المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9364 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الاشتغال بالذكر والدعاء في عاشوراء  
  
773   02:18 صباحاً   التاريخ: 2024-08-12
المؤلف : معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني
الكتاب أو المصدر : دروس عاشوراء
الجزء والصفحة : ص197-204
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

مناجاة الله, من الأبعاد المهمَّة في عاشوراء

عندما نطرح عاشوراء بوصفها درساً, لا يمكننا أن نتغاضى عن هذا البعد (الدعاء والمناجاة) مع الله, الدعاء جميل من كلّ النّاس, خاصّة إذا صدر عن أشخاص بعظمة الإمام الحسين عليه السلام, وفي يومٍ بعظمة يوم عاشوراء.

ليس الدعاء علامة على الضعف بل إنّه إشارة إلى القوّة. بالدعاء يكسب الإنسان القوّة والقدرة, ويزيد من قوّته القلبيّة والروحيّة المساعدة للقدرة الجسميّة, الدعاء يُضيء الطريق للإنسان وينجّيه من الحيرة والتشويش والاضطراب.

إضافة إلى ذلك، فإنّ الدعاء يكشف للمستمع والمخاطب عمّا يدور في ذهن الداعي, فعندما تسمع شخصاً يدعو الله ويناجيه يمكنك أن تعرف أيّ إنسان هو, من خلال دعائه واستغفاره ومناجاته, حقير أم عظيم, قصير النظر أم بعيد النظر, مؤمن أو شاكّ؟

الدعاء، أمر عجيب

لذا نرى في صدر الإسلام أنّ الدعاء موجود في كلّ مكان وزاوية, فالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم دعا في معركة بدر وكذلك في معركة أحد, أي أنّ الدعاء لا يعرف النصر أو الهزيمة. الدعاء يعني ارتباط الإنسان بالله واتّكاله عليه. وفي الوقت الذي يكون فيه الإنسان في أوج الانتصار والقوّة لا ينفكّ بحاجة إلى الدعاء, ينبغي التحدّث مع الله والطلب منه, وفي القرآن، طلبٌ من الله تعالى للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ[1], فعليك بدايةً الإنابة, ثمّ اطلب حاجتك من محضر القادر المتعال. وهذا العنصر والركن الأساس لا يصح أن لا نراه في عاشوراء.

فـمنذ اليوم الأوّل لشروع الإمام الحسين عليه السلام بهذه الحركة العظيمة التي صنعت للتاريخ وإلى اللحظة الأخيرة التي وقع فيها على رمال كربلاء الحارّة ولسانه الذي يبس وجفّ من العطش لم يترك الدعاء.

وإنّ دعاء الإمام الحسين عليه السلام في واقعة عاشوراء درس لنا, إنّه يعلّمنا. وفي الوقت الذي كان الخطر لا يزال بعيداً ولم يكن ليصل إليه شخصيّاً كان يرفع يديه إلى السماء ويدعو "اللهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان"[2]. دعا الله، وناجاه, وقد أوصل الله تعالى رسالته هذه إلى التاريخ, واليوم فإنّ كلّ من سمع باسم الإسلام في هذا العالم قد سمع هذا الدعاء عن لسان الحسين بن فاطمة وآمن به: "اللهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن..." إنّ ظاهر هذا الدعاء هو دعاء حقيقةً, ولا ينبغي أن يُتوهّم أبداً أنّ الأئمّة عليهم السلام عندما يدعون فهم يتظاهرون بالدعاء, لا ليس كذلك, ففي ذلك الدعاء العابق بالحرارة والشوق الذي يدعو به أمير المؤمنين عليه السلام أو الإمام السجّاد عليه السلام: "إلهي اغفر لي، أنا المذنب المقصّر المحتاج في عملي القليل إلى عفوك", في الوقت عينه فالإمام جادّ في دعائه لا يمزح ولا يجامل, فمن كان لديه من المعرفة كعليّ بن الحسين عليهما السلام يعلم أنّ عملاً بقدر عمل عليّ بن الحسين هو قليل في محضر الله. وأنّ جهاداً بمقدار جهاد عليّ بن أبي طالب عليه السلام لا يزن كثيراً في ميزان أعمال الإنسان وفي محضر الله فلو أنّ الإمام عليّاً والإمام السجّاد عبدا الله تعالى مئة عام وناجيا وبكيا وجاهدا وخدما عباد الله, لكانا محتاجين إلى الدعاء أيضاً, لأنّ محضر عبادة الله تعالى هو من الوسع والرفعة بحيث إنّ أيّ إنسان لا يمكنه بهذه السهولة أن يشعر بالاكتفاء من العبادة والدعاء.

كانت أدعية الإمام الحسين عليه السلام أدعية جدّيّة حقيقيّة, لكن في الوقت نفسه فإنّ ثمّة أموراً أخرى في هذه الأدعية ذات أهمّيّة بالنسبة إلينا.

الدعاء عند القوّة والضعف، من دروس الإمام الحسين عليه السلام

الدرس الأوّل هو الدعاء ذاته, يا شيعة الحسين بن عليّ عليهما السلام! اعتمدوا على الله تعالى في كلّ الأحوال واطلبوا من الله, فعندما نكون في أوج القوّة والاقتدار لا ينبغي أن نشعر بالقوّة في أنفسنا, وينبغي أن نعتبر الله تعالى هو مصدر القوّة الدائمة وأن نبقى نطلب منه, وأن نمدّ أيدينا متوسّلين إليه - يجب أن نتعلّم الدعاء - ولا ينبغي لأيّ حادثة وأيّ نصر أو شدّة أو بلاء أن تُنسينا الدعاء أو تجعلنا غافلين عنه.

كنت البارحة أتأمّل أدعية الإمام الحسين عليه السلام وأفكّر فيها, تغيّرت أحوالي وانقلبت. ما هذه الروح العظيمة الشامخة! فهو يدعو ويناجي ربّه بقلب مطمئنّ ومستقرّ في خضم كلّ تلك المشاكل والشدائد ما يبعث في الإنسان الدهشة, يجب أن نتعلّم الدعاء نفسه من الإمام الحسين عليه السلام وفي هذه المراحل جميعاً لا ينبغي أن ننسى الدعاء.

رسالة الإمام الحسين التاريخيّة في قالب الدعاء

الرسالة الثانية في دعاء الإمام الحسين عليه السلام التي أبقت ذِكْراه خالدة في ذاكرة التاريخ, فـفي ليلة عاشوراء, صدر عن قلب الإمام وعلى لسانه المبارك أحد الأدعية العميقة التي تفيض بالمعاني: "أثني على الله أحسن الثناء, وأحمده على السرّاء والضرّاء, اللهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة وعلّمتنا القرآن, وفقّهتنا في الدّين"[3].

لقد أودع الإمام الحسين عليه السلام رسالته في هذه الكلمات. حتّى لا يتخيّل أحد في مستقبل الأيّام معركة الإمام الحسين عليه السلام بنحو معكوس أو يظنّ أنّه كان يسعى إلى السلطة، وأنّ الصفّ الذي وقف أمامه كان من أهل الله والقرآن, لا, ليس الأمر على هذا النحو.

يقول الإمام عليه السلام: إلهي أشكرك وأحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة وجعلت النبوّة في أهل بيتنا وأنزلت الوحي على أهل بيتنا. كنّا أوّل من أخذ برسالة حرّيّة الإنسان من أجل استحكام العدل ولتمريغ أنوف المستكبرين بالتراب ولنجاة البشريّة. يعني: أيّها النّاس على امتداد التاريخ! إنّ معركة الحسين عليه السلام مع يزيد اليوم كانت في إطار أهداف النبوّة. وما هو مطروح اليوم - بالنسبة إلى الحسين عليه السلام - هو مسألة إحياء العدل وإرغام أنوف الطواغيت والشياطين والجبّارين ونشر التوحيد في العالم....

"وعلّمتنا القرآن" و "فقّهتنا في الدّين" أي علّمتنا الدّين (في مقابل) أولئك الذين رضوا بظاهر الدّين واكتفوا به ولم يفهموا أنّ الدّين هو لاستقرار النظام الإلهيّ ولتكميل النفوس البشريّة, هؤلاء لم يفهموا الإسلام ولم يجاهدوا في سبيل هذه الأهداف ولم يسعوا, لكن نحن فهمنا الإسلام: "وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة"[4].

نشكرك يا ربّنا لأنّك وهبتنا آذاناً وأعيناً حتّى نكون إلى جانب الحقّ وأن نسعى للحقّ. ولقد بيّن الإمام الحسينعليه السلام من خلال الدعاء، وبلغة الدعاء موقعه للتاريخ، وشرح للناس موقفه في قالب الدعاء.

الانقطاع إلى الله, مقدّمة الجهاد الحقيقيّ والشهادة

ورد في المناجاة الشعبانيّة العالية المضامين: "إلهي هَبْ لي كمال الانقطاع إليك"[5].

كيف يحصل كمال الانقطاع إلى الله, والتحرّر من كلّ القيود والعلائق في طريق المحبوب الحقيقيّ, والتوجّه نحوه والتحليق في فضائه؟

لا تتحقّق الشهادة, التي هي قمّة التضحية بالنسبة إلى الإنسان, من دون التحرّك نحو الانقطاع وما لم يحصل السعي والمجاهدة لإيجاد "الانقطاع إلى الله".

فالوجود المقدّس لسيّد الشهداء عليه السلام, مع أنّه معروف أكثر في بُعدي: الجهاد والشهادة, لكنّه في الحقيقة مظهر الإنسان الكامل والعبد الخالص المخلِص والمخلَص لله. وفي الأصل, لا يحصل الجهاد الحقيقيّ ولا الشهادة في سبيل الله من دون تمهيد بالإخلاص والتوجّه, ومن دون الحركة نحو "الانقطاع إلى الله".

 

 

[1] سورة النصر، الآيات: 1-3.

[2] تحف العقول، ص239, بحار الأنوار، ج97، ص80-81: مع اختلاف: المصادر والموازنة ص277.

[3] تاريخ الطبريّ، ج4، ص317, الإرشاد، ج2، ص91, بحار الأنوار، ج44، ص392.

[4] تاريخ الطبريّ، ج4، ص317, الإرشاد، ج2، ص91, بحار الأنوار، ج44، ص392.

[5] إقبال الأعمال, ج3, ص399, بحار الأنوار, ج91, ص99.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.