المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
حور محب و تعيينه في الوظيفة.
2024-06-26
حور محب في شبابه.
2024-06-26
حور محب على عرش الملك.
2024-06-26
الملك آي.
2024-06-26
احكام المصدود
2024-06-26
احكام المحصور
2024-06-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الادوية المعنوية والادوية المادّية  
  
127   11:07 صباحاً   التاريخ: 2024-06-18
المؤلف : الشيخ علي رضا بناهيان
الكتاب أو المصدر : النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة : ص 434 ــ 447
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-07 892
التاريخ: 2024-05-19 279
التاريخ: 24/10/2022 1174
التاريخ: 2/10/2022 1336

تحتاج الأدوية المعنوية إلى المعرفة والنية الخالصة حتى تؤثر بخلاف الأدوية المادية / يجب أن نعرف أن الصلاة بصدد إذلال النفس في مقابل الله وتضعيف كبرنا أمامه

لا يحتاج الدواء إلى (معرفة) أو (نية) في سبيل أن يترك مفعوله في جسم الإنسان؛ يعني أولا لسنا بحاجة إلى أن نعرف ماذا تفعل حبة الدواء في جهاز جسمنا، وثانيا لا داعي إلى استعمال الدواء بنية التئام الحلق مثلا. إذ يترك الدواء أثره في جسم الإنسان على أي حال، سواء أكنا عارفين بتفاصيل أثر الدواء ونوينا الشفاء عند الاستعمال أم لا. بينما تحتاج الأدوية المعنوية التي تشفي روح الإنسان ومن أجل تأثيرها إلى المعرفة والنية الخالصة بخلاف الأدوية المادية.

فعلى سبيل المثال، الصلاة شفاء ووقاية لكثير من أمراضنا بل لجميع الفحشاء والمنكر بشكل عام؛ {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]. ولكن إذا أرادت هذه الصلاة مع كل عظمتها أن تترك أثرها علينا، فيقتضي ذلك معرفتنا ونيتنا المخلصة أيضا.

إن اطلعنا بشكل دقيق على حقيقة أثر الصلاة على روحنا، وكانت نيتنا في مسار هذا التأثير، عند ذلك ستكون الصلاة مؤثرة فينا واقعا. يجب أن نعرف أن الصلاة تسعى لإذلالنا في مقابل الله ولتضعيف كبرنا وأنانيتنا، ثم ننوي ذلك وندعو لتحقق هذا الهدف ونقول: (إلهي أريد أن أزداد تواضعا وذلا بين يديك وأن يضعف كبري عبر هذه الصلاة). فإننا إن أردفنا إلى الصلاة مثل هذه المعرفة والنية، سوف نتقرب إلى الله.

لا يستطيع الإنسان أن يسير في هذا الطريق إلا بعد أن عرف ماذا يفعل أولا، ونوى ما عرفه ثانيا. السبب الذي جعل ديننا يحث على التدبر والتعقل ومعرفة النفس والتفقه والفهم الدقيق بهذا القدر هو أن للمعرفة أثرا وضعيا ولا تخلو عن الفائدة أبدا.

لا ينبغي أن نمر من المفاهيم الرئيسة الدينية التي اهتم بها الدين مرور الكرام، بل ينبغي أن نفكر لماذا اهتم الدين بهذا الموضوع بهذا القدر؟ ليس من الجميل أن يعطل الإنسان قدرة فهمه في مجال إدراك الدقائق الدينية ثم يصرفها في اللعب والقضايا التافهة.

نحن كما نخاف من السرطان، يجب أن نخاف من عدم استيعابنا العميق للمفاهيم الأساسية الدينية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أف لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَا يَجْعَلُ فِي كُلِّ جُمْعَة يَوْماً يَتَفَقَّهُ فِيهِ أَمْرَ دِينِهِ ويَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ).

نحن كما نخاف من السرطان، يجب أن نخاف ونخشى من عدم استيعابنا العميق للمفاهيم الأساسية الدينية، لأنه عند ذلك سيقع الإنسان في أخطاء فادحة قهرا ومن دون مشيئة.

مع الأسف إن بعض المتدينين والثوريين لم يحظوا بالعمق المعرفي وقد توقفوا في مستوى ثابت من المعارف الدينية وهم يزعمون أنهم يعرفون كل المفاهيم الدينية. فعلى سبيل المثال إن بعضهم يحملون فهما سطحيا عن مفهوم التقوى الأساسي والعميق ويتصورون أنه لا يتجاوز هذا المفهوم العظيم عن نطاق (اجتناب الذنوب)، ولا يتطلعون إلى كسب فهم أعمق عما عرفوه.

كثير من الناس وللأسف الشديد لا يتعبون أنفسهم للحصول على فهم عميق عن الدين وهذا أمر سيئ جدا. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أَفْ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لَا يَجْعَلُ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ يَوْمَا يَتَفَقَّهُ فِيهِ أَمْرَ دِينِهِ ويَسْأَلُ عَنْ دينه) (المحاسن، 1، 225).

إن بعض الناس - وللأسف - لا يخصصون وقتا كافيا لفهم الدين مكتفين بمستوى فهمهم العامي عن الدين. ولكن هذه السطحية في الفهم إما ستؤدي إلى فرار الشخص نفسه عن الدين، وإما يسوقه إلى ممارسة بعض الأعمال التي تبعد أشخاصا آخرين عن الدين. وفي الواقع سوف يحاسبهم الله ويسألهم عن الذكاء الذي منحهم أين صرفوه وفي أي طريق بذلوه؟! إن بعض الأشخاص يصرف فاهمته وذكاءه في دراسته وفي الجامعة فقط، ويصرفها البعض في اللعب والمرح وقضايا أخرى دون أن يستخدموها في الدين.

الدين من قبيل القضايا التنويرية وهو خاص بالأذكياء وأهل الفهم والمعرفة / الابتعاد عن الدين يعني الحماقة والسفاهة والعامّية

الدين من قبيل القضايا التنويرية وهو خاص بالأذكياء وأهل الفهم والمعرفة. فعلى سبيل المثال كشفت دراسة ميدانية في إحدى البلدان، أن أكثر المستبصرين والذين تشرفوا بالدخول في مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هم من خريجي الجامعات وذوي الشهادات الجامعية. الابتعاد عن الدين يعبر عن حالة من الحماقة والسفاهة والعامية. فكل من يخالف الدين فإنما يدل على حماقة في داخله. وهكذا قيمهم الله سبحانه فقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 58].

إن خطر المتدينين الجهلة على الدين أكثر من خطر غير المتدينين إن خطر المتدينين الجهلة بقدر خطر المنافقين / كل معاناتنا وآلامنا بسبب ما نراه من جهالة بعض المتدينين

ليس النزاع الرئيس في العالم بين المتدين وغير المتدين، وإنما بين الذين يعلمون والذين يشعرون وبين الذين لا يعلمون ولا يشعرون. ليس النزاع بين الثوريين وغير الثوريين، بل إنما هو نزاع قائم بين الفهم وعدم الفهم، ويا لها من معاناة يتجرعها الدين من جانب بعض المتدينين الذين ليسوا من أهل الفهم والمعرفة. فإن هؤلاء قد يسيئون إلى الدين بجهلهم الممزوج ببعض النزعات الإيجابية. 

لقد طرقت أسماع بعض المتدينين بعض المفاهيم الدينية ولكنها لم تدخل في أعماق قلوبهم، فهم يشعرون ويدعون بأنهم يعرفون الدين كله فأحيانا تكون أخطاء هؤلاء المتدينين واشتباهاتهم أضر على الدين من معاصي غير المتدينين.

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (قطعَ ظَهْرِي رَجُلَانِ مِنَ الدُّنْيَا رَجُلٌ عَلِيمُ اللسَانِ فَاسِقٌ وَ رَجُلٌ جَاهِلُ الْقَلْبِ نَاسِكَ هَذَا يَصُدُّ بِلِسَانِهِ عَنْ فَسَقِهِ وَهَذَا بِنُسُكِهِ عَنْ جَهْلِهِ فَاتَّقُوا الْفَاسِقَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْجَاهِلَ مِنَ الْمُتَعَبَدِينَ أُولَئِكَ فِتْنَةٌ كُلِّ مَفْتُونِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وآله ـ يَقُولُ يَا عَلِيُّ هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ كُلِّ مُنَافِقِ عليم اللسان) (الخصال، ج 1، ص 69) وكذلك قال: (قَطَعَ ظَهْرِي اثْنَانِ عَالِمٌ فَاسِقٌ يَصُدُّ عَنْ عِلْمِهِ بِفِسْقِهِ وَجَاهِلٌ نَاسِكَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى جَهْلِهِ بنسکه) (غرر الحكم، 245، مجموعة ورام، ج 1، ص 82).

ومع الأسف قلما يلتفت إلى خطر الفئة الثانية، أي المتدينين الجهلة، في حين أن أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) تبين أن الصدمات التي يلحقها هؤلاء بالمجتمع تماثل صدمات المنافقين. وقد تجرعنا آلاما كثيرة من جانب هاتين الفئتين. فبرأيكم ما هي أسباب مشاكل مجتمعنا الآن؟ كل ما نعاني منه فبسبب جهالة بعض المتدينين وحماقتهم. فإن جهالة هؤلاء المتنسكين تجتمع شيئا فشيئا وإذا بها تنجر إلى الانحراف والانشقاق.

الدين ظاهرة معقدة جدا وليس مجرد مفاهيم بسيطة نسمعها مرة واحدة ثم نتقنها وينتهي كل شيء بلا حاجة إلى تعمق وتفكر. بل إنما هو بحاجة إلى دقة وتعمق. لا يحتاج الدين إلى متخصصين نراجعهم وحسب، بل يجب على جميعنا فردا فردا أن نسعى للحصول على فهم عميق تجاه الدين.

قال علي (عليه السلام): ذلل نفسك بالطاعة / حاسب نفسك وانظر هل قد ازدادت ذلا بعد الطاعة أم لا؟ 

نقف عند رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال: (ذَلَلْ نَفْسَكَ بالطَّاعَةِ) (عيون الحكم، ص 255). فإن أطعت الله ولم تجد نفسك قد ازدادت ذلا لله فلم تطع الله في الواقع، بل قد أطعت هوى نفسك، أو كانت شريكة في الطاعة على الأقل. مثلا رأيت أن هذه الطاعة تنسجم مع هواك فاخترتها، لتلبي رغبة نفسك وتطيع ربك في نفس الوقت.

مشكلتنا هي أن نفسنا لا تدعنا نطيع الله وحده، بل نطيع الله والنفس معا. فلا يتقبل الله عبادتنا وطاعتنا حسب القاعدة لأنه لا يتخذ شريكا. كأن الله يقول لنا: (إن لم تقدر على استحضار النية الخالصة في جميع أعمالك، فاستحضرها في بعض أعمالك وطاعاتك على الأقل ولتكن بعضها لأجلي فقط، يعني قم بالطاعة التي لا ترغب بها نفسك ولا تكن بحيث تنتقي الأفعال المنسجمة مع هواك وحسب)، (سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ـ عليه السلام ـ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا خَيْرُ شَرِيكَ مَنْ أَشْرَكَ مَعِي غَيْرِي فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لَمْ أَقْبَلُهُ إِلَّا مَا كَانَ لِي خَالِصاً) (الكافي، 2، 295) و (أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ فَمَنْ عَمِلَ لِي وَلِغَيْرِي فَهُوَ لِمَنْ عَمِلَهُ غَيْرِي) (وسائل الشيعة، ج 1،  ص 72).

لماذا يجب أن نذل أنفسنا في مقابل الله؟ / يجب أن تكون نتيجة الطاعة ازدياد ذل النفس لله

إن أردت أن تعرف أن ما قمت به من طاعة كانت لله واقعا ولم يكن لنفسك شراكة فيه، فحاسب نفسك وانظر هل قد ازدادت النفس ذلا لله بعد القيام بالعمل وأداء الطاعة أم لا؟ كيف تكون النفس إذا ذلت؟ ستكون في مقابل الله كبعض الأذلاء في هذه الدنيا والذين يهينون أنفسهم أمام الآخرين أو يتسولون في الطرقات. فلابد أن تصبح النفس هكذا في مقابل الله. لابد أن نرى هل نستطيع أن نذل أنفسنا في مقابل الله سبحانه، أم أننا أذلاء في مقابل شهوات النفس الدانية؟

لماذا يجب أن نذل أنفسنا في مقابل الله عز وجل؟ لأننا نريد أن نلقى الله ولا سبيل لمن لم يذل في مقابل الله إلى ساحة قربه.

يجب أن يكون أثر صيام شهر رمضان لمدة ثلاثين يوما، التواضع وذل النفس / غاية (الطاعات والعبادات وجهاد النفس) هي ذل النفس في مقابل الله / لماذا يجب أن نذل أنفسنا في مقابل الله؟

الآن وبعد أن انتهينا إلى نهاية شهر رمضان، إذا أردنا أن نعرف مدى صحة طاعتنا في هذا الشهر فلابد أن نرى هل قد ازددنا تواضعا وذلا لله أم لا؟ هل ازددنا خوفا وخشية من الله أم لا؟ فعلى سبيل المثال هل أصبحنا نخاف الله إذا أردنا تأخير صلاتنا قليلا؟

يجب أن تكون نتيجة هذه العبادات والطاعات بعد ثلاثين يوما في شهر رمضان هي ذل النفس والخشوع. كما أن الهدف الرئيس من طاعة الله وعبادته وجهاد النفس هو ذل النفس. يجب أن تذل النفس في مقابل الله وتخشع له. فإن قبح الذل في أي مكان آخر وأمام أي شخص آخر، فإنه يحلو ويجمل في مقابل الله.

من الأعمال الرائعة التي تعيننا على ذل النفس وتمنحنا هذا الشعور هو أن نهتم بقبول الطاعة أكثر من أدائها. فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (كُونُوا بِقَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اهْتِمَاماً بِالْعَمَل) (مجموعة ورام / ج 1، ص 64).

فالآن وبعد ما صمنا شهر رمضان كله وأدينا بعض العبادات، يجب أن نقلق على قبول أعمالنا ونهتم بذلك أكثر من اهتمامنا بأداء الأعمال وأن نلتمس الله أن يقبل أعمالنا. عند ذلك سوف تذل نفسنا إذ أن الاهتمام بقبول العمل يحكي عن أننا لم نغتر بأعمالنا.

كل ما يقوم به الإنسان في سبيل إذلال النفس تستخدمه النفس كرأسمال للعجب

لماذا بعد عنائنا وصومنا خلال ثلاثين يوما، يجب أن نزداد جهدا وسعيا من أجل قبول صيامنا وأعمالنا؟ لأن نفس الإنسان تنطوي على مرض باسم (العجب) و (الأنانية)، بحيث كل ما يقوم به الإنسان ليذلها، تستخدمه كرأسمال للإعجاب بنفسها. فهي تحاول أن تستعمل نفس الأعمال التي أنجزتها لإذلالها كأداة للعجب والطغيان هذا (العجب) من الأمراض المستعصية التي يصعب معالجتها جدا.

فعلى سبيل المثال، عندما تأمر نفسك بالسجود لله، تتمرد في البداية ولا تطيع، ولكنك إن استطعت أن ترغم أنفها وتفرض عليها السجود، بمجرد أن ترفع رأسك يتغيّر لحنها وتبدأ بالتفاخر والتباهي بفعلها وسجودها. وهذا هو العجب.

الاعتذار من الذنب أهم من اجتنابه / إذ أن الاعتذار يذل النفس

لماذا الاعتذار من الذنب أهم من اجتنابه؟ إذ أن الاعتذار من الله يذل الإنسان في مقابل الله، ويحظى هذا الذل والخشوع بأهمية كبيرة لدى الله، وهو أفضل بكثير من أن نجتنب الذنوب ثم نصاب بالعجب والغرور بسبب تورعنا عن الذنب. ولذلك أحيانا يترك الله عبده المؤمن ليذنب خوفا عليه من العجب، إذ يعلم الله سبحانه أن الذنب أفضل لعبده المؤمن من العجب؛ (إِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْعُجْبِ ولَوْ لَا ذَلِكَ مَا ابْتُلِيَ مُؤْمِنٌ بذنب أبداً) (الكافي، ج 2، ص 313)

إن لم نسأل الله ونلتمسه أن يقبل أعمالنا، سوف تذهب كل طاعاتنا في هذا الشهر هباء بإمكانكم الآن أن تشاهدوا أثر الاهتمام بقبول الأعمال على روحكم ونفوسكم. فالتمسوا الله وتذللوا إليه وقولوا: (إلهي أسألك وأتوسل إليك أن تتقبل شهر رمضان هذا! صحيح أن طاعاتي كلها كانت غير جيدة ورديئة، ولكني التمسك أن تقبلها ولا تردها). ثم انظروا ماذا يحصل في أرواحنا بهذه المناجاة القصيرة؟ التذلل والنور. فما إن تبدأ بالالتماس والإلحاح على الله ليقبل أعمالك تزداد صفاء ونورا. وفي المقابل إن خلت أعمالنا من هذا الإلحاح والالتماس سوف تذهب كل طاعاتنا ومناجاتنا في هذا الشهر هباءً ونخرج من هذا الشهر بأيد خالية.

إن ذل النفس هدف الإطاعة، فإن لم نصل إلى هذا الذل بعد الطاعة، نعرف أن طاعتنا كانت غير صحيحة

إن ذل النفس هدف الإطاعة، فإن أطعنا الله ولم نصل إلى هذا الذل، ينكشف أن طاعتنا كانت ذات خلل. ما يحفظ الإنسان هو الذل بين يدي الله. إن ضجيج الإنسان إلى الله بعد الصلاة والإلحاح عليه أن يتقبل صلاته هو الذي يحفظ الإنسان، ولولا ذلك جدير بالصلاة نفسها أن تفسد الإنسان. إذ لولا هذا السؤال الملح، لاقتحم العجب قلب الإنسان.

ففي هذه الأيام ونحن على وشك انتهاء شهر رمضان يجب أن نفعل أمرين: 1ـ نلتمس الله أن يتقبل طاعاتنا 2ـ أن نستغفر من طاعاتنا وعباداتنا وأن نقول: (ربنا! اغفر لنا نقصان عباداتنا وطاعاتنا فإنها لم تكن بمستوى شأنك ومقامك. فتغاض عن هذه العبادات ولا تحاسبنا عليها). إن هذه الأعمال سوف تجعلنا نعيش حالة الذل والانكسار بين يدي الله إن شاء الله. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.