أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-17
1094
التاريخ: 26-8-2018
4128
التاريخ: 15-1-2017
1871
التاريخ: 19-2-2021
2050
|
عربُ مصرَ نتيجةُ توالدِ سكان مصر الأصليين والعربِ الذين فتحوا مصر في سنة 640 بقيادة عمرو بن العاص، وعربُ مصر ليسوا عربًا بدمهم، وإن كانوا عربًا بلغتهم ودينهم، فقد دَلَّنا علم وصف الإنسان على أن العنصر العربي الغالب لم يَلْبَث أن طغى عليه العنصر المصري المغلوب الأوفرُ عددًا والأكثر احتمالًا لجوِّ مصرَ المرهوب، وأن العناصر المتداخلة لم تَلبث أن توارت، وأن المصريَّ الحضريَّ العربيَّ بدينه ولغته رَجَعَ ابنًا لقدماء المصريين في زمن الأهرام، أي ذا سَعَةٍ في كتِفه ووجهه، وغِلَظٍ في شَفَتَيْهِ ونُتُوءٍ في وَجْنَتَيْهِ ومشابهةٍ للمُثُل المنحوتة في قديم الآثار. ولم يكن عرب النيل الحضريون أبناءً لقدماء المصريين بتقاطيعهم فقط، بل وَرِثوا عن هؤلاء أخلاقهم ولُطفهم وأدبهم الجمَّ أيضًا، وهم يَخْشَون؛ لما عانَوا من ضروب الاستعباد منذ قرون، جميعَ السادة، ولا سيما الأوربيون، فقد استطعتُ، حين ذاعت الأنباء في القاهرة بأن مصر العليا مضطرمةٌ بالعصيان والملاحم، أن أجول منفردًا في القُرَى القائمة على ضفَّتَيِ النيل من غير أن يصيبني أذًى. واحتياجاتُ الفلاح المصري قليلة جدًّا، وهو إذا ما مَلَك بُلْغَةً كان سعيدًا، وهو يعيش من غير تفكيرٍ في المستقبل والوقت والأبعاد، ويكون جوابه «لا أعلم» حين سؤاله عن أشياء كان يجب أن تكون التجاريبُ المتكررةُ قد هدته إليها، ولا يعرِف مدةَ السفر بين قريته وإحدى القرى المجاورة ولا المسافة بينهما، ولا يرى له مصلحةً في معرفة هذا. ونشاهد في مصر مِثْلَ ما نشاهد في جزيرة العرب وسورية من الأعراب والحضريين، ونرى الفرق بين أعراب مصر وحضرييها أعظمَ مما في أيِّ قطر آخر؛ لاختلاف العرقين في مصر، فضلًا عن اختلافهما في المعايش، وإذا كانوا عرب المدن قد تحولوا بفعل التوالد المستمر إلى مصريين، فإن أعراب مصر لم يختلطوا بسواهم نظرًا إلى طُرُق معايشهم الخاصة، وهؤلاء الأعراب يُشْبِهون، بقَنَا أنوفهم ورقَّة شفاههم وطولِ وجوههم البَيْضيَّةِ وعيونهم اللامعة، مثال العربيِّ البدويِّ في زمن محمد. والأعرابُ، فقط هم أهل الحرب والنِّزال المرهوبون في مصر، وهم الذين يجب أن يخافهم الإنكليز في غزوهم الجديد لوادي النيل إذا لم يَشتروا حيادهم بأي ثمن، كما أخبرنا به العارفون غير مرة. ويَنصِب أهل البدو من عرب مصر خيامهم في الصَّحاري الرملية القريبة من ضفتي النيل، وهم قلما يخشون جانبَ الحكومة، ولا صِلَةَ بينهم وبين الفلاحين الذين يُبغضونهم. ومعايشُ هؤلاء الأعراب كمعايش عرب البادية، فالعربي البدوي هو هو أينما حل وحيثما اتَّجَه. ونرى في مصرَ، عدا العرب، عناصر كثيرةً أخرى كالترك والأقباط والسوريين والزنوج والأغارقة والأوربيين وغيرهم من العناصر التي يندُر أن تتوالد هي والفلَّاح المصريُّ، وذلك فضلًا عن أن جو مصر القتَّال لا يصلح لتناسل الأجانب، ومنهم الترك، في أكثرَ من جيلين، وأصولُ العرب، لا غيرُها، هي التي استطاعت أن تثبُت في مصر. ومن تلك الشعوب نذكُر الأقباطَ الذين، وإن كانوا لا يُعَدُّون حفدةً خُلَّصًا لقدماء المصريين، يُرى بينهم أشخاصٌ مشابهون؛ لما في النَّوَاويس القديمة أكثر مما بين سواهم، ويدين الأقباط بالنصرانية، ولم يختلطوا بالعرب، ويقطنون في مصر العليا، ولا سيما ببعض القرى والمدن كأسيوط، وتُشبه لغتهم لغة قدماء المصريين، وتوصَّل شانپوليون، بدرسها إلى إيضاح الكلمات الهيروغليفية كما هو معلوم، ومع نصِّ كثير من المؤلفات على أنه لا يتكلم أحدٌ باللغة القبطية في الوقت الحاضر سمعتُ أقباطًا يتكلمون بها فيما بينهم على لهجاتٍ مختلفة، ويكتب الأقباط لغتهم بالحروف اليونانية في الزمن الحاضر. ويُقدَّر الأقباط المقيمون بمصر بمئتي ألف نفس، وإن قالوا لي مؤكدين إن عددهم يزيد على خمسمائة ألف، ويلوح لي أن الصورة المحزنة التي تُصوَّر بها سجيتهم لا تمتُّ إلى الحقيقة بصلة، وكل ما في الأمر أنهم أفضل في الثقافة من عرب الوقت الحاضر، ومن الترك على الخصوص، وأنهم، وإن كانوا لا ينالون أعلى المراتب بسبب دينهم، يُعطَون المناصب الإدارية التي تتطلب جَهدًا ودراية. وأما الترك الذين حلُّو محل العرب في مصر سياسةً فإن تأثيرهم في تكوين العِرق المصري صِفرٌ، وتتألف منهم الآن طبقة أريستوقراطية لا تختلط بالسكان، ولا يزيد عددهم على عشرين ألفًا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|