المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17420 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الاتّجاه الفقهيّ في تفسير القرآن  
  
31   10:59 صباحاً   التاريخ: 2024-10-04
المؤلف : مركز نون للترجمة والتأليف
الكتاب أو المصدر : اساسيات علم التفسير
الجزء والصفحة : ص267-276
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / مناهج التفسير / منهج التفسير الفقهي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-09-2015 2499
التاريخ: 6-03-2015 2384
التاريخ: 6-03-2015 1254
التاريخ: 14-10-2014 1470

الاتّجاه الفقهيّ في تفسير القرآن

 

تأثير ذوق المفسّر وخلفيّاته الفقهيّة في عمليّة تفسيره للقرآن وفهم معانيه وبيان مقاصده.

 

نشأة الاتّجاه الفقهيّ وتاريخه

أشار القرآن الكريم في آيات عدّة إلى الأحكام التكليفية للإنسان، وقد بلغت ما يقارب الخمسمائة آية. وكان الصحابة يسألون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن أيّ إبهام حولها. ولمّا توفيّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أخذ الصحابة يستنبطون الأحكام من هذه الآيات ويعملون بها، وقد يختلفون حولها. من ذلك أنّه لمّا رفعت امرأة إلى عمر وكانت قد وَلَدَت لستّة أشهر، فَهَمّ عمر أن يرجمها لولا أن تداركها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وقال ما مضمونه: "إنّ لها عذراً في كتاب الله، يقول تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]. وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } [الأحقاف: 15] فإذا كان الفصال وهو مدّة الرضاع عامين، فالباقي للحمل ستّة أشهر"، فاقتنع عمر بذلك وخلّى سبيلها. ثمّ قال: اللّهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب(1).

 

وبعد نشوء المذاهب الفقهية في القرن الثاني الهجريّ وما بعده، قام أتباع المذاهب وعلماؤها، كالشيعة، والحنفية، والمالكية، والحنابلة والشافعيّة وغيرهم، بتفسير آيات الأحكام وتأليف الكتب في هذا المجال. وما زال هذا الاتجاه فاعلاً في النتاج التفسيريّ إلى واقعنا المعاصر.

اهتمامات الاتّجاه الفقهيّ

أكثر ما يهتمّ به المفسِّر في الاتّجاه الفقهيّ هو الآتي(2):

أ- تفسير الآيات الّتي تتضمّن أحكاماً فقهيّة تخصّ حياة الإنسان، وتبيّن تكليفه عن طريق الواجب، المستحبّ، الحرام، المكروه، والمباح، في أبواب العبادات والمعاملات والأحكام (قصاص وحدود وديات).

 

ب- استنباط الأحكام الشرعيّة الفرعية عن طريق آيات القرآن.

 

ج- التركيز على خصائص آيات الأحكام، لجهة ناسخها ومنسوخها، ومطلقها ومقيّدها، وعامّها وخاصّها، ومجملها ومبيّنها.

 

د- الاستعانة بالقرائن العقليّة والنقليّة في تفسير آيات الأحكام.

 

هـ- الاستفادة من المناهج المختلفة في التفسير، كالمنهج الاجتهاديّ والعقليّ، وتفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنّة.

 

أبرز المدارس في الاتّجاه الفقهيّ

يختلف لون الاتّجاه الفقهيّ في التفسير، تبعاً لاختلاف المذاهب الفقهيّة، ومن أبرزها الآتي(3):

أ- المذهب الفقهيّ الشيعيّ:

يتحرّك فقهاء الشيعة على أساس مذهب أهل البيت عليهم السلام، ويفسّرون آيات الأحكام بالاستفادة من الروايات الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام، بالإضافة إلى القرائن العقلية والنقلية الأخرى. ومن التفاسير الفقهيّة عند الشيعة الآتي:

 

- أحكام القرآن (فقه القرآن): الراوندي (ت: 573هـ.ق).

 

- زبدة البيان في أحكام القرآن: المقدّس الأردبيلي (ت: 993هـ.ق).

 

- كنز العرفان في فقه القرآن: السيوري، المشهور بالفاضل المقداد (ت: 826هـ.ق).

- تفسير شاهي: السيّد أمير الفتوح الحسيني الجرجاني (ت: 976هـ.ق) باللغة الفارسية.

 

- مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام: جواد الكاظمي (توفي في القرن الحادي عشر الهجري).

- تفسير آيات الأحكام: السيّد محمّد حسين الطباطبائي اليزدي (ت: 1386هـ.ق).

 

ب- المذهب الفقهيّ الشافعيّ:

يُطلَق على أتباع محمّد بن إدريس الشافعيّ (ت: 204هـ.ق) في الفقه لقب الشافعيّة، حيث ذهبوا في تفسير آيات الأحكام طبقاً لآرائه الفقهيّة. ومن أبرز كتبهم في التفسير الفقهيّ الآتي:

- أحكام القرآن: المنسوب إلى الشافعيّ.

 

- أحكام القرآن: الهرّاسي (ت: 504هـ.ق).

 

- نيل المرام من تفسير آيات الأحكام: أبو الطيب سيّد محمّد صدّيق بن حسن خان القنوجي البخاري (ت: 1307هـ.ق).

 

ج- المذهب الفقهيّ المالكيّ:

يُطلق على أتباع مالك بن أنس (ت: 179هـ.ق) لقب المالكية، وقد فسّروا آيات الأحكام طبقاً لآرائه الفقهيّة، ومن أبرز كتبهم في التفسير الفقهيّ:

- أحكام القرآن: أبو بكر بن العربي (ت: 543هـ.ق).

 

- الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (ت: 671هـ.ق).

 

د- المذهب الفقهيّ الحنفيّ:

يُطلق على أتباع أبي حنيفة النعمان بن ثابت (80-153هـ.ق) في الفقه لقب الحنفية، حيث فسّروا آيات الأحكام على أساس آراء أبي حنيفة الفقهية. ومن أبرز كتبهم في التفسير الفقهيّ:

- أحكام القرآن: الجصّاص (ت: 370هـ.ق).

- التفسيرات الأحمدية: أحمد بن أبي سعيد بن عبد الله (ت: 1130هـ.ق)، المعروف باسم "ملاجيون" الحنفي.

 

هـ- المذهب الفقهيّ الحنبليّ:

يُطلق على أتباع أحمد بن حنبل (164-241هـ.ق) في الفقه لقب الحنابلة، حيث ذهبوا في تفسير آيات الأحكام طبقاً لآراء أحمد الفقهية، ومن أبرز كتبهم في التفسير الفقهيّ:

- آيات الأحكام: محمّد بن الحسين بن محمّد بن الفرّاء (ت: 458هـ.ق).

 

- تفسير آيات الأحكام: شمس الدِّين محمّد أبو بكر الدمشقي المشهور بابن قيّم الجوزية (ت: 751هـ.ق).

 

- أحكام الرأي من أحكام الآلاء: شمس الدِّين محمّد بن عبد الرحمن ابن الصايغ (ت: 776هـ.ق).

 

تبصرة:

1- يوجد بعض الكتب التي تناولت تفسير آيات الأحكام بطريقة مقارنة، مثل:

- تفسير آيات الأحكام: محمّد علي السايس (ت: 1396هـ.ق).

 

- روائع البيان في تفسير آيات الأحكام: محمّد علي الصابوني (معاصر).

 

- تفسير آيات الأحكام: السيد محمد حسين الطباطبائي اليزدي (ت: 1386هـ.ق).

 

2- تناول بعض الكتب آيات الأحكام على الطريقة الموضوعية، مثل:

- أحكام القرآن: محمّد الخزائلي (معاصر).

 

- آيات الأحكام: زين العابدين القرباني (معاصر).

 

3- تناول بعض الكتب آيات الأحكام على الطريقة الترتيبية، مثل:

- آيات الأحكام: أحمد ميرخاني (معاصر).

 

- آيات الأحكام: السيّد محمّد حسين الطباطبائي اليزدي.

نماذج تطبيقيّة للاتّجاه الفقهيّ

1. تحديد "كيفيّة الوضوء" في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].

 

قال الفاضل المقداد السيوري في تفسير كنز العرفان في فقه القرآن بصدد تفسير هذه الآية، وبيانه قول الإماميّة وأقوال المذاهب الفقهيّة الأخرى: "﴿وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ﴾. قيل: الباء للتّبعيض، لأنّه الفارق بين مسحت بالمنديل، ومسحت المنديل. وقيل: زائدة، لأنّ المسح متعدّ بنفسه، ولذلك أنكر أهل العربيّة إفادة التبعيض. والتحقيق أنّها تدلّ على تضمين الفعل معنى الإلصاق، فكأنّه قال: ألصقوا المسح برؤوسكم، وذلك لا يقتضي الاستيعاب ولا عدمه، بخلاف: امسحوا رؤوسكم، فإنّه، كقوله: ﴿فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ﴾. ثمّ اختلف في القدر الواجب مسحه، فقال أصحابنا (المذهب الإماميّ): أقلّ ما يقع عليه اسم المسح أخذاً بالمتيقن، ولنصّ أئمّتهم عليهم السلام، وبه قال الشافعي (المذهب الشافعيّ). وقال أبو حنيفة (المذهب الحنفيّ): ربع الرّأس، لأنّه عليه السلام (أي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم) مسح على ناصيته وهو قريب من الرّبع. وهو غلط. ومالك (المذهب المالكيّ) يمسح الجميع ...

 

﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾. قرأ نافع وابن عامر والكسائي وحفص بالنّصب، عطفاً على محلّ برؤوسكم، إذ الجارّ والمجرور محلَّه النّصب على المفعوليّة، كقولهم: مررت بزيد وعمرو. وقرئ: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [الفاتحة: 20]. وكقول الشاعر:

معاوي إنّنا بشر فأسجح          فلسنا بالجبال ولا الحديدا

 

وقرأ الباقون بالجرّ، عطفاً على رؤوسكم، وهو ظاهر. فإذاً القراءتان دالَّتان على معنى واحد، وهو وجوب المسح، كما هو مذهب أصحابنا الإماميّة (المذهب الإماميّ)، ويؤيّده ما رووه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أنّه توضّأ ومسح قدميه ونعليه. ومثله عن عليّ عليه السلام وابن عبّاس، وأيضاً عن ابن عبّاس: أنّه وصف وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، فمسح رجليه. وإجماع أئمّة أهل البيت عليهم السلام على ذلك، قال الصّادق عليه السلام: "يأتي على الرّجل الستّون أو السّبعون ما قبل اللَّه منه صلاة"، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: "لأنّه يغسل ما أمر اللَّه بمسحه". وغير ذلك من الرّوايات. وقال ابن عبّاس وقد سئل عن الوضوء: غسلتان ومسحتان. وقال الفقهاء الأربعة (المذهب الشافعيّ/ المذهب المالكيّ/ المذهب الحنفيّ/ المذهب الحنبليّ) بوجوب الغسل، محتجّين بقراءة النصب، عطفاً على وجوهكم، أو أنّه منصوب بفعل مقدّر - أي: (فاغسلوا أرجلكم)، كقولهم: علَّفتها تبناً وماء بارداً، أراد وسقيتها. وقوله: متقلَّداً سيفاً ورمحاً، أي ومعتقلاً رمحاً - ويؤيّده قراءة وأرجلكم بالرّفع - أي وأرجلكم مغسولة - وأمّا قراءة الجرّ فيه فبالمجاورة، كقوله تعالى: ﴿عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾، بجرّ أليم، وقراءة حمزة: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾، فإنّه ليس معطوفاً على قوله: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ﴾ وما قبله، وإلَّا لكان تقديره يطوف عليهم ولدان مخلَّدون بحور عين، لكنّه غير مراد، بل هم الطَّائفون لا المطوف بهم، فيكون جرّه على مجاورة لحم طير، ولأنّ القول بالغسل قول أكثر الأمّة.

 

والجواب عن الأوّل: بأنّ العطف على وجوهكم حينئذ مستهجن، إذ لا يقال: ضربت زيداً وعمرواً وأكرمت خالداً وبكراً، ويجعل بكراً عطفاً على زيداً وعمراً المضروبين هذا، مع أنّ الكلام إذا وجد فيه عاملان عطف على الأقرب منهما، كما هو مذهب البصريّين، وشواهده مشهورة، خصوصاً مع عدم المانع، كما في المسألة، فإنّ العطف على الرّؤوس لا مانع منه لغةً ولا شرعاً. وأمّا النّصب بفعل مقدّر، فإنّه إنّما يجوز ويضطرّ إلى التّقدير، إذا لم يمكن حمله على اللَّفظ المذكور، كما مثّلتم. وأمّا هيهنا فلا، لما قلنا من العطف على المحلّ. وأمّا قراءة الرفع فيحتمل أيضاً مذهبنا: أي وأرجلكم ممسوحة، بل هو أولى، لقرب القرينة.

 

وعن الثّاني: بأنّ إعراب المجاورة ضعيف جدّاً لا يليق بكتاب اللَّه، خصوصاً وقد أنكره أكثر أهل العربيّة هذا، مع أنّه إنّما يجوّز بشرطين: الأوّل: عدم الالتباس، كقولهم: جحر ضبّ خرب، فإنّه لا التباس في أنّ الخرب صفة للجحر، بخلافه هنا، فإنّ الأرجل يمكن أن يكون ممسوحة ومغسولة.

إن قلت: الالتباس زائل بالتحديد بالغاية، فإنّ التحديد، إنّما هو للمغسول، كالأيدي إلى المرافق. قلت: جاز في شرعنا اختلاف المتّفقات في الحكم وبالعكس، فلا يزول الالتباس. الثّاني: أن لا يكون معه حرف عطف، كالمثال، وهنا حرف عطف.

 

إن قلت: قد جاء مع العطف، كقوله:

فهل أنت إن ماتت أتانك راحل        إلى آل بسطام بن قيس فخاطب

جرّ خاطباً مع حرف العطف، وهو الفاء. قلت: إنّ المراد رفع خاطب، عطفاً على راحل، وإنّما جرّه وهماً أو إقواءً، أو أنّ المراد، فخاطب فعل أمر لا أنّه اسم فاعل، وكسره للقافية. وأمّا قراءة أليم، فلعدم الالتباس بيوم. وحور عين مجرور عطفاً على جنّات، أي المقرّبون في جنات ومصاحبة حور عين، وذلك لأنّ الجرّ بالجوار مع الواو ممنوع.

 

وعن الثالث: بالمنع من كونه حجّة مع مخالفة علماء أهل البيت، خصوصاً وقد بيّنّا وروده من طرقكم، ولهذا كان الجبائيّ يغسل ويمسح ويفتي بالجمع بينهما، ثمّ الكلام في إلى، كالَّذي تقدّم في احتمال المعيّة والغاية، والأقوى عندي الثّاني، والغاية للممسوح، فلا دلالة على الابتداء، وفروع المسح المتقدّمة آتية هنا فيجوز، ولو بإصبع، ومنكوساً، وغير مستقيم، نعم محلَّه ظاهر القدم للبيان. وأمّا الكعبان: فملتقى الساق والقدم. والناتيان لا شاهد لهما لغةً ولا عرفاً ولا شرعاً.

 

وقيل: لو أريد ملتقى الساق والقدم، لقال: إلى الكعاب إذ كلّ رجل لها كعبان: أجيب بأنّ المراد الكعبان من كلّ رجل. وبأنّ أبا عبيدة قال: الكعب هو الذي في أصل القدم ينتهي إليه الساق بمنزله كعاب القنا"(4).

 

2- تحديد "سهام الخمس ومصارفه" في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الأنفال: 41].

 

قال الفاضل المقداد السيوري في تفسير كنز العرفان في فقه القرآن بصدد تفسير هذه الآية، وبيانه قول الإماميّة وأقوال المذاهب الفقهيّة الأخرى: "اتّفق علماء الجمهور (أهل السنّة) على أنّ اسم اللَّه هنا للتبرّك، وأنّ قسمة الخمس على الخمسة المذكورين في الآية في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ المراد بذي القربى هم بنو هاشم وبنو (عبد) المطَّلب، دون بني عبد الشمس، وبني نوفل، لقوله عليه السلام: "إنّ بني المطَّلب ما فارقونا في جاهليّة ولا إسلام، وبنو هاشم وبنو المطَّلب شيء واحد، وشبّك بين أصابعه، وإنّ الثلاثة الباقية من باقي المسلمين". وأمّا بعد حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقال مالك (المذهب المالكيّ): الأمر فيه إلى الإمام يصرفه إلى ما يراه أهمّ من وجوه القرب. وقال أبو حنيفة (المذهب الحنفيّ): يسقط سهمه صلى الله عليه وآله وسلم وسهم ذي القربى وصار الكلّ مصروفاً إلى الثلاثة الباقية من المسلمين، وقال الشافعيّ (المذهب الشافعيّ): إنّ سهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين، وقيل: إلى الإمام، وقيل: إلى الأقسام الأربعة. ونقل الزمخشري (وهو حنبليّ المذهبّ) في الكشّاف عن ابن عباس أنّه كان يقسّم على ستّة: للَّه والرسول سهمان، وسهم لأقاربه، حتّى قبض، فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة، وكذلك روي عن عمر وباقي الخلفاء بعده، قال: وروي أنّ أبا بكر منع بني هاشم من الخمس، وقال: إنّما لكم أن يعطى فقيركم ويزوّج أيّمكم ويخدم من لا خادم له منكم، فأمّا الغنيّ منكم فهو بمنزلة ابن سبيل غنيّ لا يعطى من الصدقة شيئاً ولا يتيم موسر. ونقل عن عليّ عليه السلام أنّه قيل له: إنّ اللَّه تعالى يقول: ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾، فقال: "أيتامنا ومساكيننا". وعن الحسن البصريّ أنّ سهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لوليّ الأمر بعده هذا.

 

وقال أصحابنا الإماميّة (المذهب الإماميّ) إنّه يقسم ستّة أقسام، ثلاثة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعده للإمام القائم مقامه، وهو المعني بذي القربى، والثلاثة الباقية لمن سمّاهم اللَّه تعالى من بني عبد المطَّلب خاصّة دون غيرهم. وقولهم هو الحقّ، أمّا أوّلاً: فلأنّه لا يلزمهم مخالفة الآية الكريمة، بسبب إسقاط سهم اللَّه من البين، وكذا إسقاط سهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد حياته. وأمّا ثانياً، فلما ورد من النقل الصحيح عن أئمّتنا عليهم السلام، وكذا نقله الخصم عن عليّ عليه السلام، وعن ابن عبّاس، كما حكيناه عن الزمخشريّ. وأمّا ثالثاً، فلأنّا إذا أعطيناه لفقراء ذوي القربى من اليتامى والمساكين وابن السبيل، جاز بالإجماع وبرئت الذمّة يقيناً، وإذا أعطيناه غيرهم، لم يجز عند الإماميّة، فكان التخصيص بذوي القربى أحوط. إن قلت: لفظ الآية عامّ. قلت: ما من عامّ إلَّا وقد خصّ، فهذا مخصوص بما رويناه عن أئمّة الهدى، كزين العابدين والباقر والصادق وأولادهم عليهم السلام، على أنّا نقول لفظ الآية عامّ مخصوص بالاتّفاق، فإنّ ذي القربى مخصوص ببني هاشم، واليتامى والمساكين وابن السبيل عامّ في المشرك والذمّيّ وغيرهم، مع أنّه مخصوص بمن ليس كذلك. قال السيّد المرتضى: كون ذي القربى مفرداً يدلّ على أنّه الإمام القائم مقام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، إذ لو أراد الجميع لقال ذوي (القربى). وفيه نظر، لجواز إرادة الجنس. قوله: إذ لو كان المراد جميع قرابات بني هاشم لزم أن يكون ما عطف عليه، أعني اليتامى والمساكين وابن السبيل من غيرهم، لا منهم، لأنّ العطف يقتضي المغايرة. وفيه نظر - أيضاً -، لجواز عطف الخاصّ على العامّ، لمزيد فائدة ووفور عناية، فالأَولى حينئذ الاعتماد في هذه المجملات على بيانه صلى الله عليه وآله وسلم وبيان الأئمّة عله بعده"(5).

المفاهيم الرئيسة

1- الاتّجاه الفقهيّ هو تأثير ذوق المفسّر وخلفيّاته الفقهيّة في عمليّة تفسيره للقرآن وفهم معانيه وبيان مقاصده.

 

2- بعد نشوء المذاهب الفقهية في القرن الثاني الهجريّ وما بعده، قام أتباع المذاهب وعلماؤها، كالشيعة، والحنفية، والمالكية، والحنابلة والشافعيّة وغيرهم بتفسير آيات الأحكام وتأليف الكتب في هذا المجال. وما زال هذا الاتّجاه فاعلاً في النتاج التفسيريّ إلى واقعنا المعاصر.

 

3- أكثر ما يهتمّ به المفسِّر في الاتّجاه الفقهيّ هو الآتي: آيات الأحكام/ استنباط الأحكام الشرعيّة الفرعية عن طريق آيات القرآن/ التركيز على خصائص آيات الأحكام/ الاستعانة بالقرائن العقليّة والنقليّة في تفسير آيات الأحكام/ ...

 

4- يختلف لون الاتّجاه الفقهيّ في التفسير، تبعاً لاختلاف المذاهب الفقهيّة، ومن أبرزها الآتي: المذهب الفقهيّ الشيعيّ، المذهب الفقهيّ الشافعيّ، المذهب الفقهيّ المالكيّ، المذهب الفقهيّ الحنفيّ، المذهب الفقهيّ الحنبليّ، ...

 

______________
1.انظر: الرضائي، مناهج التفسير واتّجاهاته، م.س، ص359-361، معرفة، التفسير والمفسّرون في ثوبه القشيب، م.س، ج2، ص805-848.

2.انظر: الرضائي، مناهج التفسير واتّجاهاته، م.س، ص361، معرفة، التفسير والمفسّرون في ثوبه القشيب، م.س، ج2، ص805-848.

3.انظر: الرضائي، مناهج التفسير واتّجاهاته، م.س، ص362-364، معرفة، التفسير والمفسّرون في ثوبه القشيب، م.س، ج2، ص805-848.

4.السيوري، كنز العرفان في فقه القرآن، م.س، ص 10-18.

5.السيوري، كنز العرفان في فقه القرآن، م.س، ج1، ص249-251.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .