أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-17
![]()
التاريخ: 2024-09-01
![]()
التاريخ: 10-10-2014
![]()
التاريخ: 2024-09-02
![]() |
من نعم الله التي أنعم بها على بني إسرائيل هي نعمة البعث بعد الهلاك الذي حلّ بهم نتيجة مطالبتهم - النابعة عن جهل برؤية الله وفي إثر الصاعقة التي أصابتهم. ويُستظهر من بعض الآيات أن هذه الواقعة حدثت قبل الارتداد وعبادة العجل أو بالتزامن معهما.
والذين طالبوا برؤية الله كانوا قلة (لم يتجاوزوا السبعين) بيد أن التشابه القلبي" لأجيال بني إسرائيل المختلفة واتحادهم الفكري، وما يربطهم من علاقات قومية وعرقية، وتراضي أمة اليهود بالنسبة لطلب هذه المجموعة المختارة قد وضع جميع اليهود، لاسيما المعاصرين منهم لنزول القرآن، موضع المخاطبين بهذه الآية.
فالجماعة المطالبة بالرؤية الذين كانوا يشكلون النخبة من بني إسرائيل والمؤمنين منهم - قد جعلت إيمانها بالتوراة وإقرارها بها مشروطين بالمشاهدة الحسّية لله عز وجل معتبرةً أن ادعاء موسى بنزول التوراة من الله تعالى غير كاف للاعتراف والإقرار بها.
كان إصرار المقترحين للرؤية - من ذوي النزعة الحسية، واللدودين، والكنودين، واللجوجين، والمتذرعين - هو أن يشاهدوا الله بأعينهم الظاهرية وبصورة الرؤية الجهرية وأن يسمعوا كلامه بأذنهم الظاهرية ومن خلال السماع الجهري كي يصدقوا جهاراً بدعوى موسى وإلا اعتبروا ادعاءه مرفوضاً وغير قابل للقبول.
ورداً على طلب المشاهدة الحسية أرسل الله عليهم صاعقة ليفهمهم بأت الذي لا يطيق تحمّل موجود محدود ومخلوق فهو لن يطيق إطلاقاً رؤية النور المجرد المحض وغير المتناهي لخالق جميع الأشياء؛ فالموجود المجرد المحض لن يكون أبداً قابلاً للرؤية المادية من قبل الموجود المادي.
فهؤلاء الذين طالبوا بالرؤية الجهرية جراء جهلهم العلمي وجهالتهم العملية قد ابتلوا بالصاعقة الجهرية، كما أن عبدة العجل قد حكم عليهم بالموت. أما كليم الله فلم يشمل بهذه الصاعقة المهلكة والمعذبة، وإن كانت له صعقته ودهشته الخاصتان.
الصاعقة المذكورة، والتي عبر عنها أيضاً ب "الرجفة" و"تجلي الرب"، كانت ناراً سماوية استوعبت جميع السبعين شخصاً الذين كانوا بصحبة وأحرقتهم وقد عاين هؤلاء الصاعقة بأنفسهم ورأوا هبوطها وطلائع الموت رأي العين.
لقد اغتم نبي الله موسى (عليه السلام) لما شاهده من هلاك النخبة من بني إسرائيل، الأمر الذي قد يتسبب في بروز مشاكل جديدة فيما بينهم، لذا فقد استغفر لهم الله سبحانه وتعالى فأحياهم الله استجابة لدعائه. وبهذا الموت والبعث تمّت الحجة الإلهية على بني إسرائيل.
إن المراد من الموت هنا هو عين مفارقة الروح للجسد، والمنية وليس الغشية والإغماء، ولا السقوط أو الجهل، أو ما شابه ذلك. والمراد من البعث أيضاً هو الإحياء، وليس الإخراج من ضيق يشبه الموت، وليس رجوعاً كرجوع أصحاب الكهف، وليس زيادة أولاد بني إسرائيل ونسلهم.
إن نعمة البعث بعد الموت هي من آيات الأنفس التي أضيفت إلى آيات الآفاق كانفلاق البحر ويتعين على بني إسرائيل شكر النعمتين معاً؛ كما لابد للآخرين أن يتعضوا بها حتى لا يضلوا أما متعلق الشكر الذي جاء في ذيل الآية الثانية فهو إما أن يكون مطلق النعم المسبغة على بني إسرائيل التي من جملتها هذا الإحياء، أو خصوص النعم التي كفروا بها قبل حادثة الصاعقة والموت.
"لك": تأتي لفظة الإيمان تارة مع حرف "الباء" وأخرى مع حرف "اللام"، وهو ما سيتم توضيحه فيما بعد.
"جهرة": الجهر لغةً هو الظهور، وظهور أي شيء إنما يتناسب مع ذلك الشيء، كما لو أن بئراً غطّى ماءها الطين فإن ظهر ماؤها بتنقية الطين قيل : جَهَرَت الركية؛ أي: ظهرت البئر (1).
الجهر يكون حيناً في المسموع، نحو: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] والجهر في القراءة يقابل الإخفات فيها، وحيناً آخر في المُبصر حيث يُقال له معاينة وهو في مقابل الستر والحجب وما إلى ذلك.
والفرق بين الجهر والمعاينة هو أن الجهر وصف للمدرك والمعاينة وصف للمدرك. ونصبه يعود لكونه مفعولاً مطلقاً نوعياً لفعل الرؤية (2)، كما في نصب "قُرفصاء" (نوع من الجلوس) في جملة "جلست القرفصاء" بسبب كونه حالاً للقول والسؤال؛ ويعني: إنكم قلتم علناً: إننا لن نؤمن لك. بالطبع إن هذا الاحتمال ضعيف لتكلّف التقديم والتأخير.
تناسب الآيات
استطراداً لذكر نعم الله على بني إسرائيل يُشار في هاتين الآيتين إلى النعمة السابعة؛ تلك النعم التي يُعد بيانها بمثابة شرح لجملة: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:40]. هذه النعمة هي الحياة بعد الموت الناجم عن سقوط الصاعقة عليهم. ففي الآية الأولى يشير سبحانه وتعالى إلى قصة طلب بني إسرائيل الذي لا ينم عن عقل وسقوط الصاعقة وهلاكهم، وفي الآية الثانية يشير إلى نعمة الحياة والبعث بعد الهلاك.
وتسلسل الظاهرتين على أساس ظاهر ما جاء في سورة الأعراف" فإن طلب الرؤية كان بعد قضية عبادة العجل؛ إذ، من حيث التسلسل، فإن الآية: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف: 155] قد ذكرت بعد حكاية قصة عبادة العجل وغضب النبي موسى ورميه لألواح التوراة، لكنه في الآية: {... فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 153] فإن ظهور مجيء تعبير: {ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} [النساء: 153] بعد {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً...} [النساء: 153] هو في الترتيب الزماني ومقتضاه أن عبادة العجل قد وقعت بعد طلب المشاهدة أو متزامنة معه؛ كما يقول أمين الإسلام أيضاً:
وهذا الميقات هو الميعاد الأول الذي تقدم ذكره عن أبي علي الجبائي وأبي مسلم وجماعة من المفسرين وهو الصحيح ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره (3) .
ومن الجلي أن ظهور ثم في تأخر عبادة العجل عن يفوق ظهور ذكر آيات الصاعقة بعد آيات عبادة العجل. إذن فالقول الثاني أولى. ناهيك عن أن أصحاب القول الأول يقولون: إن هؤلاء السبعين كانوا من جملة الذين نابوا عن قوم بني إسرائيل في الذهاب إلى الميقات من أجل التوبة وطلب الصفح بعد حادثة عبادة العجل، وهذا الأمر مخدوش من وجهين؛ وذلك لأنه أولاً: من المستبعد أن يهلك الله الذين توجهوا إليه بالتوبة بالنيابة عن المجرمين، وثانياً: بالنظر إلى أن توبتهم كانت عن طريق قتلهم لبعضهم فلا وجه في ذهابهم ثانية إلى الميقات من أجل التوبة.
تنويه: اقتراح بني إسرائيل غير الصائب إنما يتعلق بالسلف الطالح لليهود المعاصرين للنبي ولا يتعلق بهم أنفسهم ولم يكن تعيين القائلين لهذا القول الباطل ضرورياً من هذا المنطلق فإنّه لم يُصرح في القرآن الكريم بأنه أي فريق قال ذلك، وهل أن هذا الطلب جاء قبل واقعة قتلهم لبعضهم بعنوان التوبة من الارتداد وعبادة العجل أم بعدها (4)، لكنه من الممكن القول استناداً إلى التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): إن هذا الطلب جاء بعد وقوع حادثة قتلهم لبعضهم وإن قائليه كانوا أولئك الذين لم يعبدوا العجل والذين قتلوا عابديه في واقعة القتل (5)
بالطبع من الصعب إثبات مثل هذا الموضوع غير الفرعي برواية واحدة لم يُحرز إتقانها وتلاحظ شواهد قرآنية على تقديم وتأخير حوادث عهد النبي موسى الكليم حيث أشير ويُشار إلى البعض منها في ثنايا التفسير وسيُشار إلى البعض الآخر في بحث الإشارات.
المخاطبون في خطاب: قلتم وما تلاه من الخطابات: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} [النساء: 153] و {بَعَثْنَاكُمْ} [البقرة:56] و {تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50] هم يهود زمان النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) والحال أن قصة سؤال الرؤية ونزول الصاعقة . أولاً متعلقة بيهود زمان موسى وثانياً مرتبطة بفريق خاص منهم وهم الذين ذهبوا إلى الميقات والوجه في هذا النحو من الخطاب هو وجود التشابه القلبي {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118] والاتحاد الفكري بين من ذهب إلى الميقات ومن لم يذهب، وكذلك بين يهود زمان ونسلهم وأبنائهم الذين عاصروا النبي الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) مما سيأتي تفصيله في اللطائف والإشارات (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. جامع البيان، ج1، ص 381.
2. راجع التبيان، ج1، ص 250.
3. مجمع البيان، ج3 - 4، ص 745.
4. التفسير الكبير، مج 2، ج3، ص 90.
5. تفسير صدر المتألهين، ج3، ص 406 - 407.
6. تفسير تسنيم، ج4، ص560.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|