ثالثاً : الأولوية الثالثة، أو القروض (Loans) : 

القروض هي أهم استخدام الأموال المصرف ضمن أنشطة إستخدام الأموال. ففي المصارف التجارية، تتراوح نسبة القروض إلى مجموع الموجودات بين (55-60%). وتحقق المصارف أعلى عائد إجمالي من محفظة القروض ، قياساً بالعوائد من المحافظ الأخرى، تبرز بين مكونات محفظة القروض المصرفية، تلك القروض الممنوحة إلى منشآت الاعمال التجارية والصناعية .... التي قد تصل إلى حوالي (40% أو أكثر) من مجموع القروض، تليها في ذلك القروض الإستهلاكية (أو المقسطة) للقطاع العائلي و في المصارف الشاملة، التي لا تعمل على أساس التخصص القطاعي، تحتل القروض العقارية والإستهلاكية ثاني مرتبة مهمة بعد القروض التجارية والصناعية، وقد تصل أهمية القروض الصناعية والتجارية والاستهلاكية (الشخصية) والعقارية مجتمعة إلى حوالي (80%) من مجموع محفظة القروض التي تقدمها المصارف. أما المتبقي من القروض فيقدم للقطاعات الإنشائية (المقاولات) والزراعة، والمصارف، والمنشأت المالية الأخرى، والدولة، إذا كان المصرف غير متخصص وفي الدول النامية تبرز فقرة القروض المقدمة بشكل مباشر للدولة والقطاع العام، ضمن محفظة القروض. في حين تبرز في المصارف الكبيرة أهمية القروض لمنشأت الاعمال، بما فيها وتلك المقدمة للمنشأت المالية الأخرى، فإن المصارف الصغيرة تؤكد على القروض التجارية للمنشآت الصغرى والصغيرة والمتوسطة، والقروض الإستهلاكية.

 من المهم التمييز بين القروض الممنوحة على أساس الاستحقاق" (Maturity) وعلى أساس "التسعير " (Pricing). فالمصارف العاملة على أساس التقليد الإنجليزي (السابق) في العمليات المصرفية، تركز قروضها على الاستحقاقات قصيرة الأجل. أما المصارف غير المتخصصة بقطاع معين، فإنها تقرض لأجال قصيرة ومتوسطة وطويلة، تمتد أحيانا حتى تصل (10-15) سنة. هذا في حين تجمع المصارف الشاملة بين هاتين الخاصيتين. كما تتفاوت القروض من حيث سعر الفائدة المتعاقد عليه فهي أما أن تكون ذات أسعار فائدة مقومة أو متغيرة (Floating) أو أسعار ثابتة. تستمد أهمية إستحقاق القروض وتسعيرها من احتمال تفاوت هاتين الخاصيتين بين مصادر أموال المصرف واستخداماتها.

أ) الاستحقاق (Maturity) :

يتفاوت أجل القروض التي تمنحها المصارف التجارية. فالقروض" للشركات" وبعض القروض الصناعية، يمتد أجلها إلى سنة واحدة أو أقل أما القروض الإستهلاكية فقد تمتد لأجل أطول من ذلك، إذا كانت لتمويل شراء السيارات وغيرها من السلع الاستهلاكية المعمرة وإذا ما كان مسموحاً للمصرف التجاري، بموجب سیاسته، توسيع اوجه نشاطه لتشتمل على تمويل المعدات والمكائن الصناعية أو تمويل العقار، فإن أجل القروض يمتد لأطول من ذلك يعني هذا أن متوسط أجل محفظة القروض يعتمد على درجة تركزها في الأنشطة والقطاعات الاقتصادية. من جهة أخرى، فإن متوسط أجل القروض يعتمد على ما إذا كانت القروض مقسطة (Instalment Loans) أو أنها تُسدد بقسط واحد. "فالقروض المقسّطة"، هي التي يسدد أصلها وفوائدها بعدة أقساط خلال أجل القرض، وتتسم بانخفاض متوسط الأجل". هذا قياساً بالقروض "غير المقسطة"، التي تبقى مبالغها ، قائمة كما هي حتى نهاية أجل القرض بل أنه حتى ولو كان أجل القروض المقسطة أطول من  القروض غير المقسطة ، فإن "متوسط أجل" القروض المقسطة" (مرجحة بأجال الأقساط) قد يكون أقل من أجل "القروض غير المقسطة".  

(ب) تسعير القروض (Loan Pricing)

تتفاوت القروض، كذلك، من حيث طرق تحديد سعر الفائدة فالقروض ذات أسعار الفائدة الثابتة (Fixed-Rate Loans) تعني بقاء سعر الفائدة ثابتاً طيلة أجل القرض أما القروض ذات أسعار الفائدة المعومة أو المتغيرة (Floating-Rate Loans) فهي تعقد بإتفاق بين المصرف والمفترض على أجل يتقلب السعر خلاله، وذلك بحسب ظروف الأسواق النقدية والمالية، مع تحديد كيفية الارتباط بينها وبين سعر مرجعي محدد (Reference or Benchmark, Rate) (مثل، السعر على القروض بين المصارف، أو اللايبور، أو السعر المفضّل) مضافاً إليه هامش معين للتعبير عن المخاطر الإضافية مع تحديد المدة اللازمة لتنفيذ تعديلات أسعار الفائدة.

(ج) توحيد النظرة للقروض من حيث الإستحقاق والتسعير:

 تؤلف أجال القروض وأسعارها عنصراً مهما في صياغة مفهوم "إدارة الموجودات/ المطلوبات"، (Asset-Liability Management) وعلى النحو الآتي:

(أولا) تعتبر القروض ذات الأجال القصيرة جداً (وكذلك بعض القروض الأطول أجلاً) ذات أسعار الفائدة المعومة حساسة تجاه التغييرات في أسعار الفائدة (Interest Sensitive)، بمعنى أن الفوائد المتحققة من هذه القروض تتأثر مباشرة، بمستويات أسعار الفائدة السائدة في السواق.

(ثانياً) تعتبر القروض ذات الأجال الأطول وذات أسعار الفائدة الثابتة غير حساسة تجاه التغييرات في أسعار الفائدة السائدة في السوق.

(ثالثاً) لا بد أن تدار محفظة القروض المصرفية مع الأخذ في الاعتبار طبيعة مصادر تمويل المصرف، لأن الأخيرة تتفاوت هي الأخرى، من حيث حساسيتها تجاه

التغييرات في أسعار الفائدة السائدة في السوق.