ولم تدخل صلب التحليل الاقتصادي بعد. وهي عدم اعتبار الموارد الطبيعية أصولاً إنتاجية، ولا تزال هذه الموارد مستبعدة من مفهوم "الاستخدام الأمثل للموارد كما أن تعبير "أقل تكلفة "لا يزال يقصده أقل تكلفة بالنسبة للعوامل الإنتاجية الداخلة في العملية الإنتاجية مباشرة ولا يؤخذ بالاعتبار الخسائر البيئية والتكاليف الاجتماعية، أي التكاليف على مستوى المجتمع وعلى مستوى الاقتصاد ككل والتي تسمى بالتكاليف الخارجية مثلاً لا تحسب تكلفة زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب بارتفاع درجة حرارة الأرض ولا تحسب أيضاً تكلفة زيادة غازات الكلور فلور كربونات وأول أكسيد الكلور التي تسبب في ثقب طبقة الأوزون.
وإن العائدات من النفط والغاز والخامات الطبيعية الأخرى والتي تحسب على أنها دخل أو قيمة مضافة جديدة ماهي في الحقيقة إلا ريع ناجم عن استنزاف رأس المال الطبيعي والموجودات النادرة ولا تشكل قيمة مضافة ناجمة عن عمل إنتاجي وهدر هذه الموارد يشكل عامل تدهور للبيئة وما لم يتم القيام باستثمارات تعويضية تحافظ على رأس المال الطبيعي وتضمن تجدده فإن النمو المستند إلى الموارد الطبيعية لن يكون متواصلاً ولا طويل الأجل وتتمثل التكاليف الاجتماعية، على سبيل المثال: في الأضرار الصحية الناجمة عن التلوث، الأضرار النباتية والحيوانية، انخفاض حصيلة ونوعية الصيد السمكي، انخفاض قيمة المساكن وأجارها بسبب الضوضاء والتلوث المادي، الانخفاض النوعي لأهمية وقيمة مناطق الاستجمام والراحة ... الخ .
فعلم اقتصاد البيئة هو العلم الذي يقيس بمقاييس بيئية مختلف الجوانب النظرية والتحليلية والمحاسبية للحياة الاقتصادية ويهدف إلى المحافظة على توازنات بيئية تضمن نمواً مستديماً.
وهناك جملة من المبررات تستوجب تطوير حسابات اقتصادية بيئية نذكر منها:
(1) ضرورة وجود معلومات كاملة عن الموجودات والموارد البيئية والتغيرات التي تطرأ عليها وعن الخسائر في الموجودات البيئية، وخاصة وأن الموارد البيئية أصبحت نادرة ومشكلة البيئة هي مشكلة ندرة بالمعنى الواسع.
(2) المعرفة وتقويم العلاقات المتبادلة بين النشاط الاقتصادي والبيئة، وللتعرف على تأثير النشاط الاقتصادي في موجودات البيئة من جهة وللتعرف على تأثير التغيرات البيئية في النشاط الاقتصادي وتأثير المنتجين والمستهلكين في البيئة والتأثير العكسي من جهة أخرى.
(3) الحاجة لهذه الحسابات كأداة مساعدة في اتخاذ القرارات الاقتصادية بل وحتى السياسية.
وذلك وصولاً إلى التنمية المستدامة والتي تحقق نمواً اقتصادياً متعدداً ومتنوع المصادر مع استخدام الموارد وإدارتها بشكل يفي باحتياجات الحاضر، ولا يستنزف من احتياجات الأجيال القادمة، بما يضمن لها الاستمرار بحياة كريمة والتي طرحت في مؤتمر الأمم المتحدة ريودي جانيرو عام 1992، تحت عنوان قمة الأرض وظهرت فكرة التنمية المستدامة كواحدة من قواعد العمل الوطني والعالمي ووضع المؤتمر وثيقة مفصلة لبرنامج العمل في القرن الحادي والعشرين: أجندة 21 ومنذ مؤتمر ريودي جانيرو وحتى الآن، ازداد الوعي العام في العالم بالأخطار الناجمة عن تلوث البيئة وتدهور النظم البيئية وأدخل التعليم البيئي في مراحل الدراسة، وانتشر الإعلام البيئي.
ولكن عدم تطبيق التنمية المستدامة على الواقع العملي في البلدان النامية أدى إلى تدهور عام في النظم البيئية على المستوى العالمي، كما أوضح تقرير الأمم المتحدة للنظم البيئية - الصادر في حزيران 2002 والذي توصل إلى أن فكرة التنمية المستدامة التي نادت بها قمة الأرض لاتزال فكرة نظرية وانعقد مؤتمر آخر للأمم المتحدة في مدينة جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا 2002 تحت عنوان : القمة العالمية للتنمية المستدامة وكان هدف القمة: إيجاد صيغ تضمن التزام الدول الصناعية بمسؤولياتها تجاه البشرية، وتنشيط الالتزام الدولي على أعلى المستويات السياسية ببرنامج التنمية المستدامة.
|
|
اكتشاف الخرف مبكرا بعلامتين.. تظهران قبل 11 عاما
|
|
|
|
|
بالتعاون مع مؤسسة الكساء العالمية قسم التربية والتعليم ينظّم مؤتمرًا علميًّا ضمن سعيه لنيل الاعتماد الدولي
|
|
|