يتباين مقدار ما يصل الى سطح الأرض من الأشعة الشمسية من مكان إلى آخر ومن وقت الآخر، ويعزى هذا التباين الى مجموعة من العوامل ابزها ما يأتي:

 أ- اختلاف زاوية سقوط الاشعاع الشمسي : تعني زاوية سقوط الاشعاع الشمسي تلك الزاوية التي تكونها اشعة الشمس مع سطح الأرض ، فالأشعة العمودية أو القريبة من العمودية التي تصل الى سطح الأرض تكون اقوى وأكثر تركيزاً من الأشعة المائلة ، ويعزى ذلك الى أن الأشعة العمودية تقطع مسافة اقصر في الغلاف الجوي فتكون اقل عرضة للضياع بفعل عمليات الانعكاس والامتصاص والانتشار التي تحدث في الغلاف الجوي على عكس الأشعة المائلة التي تقطع مسافة اطول وتكون أكثر عرضة للضياع بفعل العمليات المذكورة ، وفضلاً عن ذلك فأن حزم الأشعة العمودية تتوزع على مساحة اصغر من سطح الأرض فتصبح أكثر تركيزاً مقارنة بالمساحة الكبيرة التي تتوزع عليها الاشعة المائلة التي تصبح اقل تركيزاً .

ب- عدد ساعات النهار: يتباين عدد ساعات النهار فصلياً ومكانياً، ففي فصل الصيف يزداد عدد ساعات النهار، مما يؤدي الى زيادة كمية الاشعاع الشمسي التي تصل الى سطح الأرض، ويحدث العكس خلال فصل الشتاء. أما مكانياً فأن عدد ساعات النهار تكاد تكون متساوية مع عدد ساعات الليل في المناطق المدارية ويزداد الفرق بينهما كلما اتجهنا نحو القطبين. يؤدي التباين في عدد ساعات النهار الى تباين طول الفترة التي يستلم بها سطح الأرض الاشعاع الشمسي لذا نجد أن الفصل الحار في اية منطقة من المناطق يرتبط بالفترة التي يكون فيها عدد ساعات النهار أكثر من عدد ساعات الليل.

ج - صفاء الجو: يساعد صفاء الجو على وصول كميات أكبر من الاشعاع الشمسي الى سطح الأرض، ويحدث العكس عندما يكون الجو مليئاً بالغبار والشوائب المختلفة والسحب.

د - الاشعاع الشمسي المنعكس الألبيدو Albedo يقصد به مقدار الاشعاع الشمسي الذي يعكسه سطح الأرض. وتتباين نسبة الألبيدو من مكان الى آخر على سطح الأرض تبعاً لعدد من العوامل منها زاوية سقوط اشعة الشمس فكلما كبرت الزاوية قلت نسبة الألبيدو والعكس صحيح، ومن العوامل الأخرى طبيعة سطح الأرض، فالسطوح المصقولة تعكس أكثر مما تعكسه السطوح الخشنة، كما أن السطوح المغطاة بالثلوج لها القدرة على عكس الأشعة، فيما يقل انعكاسها فوق المسطحات المائية.

هـ - اتجاه السفوح الجبلية ودرجة انحدارها: يبدو أن لاتجاه السفوح الجبلية ودرجة انحدارها تأثير كبير في معدل الاشعاع الشمسي الذي يصل الى تلك السفوح وخاصة في المناطق المعتدلة والباردة. ففي النصف الشمالي من الكرة الأرضية تكون السفوح الجنوبية معرضة لأشعة الشمس المباشرة في حين تبقى اجزاء من السفوح الشمالية محجوبة عنها ولا يصلها الا اشعة منتشرة من السفوح المقابلة، كما أن السفوح الجنوبية تتعرض لأشعة الشمس مدة اطول مقارنة بالسفوح الشمالية. وأن السفوح الشديدة الانحدار تسقط عليها اشعة الشمس بزاوية قائمة، مما يجعل الاشعاع الشمسي الذي يصلها أكثر من المناطق السهلية المنبسطة المجاورة لها وخاصة في ساعات الصباح وقبل الغروب عندما تكون اشعة الشمس مائلة.

بناءً على ما تقدم يتباين توزيع الاشعاع الشمسي على سطح الأرض فصلياً ومكانياً. ففي فصل الصيف الشمالي وعندما تكون اشعة الشمس عمودية على مدار السرطان في 21 حزيران تسجل أعلى قيم للإشعاع الشمسي في المناطق الواقعة بين دائرتي عرض 20 - 40 درجة شمالاً التي تتمثل في المنطقة المدارية والمنطقة المجاورة لها، اذ يتبين من الشكل (54 ) أن تلك القيم تتراوح بين 500 - 650 سعرة / سم 2/ يوم في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من قارة أمريكا الشمالية وفي الصحراء الكبرى وصحاري غربي آسيا ووسطها . أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فأن اشعة الشمس تكون مائلة حيث يسود فصل الشتاء الجنوبي، فأن قيم الاشعاع الشمسي تتراوح بين 200 - 350 سعرة / سم 2 / يوم في جنوبي افريقيا وقارة استراليا، فيما تسجل قيم تتراوح بين 50 - 150. 150 سعرة /سم 2 / يوم في جنوبي قارة امريكا الجنوبية واقصى جنوبي قارة استراليا وفي فصل الشتاء الشمالي عندما تكون اشعة الشمس عمودية على مدار الجدي في 21 كانون الأول تكون اشعة الشمس مائلة على النصف الشمالي من الكرة الأرضية فتتراوح قيم الاشعاع الشمسي بين 250 - 350 سعرة /سم 2 /يوم في المناطق الاستوائية والمدارية، وتتناقص كلما تقدمنا باتجاه العروض العليا لتسجل 50 سعرة / سم 2 / يوم في شمالي اوراسيا وامريكا الشمالية. وفي النصف الجنوبي من الكرة الأرضية حيث يسود فصل الصيف الجنوبي فأن قيم الاشعاع الشمسي تتراوح بين 500 -750 سعرة / سم 2 يوم في صحراء ناميب وصحراء كلهاري في افريقيا وفي القسم الغربي والأوسط من قارة أمريكا الجنوبية والقسم الأوسط والغربي والجنوبي من قارة استراليا وكما يتضح من الشكل (55) .