المداخل الأساسية لنظريات الإعلام- نظريات التأثير الانتقائي والمحدود لوسائل الإعلام- نظرية التعرض

يقصد بالتعرض Exposure استقبال الجمهور للوسيلة الاتصالية أو الرسالة الاتصالية. ويعد التعرض أحد أركان العملية الاتصالية لا سيما وأنه يحقق استقبال الأفراد للوسائل والرسائل في إطار عملية مقصودة تستلزم امتلاك المتعرضين لمهارات اتصالية (1)، ويختلف الأفراد في مدى تعرضهم لوسائل الإعلام وكلما زاد عمق التعرض دل على وعي الجمهور برسالة الإعلام، والتعرض لوسائل الإعلام قد يكون اختيارياً أو غير اختياري، وفي التعرض غير الاختياري، إذا تناقضت معلومات جديدة مع المعرفة التي لدى الفرد تحدث حالة تنافر تؤدي إلى تحريف أو إساءة فهم الرسالة، أو يتجنب هذه المعلومات أو ينساها أو يقلل من تنافره بتغيير آرائه أما التعرض الاختياري فقد يكون هو نفسه انتقائياً، ويعني ألا يعرض الفرد نفسه إلا للمعلومات التي يرغب في التعرض لها فعلاً، لذلك فإن الرسالة يجب أن تأتي بحسب اهتمامات الجمهور الذي توجه إليه، كما أن عملية إشباع الحاجات من المعلومات تتم عن طريق (2):

أ- التعرض لوسيلة إعلامية محددة.

ب- السياق الاجتماعي الذي تستخدم فيه الوسيلة، كالاستماع إلى الراديو بانفراد أو مشاهدة التلفزيون مع الجماعة وقراءة الصحف في ظروف معينة.

ويتضح أن التعرض يعبر عن اكتمال العملية الاتصالية وعن استجابة الجمهور النسبية للرسالة واهتمامه بها، أي انه يعبر عن حدوث الصلة بين وسائل ورسائل الاتصال الجماهيري من جهة والجمهور من جهة أخرى، وان استجابة المتلقي المحدودة لما تنشره وسائل الإعلام يرجع إلى عدد من العوامل التي تتداخل بين الرسالة الإعلامية والطبيعة البشرية، وان الاستجابة تتوقف على اتجاهات وقيم وحاجات ودوافع المتلقي (3)  ذلك أن انتقاء التعرض وانتقاء الإدراك وانتقاء التذكر هي العمليات التي تعاون الفرد على حماية معتقداته، فالفرد يتجنب في حياته الخاصة عادة من يختلف معه في الرأي ويصادق من يتفق معه، وهذا ما يتبعه الفرد في تعرضه لوسائل الإعلام فيتعرض للرسائل التي تتفق في اتجاهها معه .(4)

وخلافاً للنظريات التقليدية حول تأثير وسائل الإعلام والنظر لتلك الوسائل بعدها أداة سحرية ظهرت اتجاهات جديدة تفند قوة الوسائل لتبرز محدودية تأثيرها، وتتركز الأبحاث حول مفهوم الانتقائية في تقبل الرسالة الإعلامية، فاهتمام الجمهور بالرسالة انتقائي وكذلك بالنسبة لتقبله لها وفهمها ،وتذكرها وتتم عملية الانتقاء وفقاً للقناعات السابقة للجمهور(5)، وعمليات التعرض والتفسير والتذكر والقرارات من جانب المتلقي لا تتم بطريق عشوائية فضلا عن كونها عمليات غير نمطية بين جمهور المستقبلين إذ توجد مجموعة من الاختلافات بينهم في درجة ونوعية التعرض والتفسير والتذكر واتخاذ القرارات ، وهذا الاختلاف قائم على حرية الاختيار المتاحة للأفراد في تلقي الرسائل في الوسائل المختلفة (6). وقد انتهت بحوث التأثير الانتقائي إلى بلورة أربعة مبادئ أساسية تُحدّد عملية الانتقاء (7).

أ- التعرّض الانتقائي: يشير إلى حرص المتلقي على اختيار ما يتعرّض له، فهو لا يتعرّض إلى كافة الرسائل التي تُبث عبر وسائل الإعلام، بل يهتم ببعضها ويهمل ألبعض الآخر.

ب- الإدراك الانتقائي: يرتبط هذا العنصر بالمواضيع التي يهتم بها الإنسان، فهو لا يدرك كل ما يتلقاه، بل يركز إدراكه على بعض المواضيع التي اختار التعرض إليها.

ج- التذكر الانتقائي: يعمل الفرد على التركيز على بعض مدركاته لتخزينها في ذاكرته ليقوم بعملية استرجاعها متى أراد ذلك.

د- السلوك الانتقائي: هو آخر عنصر من عناصر التأثير الانتقائي فهو يعني حمل المتلقي على عملية الفعل، مع ترك الحرية في كيفية التصرف.

_____________

(1) عصام أنيس عبد الحميد مبادئ وتطبيقات في الاتصال الجماهيري، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 2005، ص67.

(2) تيسير مشارقة: مدخل إلى الدراسات الإعلامية - نظري رام الله بيت المقدس للنشر والتوزيع، 2002، ص 88.

(3) وليام ريفرز وآخرون. الاتصال الجماهيري والمجتمع المعاصر. ترجمة: أحمد طلعت البشبيشي، مصر، دار المعرفة الجامعية، 2005، ص131.

(4) د. محمد منير حجاب: المعجم الإعلامي، القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2004، ص82.

(5) محمد فلحي: صناعة العقل في عصر الشاشة عمان الدار العلمية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع، 2002، ص 72.

(6) د. سمير محمد حسين: الإعلام والاتصال بالجماهير والرأي العام. ط2، القاهرة: عالم الكتب،1993، ص .82

(7) د. محمد منير حجاب: نظريات الاتصال القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2010، ص. 321-322.