أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2015
19539
التاريخ: 6-12-2017
2643
التاريخ: 25-10-2015
5530
التاريخ: 25-10-2015
4613
|
أهم أثر للرقابة البرلمانية هي المسؤولية الوزارية أي سحب الثقة من الحكومة، وهي الحق الذي يخول البرلمان به في سحب الثقة من هيئة الوزارة مرة واحدة، أو من أحد ،وزرائها، متى كان العمل الصادر من الوزير أو من الحكومة يستوجب المساءلة، ويترتب على هذا العمل وجوب استقالة الوزارة أو الوزير، نتيجة سحب الثقة منها (1).
أن جذور المسؤولية السياسية تعود إلى ما قرره (مونتسيكو) في أن تمارس الرقابة على الأعمال، وليس على الأشخاص (الملوك المقدسين، وبالتالي غير مسؤولين، وإنما وزراؤهم هم المسؤولون عن أعمالهم في إبداء استشاراتهم للملك (2).
إن حق البرلمان في حجب الثقة من الوزارة كلها أو من أحد وزرائها، من غير توقيع أي عقوبة إذا كان العمل الذي ثارت من خلاله المسؤولية لا يعد جريمة، طبقاً للتشريعات الجنائية، وإذا ظهرت المسؤولية ابتداءً على الوجه الجنائي تتجسد في حق البرلمان مهاجمة الوزراء بالاتهام ومحاكمتهم، وكانت هذه المسؤولية تنصب على الوزير وحده الذي قام بالفعل، ولا تؤدي إلى المسؤولية التضامنية للوزارة ، وفي القرن السابع عشر تحولت المسؤولية الجنائية للوزير إلى مسؤولية سياسية من جانب البرلمان، الذي لم يتقيد حقه في الاتهام على المسائل الجنائية، بل يشمل الأخطاء الفادحة التي يقترفها الوزير، وأن الوزارة كانت تضطر الوزير على الاستقالة في حالة تقديم للبرلمان مستندات تثبت الأخطاء الجسيمة بحقة ، وظهرت المسؤولية التضامنية في أواخر القرن الثامن عشر على إثر المصادمات العنيفة بين البرلمان والوزارة (3).
ولقد شرعت فكرة المسؤولية السياسية في بدايات القرن التاسع عشر حتى صارت أساس لكافة أعمال الوزراء (4) وهذا إما أن تكون المسؤولية فردية لأحد الوزراء فيما يتعلق بأعمال وزارته واختصاصه سواء كان تنفيذاً للسياسة العامة للدولة أو ممارسة اختصاصاته في توجيه شؤون وزارته والإشراف عليها، وقد تكون المسؤولية تضامنية تقع على الوزارة بأكملها ، وهذا ما سوف نبينه في الفرعين الآتيين:
الفرع الأول
المسؤولية السياسية الفردية للوزارة
المسؤولية الفردية هي المسؤولية التي تنصب على الوزير نفسه، أو على وزراء معينين، حيث يكون الفعل الذي تتحرك من أجله منسوباً إلى وزير محدد متعلق بسياسته لا بالسياسة العامة لمجلس الوزراء (5).
والمسؤولية تبدأ بالاستجواب الذي يوجه من أحد نواب المجلس إلى الوزير في تصرف صادر منه، سواء كان هذا التصرف إيجابياً متمثلاً بقيامه بعمل غير مشروع أو سلبياً متمثلاً بالامتناع عن عمل، فهي إذن تتضمن جميع أعمال الوزراء وتصرفاتهم حتى وإن كانت غير مقصودة، سواء ظهرت منهم أو من الموظفين التابعين ومبدأ المسؤولية الفردية للوزارة يقوم ، سحب الثقة من الوزير من خلال تصرفاته، هو وليس ما يتعلق منها بالسياسة العامة لمجلس الوزراء، فإذا عزم البرلمان على سحب الثقة من الوزير يجب عليه الاستقالة بمفرده، من غير أن يؤثر ذلك على بقية زملائه من الوزراء (6) تنص المادة (61/ثامنا /أ) من دستور العراق لعام 2005 على أنه ( لمجلس النواب سحب الثقة من أحد الوزراء بالأغلبية المطلقة ويعد مستقيلاً من تاريخ ، الثقة، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته أو طلب موقع من خمسين عضواً أثر مناقشة الاستجواب الموجه إليه، ولا يصدر المجلس قراره في الطلب إلا بعد سبعة أيام في الأقل من تأريخ تقديمه). وجاءت هذه المادة مطابقة للمادة (63) من النظام الداخلي لمجلس النواب، ويعد الوزير مستقيلاً من تاريخ سحب الثقة (7). فالوزير هنا تسـحب الثقة منه بعد الاستجواب الذي يؤكد به تقصيره ثم يتخذ مجلس النواب قراره بسحب الثقة من الوزير بناء على الأغلبية المطلقة من عدد الحاضرين (8) .. من الملاحظ إن تقديم الاستقالة من سحبت منه الثقة ويعد من النتائج الحتمية التي تترتب على سحب الثقة .
ومن الأمثلة لذلك ما قام به البرلمان العراقي في جلسة استجواب السيد وزير الدفاع في يوم الاثنين 2016/8/1 (9) وكانت نتيجة الاستجواب بعد التصويت إن المجلس لم يقتنع بأجوبة السيد المستجوب وزير الدفاع (10) ، وسيتم التصويت على حجب الثقة منه ، في جلسة الاثنين 2016/8/15(11). وكذلك استجواب السيد (وزير المالية في جلسة الخميس 2016/8/25 (12) وكانت نتيجة الاستجواب : التصويت على عدم القناعة بأجوبة السيد وزير المالية خلال جلسة الاستجواب في يوم السبت 2016/8/27 ، والتصويت على سحب الثقة بموافقة (158) نائباً مقابل رفض (77) نائباً وتحفظ (14) نائباً في جلسة (17) في يوم الاربعاء 2016/9/21(13) وتم استجواب السيد (رئيس هيئة الاعلام والاتصالات) غيابيا من طالب الاستجواب في جلسة الخميس (2017/3/9)(14) وكانت نتيجة الاستجواب التصويت بالأغلبية المطلقة البالغة (160 ) نائب من أصل (216 ) نائب على اعفاء السيد (رئيس هيئة الاعلام والاتصالات ) من منصبه بناءً على طلب نيابي مقدم من (50) نائباً لعدم حضوره جلســــة الاستجواب (24) في 2017/4/11.
وجاء في الدستور المصري عن استجواب الوزراء ومسؤوليتهم في القول (الوزراء مسؤولون أمام مجلس الشعب على السياسة العامة للدولة وكل وزير مسؤول عن أعمال وزارته ولمجلس الشعب أن يقرر سحب من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم، ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلا بعد استجواب، وبناءً على اقتراح عشر أعضاء المجلس. ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراراه في الطلب قبل ثلاثة أيام على الأقل من تقديمه ويكون سحب الثقة بأغلبية أعضاء المجلس)(15).
وكذلك تضمنت (128) منه على استجواب الوزراء في القول (إذا قرر المجلس سحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو نوابهم وجب عليه اعتزال منصبه).
ومن الواضح إن المسؤولية الوزارية الفردية تعني مسؤولية الوزير بمفرده عن جميع ما يصدر عنه من تصرفات، سواء كانت التصرفات محل المساءلة قد صدرت من الوزير شخصياً أو عن موظفي وزارته، وان الأثر المترتب على المسؤولية الوزارية الفردية هي الاستقالة وتعد الجزاء الأقصى لها، أو اتخاذ الخطوات العلاجية لتصحيح الأخطاء، ولضمان عدم تكرار حدوثها مجدداً.
الفرع الثاني
المسؤولية السياسية الجماعية( التضامنية) للوزراء
المسؤولية التضامنية تعني أن أعضاء الحكومة مسؤولون جميعاً أمام البرلمان عن كافة التصرفات والأفعال التي تتصل بالسياسة العامة التي تسلكها الحكومة لإدارة شؤون الدولة، ويلتزم هؤلاء جميعهم بالدفاع عن سياسة الحكومة والقرارات المتخذة من ناحيتها تطبيقاً لهذه السياسة، سواء كان داخل البرلمان أو خارجه، فإذا كان أحدهم غير راض عن سياسة الحكومة، ولا توجد لديه الميل في الدفاع عنها، فإنه يلزم عليه أن يستقيل، وهي مسؤولية يتحملها بالتضامن كل عضو في الحكومة (16). إن سبب وجود المسؤولية التضامنية إلى ضرورة كون وحدة العمل في السلطة التنفيذية هي شرط ضروري لحسن سير الأعمال السياسية (17).
ويتضح من ذلك أن المبدأ الذي تقوم عليه المسؤولية التضامنية هو إسهام الوزراء في رسم السياسة العامة في أدارة شؤون البلاد. ولا اختلاف في ذلك من كان معارضاً أو مؤيداً لهذه السياسة، وبالتالي يترتب على اعتراض البرلمان لهذه السياسة سحب الثقة من الوزارة واستقالتها بكاملها.
وعالج الدستور العراقي في المادة (61 / ثامناً (ب) فيما يتعلق بسحب الثقة رئيس مجلس الوزراء ، حيث يكون بطلب من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب يصوت الأخير بقبول الطلب بخمس عدد أعضائه (18)، على أن يتم ذلك بعد استجواب رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم التصويت على سحب الثقة ولا يتم ذلك إلا بعد الحصول على الأغلبية المطلقة من عدد أعضاء المجلس الحاضرين فقط، ويترتب على المسؤولية هنا استقالة الوزارة إذا قرر المجلس سحب الثقة منها (19).
أما الدستور المصري لعام 1971 ، فقد نص على المسؤولية التضامنية أمام مجلس الشعب بالقول (لمجلس الشعب أن يقرر بناء على طلب عشر أعضائه مسؤولية رئيس مجلس الوزراء، ويصدر القرار بأغلبية أعضاء المجلس، ولا يجوز أن يصدر هذا القرار إلا بعد استجواب موجه إلى الحكومة، وبعد ثلاثة أيام علي الأقل من تقديم الطلب...) (20) ، وتضمنت المادة (128) من الدستور المصري أعلاه (إذا قرر المجلس سحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو نوابهم وجب عليه اعتزال منصبه، ويقدم رئيس مجلس الوزراء استقالته إلى رئيس الجمهورية إذا تقررت مسؤوليته أمام مجلس الشعب)
إن الدستور المصري جعل إجراءات سحب الثقة من الحكومة أكثر شدة من المسؤولية الوزارية الفردية، ومن الواضح هنا ثبات مسؤولية الوزير توجب تقديمه للاستقالة، أما ثبوت المسؤولية الوزارية متمثلة برئيس مجلس الوزراء، التي يقع فيها على رئيس مجلس الوزراء أن يقدم استقالة الوزارة كافة إلى رئيس الجمهورية.
ويرى الباحث إن الأصل العام هو أن يتم ممارسة الرقابة على الأمور المالية من قبل السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، والأخيرة تتكفل الجباية والأنفاق ضمن حدود قانونية مرسومة إن توفير فرص نجاح الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية هو أمر مرتبط بالإرادة السياسية والإلتزام المجتمعي، من حيث تشكل البرلمان هي التي تعزز نزاهته، كما وان مدى استقلاله يعزز قدرته في مواجهة الحكومة وتنشط دوره في مكافحة الفساد هذا بالإضافة إلى ضرورة توفر الإمكانية القانونية والرغبة السياسية لدى البرلمانين في مكافحة الفساد الوظيفي، ومن الواضح الوظيفة التشريعية في العراق هي من اختصاص مجلس النواب ونشد علي يده في سن القوانين ذات الأثر في مكافحة الفساد الوظيفي، وبنصوص جديدة محكمة وصياغة تشريعية واضحة يمكنها أن تكافح الفساد الوظيفي، وفق أحسن الطرق، مثل قانون الكسب غير المشروع، والذي يحاسب الموظفين على مورد ثرواتهم وقانون حماية الأموال العامة والذي يمكن له أن يحافظ تلك الأموال من الاختلاس والسرقة والتخريب وفق نصوص خاصة بعيدة عن ما نص عليه قانون العقوبات ليقوي دور البرلمان في مكافحة الفساد الوظيفي في العراق.
__________
1- د. محمد كامل ليلة ، النظم السياسية، دار الفكر العربي القاهرة 1984 ، ص 623.
2- محمد أحمد محمد غوبر ، الوزير في النظم السياسية المعاصرة، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1987، ص 609.
3- د.ماجد راغب الحلو، النظم السياسية والقانون الدستوري، دار المطبوعات الجامعية الاسكندرية، 1986، ص 775.
4- د. محمد أبو زيد، توازن السلطات ورقابتها دار النهضة العربية، القاهرة، 2003،، ص 139.
5- د. ماجد راغب الحلو، النظم السياسية والقانون الدستوري، مصدر سابق، ص 775.
6- سعاد زكي الشرقاوي، المسؤولية الوزارية في النظم السياسية المعاصرة، ص 49.
7- ينظر للمادة (63) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لعام 2006.
8- أنظر : قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق، رقم 27 / اتحادية 2009 الصادر بتاريخ 009/8/11 200، المنشور على موقع مجلس القضاء الأعلى العراقي.
9- جلسة (8) المنعقدة يوم الاثنين (2016/8/1 الدورة الانتخابية الثالثة ، مجلس النواب الدائرة الاعلامية، بغداد، 2018 .
10- جريدة الشرق الأوسط، البرلمان العراقي بسحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي ، الخميس 2016/8/25 ،صوت المجلس بموافقة (142) نائباً ومعارضة (102 ) على سحب الثقة من العبيدي بعد استجوابه بشأن عقود الاسلحة ، متاح على 722756/http://aawsat.com/node )
11 - جلسة (12) المنعقدة يوم الاثنين 2016/8/15 الدورة الانتخابية الثالثة مجلس النواب الدائرة الاعلامية ، بغداد، 2018
12- جلسة (13) المنعقدة يوم الخميس 2016/8/25، الدورة الانتخابية الثالثة مجلس النواب الدائرة الاعلامية، بغداد، 2018
13- البرلمان العراقي يرفض طلبا للعبادي ويطيح بوزير المالية ، جريدة الشرق الاوسط ، الخميس 2016/9/22 ، متاح على http://aawsat.com/node /743636
14- جلسة (16) المنعقدة يوم الخميس 2017/3/9 ، الدورة الانتخابية الثالثة مجلس النواب الدائرة الاعلامية، بغداد، 2018 .
15- المادة ( 126) من الدستور المصري لسنة 1971.
16- مصطفى أبو زيد فهمي، الدستور المصري فقها وقضاء، ط التاسعة، دار المطبوعات الجامعية، 1996 ، ص 754.
17- سيد رجب السيد محمد المسؤولية الوزارية في النظم السياسية المعاصرة مقارنة في النظام السياسي الإسلامي، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1986، ص 62.
18- انظر: المادة (64 / أولا) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لعام 2006.
19- استاذنا الدكتور سعد عطيه حمد موسى الجبوري، الرقابة على الانفاق العام في العقود الحكومية، ط1، المؤسسة الحديثة للكتاب ، لبنان، 2016 ص278.
20- المادة ( 127) من الدستور المصري لسنة 1971.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|