أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2018
852
التاريخ: 15-1-2019
1058
التاريخ: 26-11-2018
888
التاريخ: 23-2-2019
981
|
على الرغم من أن جون دالتون كان قد أعاد إدخال فكرة الذرات إلى مجال العلوم، تبع ذلك نشوب الكثير من المجادلات بين علماء الكيمياء، وأنكر أغلبهم حرفيًّا وجود الذرات في حد ذاتها. كان من أولئك الكيميائيين المتشكِّكين مندليف نفسه، ولكن كما رأينا في فصول سابقة، فإن هذا لم يمنعه من نشر أنجح منظومة دورية من بين كل ما قُدِّم في عصره. ولكن إثر ما ظهر من أبحاثٍ لعلماء في الفيزياء مثل ألبرت أينشتاين، صارت حقيقة الذرة أكثر تأكيدًا مع بدايات القرن العشرين؛ فقد قَدَّم بحثٌ لأينشتاين في عام 1905 عن الحركة البراونية — مستخدِمًا وسائل إحصائية — تبريرًا نظريًّا حاسمًا لوجود الذرات، ولكن كان ينقصه الدعم التجريبي؛ وسرعان ما قدَّمَ هذا الدعمَ التجريبيَّ الفيزيائيُّ التجريبي الفرنسي جان بيرين.
كان هذا التغيير مصحوبًا بكثير من الخطوط البحثية التي تهدف إلى استكشاف بنية الذرة، كما كان مصحوبًا أيضًا بتطوُّرات كان لها بالتأكيد تأثيرٌ كبير على محاولات العلماء لفهم المنظومة الدورية نظريًّا. وفي هذا الفصل ندرس بعضًا من هذه الأبحاث الذرية، فضلًا عن العديد من الاكتشافات الرئيسية الأخرى في مجال علم فيزياء القرن العشرين، التي أسهمت فيما أسمِّيه غزْوَ الفيزياء للجدول الدوري.
لقد جاء اكتشاف الإلكترون، وأول جسيم تحت ذري، وأول تلميح إلى أن للذرة بنية تفصيلية؛ في عام 1897 على يد العالم الرائع جيه جيه طومسون، أثناء عمله بمختبر كافندش في كامبريدج. وقبل هذا بقليل، وتحديدًا في عام 1895، كان العالم فيلهلم كونراد رونتجن قد اكتشف الأشعةَ السينية في فيورتسبورج بألمانيا، وسرعان ما وُضِعت تلك الأشعة الجديدة موضعَ الاستخدام المثمِر من قِبَل هنري موزلي، وهو فيزيائي شاب كان يعمل في البداية في مانشستر، ثم انتقل إلى أكسفورد ليقضي فيها بقيةَ حياته العلمية القصيرة.
وبعد أن قدَّمَ رونتجن وصفًا علميًّا للأشعة السينية بعام واحد فقط، اكتشف هنري بيكريل في باريس ظاهرةً مهمة جدًّا اسمها النشاط الإشعاعي؛ حيث تتحلَّل ذرات معينة تلقائيًّا بينما تطلق عددًا من أنواع جديدة مختلفة من الأشعة. أما مَن سكَّ بالفعل مصطلح «النشاط الإشعاعي» فهو العالمة البولندية المولد، والفرنسية الإقامة، ماريا سكلودوفسكا (التي صار اسمها فيما بعدُ ماري كوري) (شكل 6-1)، التي شاركتْ زوجَها العالم الفرنسي بيير كوري عملَه العلمي بإجراء التجارب على تلك الظاهرة الجديدة الخَطِرة، وسرعان ما اكتشفَا عنصرين جديدين أطلقَا عليهما اسمَي البولونيوم والراديوم.
وعن طريق دراسة كيفية تفكُّك الذرات بينما يحدث لها تحلُّلٌ إشعاعيُّ النشاط، صار من الممكن سبر أغوار مكونات الذرة بفاعلية أكبر، فضلًا عن القوانين التي تحكم كيفية تحوُّل الذرات إلى ذرات أخرى؛ ومن ثَمَّ، وعلى الرغم من أن الجدول الدوري يتعامل مع ذرات فردية متمايزة أو ذرات لعناصر مختلفة، فإن هناك على ما يبدو بعض «الصفات» التي تسمح لبعض الذرات بأن تتحوَّل إلى ذرات أخرى في الظروف السليمة وبالشروط الصحيحة؛ فعلى سبيل المثال: فقدان عنصرٍ ما لجسيم ألفا الذي يتركَّب من نواة هيليوم فيها بروتونان، ينتج عنه خفض العدد الذري لهذا العنصر بمقدار وحدتين.
هناك فيزيائي آخَر كان له تأثير كبير، وكان يُجرِي أبحاثه في تلك الآونة؛ هذا العالم اسمه إرنست رذرفورد، وهو نيوزيلندي الأصل، وصل إلى كامبريدج ليحصل على زمالة بحثية، ثم أمضى فترات من الزمن بجامعة ماكجيل في مونتريال وبجامعة مانشستر، وبعد ذلك عاد إلى كامبريدج ليتولى إدارة معمل كافندش خَلَفًا للعالم جيه جيه طومسون. كانت إسهامات رذرفورد في علم الفيزياء الذرية كثيرة ومتنوعة، وشملت اكتشاف القوانين التي تهيمن على الانحلال الإشعاعي، فضلًا عن كونه أول مَن «شطر الذرة». كما كان رذرفورد أول مَن حقَّقَ عملية «تحويل» العناصر إلى عناصر أخرى جديدة، وبهذه الطريقة حقَّقَ نظيرًا اصطناعيًّا لعملية النشاط الإشعاعي التي تُنتِج بالمثل ذرات من عنصر مختلف تمامًا، كما أكَّد مجددًا على فكرة أخرى هي الوحدة الجوهرية لجميع صور المادة، ومن قبيل المصادفة أن مندليف كان يعارض بشدةٍ هذه الفكرة أثناء حياته.
كما كان لرذرفورد اكتشاف آخَر يتمثَّل في النموذج النووي للذرة، وهو مفهوم يكاد يكون من المسلمات اليومَ؛ هذا المفهوم يتمثَّل تحديدًا في الفكرة القائلة بأن الذرة تتركَّب من نواة مركزية تحيط بها مدارات تدور فيها إلكترونات سالبة الشحنة. وكان سلفه في كامبريدج، وهو طومسون، يظن أن الذرة تتركب من كرة موجبة الشحنة تدور في داخلها الإلكترونات في شكل حلقات.
ومع ذلك، لم يكن رذرفورد أول مَن اقترح نموذجًا نوويًّا للذرة يشبه نظامًا شمسيًّا مصغرًا؛ إذ إن هذا المفهوم المتميز ينتمي إلى الفيزيائي الفرنسي جان بيرين، الذي افترض في عام 1900 أن الإلكترونات السالبة تدور حول النواة الموجبة كما تدور الكواكب السيارة حول الشمس. وفي عام 1903 تعرَّضت هذه المضاهاة الفلكية لتحريفٍ جديد من جانب هانتارو ناجاوكا من اليابان، الذي تقدَّم بنموذجه «الزُّحلي» الذي حلت فيه الإلكترونات محل الحلقات الشهيرة التي حول كوكب زحل، ولكن لم يستطع بيرين ولا ناجاوكا التوصُّل إلى دليل تجريبي قوي يدعم نموذجَيْهما عن الذرة، بينما استطاع رذرفورد ذلك.
قام رذرفورد، ومعه زميلاه جايجر ومارسدن، بإطلاق سيل من جسيمات ألفا تجاه رقاقة معدنية مصنوعة من الذهب، فحصلوا على نتيجة أدهشتهم كثيرًا؛ فبينما مرت معظم جسيمات ألفا خلال رقاقة الذهب بسهولة ودون إعاقة تقريبًا، فإن عددًا ملحوظًا منها انحرف بزوايا مائلة جدًّا. وكان استنتاج رذرفورد أن ذرات الذهب أو أي شيء آخَر يتصل بهذه المادة، يتركب في معظمه من فراغ تام، باستثناء نواة مركزية كثيفة. وحقيقةُ أن بعض جسيمات ألفا قد ارتدَّتْ عكسيًّا بشكل غير متوقَّع باتجاه تيار جسيمات ألفا المسلَّطة؛ كانت دليلًا على وجود نواة مركزية دقيقة في كل ذرة.
ومن ثَمَّ تبيَّن أن الطبيعة أكثر مرونةً ممَّا كان يُظَن سابقًا؛ فعلى سبيل المثال: كان مندليف يعتقد أن العناصر لها طبيعة فردية تمامًا، ولم يتقبَّل فكرة أن العناصر يمكن أن تتحوَّل إلى عناصر أخرى مختلفة. وفي الواقع، وبعد أن بدأ الزوجان كوري يعلنان عن التجارب التي توحي بتفكُّك الذرات، سافَرَ مندليف إلى باريس ليرى الأدلةَ بنفسه، وحدث هذا قرب نهاية حياته. وليس من الواضح ما إذا كان قد وافَقَ على هذه الفكرة الجديدة غير العادية حتى بعد زيارته لمختبر كوري.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|