أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-2-2022
3532
التاريخ: 1-5-2022
2696
التاريخ: 8-8-2022
1947
التاريخ: 25/12/2022
1897
|
ان محاولة وصف (الحياة المنزلية الطبيعية) بأنها هي التعبير عن تركيب الأسرة فقط يعتبر وصفاً غير واف بالغرض. فمن الواضح أن الطفل يستطيع أن يحيا حياة منزلية طبيعية عندما يعيش مع أقارب غير والديه، كما يمكن أن يعيش مع والديه دون أن يحيا حياة منزلية طبيعية. ويجب أن ينصب الوصف إذن على ما يحدث للطفل فعلا.
وبما أن الطفل الصغير ليس كائناً قادراً على الحياة المستقلة فإنه في حاجة إلى مؤسسة اجتماعية خاصة تساعده في مرحلة عدم النضوج. ويجب أن تساعده هذه المؤسسة بطريقتين: الأولى بمساعدته على إشباع احتياجاته الحيوانية المباشرة مثل الغذاء والتدفئة والمأوى والحماية من الخطر. والطريقة الثانية بتهيئة بيئة يمكنه فيها تنمية قدراته الجسمية والعقلية والاجتماعية إلى أقصى حد يستطيع إذا ما شب أن يتعامل تعاملا فعالا. مع البيئة الطبيعية والاجتماعية. ويحتاج ذلك إلى جو من المحبة والأمان.
وتختلف التقاليد من مجتمع إلى آخر بالنسبة إلى من يباشر عادة الأعمال التي لا يمكن الاستغناء عنها والمتصلة برعاية الطفل. ففي معظم هذه المجتمعات تعتبر الأم والوالد الطبيعيان مسئولين عن القيام بالدور الرئيسي ولو لم يكن ذلك دائما هو الواقع. وتتنوع هذه التقاليد وبخاصة بالنسبة إلى مدى إمكان وجود بديل مقبول للأم أو للأب. ففي كثير من المجتمعات الأقل تقدما من الناحية الاقتصادية يعيش الناس جماعات عائلية كبيرة تتكون من ثلاثة أو أربعة أجيال. والقريبات المعروفات كالجدات والعمات والأخوات الأكبر سناً على استعداد دائم لأن يقمن بدور الأم عند الحاجة. وفضلا عن ذلك تكاد تبرز مشكلة العون الاقتصادي إذا كان من يعمل لتدبير العون عاجزاً عن ذلك. ولكن العائلات الكبيرة العدد التي تعيش في جهة واحدة تهيء لأفرادها نظاما عظيم القيمة للتأمين الاجتماعي. وتوجد حتى في المجتمعات الغربية جهات ريفية بها جماعات فردية وثيقة الارتباط متصلة النسب تقدم إلى أفرادها خدمات اجتماعية مماثلة. ومن المحتمل إذن أن تتفشى مشكلة الحرمان بشكل خطير في المجتمعات التي انمحى منها نظام الجماعات الأسرية الكبيرة. وهذه حالة موجودة في كثير من المجتمعات الغربية الصناعية التي تعتبر فيها هجرة الشبان والشابات من مواطنهم أمراً عادياً. فكثيراً ما ينتقل هؤلاء من مكان إلى آخر في أثناء حياتهم الزوجية. وتضعف الروابط العائلية في البيئة المحلية نتيجة لهذه الهجرات، حتى أصبح مألوفاً في جميع هذه البيئات التي لا يساعد الجار جاره وقت الشدة.
ونتيجة لهذا الانفصام الاجتماعي تصبح مسئولية الوالدين بالنسبة لرعاية الطفل أثقل منها في المجتمعات البدائية الوثيقة الارتباط. ولا يفشل هذا المجتمع المفكك فقط في إيجاد بديل للام او للاب في عجزهما المؤقت او الدائم عن رعاية الطفل، بل أن إلقاء هذا العبء الكبير على عاتق الوالدين ربما يحطم أسرة كان يمكن في ظروف أحسن أن تظل قائمة. ومن الأقوال المتواترة في المجتمعات الغربية اليوم أن الأب والأم هما اللذان يهيئان (الحياة العائلية الطبيعية) وهما اللذان يوصفان بكل ارتياح بأنهما (الجماعة المنزلية الطبيعية). وعلى الرغم من هذا التفكك الاجتماعي فلا يزال هناك تقليد (وإن كان أقل قوة عن ذي قبل)، وهو أنه إذا ما فشلت هذه الجماعة لأي سبب من الأسباب فإن الأقارب هم الذين يتحملون مسئولية رعاية الطفل. ويجب إذن ألا ينظر عند تحليل أية حالة من حالات حرمان الأطفال من الأمومة إلى أسباب فشل الجماعة المنزلية بل يجب أن ينظر كذلك إلى أسباب فشل الأقارب في العمل كبديل للوالدين.
اسباب فشل الجماعة المنزلية الطبيعية في رعاية الطفل
جمعت هذه الأسباب بسهولة تحت ثلاثة عناوين وفقاً لحالة كل (جماعة منزلية طبيعية):
1ـ جماعة منزلية طبيعية لم تتكون قط (غير شرعية).
2ـ جماعة منزلية طبيعية صحيحة ولكنها عاجزة عن تأدية وظيفتها بسبب:
ـ أحوال اقتصادية تؤدي إلى تعطل من يعول الأسرة وما يتبع ذلك من فقر.
ـ الأمراض المزمنة أو عجز الوالدين.
ـ إختلال او عدم سلامة قوى الوالدين العقلية.
3ـ جماعة منزلية طبيعية منهارة، ولذلك لا تؤدي وظائفها بسبب:
ـ كارثة إجتماعية: حرب، مجاعة.
ـ موت أحد الوالدين.
ـ مرض يستدعى وجود الوالدين بالمستشفيات.
ـ سجن الوالدين.
ـ هروب أحد الوالدين أو كليهما.
ـ الانفصال أو الطلاق.
ـ عمل الأب في مكان آخر.
ـ إشتغال الأم كل الوقت.
ويجب اعتبار أية أسرة تعاني من واحدة أو أكثر من هذه الحالات مصدراً محتملا لحرمان الأطفال. أما كون الأطفال يعتبرون فعلا محرومين أو لا يعتبرون كذلك فيتوقف على:
(أ) ما إذا كان كلا الوالدين أو أحدهما فقط قد تأثر بتلك الظروف.
(ب) ما إذا كان أحد الوالدين قد نال مساعدة في حالة تأثر الآخر.
(ج) ما إذا كان الأقارب أو الجيران قادرين ومستعدين للعمل كبديل.
ويجب أن ينظر بعين الاعتبار إلى كل هذه الأمور كما يجب فهم ما يمكن الحصول عليه من معلومات فهماً جيداً.
ومن المستحيل في الوقت الحاضر الحصول على أرقام كافية عن نسبة الأطفال المحرومين من الحياة المنزلية الطبيعية بناء على هذه الأحوال المختلفة والمتشابك بعضها مع البعض الآخر. ويتجلى الغموض بصفة خاصة في المجموعة الثانية حيث لا تزال الجماعة المنزلية الطبيعية قائمة ولكنها لسبب ما لا تؤدي دورها بطريقة فعالة. وإن الاصطلاحات مثل الكسل والإهمال والإملاق ونقص رقابة الوالدين والقسوة إنما تستعمل لمجرد وصف مظاهر إنهيار الأسرة فقط دون الاهتمام بأي حال بأسباب هذا الانهيار. أما أهمية العوامل المسئولة عن مثل هذه الأحوال (أحوال الحرمان) فقد أصبحت بادية للعيان وبخاصة إعتلال الصحة واختلال القوى العقلية، وقد أضحت خطورتهما العظمى معروفة الآن. وبالمثل ما ذكر تحت البند الثالث. فقد اعتبر موت أحد الوالدين كافياً دون حاجة إلى إيضاح ما إذا كان الأب أو الأم هو الذي مات أو هجر، حتى ولا إيضاح الظروف التي منعت أحدهما من رعاية الطفل. ومن المأمول إلى حد كبير جداً أن تعد بيانات أوفى في المستقبل عن أسباب الحرمان وعن فشل الأقارب في العمل كبديل، وبذلك يمكن تجميع الأرقام التي تكون مبينة في الحال وصالحة للمقارنة بغيرها من الأرقام.
وليس ممكناً في هذا الكتاب محاولة إجراء مسح صحيح لكل الإحصاءات الموجودة. وقد أخذت أرقام معينة أمكن الوصول اليها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والسويد بقصد الحصول على فكرة عن النسب المئوية في هذه المشكلة، فكانت النتائج الرئيسية التي أمكن إستخلاصها منها ومن مناقشات الخبراء الإجتماعيين المجربين كما يأتي:
(أ) أن موت أحد الوالدين أو كليهما لم يعد ذا أهمية بالغة، وذلك لقلة عدد من يدركهم الموت الآن من البالغين الذين هم في سن إنجاب الأطفال. كما أن هناك مشروعات لمساعدة الأرامل ذوات الأطفال، ومن المحتمل أن تكون نسبة هذه الحالات نحو 25 % من مجموع الحالات. وقد كانت في أكبر نموذجين أحدهما من بريطانيا والآخر من أمريكا 10 %، 6 % على التوالي.
(ب) نسبة الطفولة غير الشرعية في كل مجموعات الأرقام تختلف ما بين 10 %، 40 %، وكانت النسبة 80 % في بيوت الرضع والأطفال دون سن السادسة في الدنمارك وذلك حوالي عام 1945.
(ج) الجماعة المنزلية الطبيعية الموجودة فعلا ولكنها لا تؤدي وظيفتها بطريقة فعالة مما يؤدي إلى الإهمال والفاقة ونقص رقابة الوالدين أو سوء تربية الطفل ظاهرة واضحة في كل مجموعات الأرقام ما عدا مجموعة واحدة مما يبين أنها أخطر سبب للحرمان في الوقت الحاضر. فالفقر والإهمال وضعف رقابة الوالدين تصل نسبتها كسبب للحرمان إلى 60 % من الحالات في أحد النماذج البريطانية الكبيرة بينما تصل نسبة سوء تربية الطفل في إحدى نماذج نيويورك إلى 26 % من مجموع الحالات.
(د) وحيث تتفكك الجماعة المنزلية الطبيعية فإن الانفصال والطلاق تكون أموراً شائعة وتتراوح نسبتها بين 5 %، 25 % من مجموع الحالات.
(هـ) وهناك سبب هام آخر من أسباب تفكك الجماعة المنزلية الطبيعية وهو مرض أحد الوالدين لمدة طويلة وحاجته أو حاجتها إلى دخول المستشفى (أو مؤسسة في حالة الخلل العقلي). والأمراض العقلية والخلل العقلي هما الأكثر حدوثاً، وتقدر نسبتهما من نحو 5 % إلى 10 % من مجموع الحالات.
(و) جدت حالة في المملكة المتحدة جعلت من الممكن قانونا للآباء الذين يحكم عليهم بالطرد بسبب عدم دفع الإيجار أن يتركوا أبناءهم في رعاية السلطة المحلية وأن يبحثوا لأنفسهم عن مأوى حيث لا يسمح بقبول الأطفال. وفي إحدى الجهات قدرت النسبة بحوالي 33 % من مجموع الأطفال الموضوعين تحت الرعاية.
ومعظم هذه الأسباب المباشرة الخاصة بحاجة الأطفال إلى الرعاية مسلم بها حتى الآن على أنها مظهر لا بد منه من مظاهر الحياة الاجتماعية. ولم تبذل محاولات حتى إبان السنوات الأخيرة للبحث عن العوامل المستترة التي تعمل في هذا الميدان. فهل عدم الشرعية والإهمال وسوء التربية والهجر شرور اجتماعية مسلم بها ولا يمكن تجنبها؟ وهل هناك بعض الأمل فى إدراك ومكافحة القوى التي توجدها؟
وخلاصة هذا الكتاب أن المعلومات المتزايدة عن الطبيعة البشرية في الوقت الحاضر وعن الدور الذي تلعبه الحياة العائلية في تطورها تقدم إرشادات كثيرة وثمينة لفهم هذه القوى. وهذه القوى يمكن تجميعها في يسر تحت عناوين اقتصادية واجتماعية وطبية، فالقوى الاقتصادية تشمل الفرص المتاحة أو غير المتاحة للأسرة للحصول على مستوى معيشة مناسب، والاجتماعية تشمل النظام الاجتماعي الذي تعيش الأسرة في نطاقه ومدى ما يقدمه من عون أكبر أو أقل، وتشمل العوامل الطبية الصحة العقلية والجسدية للوالدين التي تحدد مدى استفادتهما من الفرص المتاحة، ومن الواضح الآن أن أهمية أي من هذه العوامل الثلاثة تختلف من مجتمع إلى مجتمع، بل وفي المجتمع الواحد من عصر إلى آخر، ففي بعض الأحيان يكون العامل الاقتصادي هو الأقوى، وفي أحيان أخرى يكون العامل الاجتماعي أو الطبي هو الأقوى، ولكنها في جميع الأحيان تتداخل في بعضها البعض. ولم تجر محاولات لمناقشة القوى الاقتصادية الفعالة، ولكن محاولة بذلت فيما بعد لاستكشاف طبيعة وأثر القوى الاجتماعية والطبية مع توجيه انتباه خاص إلى أسس الصحة النفسية.
|
|
علاج جفاف وتشقق القدمين.. مستحضرات لها نتائج فعالة
|
|
|
|
|
الإمارات.. تقنية رائدة لتحويل الميثان إلى غرافين وهيدروجين
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد دعم العتبة العباسية المقدسة للباحثين والحراك العلمي الذي يسهم في خدمة المجتمع
|
|
|