أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-6-2016
5072
التاريخ: 10-5-2016
4180
التاريخ: 21-6-2018
7433
التاريخ: 25-5-2016
24502
|
يعد القضاء الداخلي هو صاحب الاختصاص الأصيل بالفصل في منازعات عقود الاستثمار ومنها عقد الـ (M.O.O.T)، إذ يمكن اللجوء إليه لحسم هذه المنازعات وإصدار حكم فيها (1). فمبدأ الحصانة الرسمية للدولة ذات السيادة يمنعها بوصفها طرفاً في هذه العقود من الخضوع لقضاء دولة أجنبية، بأية صورة من الصور لسلطان القضاء في دولة أخرى، فمقاضاة الدولة أمام محاكم دولة أخرى ينطوي على انتهاك لسيادتها ومساس باستقلالها (2). ونظرا لطبيعة عقد الـ (M.O.O.T) الخاصة وارتباطه بمشاريع البنية التحتية التي تمثل مصلحة حيوية للدولة المضيفة يجعلها (الدولة المضيفة ) غالبا ما تحرص على إخضاع مثل هذا العقد لقضائها ولقوانينها الوطنية ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك(3). إلا أن الانفتاح على العالم الخارجي للدولة وتوسع دورها وحاجتها لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتحقيق البنية الاقتصادية، جعلها تتحول عن نظرية السيادة المطلقة إلى الحصانة السيادية المقيدة لإبرامها كثير من هذه العقود، ومن ثم خرجت الدولة عن نشاطها التقليدي(4)، إذ يمكن التمييز بين نوعين من الأعمال التي تمارسها الدولة، النوع الأول هو أعمال السيادة، أي هي الأعمال التي تمارسها الدولة تحت ظل الحصانة القضائية المطلقة، إذ لا يجوز إخضاعها للقضاء الوطني إلا برضاها، ويتمثل النوع الثاني في الأعمال التجارية أو الإدارية العادية التي تمارسها الدولة من دون سيادة ،وسلطان أي مثل الأفراد الطبيعيين والاعتباريين، فعندما تبرم الدولة عقود بمثل هذه الأعمال من أجل التنمية في المجالات شتى التي منها عقد الـ (M.O.O.T) نجد أنها لا تتمتع بأية حصانة سيادية تمنعها من الوقوف أمام القضاء الداخلي بوصفها طرفاً في الدعوى المطلوب الفصل فيها، وهو ما يـ (الحصانة القضائية المقيدة)(5). لذا نصت التشريعات الوطنية معظمها على أن المنازعات التي تنشأ بين الدولة والمستثمرين الأجانب تجري معالجتها ضمن اختصاصها القضائي، غير أنه من الممكن إتباع وسائل أخرى باتفاق الطرفين. ومن هذه التشريعات ما ذهب إليه المشرع المصري إذ نص على تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وذلك في الأحوال الآتية: - إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الجمهورية أو كانت متعلقة بالتزام نشأ أو نفذ أو كان واجباً التنفيذ فيها.....(6). تختص المحاكم المصرية على وفق هذا النصر بنظر المنازعات المتعلقة بمال موجود في مصر، وينعقد الاختصاص حتى لو لم يكن للمدعي عليه أو المدعي موطناً أو محل إقامة في مصر، وأن الدعاوى المعنية على وفق هذا قد تكون متعلقة بعقار أو منقول كذلك ينعقد الاختصاص للمحاكم المصرية سواء تعلق الأمر بدعوى شخصية أو عينية ومن ثم لا يلزم إقامة أو توطين أطراف الدعوى مدعياً كان أم مدعياً عليه، لذا تسري أحكام هذا النص على المستثمرين الأجانب أصحاب الشركات الأجنبية التي تباشر وتمارس نشاطها في داخل جمهورية مصر العربية.
أما المشرع العراقي فقد جعل القضاء الداخلي هو المختص بنظر المنازعات بوصفه أصلاً عاماً، إذ نص في قانون المرافعات المدنية على تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص (7). واستناداً لهذا النص فأن المنازعات جميعها بوصفها أصلاً عاماً تخضع لاختصاص القضاء الداخلي. ولكن التساؤل الذي يثار هنا هو هل تدخل منازعات العقد ذات الطرف الأجنبي ضمن الاختصاص الداخلي؟
أجاب القانون المدني العراقي على هذا التساؤل في النص على ايقاضي الأجنبي أمام محاكم العراق في الأحوال الآتية - إذا كانت المقاضاة في حق متعلق بعقار موجـود فــــي العراق أو بمنقول موجود فيه وقت رفع الدعوى. - إذا كان موضوع التقاضي عقـد تــم إبرامه في العراق أو كان واجب التنفيذ فيه أو كان التقاضي عن حادثة وقعت في العراق(8).
يتضح من هذا النص أن المشرع العراقي أخضع الأجنبي لاختصاص المحاكم العراقية إذا كان موضوع التقاضي عقداً تم إبرامه في داخل العراق أو كان واجب التنفيذ فيه، أي أن القضاء العراقي هو صاحب الاختصاص بنظر كافة المنازعات التي تنشأ عن هذا العقد. إلا أن لعقد الـ (M.O.O.T) خصوصية، فقد يكون أحد أطرافه هو الدولة والطرف الآخر أجنبي، إذ يجمع بين الدولة والطرف الأجنبي في وقت واحد، الأمر الذي قد يثير التساؤل عن مدى خضوع المنازعات التي تنشأ عن هذا النوع من العقود للقضاء العراقي بوصفه الدولة المضيفة؟
نص المشرع العراقي في قانون الاستثمار النافذ على المنازعات الناشئة بين الهيئة أو أي جهة حكومية وبين أي من الخاضعين لأحكام هذا القانون، تخضع للقانون والمحاكم العراقية في المسائل المدنية، أما في المنازعات التجارية فيجوز للأطراف اللجوء إلى التحكيم على أن ينص على ذلك في العقد المنظم للعلاقة بين الأطراف (9).
ومن ذلك نجد أن المشرع العراقي قد أخضع المنازعات كافة التي تنشأ عن عقود الاستثمار لاختصاص القضاء الداخلي وإن كانت الدولة طرفاً فيها، مع إمكانية اتفاق الأطراف للجوء إلى التحكيم في المسائل التجارية، وهذا ما ينطبق على عقد الـ (M.O.O.T) بوصفه أحد هذه العقود.
لذا يمكن القول بأنه عندما يكون أطراف العقد ( الجهة المانحة وشركة المشروع) محل البحث أشخاص طبيعيين أو شركات اعتبارية خاصة فالأمر لا يثير أية مشكلة، لأن في هذه الحالة تكون المراكز القانونية لأطراف العقد متساوية، غير أن الوضع يختلف عندما تكون الدولة المضيفة هي ذاتها الطرف الأول الجهة المانحة في العقد والطرف الثاني هو المستثمر الأجنبي (شركة المشروع)، ففي هذه الحالة تختلف المراكز القانونية بين طرفــــي عـقـــد الــــــ (M.O.O.T) فتكون الدولة المضيفة (الجهة المانحة في مركز أفضل من المستثمر الأجنبي (شركة المشروع) مما يمنع الأخير من تفضيل القضاء الداخلي واللجوء إليه بوصفه وسيلة لحسم المنازعات التي تنشأ نتيجة تنفيذ العقد (10)، وذلك خوفاً من عدم حيادية القضاء الداخلي اتجاه دعاوى تكون دولته طرفاً فيها في مواجهة طرف أجنبي، ويفقد القضاء الداخلي غالباً للخبرة اللازمة لحل المنازعات المعقدة، إذ لا تكون هذه المحاكم مختصة دائماً للنظر في المواضيع التجارية (11)، فضلاً عن التزام القاضي الوطني بتطبيق قانون دولته الذي قد يكون هو المسبب للمنازعة، فضلاً عن أنه من غير الجائز أن تجتمع في الدولة المضيفة للمشروع محل العقد صفتا الخصم والحكم في ذات الدعوى، الأمر الذي يدفع شركة المشروع (المستثمر الأجنبي) للبحث عن وسيلة أخرى أكثر ملائمة لها (12) .
___________
1- ندى زهير الفيل ود رواء يونس النجار، المركز القانوني للمستثمر (شركة المشروع) في عقد البوت، بحث مقدم الى مؤتمر التنظيم القانوني للاستثمار في العراق، كلية الحقوق جامعة الموصل، العدد5 ، 2011 ، ص 203-204.
2- د. بشار محمد الأسعد، عقود الاستثمار في العلاقات الدولية الخاصة ، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2006 ، ص 327.
3- د. بشار محمد الأسعد، المصدر السابق، ص328.
4- د. رمضان علي عبد الكريم دسوقي، الحماية القانونية للاستثمارات الأجنبية المباشرة ودور التحكيم في تسوية المنازعات الخاصة بها، ط 1 ، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2011 ، ص237.
5- د. رمضان علي عبد الكريم دسوقي، الحماية القانونية للاستثمارات الأجنبية المباشرة ودور التحكيم في تسوية المنازعات الخاصة بها، ط 1 ، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2011 ، ص237-238.
6- المادة (30/2) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968.
7- المادة (29) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
8- المادة (15) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951.
9- المادة (27/5) من قانون الاستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006.
10- د. رمضان علي عبد الكريم، مصدر سابق، ص238-239.
11- د. بشار محمد الأسعد، مصدر سابق، ص332-333.
12- رواء يونس محمود النجار، مصدر سابق، ص 206.
|
|
خطر خفي في أكياس الشاي يمكن أن يضر صحتك على المدى البعيد
|
|
|
|
|
ماذا نعرف عن الطائرة الأميركية المحطمة CRJ-700؟
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة يستقبل المتولّي الشرعي للعتبة الرضوية المطهّرة والوفد المرافق له
|
|
|