اتفق أغلب الفقهاء المسلمين صحة زواج المسلم من المسلمة أو الكتابية، وكذلك إذا تزوج كتابيين وأسلم الزوج تضل الزوجية بينهما باقية، وقد تبنى ذلك الإمامية (1) ، والحنفية (2) والشافعية (3) والمالكية (4) والحنابلة (5). أما المرأة غير المتدينة بأي دين سماوي فتعتبر كافرة والعياذ بالله فلا يجوز الزواج منها (6).
ويرون بأن الزواج إذا تم بين كافرين (غير متدينين بدين سماوي ) وكان زواجهم حسب شريعة ملتهم صحيح فهو زواج صحيحًا، فإذا اسلما فلا يحتاج الى عقد جديد بل الزوجية قائمة ولا داعي لعقد فيه شروط الدين الإسلامي ما عدا إذا كان هناك موانع شرعية كالتحريم للرضاع وللمصاهرة. فإنه يجب إن يفرق بينهما لحرمة استمرار الزواج ففي هذه الحالة يطبق عليهما حكم الإسلام بعد إسلامهما (7). أما إذا كانت زوجة الكتابي ليست كتابية فبإسلامه إذا كان قبل الدخول فرق بينهما وعد عقد الزواج مفسوخا أما في حالة إسلامه بعد الدخول فيفرق بينهما والعقد موقوف طيلة فترة العدة فإذا أسلمت أو اعتنقت أي دين سماوي أستمرت الزوجية بينهما، أما إذا انتهت فترة العدة ولم تدخل الدين الإسلامي أو أي دين سماوي عد عقد الزواج مفسوخا من حين إسلامه لا من وقت انتهاء العدة الشرعية (8).
ويرون بأن الزوجين بعد إذا كانا مشركين فعند إسلام أحدهما فإن الزواج موقوف فلا يفسخ في الحال وينتظر مدة العدة فإذا التحق المتأخر بالإسلام اثناء العدة فإن الزوجية باقية ومستمرة، أما إذا انتهت العدة ولم يسلم المتأخر فسخ عقد الزواج وتعتبر الفرقة فسخا لا طلاقا لأن عقد الزواج قد انتهى لحرمة استمراره ولم ينته بناءً على رغبة الزوج أو طلب تفريق من الزوجة لعدم الانفاق وغيرها، وتصبح المرأة حرة ولها أن تتزوج من تشاء من المسلمين وللزوج الذي أسلم له أن يتزوج اختها إذا كانت مسلمة (9).
ويرى جانب من فقهاء الإمامية إذا اسلمت الزوجة وكان زوجها غير مسلم سواء كان كتابيا أم غيره فإن المشهور عندهم توقف العقد لحين انتهاء العدة فإذا أسلم أثناء العدة يرون الأحوط أن يفترقا ثم يجدد العقد (10).
أما بالنسبة إلى ردة أحد الزوجين فإن فقهاء الإمامية يرون فيه تفصيل إذا ارتد الزوجين ولم يولدا على الفطرة (11) مسلمين أي كانا أما كتابيين أو غيره فيكون الحكم في ردة أحدهم عن الإسلام قبل الدخول يفسخ عقد الزواج في الحال، أما إذا ارتد أي منهم بعد الدخول يُعد عقد الزواج موقوف لحين انتهاء العدة فإذا أسلم أثناء العدة استمرت الزوجية وإن لم يسلم انفسخ العقد من وقت الردة (12). أما إذا كانت الردة من أحد الزوجين المولود على الفطرة مسلما فإن العقد يفسخ في الحال سواء كانت الردة قبل الدخول أم بعده لأنه بهذه الردة لا تقبل عودته (13) . ووافق فقهاء الحنفية فقهاء الإمامية بفسخ عقد الزواج بردة أحد الزوجين في الحال سواء وقعت الردة قبل الدخول ام بعده (14). إلا أنهم لا يفرقون بين المرتد المسلم بالفطرة عن المسلم غير المولود بالفطرة.
أما بالنسبة إلى فقهاء الشافعية (15) والمالكية (16) والحنابلة (17) فإنهم يرون بأن الردة عن الإسلام موجبة للفسخ فإذا حصلت الردة قبل الدخول فسخ عقد الزواج في الحال. أما إذا حصلت الرده بعد الدخول فالعقد موقوف مدة العدة فإن عاد المرتد إلى الإسلام فالعقد باقي والزواج مستمر، أما إذا انتهت فترة العدة وبقي المرتد على ضلاله فسخ عقد الزواج من تاريخ الردة.
أما في حالة اسلام زوجة غير المسلم سواء كان كتابيا أم غيره فان الإمامية يرون إذا كان إسلامهما قبل الدخول فسخ عقد الزواج في الحال أما اذا اسلمت بعد الدخول فإن المشهور عندهم توقف العقد لحين انتهاء العدة فإذا انتهت العدة ولم يسلم زوجها انفسخ عقد الزواج من تاريخ اسلامها لا من تاريخ انتهاء العدة، أما اذا اسلم اثناء العدة فالأحوط أن يفترقا ثم يجدد العقد (18) . ويرون بأن الذمي اذا أسلم وكان له أكثر من أربع اختار أربع وفسخ عقد البواقي، وكذلك اذا كانت محرمة عليه حسب شريعة الدين الإسلامي من النسب والرضاع حسب القاعدة الفقهية ما يشترط ابتداء يشترط انتهاء (19). وكذا إذا كان الزوج وثنيا وكانت تحته اختين فبإسلامهم جميعا يختار واحدة ويفسخ عقد الأخرى (20).
________________
1- السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي، منهاج الصالحين المعاملات، ج2، ط29، مؤسسة احياء آثار الامام الخوئي، قم ،ایران، 2000م ، ص 270، المسألة 1287.
2- عثمان بن علي بن محجن البارعي الزيلعي الحنفي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي، ج2، ط1، المطبعة الأميرية الكبرى القاهرة، 1313هـ، ص 175.
3- الشافعي أبو عبد الله بن محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القريشي المكي، الام، ج 5 ، بدون طبعة دار المعرفة، بيروت، 1990م ، ص 48؛ ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الامام الشافعي وشرح مختصر المزني، ج 9، ط1 ، دار الكتب العلمية 1999م ، ص 262 ؛ ابن الملقن سراج الدين ابو حفص عمر بن علي بن احمد الشافعي المصري التذكرة في فقه الشافعي لابن الملقن ، ج 1، بدون طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، 2006، ص100.
4- ابو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، الكافي في فقه اهل المدينة، ج 2، ط2، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، 1980 ، ص 549
5- شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي، شرح الزركشي ، ج 5 ، ط 1 ، دار العبيكان، جدة، 1993 ، ص 201.
6- السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين المعاملات ، ج 3، ط 3 ، دار المؤرخ العربي، بيروت، 2000 ، ص 67 ، المسألة (205) ؛ علاء الدين الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج 3، ط 2 ، دار الكتب العلمية، بيروت، 1986م ، ص 337؛ ابن الملقن سراج الدين ابو حفص عمر بن علي بن احمد الشافعي المصري التذكرة في فقه الشافعي لابن الملقن ، ج 1، بدون طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، 2006 ، ص 100.
7- السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين المعاملات ، ج 3، ط 3 ، دار المؤرخ العربي، بيروت، 2000 ، ص 68 ، المسألة (208) ؛ السرخسي، المبسوط، ج3، مرجع سابق، ص 289 ؛ مالك بن انس، المدونة، ج 2، مرجع سابق، ص 213؛ عبد القادر بن عمر بن عبد القادر ابن عمر ابي تغلب بن صالح التغلبي الشيباني، نيل المآرب بشرح دليل الطالب، ج 2، ص 185؛ الشافعي أبو عبد الله بن محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القريشي المكي، الام، ج 5، بدون طبعة دار المعرفة، بيروت، 1990م ، ص 48.
8- السيد علي الحسيني السيستاني، منهاج الصالحين المعاملات ، ج 3، ط 3 ، دار المؤرخ العربي، بيروت، 2000 ، ج3، ، ص 73 ، المسألة 209؛ محمد بن فرامرز بن علي بملا او ملا ابو الملا - خسرو، درر الحكام شرح غرر الاحكام، ج 1، بدون طبعة دار احياء الكتب العربية، ص 353؛ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الامام الشافعي وشرح مختصر المزني، ج 9، ط1 ، دار الكتب العلمية 1999م ، ج 9، ص 262 السرخسي، المبسوط، ج 3 ، بدون طبعة دار المعرفة، بيروت، 1993، ص 289؛ ابو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي متن الخرقي على مذهب أبي عبد الله احمد بن حنبل الشيباني، ج 1، بدون طبعة دار العماية للتراث، 1993، ص1030.
9- السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي، منهاج الصالحين المعاملات، ج2، ط29، مؤسسة احياء آثار الامام الخوئي، قم ،ایران، 2000م ، ص 270 ، المسألتان (1290-1291)؛ محمد بن فرامز ، مرجع سابق، ص 353 ابن الملقن سراج الدين ابو حفص عمر بن علي بن احمد الشافعي المصري التذكرة في فقه الشافعي لابن الملقن ، ج 1، بدون طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، 2006، ، ص 100؛ مالك بن انس بن مالك بن عامر الاصبحي المدني، المدونة، ج 2، ط 1 ، دار الكتب العلمية، 1994 ، ص 214؛ ابو محمد موفق الدين عبد الله بن احمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، المغني، ج 7، بدون طبعة مكتبة القاهرة القاهرة، 1968، ص 163-173.
10- السيد علي السيستاني، منهاج الصالحين، المعاملات، ج3، مرجع سابق، ص 72، المسألة (205).
11- المسلم بالفطرة هو من يولد لأبوين مسلمين.
12- المحقق الحلي ابو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن مع تعليقات السيد صادق الحسيني الشيرازي، شرائع الإسلام في في مسائل الحلال والحرام ،ط، 2، ج 1، ذي القربى، قم، 2022، ، ص 535 الشهيد الثاني زين الدين بن علي الجبعي العاملي الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، ج 2، ط12، منشورات دار التفسير، 1433هـ ، ص 413.
13- السيد محمد تقي المدرسي احكام الإسلام، ط 2 ، دار المجتبى الحسين عليه السلام، 2003م، ص 535.
14- ابو بكر بن علي بن محمد المدادي العبادي الزيدي اليمني الحنفي الجوهرة النيرة، ج 2، ط1، المطبعة الخيرية، 1322هـ، ، ص 24.
15- ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الامام الشافعي وشرح مختصر المزني، ج 9، ط1 ، دار الكتب العلمية 1999م، ، ص 295؛ ابو زكريا النووي روضة الطالبين وعمدة المفتين، ج 7، ط3، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق وعمان، 1991 ، ص 148.
16- مالك بن انس بن مالك بن عامر الاصبحي المدني، المدونة، ج 2، ط 1 ، دار الكتب العلمية، 1994 ، ص 212 وما بعدها.
17- ابن قدامة المقدسي، المغني لابن قدامة، ج 7، مرجع سابق، ص 161 وما بعدها ؛ عبد الرحمن بن ابراهيم بن احمد ابو محمد بهاء الدين المقدسي، العدة على شرح العمدة، ج 1، بدون طبعة دار الحديث القاهرة، 2003 ، ص 414.
18- السيد علي السيستاني، منهاج الصالحين، ج3، مرجع سابق، ص 69 ، المسألة 210.
19- المحقق الحلي شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، ج 1، مرجع سابق، ص 535؛ مالك بن انس، المدونة، ج 2، مرجع سابق، ص 131
20- ابن قدامة المقدسي، المغني لابن قدامة، ج 7، مرجع سابق، ص 170.