أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2016
2715
التاريخ: 2023-02-07
1368
التاريخ: 14/11/2022
1441
التاريخ: 15-1-2021
5507
|
هناك نوع واحد معين من الأطفال يحتاج إلى عمل من نوع خاص، وهم الأطفال من أبوين يسيئون استغلال سلطتهم. ويجب في التعامل معهم أن يتخلص الباحث في بادئ الأمر من التصور أن سوء الوراثة هو على الأرجح السبب في جعلهم أقل إنسجاماً من أولئك الأطفال الذين لا يعوقهم هذا العائق الوراثي.
قد اتضح من تتبع تطور تاريخ حياة الأطفال الذين أبعدوا عن بيوتهم أن الوراثة - إلى الحد الذي أمكن الوصول إليه - ليس لها تأثير على النجاح أو الفشل. ويمكن أن توضح النتائج الآن بطريقة أوفى. فقد كان هناك 492 طفلا يعرف شيء ما عن أسرهم. وقد قسموا إلى ثلاث مجموعات طبقاً لحالة الوالدين. ففي المجموعة الأولى كان كلا الوالدين صالحين، وفي المجموعة الثانية كان أحد الوالدين صالحاً، والآخر غير صالح، وفي المجموعة الثالثة كان كلا الوالدين غير صالحين. والمقصود هنا بعدم الصلاحية كون الوالدين أو أحدهما ضعيف العقل، مصاباً بالصرع، سكيراً، عديم التدبير. ومع أن أطفال الآباء غير الصالحين كانوا إلى حد ما أقل كفاية من الناحية الاجتماعية في مستقبل حياتهم، فإن الفرق بينهم وبين غيرهم كان ضئيلا جداً. وتطابق هذه النتيجة مبدأ الوراثة الإنسانية المعروف بدرجة ضئيلة، وهو أن المظاهر الخارجية للآباء ليست إلا دليلا ضعيفاً على الهبات الطبيعية التي ورثها أبناؤهم.
ويمكن في ثقة أن تتوقع نفس النتائج سواء في العمل مع أطفال من أصل فاسد أو مع أطفال من أصل طيب. وهذا أمر مشجع. ومهما كان الأمر فإن المهمة الباقية هي كيفية البحث معهم أو كيفية فصلهم عن آباء غير صالحين من الناحية النفسية ممن لهم تأثير فعال عليهم. ونقول مرة أخرى أن العرف كان هو المراوغة والسرية في معالجة هذه الأمور. ونكرر أنه أصبح من المعلوم أن النجاح يتطلب مواجهة الحقائق والصدق. وقد يسأل سائل مثلا، كيف نبحث مع الطفل موضوع وجود والده في السجن أو أن أمه غير صالحة للتربية؟ إن المشكلة تصبح أقل صعوبة إذا لم يتملك الخوف الإخصائية الاجتماعية نفسها من هذه المباحثات، وإذا تذكرت أن الطفل وقد عاش مع هذه السوابق طول حياته يمكن أن يعرف عنها أكثر مما تعرف هي، ولو أنه يكون عاجزاً عن أن يلائم نفسه مع التناقض الواضح بين مستوى والديه ومستوى غيرهما ممن يقابلهم كل مكان. ويمكن الباحثة أن تساعد الطفل على أن يفكر في المشكلة وأن يفهم معناها إذا استطاعت فقط أن تبحث معه حالة والديه دون الحكم عليهما صراحة أو ضمنا. وعلى الإخصائية أن تدرك أن أحد الأسباب الرئيسية لاعتراض الطفل هو تصميمه على أن يرى والديه كأناس طيبين، وتردده تبعا لذلك في أن يعترف بأن مستوى الآخرين أفضل من مستوى والديه. وهذا أمر على درجة كبيرة من الأهمية إلى حد أنه يجب علينا أن نبحثه بدقة أكثر.
أن الطفل الصغير يعتمد تماماً في سعادته بل وفي حياته نفسها على الرعاية التي يضفيها عليه الكبار، وأنه طالما أن والديه هما عادة اللذان يقومان بهذا الدور، فهما كل ما يهمه، وليس قائد الحرب العظمى الذي أنقذ بلاده من الهزيمة بأكثر احتراماً في نظره من الأب أو الأم. وإنها لصفة عالمية في الأطفال أن يدافعوا عن قدرة آبائهم على فعل الخير ضد أي هجوم عليها. وقد ظهر هذا بوضوح عندما كانت مجموعة من تلاميذ مدرسة أطفال تشاهد فيلماً عرض لتعليمهم السير المأمون في الطريق، والذي ارتكب فيه الوالد خطأ في المرور صححه ابنه، بطل الفيلم. فقد اعترض جميع الأطفال بشدة على أن والد البطل قد ارتكب خطأ خطيراً في المرور على الرغم من أنهم تعاطفوا مع الطفل البطل الذي قام بعمل رائع، إذ كان يجب أن يكون الوالد طيباً وقادراً على ألا يعرض حياة ابنه للخطر.
وروح الولاء هذه، والحاجة إلى أن يكون الآباء صالحين هي التي تتطلب الاحترام والادراك إذا أريد للطفل أن ينشأ تدريجياً بعيداً عن والديه اللذين لا جدال في سوء تأثيرهما عليه. وإذا كان من الممكن أن يؤدي انتقاد الوالد إلى دفاع عنيف عنه، وإلى تحول نحو تصور المثالية فيه، فمن المحتمل أن يلقى هذا السؤال: كيف تكون سياستنا إذن؟ لقد شرح ذلك شرحا موفقا في نشرة بعنوان (الوالد الخفي) التي بحث فيها تأثير الوالد الخفي على الطفل، الذي وإن يكن بعيداً عن حياته إلى حد كبير فلا أقل من أن يذكر ويحترم. ويقدم الباحث مثالين من دراسة تاريخ حياة طفلين من بيوت غير صالحة للتربية فعلا، كانا مع آباء بالتربية في سن مبكرة. ومع أنهما قد أظهرا استقرارا وتقدما حسنا، إلا أنه قد تكشفت في كل منهما في سن المراهقة كل مساوى والديهما. ولم يجرؤ أي شخص في كلتا الحالتين أن يتحدث معهما عن آبائهما. وتقرأ عن البنت التي كانت أمها غير صالحة للتربية:
(لقد كان من الواجب ألا يسمح لها فحسب بل أن تشجع على إلقاء الأسئلة وأن تتحدث عن أمها. وينبغي أن يسلم لها شخص ما بأنه من الطبيعي أن تحب أمها. إن كل شخص تقريباً يحب أمه، وأنه لابد أن يكون هناك خطأ ما إذا لم يحبها، لا إذا أحبها، وحينئذ تدرك الطفلة أنه ليس هناك من يدينها لرغبتها في محبة أمها. وأنه ليس عليها بعد ذلك أن تدافع عنها ضد انتقاد الناس لها. ويمكن أن تشجع على التعبير عن الامتعاض والغضب عن حادثة تخلي أمها عنها، ومن فشلها في أن تكون من ذلك النوع المنشود من الأمهات. وليس من الضروري في أثناء هذه الخطوات أن تكبت الطفلة حبها وكراهيتها إلى الدرجة التي يمكن أن يفعلا في داخلها ما يفعله الطابور الخامس من تخريب كل الفضائل التي توجه كل جهودنا لتحقيقها، وينبغي أن يخفف الحديث من التوتر المرتبط بهذين الشعورين وأن تترك الطفلة أكثر حرية لتشكيل حياتها وفقا لحياة الأم بالتربية).
وهذه هي في الواقع خبرة هؤلاء الباحثين الذين استخدموا هذه الطريقة بمهارة. فلا يستطيع الطفل في أول الأمر أن يعترف بأية عيوب في والديه، ثم يبدأ في التأرجح بين الدفاع والانتقاد مع احتمال ظهور شعور مرير جداً، وبعد ذلك يصبح قادراً على إبداء رأي غير متحيز، وعلى رؤية أمه كأي إنسان له معايبه وفضائله، وعلى أن يدرك كذلك أنها إنسانة تعسة فاشلة في حياتها. ولو ربط الطفل بين سلوك والديه غير المرضى وبين المصاعب التي ربما يكون قد واجهها في طفولته منذ أن بدأ يدرك أن متاعب البيت يمكن أن تخلق المشكلات العاطفية للناس، فإن هذا الأمر يكون أيسر عليه. كما يكف عن أن يكون ضحية روابط غير معقولة بوالدين غير صالحين إذا حول المشاعر العنيفة المتضاربة إلى صورة أكثر رزانة وتعقلا. وبهذا يصبح الطفل قادراً على التكيف طبقا لواقعه المرير وهو أنه لا خير في والديه، وأنه من الواجب عليه أن يبحث عن المحبة والأمن في أي مكان آخر.
ويجب أن يكون من المسلم، أن مساعدة الطفل بهذه الطريقة ليست من الأمور السهلة، وأنها تحتاج من الباحث الاجتماعي لا إلى حسن الادراك فحسب بل إلى التسامح في معالجة كثير من المشاعر الشخصية المتضاربة - مشاعر الغضب من أجل الآباء أو الآباء بالتربية الطيبين، ومشاعر الإعجاب بالآباء الفاسدين وبعد، فمهما تكن هذه الأشياء صعبة ومزعجة، فإنها هي التي ستتلف حياة الطفل وهي القنابل الزمنية التي ستنفجر إذا لم يتم القضاء عليها.
وقد أدى البحث المرة بعد المرة إلى إدراك الحاجة إلى الأمانة وإلى الصراحة في مواجهة الحقائق غير المقبولة وإلى تسمية الأشياء بأسمائها، فالآباء في حاجة إلى التشجيع على التأكد من أنهم بسبب شعور الأطفال الطبيعي نحوهم يملكون قوة هائلة لإسعادهم، قوة لا يمكنهم التخلص منها، وعليهم أن يحاولوا استغلالها كما يشاءون. ويجب أن يساعد الآباء بالتربية على معرفة الروابط التي تربط الأطفال بآبائهم المقصرين، وأن يتحملوا العقوق الذي يقابل به الأطفال عطفهم. كما يجب أن يشجع الأطفال على التعبير عن كل من محبتهم لآبائهم الفاسدين ونقمتهم على إهمالهم. وقد تبدو هذه عواطف غير معقولة وغير طبيعية، كما يناقض كل منها الآخر. وفضلا عن ذلك فإن (الأطراف الثلاثة)، مهما كانت غير مسئولة وغير متعلمة ومن صغار السن، فإنه من الواجب أن نشجع على المشاركة في التخطيط لمستقبل الطفل على قدم المساواة مع الإخصائيين الاجتماعيين الناضجين المثقفين الخيرين. وكل هذا وقد يبدو نوعاً من الفوضى لأولئك الذين يتصرفون بعقلية القرن التاسع عشر. ومع ذلك فهذه هي الدروس العظيمة المستفادة من الدراسات السيكولوجية. ويعزى إلى فرويد أن الكائنات البشرية لا تنمي في قلوبها كثيراً من الانفعالات المخيفة المزعجة فحسب، بل أنها لعلى استعداد لابتغاء أشياء شنيعة أيضاً. ومع ذلك فلديها أيضاً إمكانيات ضخمة لفعل الخير، ولا سيما أن الطبيعة البشرية في وسعها أن تتحكم في أكثر الحقائق إيلاماً وفي أكثر المآسي ترويعاً إذا أعينت بإنصاف على مواجهة الحقيقة.
وقد انصب التأكيد عمداً، عند بحث موضوع الإيواء، على الوسائل النفسية التي ينبغي أن تستخدم. وربما تبدو طرق العمل مع الآباء ومع الآباء بالتربية ومع الأطفال أنفسهم مضيعة للوقت ومجرد تخيل. ولكن يجب ألا تغيب الأمور المعرضة للخطر عن البال، مثل مستقبل صحة الطفل وسعادته ونفعه كمواطن، ونتائج الوسائل العشوائية غير المرضية بشكل واضح. كما يجب أن يكون معلوماً أيضاً أن الأسباب العادية للفشل تعزى غالباً إلى قلة المهارة في التخطيط لوضع الطفل في بيت جديد مثلما تعزى إلى عدم انسجام كل منهما مع الآخر. ومع ذلك، فما دام الموضوع قد أهمل طويلا، فقد أصبح من المهم بحث طرق الإيواء قبل طرق الاختيار.
|
|
دون أهمية غذائية.. هذا ما تفعله المشروبات السكرية بالصحة
|
|
|
|
|
المنظمة العربية للطاقة تحذر من خطر.. وهذه الدولة تتميز بجودة نفطها
|
|
|
|
|
وفد أكاديمي يشيد بجهود مؤسسة الوافي في مجال التوثيق وحفظ التراث
|
|
|