أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-17
973
التاريخ: 2024-02-24
1156
التاريخ: 10-3-2021
2785
التاريخ: 18-8-2016
2381
|
لا شكّ أنّ الشكر للنعمة كما هو خُلق جميل بالنسبة لله لشكر الله تعالى فكذلك هو خُلق جميل ومطلوب من الإنسان تجاه المخلوق أيضاً ، فالشخص الذي يؤدّي خدمة إلى الآخر ويتحرك في سبيل ايصال نعمة أو يتنازل عن خير من نفسه إلى الآخر فإنّ وظيفة الآخر الذي حصل على هذا الخير أن يشكر هذا الإنسان الذي تسبب في إيصال النعمة له رغم أنّه لا يريد ولا يتوقّع الشكر من الآخر ، فقد ورد في الرواية المعروفة عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قوله : «مَن لَم يَشْكُرِ المُنعِمَ مِنَ المَخلُوقِينَ لَم يَشكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ» ([1]).
إنّ العبارة المعروفة : «مَنْ لَم يَشكُرِ المَخلُوقَ لَم يَشكُرِ الخالِقَ» رغم أنّها لم ترد في الروايات الإسلامية بهذا النص إلّا أنّ هذا المضمون والمفهوم قد ورد في الروايات الشريفة عن المعصومين ، ويمكن أن يكون لها معنيان وتفسيران :
الأول : أنّ ترك شكر المخلوق هو شاهد ودليل على روح العناد وكفران النعمة لدى هذا الشخص وبسبب ذلك فإنّه لا يعيش التقدير والاحترام للآخرين بل أحياناً تستولي عليه حالة انتظار الاحسان من الناس ويرى أنّهم مقصّرون في حقّه ، ومثل هذا الإنسان سوف لا يعيش الشكر للخالق جلّ وعلا ، ولا سيّما أنّ النعم والخيرات التي تصل إلى الإنسان عن طريق الآخرين تكون محدودة ولذلك يشعر بها الإنسان ويلمسها من قريب لأنّها تقع بين الفينة والاخرى ، أمّا المواهب الإلهية فكثيرة ولا متناهية وتحيط بوجود الإنسان تماماً ولذلك فإنّها لشدّة ظهورها تكاد تخفى على الإنسان الغارق في النعمة فلا يكاد يشعر بها.
والآخر : أنّ شكر المخلوق هو في الواقع شكر الله تعالى ، لأنّ شكر المخلوق ما هو إلّا واسطة للفيض وانتقال النعمة من الله تعالى إلى الآخرين ، وعليه فإنّ من لم يشكر المخلوق فهو في الواقع لم يشكر الله تعالى.
وعلى كل حال فقد ورد التأكيد على هذا المعنى في الروايات الإسلامية وأنّ المسلم لا بدّ أن يعيش الشكر للمخلوق الذي أوصل إليه النعمة ، وللخالق الذي هو أصل النعمة بل وينبغي اعطاء الشاكر مزيداً من النعمة تشجيعاً لواقع الشكر كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله ، أنّه ورد في التوراة : «اشكُرْ مَنْ أَنعَمَ عَلَيكَ وَأَنعِمْ عَلَى مَنْ شَكَرَكَ» ([2]).
ونقرأ في المفاهيم القرآنية أنّ الله تعالى يأمر بتقديم الشكر للمخلوقين إلى جانب شكره تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)([3]).
ولا شكّ أنّ الوالدين لا يختصّون بإيصال الخير للإنسان أو أنّهما أصحاب الحق فقط عليه (رغم أنّ حقهما عظيم) فإنّ كل من كان له حق معنوي أو مادّي على الإنسان فلا بدّ من تقديم الشكر له.
ونشاهد هذا المعنى في حالات وسيرة القادة الإلهيين حيث يشكرون الآخرين على أيّة خدمة مهما كانت ضئيلة ويجزلون العطاء على أقل نعمة تصل إليهم من الغير ومن ذلك ما ورد في قصة احدى جواري الإمام الحسين (عليه السلام) التي أهدت له وردة جميلة فما كان من الإمام (عليه السلام) إلّا أن أعتقها جزاء صنيعها هذا ، وعند ما سئل عن سبب ذلك وأنّ هذا الجزاء الكبير لا يتلاءم مع تلك الخدمة الصغيرة من الجارية قال : «كذا أدّبنا الله» ([4]).
وكذلك القصّة المعروفة الاخرى عن الثلاثة الكرام وهم الإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر الذين كانوا في قافلة فتأخروا يوماً عنها فلجأوا في الصحراء إلى خيمة عجوز منفردة فسقتهم الماء وأطعمتهم من لحم الشاة الوحيدة لديها فلّما انتهوا من الطعام وأرادوا الرحيل عنها قالوا لها : إذا وردت المدينة فأتي إلى دورنا لنجازيك على هذه الخدمة الكبيرة ، ثم مضت أعوام من القحط الشديد في تلك الصحراء إلى درجة أنّ الأعراب وأهل الخيام في تلك الصحراء جاءوا إلى المدينة طلباً للطعام والغذاء ، وفي أحد الأيّام وقعت عين الإمام الحسن (عليه السلام) على تلك العجوز في أزقّة المدينة تطلب لها طعاماً ، فناداها الإمام وذكّرها بنفسه وأنّه قدم عليها مع أخيه وابن عمّه إلى خيمتها فأطعمتهم من ذلك الطعام ولكن العجوز لم تتذكر شيئاً ورغم ذلك فإنّ الإمام قال لها : إذا لم تذكري ذلك فأنا أذكره ثم إنّه وهب لها مالاً كثيراً وأغناماً كثيرة وبعثها إلى أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) ، فقام الإمام الحسين (عليه السلام) بمثل ما قام به أخيه الإمام الحسن (عليه السلام) من العطاء والكرم إلى هذه المرأة الكريمة ، ثم أرسلها إلى عبد الله بن جعفر الذي صنع مثل ما صنع الحسن والحسين (عليهما السلام) حتى أنّ هذه المرأة (صارت من أغنى الناس) كما ورد في ذيل الحديث ([5]).
ونقرأ أيضاً قصّة (شيماء) بنت حليمة السعدية واُخت النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من الرضاعة حيث حباها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وتقدّم لها بفائق الاحترام والشكر جزاء للخدمة التي تقدّمت بها امّها حليمة السعدية للنبي (صلى الله عليه وآله) في طفولته ، فقد ذكر المؤرخون بأنّ طائفة كبيرة من قبيلة بني سعد قبيلة حليمة السعدية وقعوا أسرى بيد المسلمين في حرب حنين ، وعند ما رأى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) شيماء بين الأسرى تذكّر خدماتها هي وامّها في أيّام طفولته ، فنهض من مكانه احتراماً لها وفرش عباءته على الأرض وأجلس شيماء عليها وأخذ يسألها بكل لطف ومحبّة عن أحوالها وقال : أنت صاحبة الفضل عليّ وكذلك امّك ، في حين أنّه قد مرّ على ذلك ستون سنة تقريباً ، وهناك طلبت شيماء من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أن يطلق سراح أسرى قبيلتها فقال : أنا اوافق على هذا الطلب من سهمي ، فعند ما سمع المسلمون ذلك وهبوا حصّتهم كذلك من الأسرى لشيماء ، وبالتالي تم تحرير جميع أسرى هذه القبيلة بسبب تلك المحبّة والخدمة التي عاشها النبي (صلى الله عليه وآله) في مرحلة الطفولة ([6]).
ومثال آخر على ذلك هو ما ورد في سيرة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من أنّه كانت هناك امرأة تدعى (ثويبة) التي نالت شرف ارضاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل «حليمة السعدية» من لبن ولدها «مسروح» ، فعند ما هاجر النبي (صلى الله عليه وآله) ورزقه الله المال كان يرسل لها بعض الثياب والهدايا إلى آخر حياتها حيث توفيت بعد واقعة «خيبر».
والعجيب أنّه جاء في بعض التواريخ أنّ هذه الامرأة «ثويبة» كانت أَمة «أبي لهب» وعند ما بشرت أبا لهب بولادة رسول الله أعتقها أبو لهب (ومعلوم أنّ أبا لهب في ذلك الزمان قام بهذا العمل بسبب رابطة القرابة بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حيث فرح أبو لهب لمّا رزق أخوه عبد الله).
وعند ما مات أبو لهب بعد سنوات من العداء والأذى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) رآه أخوه العباس في عالم الرؤيا ، فسأله عن حاله ، فقال : أنا معذّب في النار ، ولكن يخفّف عني العذاب في ليالي الاثنين بحيث أشرب الماء من بين أصابعي ، لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولد يوم الأثنين ، وعند ما بشرتني أمتي ثويبة بولادته وعلمت أنّها أرضعته لعدّة أيّام أعتقتها» ([7]).
[1] عيون أخبار الرضا ، ج 2 ، ص 24.
[2] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 94.
[3] سورة لقمان ، الآية 14.
[4] بحار الانوار ، ج 44 ، ص 195 ونقل مثلها عن الإمام الحسن (عليه السلام).
[5] نور الابصار ، محمد الشبلنجي المصري (مع التلخيص) ؛ بحار الانوار ، ج 43 ، ص 348.
[6] اعلام الورى ، ص 126 و 127 ، سفينة البحار مادة «حلم».
[7] سفينة البحار ، ج 1 ، ص 522 (مفردة ثويبة).
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل: شراكتنا مع المؤسّسات الرائدة تفتح آفاقًا جديدة للارتقاء بجودة التعليم الطبّي في العراق
|
|
|