أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2014
3569
التاريخ: 10-12-2014
3643
التاريخ: 10-12-2014
3606
التاريخ: 13-12-2014
4184
|
1 . عوالم وجودنا قبل هذا العالم
إن وجودنا الفعلي ليس أول وجودنا ولا آخره ، فقد تظافرت الأدلة من القرآن والسنة وكشوف العلم ، على أنا كنا موجودين في عوالم قبل عالمنا هذا ، واشتهر منها عالم الذر الذي قال الله تعالى عنه : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا . .
وقد نصت الآيات والأحاديث على أن الله امتحن الناس في عالم الذر امتحاناً كاملاً شاملاً ، وأن عملنا في هذا العالم تطبيقٌ لما اخترناه بإرادتنا الكاملة هناك .
وورد أن الناس تعارفت أرواحهم في عالم الذر ، فائتلفوا أو اختلفوا .
ويسمى عالم الأظلة أيضاً ، وفي بعض الروايات عالم الأشباح النورانية ، وعالم الأنوار الأولى ، وأنه أول ظلال أو فَئْ خلقه الله تعالى من نور عظمته .
كما ورد اسم عالم الطينة ، بمعنى الأصل الذي خلق منه الناس .
كما أن قوله تعالى : هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ، يشير إلى عالمٍ للإنسان حين كان شيئاً ولكن غير مذكور . راجع العقائد الإسلامية : 1 / 60 .
2 . خلق الله نور نبينا وآله ( ( صلى الله عليه وآله ) ) قبل هذا العالم
وأحاديثه في مصادرنا ومصادر غيرنا كثيرة ، وقد بحثها السيد الميلاني في المجلد الخامس من « نفحات الأزهار » ، ونورد منها :
أ . ما نص على أن الله تعالى خلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل خلق الخلق ، كما في الخصال / 481 عن علي ( عليه السلام ) : « إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد ( صلى الله عليه وآله ) قبل أن خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار ، وقبل أن خَلَقَ آدم ونوحاً وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى « عليهم السلام » . . .
وخلق الله عز وجل معه اثني عشر حجاباً : حجاب القدرة ، وحجاب العظمة ، وحجاب المنة ، وحجاب الرحمة ، وحجاب السعادة وحجاب الكرامة ، وحجاب المنزلة ، وحجاب الهداية ، وحجاب النبوة ، وحجاب الرفعة ، وحجاب الهيبة ، وحجاب الشفاعة . ثم حبس نور محمد ( صلى الله عليه وآله ) في حجاب القدرة اثني عشر ألف سنة وهو يقول : سبحان ربي الأعلى ، وفي حجاب العظمة أحد عشر ألف سنة وهو يقول : سبحان عالم السر ، وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة وهو يقول : سبحان من هو قائم لا يلهو . . الخ . » .
فهو صريح بأنه ( صلى الله عليه وآله ) خلقه الله تعالى قبل كل شئ .
ب . ومنها أن عترة النبي ( صلى الله عليه وآله ) خلقوا مع نوره ( صلى الله عليه وآله ) ففي الكافي : 1 / 442 : « قال لي أبو جعفر ( عليه السلام ) : يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمداً وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدي الله . قلت : وما الأشباح ؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيداً بروح واحدة وهي روح القدس فبه كان يعبد الله وعترته ، ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء ، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلون الصلوات ، ويحجون ويصومون » .
ج . ومنها أن نبينا ( صلى الله عليه وآله ) أول من أجاب في عالم الذر عندما خلق الله البشر ، وامتحنهم ، ففي بصائر الدرجات / 83 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن بعض قريش قال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بأي شئ سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال : إني كنت أول من أقرَّ بربي ، وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين و : أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ، وكنت أنا أول نبي قال بلى ، فسبقتهم بالإقرار بالله » .
د . ومنها : أن الله تعالى بعث نبينا ( صلى الله عليه وآله ) نبياً للناس في عالم الأظلة ، ففي تفسير العياشي : 2 / 126 ، عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( صلى الله عليه وآله ) قالا : « إن الله خلق الخلق وهي أظلة فأرسل رسوله محمداً ( صلى الله عليه وآله ) فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن في الأظلة ، وجحده من جحد به يومئذ ، فقال : فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ » .
وفي بصائر الدرجات / 104 : « سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله تبارك وتعالى : هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى . قال : يعني به محمداً ( صلى الله عليه وآله ) ، حيث دعاهم إلى الإقرار بالله في الذر الأول » .
ه - . ومنها : أن النبي وآله ( صلى الله عليه وآله ) كانوا حول العرش ، وأنهم الكلمات التي تلقاها آدم ( عليه السلام ) ففي شرح الأخبار : 3 / 6 ، عن صفوان الجمال قال : « دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليه السلام ) وهو يقرأ هذه الآية : فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، ثم التفت إليَّ فقال : يا صفوان إن الله تعالى ألهم آدم ( عليه السلام ) أن يرمي بطرفه نحو العرش فإذا هو بخمسة أشباح من نور يسبحون الله ويقدسونه ، فقال آدم : يا رب من هؤلاء ؟ قال : يا آدم صفوتي من خلقي ، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم ، والنار لمن عاداهم . لو أن عبداً من عبادي أتى بذنوب كالجبال الرواسي ، ثم توسل إليَّ بحق هؤلاء لعفوت له . فلما أن وقع آدم في الخطيئة قال : يا رب بحق هؤلاء الأشباح اغفر لي ، فأوحى الله عز وجل إليه : إنك توسلت إلي بصفوتي وقد عفوت لك . قال آدم : يا رب بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم ؟ فأوحى الله إليه : يا آدم هؤلاء خمسة من ولدك ، لعظيم حقهم عندي اشتققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا الحسن ، وأنا الإحسان وهذا الحسين » .
و . ومنها : أن الله تعالى خلق أربعة عشر معصوماً ( عليهم السلام ) من نور عظمته ، ففي المحتضر / 228 ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن الله عز وجل خلق أربعة عشر نوراً من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا . فقيل له : يا ابن رسول الله عُدَّهم بأسمائهم فمن هؤلاء الأربعة عشر نوراً ؟ فقال : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين ، تاسعهم قائمهم . ثم عدهم بأسمائهم وقال : نحن والله الأوصياء الخلفاء من بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ونحن المثاني التي أعطاها الله تعالى نبينا محمداً ( صلى الله عليه وآله ) ، ونحن شجرة النبوة ، ومنبت الرحمة ، ومعدن الحكمة ، ومصباح العلم ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وموضع سر الله ، ووديعة الله جل اسمه في عباده ، وحرم الله الأكبر ، وعهده المسؤول عنه ، فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد الله ، ومن خفره فقد خفر ذمة الله وعهده ، عرفنا من عرفنا ، وجهلنا من جهلنا . نحن الأسماء الحسنى الذين لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا ، ونحن والله الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه .
إن الله تعالى خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه على عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة عليهم بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدل عليه ، وخزان علمه ، وتراجمة وحيه ، وأعلام دينه ، والعروة الوثقى ، والدليل الواضح لمن اهتدى ، وبنا أثمرت الأشجار ، وأينعت الثمار ، وجرت الأنهار ، ونزل الغيث من السماء ، ونبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله تعالى ولولانا لما عرف الله تعالى ، وأيم الله لولا كلمة سبقت وعهد أخذ علينا لقلت قولاً يعجب منه أو يذهل منه الأولون والآخرون » .
ز . ومنها : أحاديث خلق نور علي ( عليه السلام ) مع نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد رواها الجميع ، ففي مناقب علي لأبي بكر بن مردويه / 285 ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزئين ، فجزءٌ أنا وجزء علي » .
كما روى ابن مردويه بسنده عن الباقر ( عليه السلام ) عن آبائه عن جده ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه ، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب ، حتى أقره في صلب عبد المطلب ، فقسمه قسمين : قسماً في صلب عبد الله ، وقسماً في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا منه ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، فمن أحبه فبحبي أحبه ، ومن أبغضه فببغضي أبغضه » .
ومثله الخصال للصدوق / 640 ، وأمالي الطوسي / 183 ، وفيه : « فجعل في عبد الله نصفاً ، وفي أبي طالب نصفاً ، وجعل النبوة والرسالة فيَّ ، وجعل الوصية والقضية في علي ، ثم اختار لنا اسمين اشتقهما من أسمائه ، فالله المحمود وأنا محمد ، والله العلي وهذا علي ، فأنا للنبوة والرسالة وعلي للوصية والقضية » .
ورواه العلامة في كشف اليقين / 11 ونهج الحق / 212 ، عن ابن مردويه وابن حنبل ، وابن المغازلي وفيه : « حتى قسمه جزءين ، فجعل جزءً في صلب عبد الله ، وجزءً في صلب أبي طالب فأخرجني نبياً ، وأخرج علياً ولياً » .
ح . ومنها أن الله تعالى خلق نور نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وخلق معه نور علي وفاطمة ( ( صلى الله عليه وآله ) ) .
« ففي الكافي : 1 / 441 » : « عن محمد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) فأجريت اختلاف الشيعة فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفرداً بوحدانيته ، ثم خلق محمداً وعلياً وفاطمة « عليهم السلام » فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها ، وفوض أمورها إليهم ، فهم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله
تبارك وتعالى .
ثم قال : يا محمد ، هذه الديانة التي من تقدمها مرق ، ومن تخلف عنها محق ، ومن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمد » .
3 . أحاديث خلق نور النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) في مصادر السنيين
أ . روت عدداً منها مصادرهم وصححوا بعضها وضعفوا أكثرها ، وجردوه من ذكر العترة ! ففي مجمع الزوائد : 8 / 223 : « عن ميسرة العجر ، قال : قلت يا رسول الله متى كتبت نبياً ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد . رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح » .
ب . وأشهرها حديث : كنت أنا وعليٌّ نوراً بين يدي الرحمان ، رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة : 2 / 262 ، عن سلمان قال : « سمعت حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلقالله آدم قسم ذلك النور جزءين ، فجزء أنا وجزء علي » .
وقد اجتزأه ابن حنبل ، لأن نصه كما في تاريخ دمشق : 42 / 67 : « كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله ، مطيعاً ، يسبح الله ذلك النور ويقدسه ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام . فلما خلق الله آدم رَكَزَ ذلك النور في صلبه ، فلم نَزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، فجزءٌ أنا وجزءٌ علي » .
وهذا النص مجتزأ أيضاً ، فقد نقله في شرح النهج : 9 / 171 عن الفردوس وقال : « رواه أحمد في المسند ، وفي كتاب فضائل علي ، وذكره صاحب كتاب الفردوس ، وزاد فيه : ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب ، فكان لي النبوة ولعلي الوصية » .
ولا تجده في مسند أحمد فلا بد أنه حذف ، وبقي في مناقب الصحابة ، أما في الفردوس فنصه الموجود : 3 / 283 كرواية أحمد ، وكذا في الرياض النضرة للطبري / 392 !
ج - . ومنها حديث العرباض رواه أحمد : 4 / 127 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إني لعبد الله وخاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول ذلك : دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت . وكذلك أمهات النبيين يَرَيْن » . ورواه الحاكم : 2 / 418 و 600 و 608 ، صححه ، وكنز العمال : 11 / 409 ، 11 / 418 و 449 و 450 والدر المنثور : 1 / 139 و 5 / 184 و 207 و 6 / 213 .
وفي مجمع الزوائد : 8 / 223 : رواه أحمد بأسانيد ، والبزار والطبراني . . رجاله رجال الصحيح » .
د . ومنها : حديث : أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ، قال في كشف الخفاء : 1 / 265
« رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء ؟ قال : يا جابر ، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره ، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ، ولا جنة ولا نار ، ولا ملك ولا سماء ولا أرض ، ولا شمس ولا قمر ، ولا جني ولا إنسي ! فلما أراد الله أن يخلق الخلق قَسَم ذلك النور أربعة أجزاء ، فخلق من الجزء الأول القلم ، ومن الثاني اللوح ، ومن الثالث العرش ، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء ، فخلق من الجزء الأول حملة العرش ، ومن الثاني الكرسي ، ومن الثالث باقي الملائكة ، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء : فخلق من الأول السماوات ، ومن الثاني الأرضين ، ومن الثالث الجنة والنار . ثم قسم الرابع أربعة أجزاء : فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ، ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله ، ومن الثالث نور إنسهم وهو التوحيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله . . الحديث . .
كذا في المواهب ، وقال فيها أيضاً : واختُلف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي أم لا ؟ فقال الحافظ أبو يعلى الهمداني : الأصح أن العرش قبل القلم ، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قدر الله مقاديرالخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء . فهذا صريح في أن التقدير وقع بعد خلق العرش . . .
وقيل : الأولية في كل شئ بالإضافة إلى جنسه ، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري ، وكذا باقيها . وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : كنت نوراً بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام . . . قال الشبراملسي : ليس المراد بقوله من نوره ظاهره من أن الله تعالى له نور قائم بذاته لاستحالته عليه لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام ، بل المراد خلق من نور مخلوقٍ له قبل نور محمد ، وأضافه إليه تعالى ، لكونه تولى خلقه . ثم قال : ويحتمل أن الإضافة بيانية ، أي خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالى ، لكن لا بمعنى أنها مادة خلق نور نبيه منها ، بل بمعنى أنه تعالى تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شئ في وجوده ، قال : وهذا أولى الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالى : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، حيث قال : أضافه إلى نفسه تشريفاً وإشعاراً بأنه خلق عجيب ، وأن له مناسبة إلى حضرة الربوبية » .
ه - . وروى في كنز العمال 12 / 427 ، حديث ابن عباس وشعر حسان قال : سئل النبي : « فداك أبي وأمي أين كنت وآدم في الجنة ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : كنت في صلبه وركب بي السفينة في صلب أبي نوح وقذف بي في صلب أبي إبراهيم ، لم يلتق أبواي قط على سفاح ، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام الطاهرة ، مصفى مهذباً ، ولا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما ، قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالإسلام عهدي ، ونشر في التوراة والإنجيل ذكري ، وبين كل نبي صفتي ، تشرق الأرض بنوري ، والغمام لوجهي ، وعلمني كتابه ، ورقى بي في سمائه ، وشق لي إسماً من أسمائه ، فذو العرش محمود وأنا محمد . ووعدني أن يحبوني بالحوض والكوثر ، وأن يجعلني أول مشفع ، ثم أخرجني من خير قرن لأمتي ، وهم الحمادون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . قال ابن عباس : فقال حسان :
من قبلها طبت في الظلال * وفي مستودع حيث يُخصف الورق
ثم سكنت البلاد لا بشرٌ * أنت ولا نطفة ولا علق
مطهر تركب السفين وقد * ألجم أهل الضلالة الغرقُ
تنقل من صلب إلى رحم * إذا مضى عالم بدا طبق »
ومجمع الزوائد : 8 / 217 ، نحوه المناقب : 1 / 27 ، نسبو ه إلى العباس والصحيح أنه لحسان .
4 . ملاحظات على أحاديث نور النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
1 . إن ابتداء خلق الكون بخلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) حقيقةٌ كبيرة في تكوين الكون وإدارته ، وتسمى الحقيقة المحمدية . وهي تدل على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مشروع خاص لا يقاس به أحد حتى الأنبياء « عليهم السلام » . ومعه عترته المعصومون علي وفاطمة والحسنان والتسعة من ذرية الحسين « عليهم السلام » ، الذين خلق نورهم مع نوره أو اشتقه منه ، فهم جزءٌ لا يتجزأ من الحقيقة المحمدية . وهذا يفتح باباً لتفسير مقاماتهم « عليهم السلام » .
2 . لا يمكن لأحد أن ينفي أن الله تعالى بَدَأَ خلق الكون بنور محمد ( صلى الله عليه وآله ) لأن قدرتنا المعرفية لا تسمح لنا بالنفي أو الإثبات ! فلم نكن حاضرين عندما بدأ الله تعالى خلقه ، ولا وسائل عندنا لمعرفة ذلك ، إلا بما أخبرنا به الوحي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
فيجب أن نعترف بأن معلوماتنا محدودة رغم تطور العلم وكشفه الكثير عن النور والأشعة ، واستفادة العلماء منها في الطب والحرب . ورغم اكتشاف آينشتاين نظرية النسبية الخاصة والعامة ، اللتين تجعلان الزمن ركناً في وجود المادة ، وتقدمان حقائق جديدة عن النور والحركة ، وعن تحولها إلى طاقة وبالعكس ، وإمكانية سفر الإنسان في المستقبل وفي الماضي !
إلا أنا مع كل ذلك ، لا نعرف كيف بدأ الله تعالى خلق الكون ، وغاية ما توصل اليه العلماء مرحلة الغيوم السديمية ، ثم وصلوا إلى أنه كان قبلها بحرغاز سائل .
فمسائل بدء الخلق ثم تنويعه وتطويره ، من الأسرار التي هي فوق قدرتنا !
3 . حاول أتباع الخلافة تحريف أحاديث خلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) وآله « عليهم السلام » ، فجعلوها في أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة ومعاوية ، أو في قريش كلها ، لتشمل الذين اتخذوهم أئمة مقابل أهل البيت « عليهم السلام » . ثم حذفوا منها ما يشهد بإيمان آباء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمهاته إلى إبراهيم ثم إلى آدم « عليهم السلام » ، كالذي رواه السيوطي في الدر المنثور : 3 / 295 : « ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ، حتى أخرجني من بين أبويَّ ، لم يلتقيا على سفاح قط » .
وسبب حذفهم لها أنها تثبت وراثة النبي لآبائه المؤمنين « عليهم السلام » ووراثة عترته له ، فلا يبقى محل لزيد وعمرو ! وأشد نص عليهم حديث نور محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلي ( عليه السلام ) وإن رووه هم ، لأن فيه : « ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب فكان لي النبوة ولعلي الوصية » . فهو يعني أن علياً وصي النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأمر الله تعالى ، فتكون بيعة السقيفة مخالفة لوصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
رواياتهم التي تحاول تحريف أحاديث النور
قال السيوطي في الدر المنثور : 3 / 295 : « عن ابن عباس أن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ، يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه ، فلما خلق الله آدم ألقى ذلك النور في صلبه . قال رسول الله : فأهبطني الله إلى الأرض في صلب آدم ، وجعلني في صلب نوح ، وقذف بي في صلب إبراهيم ، ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ، حتى أخرجني من بين أبويَّ لم يلتقيا على سفاح قط » .
ورواه في ذيل تاريخ بغداد : 2 / 94 والخصائص : 1 / 66 ، وقال : « ويشهد لهذا ما أخرج الحاكم والطبراني عن خريم بن أوس قال : هاجرت إلى رسول الله منصرفه من تبوك فسمعت العباس يقول : يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك . . . » . وذكر شعر حسان . .
وقال القاضي عياض : 1 / 82 : « ويشهد بصحة هذا الخبر شعر العباس المشهور » .
ويلاحظ أن القسم الأول من الحديث كلام ابن عباس وقد جعلوه للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فصارت قريش كلها بمن فيها أئمة الكفر كأبي جهل وأبي لهب ، نوراً قبل خلق آدم ( عليه السلام ) !
ولذا قال الحلبي في سيرته : 1 / 48 : « قوله : فأهبطني ، ينبغي أن لا يكون معطوفاً على ما قبله من قوله : إن قريشاً كانت نوراً بين يدي الله تعالى . . الخ . فيكون نوره من جملة نور قريش ، وإنه انفرد عن نور قريش ، وأودع في صلب نوح . . » !
ولهم تحريف آخر لمصلحة خلفاء قريش !
ففي تفسير الثعلبي : 7 / 111 والقرطبي : 12 / 286 : « قال رسول الله : إن الله تعالى خلقني من نوره ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر وعائشة من نور أبي بكر ، وخلق المؤمنين من أمتي من الرجال من نور عمر ، وخلق المؤمنات من أمتي من النساء من نور عائشة ، فمن لم يحبني ويحب أبا بكر وعمر وعائشة فما له من نور ، فنزلت عليه : وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ » .
وقال في السيرة الحلبية : 1 / 241 : « وفي رواية : لما انتقل النور إلى سبابته قال يا رب هل بقي في ظهري من هذا النور شئ ؟ قال : نعم نور أخصاء أصحابه . فقال : يا رب اجعله في بقية أصابعي ، فكان نور أبي بكر في الوسطى ، ونور عمر في البنصر ، ونور عثمان في الخنصر ، ونور علي في الإبهام . فلما أكل من الشجرة ، عاد ذلك النور إلى ظهره » !
وقال السيد الميلاني في نفحات الأزهار : 5 / 190 :
« حديث موضوع آخر في فضل الشيخين : قال السيوطي : أبو نعيم في أماليه . . عن أبي هريرة مرفوعاً : خلقني الله من نوره ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر من نور أبي بكر ، فخلق أمتي من نور عمر ، وعمر سراج أهل الجنة . قال أبو نعيم : هذا باطل . . وقال في الميزان : هذا خبر كذب ، ما حدث به واحد من الثلاثة ، وإنما الآفة عندي فيه المنبجي لا يعرف . . . فإذا كان هذا الحديث موضوعاً باعتراف أبي نعيم والذهبي والسيوطي وابن عراق ، فإن خبر خلق الثلاثة قبل آدم ( عليه السلام ) وكونهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) على يمين العرش ، كذب بالأولوية » .
أقول : ومثله في تاريخ دمشق : 30 / 164 : « قال : حدثني جبريل أن الله لما خلق الأرواح اختار روح أبي بكر الصديق من بين الأرواح ، وجعل ترابها من الجنة وماءها من الحيوان ، وجعل له قصراً في الجنة من درة بيضاء ، مقاصيرها فيها من الذهب والفضة البيضاء ، وإن الله تعالى آلى على نفسه ألا يسأله عن حَسَنة ولايسأله عن سيئة » !
هذا ، وقد كثرت مكذوباتهم في فضائل أبي بكر وعمر حتى زكمت أنوفهم ! قال في كشف الخفاء : 2 / 419 : « وباب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه أشهر المشهورات من الموضوعات ، كحديث : إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة ! وحديث : ما صب الله في صدري شيئاً إلا وصببته في صدر أبي بكر ! وحديث : كان إذا اشتاق إلى الجنة قبَّل شيبة أبي بكر ! وحديث : أنا وأبو بكر كفرسي رهان ! وحديث : إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر » !
راجع : نفحات الأزهار : 5 / 13 و 11 / 208 والوضاعون للأميني / 387 .
4 . نلاحظ أن أخبار خلق نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) مغيبةٌ عند أتباع الخلافة ، فلا تسمعها في مساجدهم وخطبهم ، ولاتراها في مناهجهم التربوية . اللهم إلا ما أخذه منها بعض الصوفية ، وبنوا عليه بناءاتهم . وهذا السلوك المتعمد في الإعراض عن ذكر مقامات النبي ( صلى الله عليه وآله ) موروث من طلقاء قريش الذين كانوا في زمنه ( صلى الله عليه وآله ) يسمون خيار الصحابة « عُبَّاد محمد » ! ويتهمونهم بالغلو فيه لأنهم يؤمنون بمقاماته ( صلى الله عليه وآله ) ويتعبدون بأوامره ونصوصه !
وقد ورثهم في عصرنا بدوٌ أجلاف متعصبون لقريش وبني أمية ، فقالوا « محمد طارش ومات » أي مبعوث أوصل رسالة وانتهى ، وهو الآن لا ينفع !
بل قال شيخهم « عصاي هذه أنفع من محمد » ! وقد ناقشني أحد مشايخهم في نسبة هذا الكلام لابن عبد الوهاب ، فقلت له لا بأس : أنت هل ترى أن عصاك أفضل أم النبي ( صلى الله عليه وآله ) الآن ؟ فبَكِمَ ولم يجب !
وقد حرم هؤلاء القساة الجفاة زيارة قبره ( صلى الله عليه وآله ) ! وحكموا على المسلمين بالغلو والشرك لمجرد قولهم : « يا رسول الله إشفع لنا عند الله » !
وقد بحثنا ذلك في المجلد الخامس من العقائد الإسلامية ، والمجلد الثاني من ألف سؤال وإشكال ، وذكرنا أن طعن « القرشيات » في شخصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) أسوأ من طعن الإسرائيليات في أنبياء الله الماضين « عليهم السلام » .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|