أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-6-2017
2837
التاريخ: 2023-08-20
942
التاريخ: 17-4-2019
1705
التاريخ: 2-5-2017
5068
|
وتولَّى بعد شرف الدولة أخوه أبو طاهر جلال الدولة، وكان ضعيف الرأي سيئ التدبير؛ من ذلك أنه لمَّا بُويِع بالمُلك وهو يومئذٍ في «البصرة» — وكان عليها منذ أيام سلطان الدولة — طلب الجيشُ قدومه إلى «بغداد» فامتنع، فخرجوا عن طاعته وقطعوا خطبته وخطبوا لابن أخيه «أبي كاليجار بن سلطان الدولة» الذي ملك فارس بعد أبيه، فلما علم جلال الدولة بذلك ولَّى على «البصرة» أبا الفتح محمد بن أردشير، وسار نحو «بغداد» فخرج إليه جيشها ليرده، فقاتله وانتصر عليهم ودخل «بغداد»، فخرج الخليفة لاستقباله وقلَّدَه السلطنة على ما جرت به العادة. ومنها أن الجيش ثار عليه ﺑ «بغداد» سنة 419ﻫ بسبب قطع مرتباتهم، وحصروه في داره ومنعوا عنه الماء، فاضطرَّ إلى بيع حلي نسائه وثيابه وفرَّق ثمنها على الجيش، ثم ثاروا عليه ثانيةً سنة 422ﻫ، وشغبوا عليه، فدخل قصره وأغلق أبوابه، فجاءت الأتراك ونهبوا قصره وسلبوا كُتَّابه وأرباب دواوينه، فاضطر إلى الخروج من «بغداد»، فسار منها إلى «عكبرا«(1)، فخطب الأتراك للملك «أبي كاليجار بن سلطان الدولة»، وأرسلوا إليه يطلبونه وهو يومئذٍ ﺑ «الأهواز» فلم يُجِبهم، فأعادوا خطبة جلال الدولة، وسار زعماؤهم إليه وسألوه الرجوع إلى «بغداد» واعتذروا عمَّا فعلوه، فعاد إلى «بغداد» بعد 43 يومًا.
وفي أول عهده تزلف له قرواش — ابن أبي جعفر المقلد الملقَّب ﺑ «حسام الدولة» — وأخلص له فأعاده إلى ملكه، وبعد مدة استبدَّ قرواش بالبلاد واستأثر بجبايتها ثانيةً، وامتنع عن مراجعة جلال الدولة في الأمور، فأثار عليه جلال الدولة بني أسد وخفاجة، وأمدَّهم بالجند والمال، فالتقوا بقرواش قرب «الكوفة»، وبعد عدة معارك هرب قرواش إلى «الأنبار»، فطاردوه حتى بلغ «الموصل» وتحصَّن فيها سنة 417ﻫ، وفي تلك الأثناء ثارت الفتن والاضطرابات في داخلية بلاد الدولة البويهية، واشتغل البويهيون في إخمادها، فاغتنم قرواش تلك الفرصة وعاد إلى بلاده.
ولسوء تدبيره وضعف رأيه كثرت الفتن في «بغداد»، وتوالَى فيها شغب الأتراك وعظم أمرهم فيها، وكثر المفسدون واللصوص، وانتشر الأعراب في البلاد فنهبوا النواحي والقرى، وقطعوا الطرق وبلغوا أطراف «بغداد» حتى وصلوا إلى جامع المنصور، وسلبوا ثياب النساء في المقابر، بل إن الفوضى عمَّتْ في أيامه جميع البلاد العراقية، وكثر السلب والنهب والقتل وضعف أمر الدولة البويهية في العراق وخصوصًا بغداد، حتى حاوَلَ البغداديون ترك وطنهم لعدم الأمن وشيوع الفوضى في المدينة وما يليها، ولكنهم لم يجدوا إلى ذلك سبيلًا لانقطاع الطرق وانتشار اللصوص في كل الجهات، حتى إن جماعة من الأكراد نهبوا دوابَّ بعض الجنود ونهبوا ثمرة قراح — مزرعة — الخليفة القائم، فلم يتمكَّن جلال الدولة من القبض عليهم لعجزه، فعظم ذلك على الخليفة واضطرَّ أن يهدِّده، فأمر القضاة والفقهاء بالإضراب عن العمل بترك القضاء والفتوى ففعلوا، فلما لم يحصل الخليفة على شيء أمر بترك الإضراب.
وحدثت في أيامه في سنة 419ﻫ فتن عظيمة بين الديلم والأتراك في البصرة، وأخيرًا انتصر الأتراك وقوي أمرهم فيها وأخرجوا الديلم منها، فلما كانت سنة 320ﻫ أرسل «أبو كاليجار بن سلطان الدولة» جيشًا بقيادة بختيار وأمره أن يأخذ «البصرة»، فاستولى عليها وطرد منها حاكمها الملك العزيز أبا منصور بن جلال الدولة، ونهب الديلم أسواق المدينة، ودام النهب سبعة أيام وصُودِرت أموال التجَّار وتلفت نفوس كثيرة، فأرسل جلالة الدولة وزيره أبا علي بن ماكولا بجيش كبير في سنة 421ﻫ، فسار إليها أبو علي في 400 سفينة ومعه عبد الله الشرابي، وبعد قتال مع بختيار اندحَرَ أبو علي ووقع أسيرًا، فلما علم «جلال الدولة» بمصير جيشه جهَّزَ جيشًا ثانيًا، فانتصر جيشه واستولى على «البصرة»، وعلى أثر ذلك حدث نزاع بين عساكر «جلال الدولة» فتفرقوا، فعاد القائد بختيار إلى «البصرة» واسترجعها لأبي كاليجار، فجهَّزَ «جلال الدولة» جيشًا آخَر في سنة 424ﻫ، وأرسله بقيادة ابنه الملك العزيز، وكان في تلك الأثناء على «البصرة» أبو القاسم من قِبَل «أبي كاليجار»، وكان قد استبدَّ بها وعصى عليه، فلما اقتربت منه جيوش جلال الدولة سلَّمَ «البصرة» بدون حرب، ولكنه بقي كمساعد للملك العزيز في تدبير شئون «البصرة»، وبعد قليل حدث بينهما خلاف أدَّى إلى وقوع معارك بينهما داخل المدينة، وكانت النتيجة طَرْد الملك العزيز من «البصرة»، ثم أُعطِيت هذه المدينة بالضمان لأبي القاسم على أن يدفع في كل سنة سبعين ألف دينار إلى «أبي كاليجار«.
فلما كانت سنة 430 امتنع أبو القاسم من تسليم المال إلى أبي كاليجار، وصار تارةً ينحاز إلى جلال الدولة وأخرى إلى أبي كاليجار، فحمل عليه أبو كاليجار بجيش كبير في سنة 431ﻫ، وبعد قتال حاصَرَ «البصرة» حصارًا شديدًا، فاستولى عليها عنوةً وأعطاها بالضمان إلى ابنه عز الملوك، على أن يدفع له سنويًّا مائة ألف دينار، وجعل معه مساعدًا أبا الفرج بن فسانجس، وظلت «البصرة» في قبضته مدة، ثم خرجت من يد البويهيين حينما زال ملكهم من «العراق «.
ومع عجز جلال الدولة وضعفه لُقِّبَ في سنة 259ﻫ ﺑ «ملك الملوك «.
وفي أيامه توفي الخليفة القادر بالله، فبُويِعَ لابنه أبي جعفر عبد الله ولقَّبوه «القائم بأمر الله» (422–467)، فضيَّقَ جلال الدولة على القائم بأمر الله حتى إنه أخذ منه في سنة 434ﻫ أموالًا كانت مقرَّرة للخلفاء من ذي قبلُ، فحدثت بينهما وحشة دامت إلى أن مات جلال الدولة ﺑ «بغداد» في 6 شعبان سنة 435ﻫ، بعد أن ملك ست عشرة سنة وأحد عشر شهرًا، أو كانت أيامه مشحونة بالفتن والحروب مع أبناء أعمامه منازعيه في الملك تارةً ومع الأمراء أخرى.
.............................................
1- عكبرا: من بلاد «العراق» القديمة، كانت بين «بغداد» و«سامرا» على عشرة فراسخ من «بغداد»، وتُكتَب: عكبرا وعكبري وعكبره.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|