المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



قواعد التفسير قواعد من علوم القرآن  
  
337   10:28 صباحاً   التاريخ: 2024-09-08
المؤلف : مركز نون للترجمة والتأليف
الكتاب أو المصدر : اساسيات علم التفسير
الجزء والصفحة : ص110-122
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / مواضيع عامة في علوم القرآن /

قواعد التفسير  قواعد من علوم القرآن(1)

ومن أبرز هذه القواعد الآتي:

قاعدة العناية بموارد اختلاف القراءات

القراءات هي علم بكيفيّة أداء كلمات القرآن واختلافها بعَزْو الناقلة(2). وقد يختلف المعنى المراد من النصّ القرآنيّ، باختلاف القراءات. لذا، كانت معرفة المفسّر للقراءات وضوابطها ومقياس قبولها أموراً ضروريّة في عمليّة التفسير، بوصفها قرائن في ترجيح بعض الوجوه المحتملة من النصّ على بعضها الآخر، في حالة اختلاف المعنى باختلاف القراءات. ومثال ذلك: اختلاف تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحجر: 15] ، فمن قرأ (سُكِّرت) مشدَّدة، فإنّما يعني "سُدّت"، ومن قرأ (سُكِرت) مخفَّفة فإنّه يعني "سُحرت".

 

قاعدة العناية بأسباب النزول وشأن النزول

سبب النزول عبارة عن واقعة أو قضية حصلت في فترة البعثة النبويّة الشريفة نزل فيها شيء من القرآن. وهذه الأسباب قد تكون مدحاً أو ذمّاً لموقف، أو حلّاً لمشكلة، أو جواباً لسؤال، أو بياناً لحكم ونحو ذلك. ومن الواضح أنّ لمعرفة أسباب النزول تأثيراً بارزاً في فهم

المراد من الآية من خلال معرفة مصداقها وخصائصه، بما يعين المفسّر على انتزاع مفهوم تفسيريّ منها، وتجرية حكمها وتطبيقه على المصاديق الأخرى التي تشترك مع مصداق النزول في خصائصه، على اختلاف الزمان والمكان(3). ومثال على أهمّية معرفة أسباب النزول: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] ، فإنّ فهم الآية المباركة ومعرفة من هم أهل البيت عليهم السلام المقصودون فيها، يتوقّف على معرفة الزمان والمكان والأشخاص والظروف الّتي نزلت فيها الآية المباركة، وبالوقوف على كلّ ذلك نفهم الآية فهماً صحيحاً ونقف على المراد الإلهيّ منها، فنعرف أنّ أهل البيت عليهم السلام في الآية المباركة، هم: محمّد، وعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام، وليس أيّ أحد سواهم، كما ادّعى الآخرون حيث وقعوا في سوء الفهم والخطأ الكبير، لأنّهم تجاهلوا أسباب نزول الآية المباركة وظروفها.

 

وأمّا المقصود بـ "شأن النزول" فهو الأمر الذي نزل القرآن - آية أو سورة - لتعالج شأنه بياناً وشرحاً أو اعتباراً بمواضع اعتباره"(4). فحينما نبحث عن شأن نزول آية أو جملة آيات ينبغي أن نتناول بالبحث كلّ ما من شأنه أن يلقي الضوء على جانب من الجوانب المتصلة بنزول الآية، كالوقائع التاريخية ذات الصلة بموضوع الآية، سواء أكانت سبباً مباشراً لنزول الآيات أم لا، وسواء أكان زمان حصول تلك الواقعة أو الوقائع مقارناً لنزول الآية أم لا. فمثلاً: واقعة "هجوم أبرهة"، تعدّ شأناً لنزول سورة الفيل، ولا تعدّ سبباً لنزولها، لأنها لم تحصل في زمان نزول الآيات وهي إخبار عن وقائع ماضية حدثت قبل النزول(5). وقد تكون واقعة تتّصف بشأن النزول وسبب النزول في آنٍ واحد، مثل واقعة "ليلة المبيت" وفداء الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في تلك الليلة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالنسبة إلى قوله - تعالى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ } [البقرة: 207] ، حيث عُدَّت شأناً وسبباً للنزول معاً. وقد تكون واقعة سبباً للنزول ولا تكون شأناً للنزول، كما هو الحال بالنسبة إلى ما ورد من حادثة إنفاق الإمام عليّ عليه السلام بخصوص قوله - تعالى -: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] إذ عدّت الحادثة سبباً للنزول، وليست شأناً للنزول، نظراً إلى أنّ سياق الآية ومضمونها يتحدّثان عن الولاية وبيان واقعها الخارجي دون بيان مزّية الإنفاق.

 

قاعدة العناية بتمييز المكّيّ عن المدنيّ

والمكّيّ من الآيات هو: كلّ ما نزل قبل الهجرة من مكّة إلى المدينة، سواء أنزل داخل مكّة أم خارجها. والمدنيّ من الآيات هو: كلّ ما نزل بعد هجرة النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنوّرة، سواء أنزل داخل المدينة أم خارجها. ووجه حاجة المفسّر إلى التمييز بين المكّيّ والمدنيّ من الآيات، فلأنّه يساعد على جلاء الحقيقة في بيان معنى بعض الآيات، ويرفع الإبهام الذي قد يقع فيه البعض، أثناء تفسيره لبعض الآيات المباركة(6)، ومثال على ذلك: تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] الوارد في سورة الشورى، وهي سورة مكّيّة، والآية المباركة - حسب المتواتر من الأخبار- نزلت في أهل البيت عليهم السلام، وهم: الإمام عليّ عليه السلام، والسيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام، والإمامان الحسن والحسين عليهما السلام. فربّما يتوهّم البعض ويستبعد نزولها في حقّ أهل البيت عليهم السلام، بحجّة أنّ السورة مكّيّة، وأنّ الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام لم يولدا في مكّة، بل في المدينة بعد هجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليها. ولكنّ هذا التوهُّم سرعان ما يرتفع إذا عرفنا أنّ الآية الثالثة والعشرين من سورة الشورى مدنيّة، وليست مكّية، وأنّ كون السورة مكّيّة لا يعني ضرورة كون جميع آياتها مكّيّاً، فكم من سورة مكّيّة ضمّت بين آياتها آيات مدنيّة، وبالعكس. وسورة الشورى، وإنْ كانت مكيّة، ولكنّ بعض آياتها مدنيّ، ومنه هذه الآية المباركة.

ومن الأمور الدخيلة في عملية التفسير وتكوين الفهم للآيات القرآنية هو معرفة زمان النزول ومكانه، ويترتّب على ذلك النتائج الآتية:

أ- بيان المقصود والمراد من الآية ومفرداتها.

ب- تحديد المصاديق الفعلية والمفترضة للآية.

ج- استبعاد المعاني الأخرى المتصوّرة للآية بمعزل عن عاملي الزمان والمكان.

 

ونماذج ذلك:

- قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].

 

فإنّ المراد من الآية ومن لفظة "الناس" لا يفهم إلا من خلال معرفة زمان النزول ومكانه، ويتّضح بعد ذلك أنّ المقصود من "الناس" أفراد معدودون وهم "نعيم بن مسعود" وجماعة من "بني عبد قيس" الذين خرجوا من مكة واتجهوا إلى المدينة بإيعاز من أبي سفيان ليمنعوا المسلمين من مقابلة عسكر أبي سفيان (7). وإنْ كان مورد النزول لا يخصّص الوارد، فيمكن انطباق الآية على مصاديق أخرى في كلّ زمان ومكان، بعد ملاحظة اشتراكها في خصوصيّاتها مع مورد النزول.

 

- قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41].

 

حيث فهم بعض المفسرين أنّ المقصود من نقصان الأرض من أطرافها هو سيطرة المسلمين عليها والغلبة على أهلها(8). ولكن، انطلاقاً من اعتبارات زمانية ومكانية، من كون السورة مكية، وعدم الاستثناء في الآية، لا يرجح أن يكون هذا المعنى مقصوداً من الآية(9).

 

- قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].

 

فإنّ فهم هذه الآية منوط بالعامل الزمانيّ والمكانيّ، حيث اختلف المفسّرون في تحديد المقصود من قوله تعالى: ﴿مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾، بين قائل إنّه عبارة عن الجهاد والقتال مع المشركين، وقائل إنّه عبارة عن سبّ الأصنام، وما إلى ذلك من آراء، ولكنّ المقصود يتّضح بعد تحديد زمان الآية ومكانها، حيث تواترت الروايات بشأن نزول هذه الآية في حجّة الوداع وفي منطقة الغدير. فلا معنى لسبّ الأصنام في السنة العاشرة وبعد فتح مكة والقضاء على المشركين، كما لا معنى لأن تكون الآية بصدد بيان القتال معهم(10).

 

قاعدة العناية بموارد النسخ

النسخ هو رفع تشريع سابق كان يقتضي الدوام بحسب ظاهره بتشريع لاحق، سواء أكان ذلك المرتفع من الأحكام التكليفية أو الوضعيّة، بحيث لا يمكن اجتماع التشريعين معاً، إمّا ذاتاً إذا كان التنافي بينهما بيّناً، وإمّا بدليل خاصّ، من إجماع أو نصّ صريح(11).

 

ولا بدّ للمفسِّر من معرفة الناسخ والمنسوخ لما لها من أثر جليّ في فهم التشريع الإسلاميّ، بحيث لا يمكن استنباط حكم شرعيّ ما، ما لم يكن المفسّر له حظّ وافر من معرفة الناسخ والمنسوخ، فقد جاء في تفسير النعمانيّ، بإسناده إلى إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول: "... اعلموا، رحمكم الله، أنّه من لم يعرف من كتاب الله عزّ وجلّ الناسخ من المنسوخ، والخاصّ من العامّ، والمحكم من المتشابه... فليس بعالم بالقرآن ولا هو من أهله"(12).

ومثال على ذلك: في بداية بعثة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أُمر المسلمون بمداراة أهل الكتاب في قوله تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109]. وبعد مدّة نُسِخَ هذا الحكم، وأُمروا بقتالهم في قوله تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [التوبة: 29].

 

قاعدة العناية بموارد المحكم والمتشابه

الآيات المحكمات هي آيات واضحة المراد، ولا تشتبه بالمعنى غير المراد، ويجب الإيمان بهذا النوع من الآيات والعمل بها، وهي أمّهات الآيات وبقيّة الآيات متفرّعة ومترتّبة عليها. والآيات المتشابهات هي آيات ظاهرها ليس مراداً، ويجب الإيمان بها والتوقّف عن اتّباعها، فلا استقلال لها في إفادة مدلولها، ويظهر المراد منها من خلال ردّها إلى الآيات المحكمات(13). قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7].

 

إنّ لمعرفة المحكم والمتشابه بالغ الأثر في فهم القرآن الكريم، من خلال إرجاع المفسّر الآيات المتشابهة إلى الآيات المحكمة في عمليّة التفسير، كما أشارت إلى ذلك الرواية المتقدّمة عن الإمام الصادق عليه السلام.

ومثال على ذلك: قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] ، فهي بظهورها الأوّلي فيها شبهة التجسيم. ولكن لو أرجعناها إلى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] يرتفع هذا الظهور، ويتبيّن مقصودها الحقيقيّ، وتزال عن الذهن شبهة التجسيم، ويفهم منها معناها المجازيّ بقرينة الآية المحكمة، وهو التدبير والحاكميّة والقدرة وانتظار الرحمة والثواب الإلهيّ...

قاعدة العناية بالتناسب

ويُراد بها العناية بترابط أجزاء القرآن على المستوى اللفظيّ والمعنويّ، بلحاظ حروفه وكلماته وآياته ومقاطعه وسوره وموضوعاته ومفتتحات السور وخواتيمها ووحدته الموضوعيّة وغيرها من أنواع المناسبات في القرآن الكريم. وسوف نستعرض بعض هذه المناسبات بإيجاز(14)، وهي:

أ- تناسب الحروف:

ويُراد به تنظيم الكلمات وتركيبها من الحروف التي تكون بمنزلة الموادّ لبنائها. وهذه المناسبة مسندة إلى المتكلّم، لأنّه لفظ اختاره المتكلّم لإبراز مراده، إذ هو قالب للمعنى لا غير، فهي حجّة بلا شكّ.

 

ب- تناسب الكلمات:

والمراد به نظم الكلمات والأسلوب القائم في تراكيبها، ومن ثَمَّ تأليف الجملة منها، بل هي الخصائص المودعة في الجمل: من المبتدأ والخبر، أو الفعل والفاعل، أو نائبه، أو الحال والتمييز، وغيرها من العناوين.

 

وهذا النوع من النظم في القرآن هو من صنع الوحي السماويّ لا غير.

 

ج- تناسب الجمل:

والمراد به النظم الكامن في تركيب الجمل، ومن ثَمَّ تأليف الآية من تلك الجمل. وهذه المناسبة مقبولة ما لم يقم دليل قطعيّ على انفصال الجملة من سابقتها ولاحقتها.

 

د- تناسب الآيات:

ويراد به ربط الآيات بعضها ببعضها الآخر. وهو مقبول بشرطين: الأوّل: وجود الصلة والربط الصدوريّ بينهما، أي: نزولهما دفعة. الثاني: وحدة موضوعهما كلّياً أو جزئيّاً.

هـ- تناسب السور:

إنّ المقصود منه ترابط السور القرآنيّة وتناسب بعضها مع بعض. وذهب إليه بعض المفسّرين، ولكن المشهور عند الإماميّة على عدم التناسب، لعدم كون السور في المصحف وفق ترتيب النزول.

 

ز- تناسب مجموعة من السور فيما بينها:

كتناسب سور الحواميم، وسور الطواسين وغيرهما. وإذا تدبّرنا في السور التي تشترك في الحروف المفتتح بها، مثل الميمات والراءات والطواسين والحواميم، وجدنا في السور المشتركة في الحروف من تشابه المضامين وتناسب السياقات ما ليس بينها وبين غيرها من السور(15).

 

ح- تناسب الأقسام المتوالية وتناسب الأقسام وجوابها:

ففي قوله تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3] لزوم نوع من التناسب والارتباط بين القسم والمقسم عليه يستدعي أن يكون المراد بوالد وما ولد مَنْ بينه وبين البلد المقسم به نسبة ظاهرة، وينطبق على إبراهيم وولده إسماعيل(16)، وفي قوله تعالى: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] ، مناسبةُ نور النهار وظلمة الليل لنزول الوحي وانقطاعه ظاهرةٌ(17).

 

وهناك مناسبات أُخر، ومن تلك المناسبات: مناسبة مفتتح القرآن لختامه، ومناسبة أسماء السور لمضامينها، ومناسبة مفتتح السورة لمضامينها، ومناسبة مفتتح السورة لختامها، ومناسبة مفتتح السور لختام ما قبلها، ومناسبة مضمون السورة لما قبلها، ومناسبة الآيات المشتبهات، ومناسبة قصص القرآن لمضامينها العقديّة والفقهيّة والأخلاقيّة، ومناسبة بعض ألفاظ القرآن لبعضها الآخر(18).

قاعدة العناية بالجري والتطبيق

ويُراد بها العناية بالتفريق في الروايات التفسيريّة المأثورة عن المعصوم عليه السلام بين موارد التفسير بالمصداق، وهو تفسير الآية، وفق مورد نزولها، في سبب أو حادثة خاصّة، بحقّ فرد أو أفراد معيّنين، وبين موارد التفسير بالجري وبالانطباق، وهو انتزاع مفهوم عامّ من مصداق نزول الآية، وتطبيق الحكم الوارد فيه على جميع الموارد التي تشترك في خصوصيّاتها مع مورد نزول الآية(19).

 

سأل الفُضَيل بن يسار الإمام أبا جعفر الباقر عليه السلام عن الحديث المعروف: ما من آية إلاّ ولها ظهر وبطن، وما فيه حرف إلاّ وله حدّ يطلع (ومطلع)، ما يعني بقوله: لها ظهر وبطن؟ قال عليه السلام: "ظهر وبطن هو تأويلها، منه ما قد مضى، ومنه ما لم يجئ، يجري كما تجري الشمس والقمر، كلّما جاء فيه تأويل شيء منه، يكون على الأموات، كما يكون على الأحياء، كما قال الله تعالى: {...يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ...} [آل عمران: 7] ، ونحن نعلمه"(20).

 

وعنه عليه السلام – أيضاً -: "ولو أنّ الآية نزلت في قوم، ثمّ مات أولئك القوم ماتت الآية لَمَا بقي من القرآن شيء، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخِره ما دامت السماوات والأرض، ولكلّ قومٍ آية يتلونها، هُم منها من خير أو شرّ"(21).

 

ومن موارد الجري والتطبيق في الروايات التفسيريّة:

- ورد عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } [الواقعة: 10] ، أنّه قال: "السابقون أربعة: ابن آدم المقتول، وسابق في أمّة موسى عليه السلام وهو مؤمن آل فرعون، وسابق في أمة عيسى عليه السلام وهو حبيب النجّار، والسابق في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام"(22)، حيث بيّنت الرواية نماذج من مصاديق مفهوم كلّيّ، وهو مزية السبق في الخيرات من الأعمال ونيل الرحمة والرضوان، وهي بذلك في مقام التطبيق(23).

 

- ما ورد عن الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 161] ، أنّه قال: "نحن باب حطتكم"(24). وهو من قبيل الجري، لأنّ باب الولاية في الإسلام يكون كباب حِطّة في بني إسرائيل، الذي هو باب طلب الحطّ عن الذنوب والاستغفار(25).

 

- ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 265] أنّه قال: "عليّ أفضلهم، وهو ممّن ينفق ماله ابتغاء مرضاة الله"(26). وهو من باب بيان المصداق الأتمّ والأبرز.

 

_____________________
1. لمزيد من التفصيل في هذه القواعد، انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، النوع 1-14، 23-25، ج2، النوع 34، 36-39، السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، النوع 1-35، ج2، النوع 43، 47، 59-64، 71، معرفة، محمد هادي: التمهيد في علوم القرآن، ط3، قم المقدّسة، مؤسّسة التمهيد، مطبعة ستاره، 1432هـ.ق/ 2011م، ج1، ص162-276، ج2، ص263-391، ج3، ص11-472، الميبدي، قواعد التفسير لدى الشيعة والسنّة، م.س، ص273-395.

2.انظر: ابن الجزري، محمد: منجد المقرئين ومرشد الطالبين، مراجعة: محمد حبيب الشنقيطي، أحمد محمد شاكر، لا.ط، مصر، مكتبة القدسي، المطبعة الوطنية الإسلاميّة بالأزهر الشريف، 1350هـ.ق، ص30.
3. انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص87، الطباطبائي، القرآن في الإسلام، م.س، ص123.

4. انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص267-268.

5. السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص94.

 

6. انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص187، الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص159-161، معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص162-163.

 

7.انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص446-449.

8.انظر: الطبري، محمد (ابن جرير): جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تقديم: خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، لا.ط، بيروت، دار الفكر، 1415هـ.ق/ 1995م، ج17، ص42، الأندلسي، أبو حيان: البحر المحيط، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وآخرون، ط1، بيروت، دار الكتب العلميّة، 1422هـ.ق/ 2001م، ج6، ص293.

9.انظر: معرفة: التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص221.

 

10.انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص382-383، الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص42-53.

11.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص249-253، الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص277-278.

12.المجلسي، بحار الأنوار، م.س، ج90، باب128، خطبة رسالة النعماني، ص3-4.

13. انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص21-23، 29، القرآن في الإسلام، م.س، ص43، 46، 48.

14. انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص277-287.

15.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج18، ص5-9.

16.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص290.

17.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص310.

18انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص35-53، السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص 288-303.

19. انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص41-42.

20.الصفّار، بصائر الدرجات، م.س، ج4 (القسم الرابع)، باب10، ح2، ص223.

21.العياشي، محمد بن مسعود: تفسير العياشي، تحقيق: هاشم الرسولي المحلاتي، لا.ط، طهران، المكتبة العلمية الإسلامية، لا.ت، ج1، باب في ما أنزل من القرآن، ح7، ص10.

22.الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج9، ص358-359.

23.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج19، ص117-118.

24.العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج1، تفسير سورة البقرة، ح47، ص45.

25.انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص229.

26.العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج1، تفسير سورة البقرة، ح486، ص148.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .