أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-12-2015
6467
التاريخ: 21-10-2014
2610
التاريخ: 10-12-2015
9546
التاريخ: 20-10-2014
2660
|
الخضـرة : لون الأخضـر، واخضـر الشـيء اخضـراراً، و اخضوضـر واخضـره غيره تخضيراً ، وربما سمي الأسود اخضـرا، وسميت ارض العراق سواداً لكثرة شجرها ، وفي الحديث قام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) خطيبا فقال: ( يا أيها الناس إياكم و خضـراء الدمن ، قيل: يا رسول الله وما خضـراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء) [1])وهو كناية عن المرأة الحسناء ذات الخلق السيئ[2].
ولقد ورد ذكر هذا اللون في القرآن في ثمانية مواضع ، تختلف دلالته من موقع إلى آخر بحسب يقتضيه المقام ، وابرز المعاني التي خرج إليها هذا اللون هي :
الأول : قال تعالى :{ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضـرا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[3].
قال الزجاج : معنى خضـر ، كمعنى أخضـر يقال اخضـر، فهو أخضـر ، وخضـر ، مثل أعور فهو أعور وعور ، وقال الليث الخضـر في كتاب الله عز وجل الزرع كل نبات من الخضـرة ، ويقول الرازي: (إن الله سبحانه وتعالى حصـر النبت في الآية في قسمين حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْـحَبِّ وَالنَّوَى}، فالذي ينبت من الحب هو الزارع ، والذي ينبت من النوى فهو الشجر) [4].
لقد سيقت هذه الآية بهذا الإطناب لغرض التفصيل والإيضاح، وبيان قدرة الله تعالى في إنزال الماء من السماء المختص بالله عز وجل والخارج عن قدرة البشـر ، وكذا إخراج الزرع وهو اللون الأخضـر ، الذي يمثل الحياة فهذه آلاء الله، التي اخرجها لعباده لطفاً بهم ، فهي رسول صامت يتكلم عن قدرة الله عز وجل ، وكيف أن أمره بين الكاف والنون ، إذ قال تعالى : {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَتَفَكَّهُونَ}[5] ، ومثله قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضـرةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[6].
وهنا نكتة دقيقة جدا وهو ان الله عز وجل جاء بلفظة (الاخضـر) على صيغة (فَعِل). وهو صفة مشبهة من فعل خضر يخضر باب فرح وزنه فعل بفتح فكسـر، إذ فيه اشارة الى مسألة مهمة إذ (أكد القرآن أن تشكل المادة الخضــراء يتم أولاً ثم يتم إخراج الثمار والحبوب منها)[7]، (فإن المواد العضوية تتخلق بدءا من المواد الخضـراء: الكلوروفيل و الكلوروبلاست من خلال عملية التمثيل الضوئي، .. كما أثبته العلم الحديث و كما أشارت إليه الآيات القرآنية. و الإشارة إلى هذه المادة هو إعجاز بحد ذاته؛ لأن هذه المادة الخضـراء غير مرئية)[8].
فالمراد من هذا النص وغيره ، هو العلم والتفكير في هذه الآيات الكونية التي تدل على أنَّ هناك يد مدبرة ومسيطرة على هذا النظام العجيب.
الثاني : قال تعالى:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضـر نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ }[9].
من دلائل عظيم خلق الله أنه يوجد في الجزيرة العربية شجر يعرف بالمرخ والعفار إذا سحق المرخ على العفار - وهما خضـراوان يقطر منهما الماء- إنقدحت النار منهما[10]، وهذه الآية جاءت رداً على منكر البعث والنشور ، فقال: إن النار في الشجر الأخضـر الذي يقطر منه الماء أعجب وأغرب ، (فَعَرَّفَكُمْ أَنَّهُ عَلَى إِعَادَةِ مَا بَلِيَ أَقْدَر)[11]. وإن استبعدتم خلق جسمه ، فخلق السماوات والأرض أكبر من خلق أنفسكم ، فلا تستبعدوه ، فإن الله على كل شيء قدير[12]، وهذا ضـرب من الإعجاز؛ لأن اللون الأخضـر يفيد البرودة والرطوبة أي الماء ، والنار تفيد الحرارة واليبس ، فالخضـرة في هذه الآية قرينة تفيد إجتماع النقيضين ، وهذا خلاف ما يقره العقل ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان بحال[13]إلا بأمر الله عز وجل .
الثالث : قوله تعالى:{ أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضـرا مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}[14]، وقوله تعالى:{عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضـر وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شـرابًا طَهُورًا}[15].
هنا سؤال يطرح ما الفائدة في ذكر اللون الأخضـر إذ وصف الله تعالى ثياب أهل الجنة به ؟
الجواب : هو ميل الناس إلى اللون الأخضـر في الدنيا أكثر ، وسبب الميل إليه هو من الألوان الأساس الثلاثة: وهي الأبيض، وخاصيته تفريق البصـر، والأسود يختص بجمع النظر ، ولهذا كره النظر إلى الأشياء المعتمة كالدم ، والأخضـر الذي اجتمع فيه الأمران ،ودفع بعضهما أذى بعض وحصل اللون الممتزج على ميل النفوس إليه[16]، واشار الى الامام الصادق الى هذا بقوله: ( إِنَّ مِنْ صِفَاتِ الْأَطِبَّاءِ لِمَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ أَضَرَّ بِبَصَـرِهِ إِدْمَانَ النَّظَرِ إِلَى الْخُضْــرَةِ وَ مَا قَرُبَ مِنْهَا إِلَى السَّوَادِ وَ قَدْ وَصَفَ الْحُذَّاقُ مِنْهُمْ لِمَنْ كَلَّ بَصَــرُهُ الِاطِّلَاعَ فِي إِجَّانَةٍ[17]خَضْـرَاءَ مَمْلُوءَةٍ مَاء) [18].
وقيل إن ما خص الله ذكر اللون الأخضـر لثياب أهل الجنة؛ لأنه أوفق الألوان للبصـر[19].
وأرى أن اللون الأخضـر يفيد الحداثة وكثرة الخير ، كقولهم شاب أخضـر، وفلان أخضـر أي كثير الخير ، والأمر بيننا أخضـر : جديد لم يخلق والمودة بيننا خضـراء؛ قال ذو الرمة :
وقد يرى فيها لعين منظر |
أَتْرَابُ مَيٍّ وَالْوِصَالُ أَخْضَرُ [20] |
فعلى هذا المعنى يكون اختيار اللون الأخضـر سببا لإضفائه جوًا من الحيوية، والحداثة، وكثرة الخير، وبقاء الأشياء على حداثتها وعدم تغيرها، قال تعالى :{ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَىْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضـرا... }[21]، أي ما كان من النبات غضاً ناضـراً طرياً بخلاف صفته عند بذره .
أما العلم الحديث فقد وجد أن اللون الأخضـر يترك أثراً طيباً في النفس، فهو يدخل السكينة عليها ويشيع روح التفاؤل ، وقد ذكر صاحب كتاب كيف تتعلم الرسم أن طبيبا يدعى (بوتر) قام بإجراء تجارب على هذا اللون فاستعمله مع الضوء الأخضـر في حالات الأمراض العصبية وعقب إجراء العمليات الجراحية فلاحظ على المريض :
1ـ زوال الصداع الناشئ عن التوتر العصبي .
2ـ الارتياح النفسي.
3ـ تخفيف التهيج الناشئ عن ارتفاع الحرارة.
4ـ النوم الهادئ[22].
ولهذا استخدم الأطباء اللون الأخضـر في الشـراشف وزيهم أثناء العمليات الجراحية .
[1]الكليني: محمد بن يعقوب: الكافي 5 : 332.
[2]الرازي: مختار الصحاح : 178-179 .
[3]سورة الأنعام:99.
[4]ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 13 : 38 .
[5]سورة الواقعة: 63 – 65.
[6]سورة الحج :63.
[7]الكحيل: عبد الدائم: كنوز الإعجاز العلمي في القرآن الكريم: 40.
[8]الأغر: نجيب كريم: إعجاز القرآن في ما تخفيه الأرحام، ط1- 1425هـ. ق ،الناشر: دار المعرفة، بيروت: 60.
[9]سورة يس:80.
[10]ظ: تفسير القمي 2: 218، حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي 7 : 254 .
[11]التفسير الإمام الحسن العسكري % : 529.
[12]ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 23 : 221 .
[13]ظ: المظفر: المنطق: 328.
[14]سورة الكهف:31.
[15]سورة الانسان:21.
[16]ظ: الفخر الرازي: مفاتيح الغيب 29 :136-137 .
[17]الاجانة- بكسـر فتشديد- إناء تغسل فيه الثياب و الجمع أجاجين.
[18]توحيد المفضل : 127.
[19]ظ: الخطيب: عبد الكريم: التفسير القرآني للقرآن الكريم 8 : 126 .
[20]الزمخشري: أساس البلاغة :166 .
[21]سورة الأنعام:99.
[22]ظ: كيف تتعلم الرسم وتعلمه : 122.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|