أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1514
التاريخ: 11-10-2014
1724
التاريخ: 27-11-2014
2147
التاريخ: 2023-08-07
1878
|
قال تعالى : {يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثلٌ فَاستَمِعُوا لَهُ إِنَّ الّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلوِ اجْتَمعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيئاً لا يَسْتَنْقِذُوه مِنْهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطْلُوبُ * ما قَدَرُوا اللهَ حقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيّ عَزِيز} [الحج : 73ـ74] .
تفسيرُ الآيات
كان العرب في العصر الجاهلي موحّدين في الخالقية ، ويُعربون عن عقيدتهم : بأنّه لا خالق في الكون سوى الله سبحانه ، وقد حكاه سبحانه عنهم في غير واحد من الآيات ، قال سبحانه : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمواتِ وَالأَرضَ لَيقُولُنَّ خَلقهُنَّ العَزِيزُ العَلِيم} [الزخرف : 9] .
ولكنّهم كانوا مشركين في التوحيد في الربوبية ، وكأنّه سبحانه ـ بزعمهم ـ خَلقَ السماوات والأرض وفوّض تدبيرهما إلى الآلهة المزعومة ، ويكشف عن ذلك إطلاق المشركين لفظ الأرباب في جميع العهود على آلهتهم المزعومة ، يقول سبحانه : {أَأَرْبابٌ مُتَفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الواحِدُ القَهّار} [يوسف : 39] ، والآية وإن كانت تُفصح عن عقيدة المشركين في عهد يوسف ، إلاّ أنّها تُماثل إلى حدّ كبير عقيدة المشركين في مكّة ، بشهادة أنّ الآية نزلت للتنديد بهم والحطِّ من عقيدتهم الفاسدة .
وهناك آيات أُخرى تكشف عن شركهم في الربوبية :
يقول سبحانه : {وَاتّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلهةً لَعلَّهُمْ يُنْصَرُون} [يَس : 74] ، فقد كانوا يعبدون آلهتهم في سبيل نصرتهم في ساحات الوغى ، قال سبحانه : {وَاتّخذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلهةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً} [مريم : 81] .
فكان الهدف من الخضوع لدى الآلهة هو : طلب العزّ منهم في مختلف المجالات ، إلى غير ذلك من الآيات التي تدلّ على أنّ مشركي عصر الرسول لم يكونوا موحّدين في الربوبية ، وإن كانوا كذلك في مجال الخالقية .
وهناك آيات كثيرة تصف الأصنام والأوثان بأنّها : لا تملك كشف الضرّ ، كما لا تملك النفع والضرّ ، ولا النصر في الحرب ، ولا العزّة في الحياة ، كلّ ذلك يدلّ على أنّ المشركين كانوا يعتقدون أنّ في آلهتهم قوّة وسلطاناً يكشف عنهم الضرّ ويجلب إليهم النفع ، وهذه عبارة أُخرى عن تدبيرهم للحياة الإنسانية ، يقول سبحانه : {قُلِ ادْعُوا الّذينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّر عَنْكُمْ وَلا تحْوِيلاً} [الإسراء : 56] ، وقال تعالى : {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرّك} [يونس : 106] .
وقال تعالى : {إِن تَدَعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} [فاطر : 14] ، إلى غير ذلك من الآيات التي تُبطل تدبير الآلهة المزيّفة .
إذا عرفتَ ذلك ، فاعلم أنّه سبحانه ضربَ في المقام أمثالاً أبطلَ بها ربوبية الأصنام ، بالبيان التالي :
أمّا الذباب : فهو عندهم أضعف الحيوانات وأوهنها ، ومع ذلك فآلهتهم عاجزون عن خَلق الذباب ، وإن سلبَ الذباب منهم شيئاً لا يستطيعون استنقاذه منه .
فقد روي أنّ العرب كانوا يُطلون الأصنام بالزعفران ورؤوسها بالعسل ويغلقون عليها الأبواب ، فيدخل الذباب من الكوى فيأكله ، يقول سبحانه : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ} أي يعبدونه ، والدعاء هنا بمعنى العبادة ، كما في قوله سبحانه : {وَقالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِين} [غافر : 60] فدعاؤه سبحانه عين عبادته ، كما أنّ دعاء الآلهة المزيّفة ـ بما أنّها أرباب عند الداعي ـ عبادة لها .
{لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلوِ اجْتَمعُوا لَهُ} مع صغره وضعفه {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيئاً لا يَسْتَنْقِذُوه مِنْهُ} كما عرفتَ من أنّ الذباب ربّما يأكل العسل الموجود على رؤوس الأصنام .
{ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطْلُوبُ} وفيها احتمالات :
الأول : إنّ المراد من الطالب والمطلوب هو العابد والمعبود ، فالإنسان ضعيف كما هو واضح ، وقال سبحانه : {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} والمطلوب ، أعني : الأصنام مِثله ؛ لأنّه جماد لا يقدر على شيء .
الثاني : ويُحتمل أن يكون المراد من الطالب هو الذباب الذي يطلب ما طُليت به الأصنام ، والمطلوب هي الأصنام التي تريد استنقاذ ما سُلِب منها .
الثالث : المراد من الطالب الآلهة فإنّهم يطلبون خَلق الذباب فلا يقدرون على استنقاذ ما سلبهم ، والمطلوب الذباب حيث يُطلب للاستنقاذ منه ، والغاية من التمثيل : بيان ضعف الآلهة لتنزيلها منزلة أضعف الحيوانات في الشعور والقدرة .
ثمّ إنّه سبحانه يعود ليبيّن منشأ إعراضهم عن عبادة الله وانكبابهم على عبادة الآلهة بقوله : {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي ما نزّلوه المنزلة التي يستحقها ولم يعاملوه بما يليق به ، فلذلك أعرضوا عن عبادة الخالق وانصرفوا إلى عبادة المخلوق الذي لا ينفع ولا يضر ، فلو كان هؤلاء عارفين بالله وأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، لاعترفوا بأنّه لا خالق ولا ربّ سواه ، وعلى ضوء ذلك لا معبود سواه ، ولكن لم يقدروا الله بما يليق به ، فلذلك شاركوه أضعف المخلوقات وأذلّهم ، مع أنّه سبحانه {هوَ الَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} بخلاف الآلهة فإنّهم الضعفاء والأذلاّء .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|