المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



الإمام علي (عليه السلام) وقتاله للمارقين " حرب النهروان "  
  
1186   01:51 صباحاً   التاريخ: 2024-01-27
المؤلف : السيد محمد هادي الميلاني
الكتاب أو المصدر : قادتنا كيف نعرفهم
الجزء والصفحة : ج1، 571-580
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / بيعته و ماجرى في حكمه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2016 3460
التاريخ: 15-3-2016 3685
التاريخ: 9-4-2016 3257
التاريخ: 14-10-2015 3377

آثار التحكيم :

قال المسعودي : " وكان فيما كتب في الصحيفة أن يحيي الحكمان ما أحيى القرآن ويميتا ما أمات القرآن ولا يتبعان الهوى ، ولا يداهنان في شئ من ذلك فان فعلا فلا حكم لهما والمسلمون من حكمهما براء وقال علي للحكمين حين اكره على أمرهما ورد الأشتر وكان قد أشرف في ذلك اليوم على الفتح فأخبره مخبر بما قالوا في علي وانه إنّ لم يرده سلم إلى معاوية يفعل به ما فعل بابن عفان ، فانصرف الأشتر خوفاً على علي ، فقال لهما علي : على إنّ تحكما بما في كتاب الله ، وكتاب الله كله لي ، فإن لم تحكما بما في كتاب فلا حكم لكما ، وصيروا الأجل إلى شهر رمضان على اجتماع الحكمين في موضع بين الكوفة والشام "[1].

وقال : " ولما وقع التحكيم تباغض القوم جميعاً واقبل بعضهم يتبرأ من بعض : يتبرأ الأخ من أخيه ، والابن من أبيه ، وأمر عليٌ بالرحيل ، لعلمه باختلاف الكلمة ، وتفاوت الرأي ، وعدم النظام لأمورهم ، وما لحقه من الخلاف منهم وكثر التحكيم في جيش أهل العراق ، وتضارب القوم بالمقارع ونعال السيوف وتسابوا ، ولام كل فريق منهم الآخر في رأيه ، وسار علي يؤم الكوفة ولحق معاوية بدمشق من أرض الشام ، وفرق عساكره فلحق كل جند منهم ببلده "[2].

وقال : " ولما دخل علي رضي الله عنه الكوفة انحاز عنه اثنا عشر الفاً من القراء وغيرهم ، فلحقوا بحرُوراء - قربة من قرى الكوفة - وجعلوا عليهم شبث بن ربعي التميمي ، وعلى صلاتهم عبد الله بن الكواء اليشكري من بكر بن وائل ، فخرج علي إليهم وكانت له معهم مناظرات ، فدخلوا جميعاً الكوفة وإنما سموا الحرورية لاجتماعهم في هذه القرية وانحيازهم إليها "[3].

وقال أيضاً : " لما قدم علي الكوفة جعلت الحرورية تناديه وهو على المنبر : جزعت من البلية ورضيت بالقضية ، وقبلت الدنية ، لا حكم إلا لله ، فيقول : حكم الله انتظر فيكم ، فيقولون ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )[4] فيقول علي : فاصبر إنّ وعد الله حق ، ( وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ )[5].

قال ابن الأثير : " وخطب علي ذات يوم فحكمت المحكمة في جوانب المسجد ، فقال علي : الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل ! إن سكتوا غممناهم ، وإن تكلموا حججناهم ، وإن خرجوا علينا قاتلناهم ، فوثب يزيد بن عاصم المحاربي ، فقال : الحمد لله غير مودع ربنا ولا مستغنى عنه ، اللّهم إنا نعوذ بك من اعطاء الدنية في ديننا ، فان اعطاء الدنية في الدين إدهانٌ في أمر الله وذل راجع بأهله إلى سخط الله ، يا علي أبا لقتل تخوفنا ؟ أما والله إني لأرجو إنّ نضربكم بها عما قليل غير مصفحات ، ثم لتعلم أينا أولى بها صلياً ، ثم خرج هو وأخوة له ثلاثة فأصيبوا مع الخوارج بالنهر وأصيب أحدهم بعد ذلك بالنخيلة ثم خطب علي يوماً آخر فقام رجل فقال : لا حكم إلا لله : ثم توالى عدة رجال يحكمون فقال علي : الله أكبر ، كلمة حق أريد بها باطل ؟ أما إنّ لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا ، لا نمنعكم مساجد الله إنّ تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نقاتلكم حتى تبدأونا ، وإنما فيكم أمر الله ، ثم رجع إلى مكانه من الخطبة "[6].

كلام علي في الخوارج :

روى الشريف الرضي :

" ومن كلام له عليه السّلام كلّم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة وتنادوا : أن لا حكم إلا لله . أصابكم حاصبٌ ، ولا بقي منكم آثر ، أبعد ايماني بالله وجهادي مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ، أشهد على نفسي بالكفر . ( قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ )[7] فأوبوا شر مآب ، وارجعوا على أثر الأعقاب ، أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا ، وسيفاً قاطعاً وأثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة "[8].

وقال ابن أبي الحديد في شرح ذلك : " واعلم إنّ الخوارج على أمير المؤمنين عليه السّلام كانوا أصحابه وأنصاره في الجمل وصفين قبل التحكيم ، وهذه المخاطبة لهم ، وهذا الدعاء عليهم ، وهذا الأخبار عن مستقبل حالهم وقد وقع ذلك ، فان الله تعالى سلط على الخوارج بعده الذل الشامل ، والسيف القاطع والأثرة من السلطان ، وما زالت حالهم تضمحل ، حتى أفناهم الله تعالى وأفنى جمهورهم ولقد كان لهم من سيف المهلب بن أبي صفرة وبنيه الحتف القاضي ، والموت الزؤام "[9].

ومن كلام له عليه السّلام : " قاله للخوارج ، وقد خرج إلى معسكرهم وهم مقيمون على انكار الحكومة فقال عليه السّلام : " أكلكم شهد معنا صفين ؟ قالوا : منا من شهد ومنا من لم يشهد ، قال : فامتازوا فرقتين فليكن من شهد صفين فرقة ومن لم يشهدها فرقة حتى أكلم كلا منكم بكلامه ونادى الناس ، فقال : امسكوا عن الكلام ، وانصتوا لقولي ، وأقبلوا بأفئدتكم إلي ، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها ، ثم كلمهم عليه السّلام بكلام طويل ، من جملته إنّ قال عليه السّلام : ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة ، ومكراً وخديعة : اخواننا وأهل دعوتنا استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم ؟ فقلت لكم : هذا أمر ظاهره ايمان وباطنه عدوان ، وأوله رحمة وآخره ندامة ، فأقيموا على شأنكم والزموا طريقكم ، وعضّوا على الجهاد بنواجذكم ، ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق : إن أجيب أضلَّ ، وإن ترك ذلَّ وقد كانت هذه الفعلةُ ، وقد رأيتكم أعطيتموها ، والله لئن أبيتها ما وجبت علي فريضتها ولا حملني الله ذنبها ، ووالله إنّ جئتها إني للمحق الذي يتبع وإن الكتاب لمعي ، ما فارقته مذ صحبته : فلقد كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات ، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا ايماناً ومضياً على الحق ، وتسليماً للأمر ، وصبراً على مضض الجراح ، ولكنا انما أصبحنا نقاتل اخواننا في الاسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج ، والشبهة والتأويل فإذا طمعنا في خصلة يلم الله بها شعثنا ، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا ، رغبنا فيها ، وأمسكنا عما سواها "[10].

قتل الخوارج لعبد الله بن خباب :

قال ابن الأثير : " قيل : لما أقبلت الخارجة من البصرة حتى دنت من النهروان رأى عصابة منهم رجلا يسوق بامرأة على حمار ، فدعوه فانتهروه فأفزعوه وقالوا له : من أنت ؟ قال : أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا له : أفزعناك ؟ قال : نعم ، قالوا : لا روع عليك ، حدّثنا عن أبيك حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تنفعنا به فقال : حدّثني أبي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه يمسي فيها مؤمناً ويصبح كافراً ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً ، قالوا : لهذا الحديث سألناك فما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فأثنى عليهما خيراً ، قالوا : ما تقول في عثمان في أول خلافته وفي آخرها ؟ قال : انه كان محقاً في أولها وفي آخرها ، قالوا : فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده ؟ قال : انه اعلم بالله منكم وأشد توقياً على دينه وأنفذ بصيرة ، فقالوا : إنك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على افعالها ، والله لنقتلنك قتلةً ما قتلناها احداً .

فأخذوه وكتفوه ثم اقبلوا به وبامرأته ، وهي حبلى متم ، حتى نزلوا تحت نخل مواقير ، فسقطت منه رطبة ، فأخذها أحدهم فتركها في فيه فقال آخر : أخذتها بغير حلها وبغير ثمن ، فألقاها ثم مر بهم خنزير لأهل الذمة فضربه أحدهم بسيفه ، فقالوا : هذا فساد في الأرض فلقى صاحب الخنزير فأرضاه ، فلما رأى ذلك منهم ابن خباب قال : لئن كنتم صادقين فيما أرى فما علي منكم من بأس ، إني مسلم ما أحدثت في الاسلام حدثاً ، ولقد آمنتموني قلتم : لا روع عليك فأضجعوه فذبحوه ، فسأل دمه في الماء ، وأقبلوا إلى المرأة فقالت : أنا امرأة إلا تتقون الله ! فبقروا بطنها ، قتلوا ثلاث نسوة من طئ ، وقتلوا أم سنان الصيداوية .

فلما بلغ علياً قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم الناس ، بعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم وينظر ما بلغه عنهم ويكتب به اليه ولا يكتمه ، فلما دنا منهم يسائلهم قتلوه ، وأتى علياً الخبر والناس معه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا ؟ سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام "[11].

اجتماع الخوارج ومسير علي إليهم :

قال المسعودي : " واجتمعت الخوارج في أربعة آلاف ، فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي ولحقوا بالمدائن وقتلوا عبد الله بن خباب عامل علي عليها ، ذبحوه ذبحا وبقروا بطن امرأته وكانت حاملا ، وقتلوا غيرها من النساء ، وقد كان علي انفصل عن الكوفة في خمسة وثلاثين الفاً ، وأتاه من البصرة من قبل ابن عبّاس - وكان عامله عليها - عشرة آلاف فيهم الأحنف بن قيس وحارثة بن قدامة السعدي ، وذلك في سنة ثمان وثلاثين ، فنزل على الأنبار والتأمت اليه العساكر ، فخطب الناس وحرضهم على الجهاد ، وقال : سيروا إلى قتلة المهاجرين والأنصار قدماً ، فإنهم طالما سعوا في اطفاء نور الله وحرضوا على قتال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن معه ، ألا إنّ رسول الله أمرني بقتال القاسطين وهم هؤلاء الذين سرنا إليهم ، والناكثين وهم هؤلاء الذين فرغنا منهم ، والمارقين ولم نلقهم بعد ، فسيروا إلى القاسطين ، فهم أهم علينا من الخوارج ، سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين يتخذهم الناس أرباباً ، ويتخذون عباد الله خولا ومالهم دولا ، فأبوا إلا إنّ يبدؤوا بالخوارج ، فسار علي إليهم ، حتى أتى النهروان ، فبعث إليهم بالحارث بن مرة العبدي رسولا يدعوهم إلى الرجوع ، فقتلوه ، وبعثوا إلى علي : إنّ تبت من حكومتك وشهدت على نفسك بالكفر بايعناك ، وإن أبيت فاعتزلنا حتى نختار لأنفسنا إماماً فأنا منك براء فبعث إليهم علي : إنّ ابعثوا إلي بقتلة اخواني فأقتلهم ثم أتارككم إلى إنّ أفرغ من قتال أهل المغرب ولعل الله يقلب قلوبكم ، فبعثوا اليه : كلنا قتلة أصحابك وكلنا مستحل لدمائهم مشتركون في قتلهم وأخبره الرسول - وكان من يهود السواد - إنّ القوم قد عبروا نهر طبرستان ، وهذا النهر عليه قنطرة ، تعرف بقنطرة طبرستان بين حلوان وبغداد ، من بلاد خراسان ، فقال علي : والله ما عبروه ولا يقطعونه حتى نقتلهم بالرميلة دونه ، ثم تواترت عليه الأخبار بقطعهم لهذا النهر وعبورهم هذا الجسر ، وهو يأبى ذلك ويحلف إنهم لم يعبروه وأن مصارعهم دونه ، ثم قال : سيروا إلى القوم ، فوالله لا يفلت منهم إلا عشرة ولا يقتل منكم إلا عشرة ، فسار علي ، فأشرف عليهم ، وقد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة على حسب ما قال لأصحابه فلما أشرف عليهم قال : الله أكبر ، صدق ( الله و ) رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فتصاف القوم ووقف عليهم بنفسه ، فدعاهم إلى الرجوع والتوبة ، فأبوا ورموا أصحابه ، فقيل له : قد رمونا فقال : كفوا ، فكرروا القول عليه ثلاثاً وهو يأمرهم بالكف ، حتى أتى برجل قتيل متشحط بدمه ، فقال علي : الله أكبر ، الآن حل قتالهم ، احملوا على القوم ، فحمل رجل من الخوارج على أصحاب علي فخرج فيهم ، وجعل يغشى كل ناحية ، ويقول :

أضربهم ولو أرى علياً * ألبسته أبيض مشرَفيّا

فخرج اليه علي رضي الله عنه ، وهو يقول :

يا أيَّ هذا المبتغي علياً * إني أراك جاهلا شقيّا

قد كنت عن كفاحه غنّياً * هلّم فأبرزها هنا إليّا

وحمل عليه عليٌ فقتله ، ثم خرج منهم آخر ، فحمل على الناس ، ففتك فيهم وجعل يكر عليهم ، وهو يقول :

أضربهم ولو أرى أبا حسن * ألبسته بصارمي ثوب غَبَن

فخرج اليه علي وهو يقول :

يا أيّهذا المبتغى أبا حسن * إليك فانظر أيّنا يلقى الغبن

وحمل عليه عليٌ وشكه بالرمح ، وترك الرمح فيه ، فانصرف علي وهو يقول : لقد رأيت أبا حسن فرأيت ما تكره وحمل أبو أيوب الأنصاري على زيد بن حصن فقتله ، وقتل عبد الله بن وهب الراسبي ، قتله هاني بن حاطب الأزدي ، وزياد بن حفصة ، وقتل حرقوص بن زهير السعدي ، وكان جملة من قتل من أصحاب علي تسعة ولم يفلت من الخوارج إلا عشرة ، وأتى عليٌ على القوم ، وهم أربعة آلاف ، فيهم المخدع ] ذو الثدية [ إلا من ذكرنا من هؤلاء العشرة ، وأمر علي بطلب المخدج ، فطلبوه ، فلم يقدروا عليه ، فقام علي وعليه أثر الحزن ، لفقد المخدج فانتهى إلى قتلى بعضهم فوق بعض ، فقال : أفرجوا ، ففرجوا يميناً وشمالا واستخرجوه ، فقال علي رضي الله عنه : الله أكبر ، ما كذبت على محمّد ، انه لناقص اليد ، ليس فيها عظم ، طرفها حلمة مثل ثدي المرأة عليها خمس شعرات أو سبع ، رؤوسها معقفة ، ثم قال : أئتوني به ، فنظر إلى عضده فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة عليه شعرات سود إذا مدت اللحمة امتدت حتى تحاذي بطن يده الأخرى ، ثم تترك فتعود إلى منكبه ، فثنى رجله ونزل ، وخر لله ساجداً .

ثم ركب ومر بهم وهم صرعى ، فقال : لقد صرعكم من غركم ، قيل : ومن غرهم ؟ قال : الشيطان وأنفس السوء[12] ، فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر ، فقال : كلا والذي نفسي بيده ، وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعد مثلها حتى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط ، يخرج اليه رجل منا أهل البيت فيقتله ، ولا يخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة "[13].

ومن كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام لما عزم على حرب الخوارج ، وقيل له : إنّ القوم عبروا جسر النهروان " مصارعهم دون النطفة ، والله لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة " .

قال الشريف الرضي : " يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيراً جماً "[14].

قال ابن الأثير : " ثم إنّ الخوارج قصدوا جسر النهر وكانوا غربه ، فقال لعلي أصحابه : إنهم قد عبروا النهر ، فقال : لن يعبروا ، فأرسلوا طليعة فعاد وأخبرهم إنهم عبروا النهر ، وكان بينهم وبينه عطفة من النهر ، فلخوف الطليعة منهم لم يقربهم فعاد فقال : إنهم قد عبروا النهر ، فقال علي عليه السّلام : والله ما عبروه وإن مصارعهم لدون الجسر ، ووالله لا يقتل منكم عشرة ولا يسلم منهم عشرة ، وتقدم علي إليهم فرآهم عند الجسر لم يعبروه ، وكان الناس قد شكوا في قوله وارتاب به بعضهم . فلما رأوا الخوارج لم يعبروا كبروا وأخبروا علياً بحالهم ، فقال : والله ما كذبت ولا كذّبت "[15].

وروى ابن أبي الحديد عن أبي عبيدة : " استنطقهم علي عليه السّلام بقتل عبد الله بن خباب فأقروا به فقال : انفردوا كتائب لا سمع قولكم كتيبة كتيبة ، فكتبوا كتائب ، وأقرت كل كتيبة بمثل ما أقرت به الأخرى ، من قتل ابن خباب ، وقالوا : ولنقتلنك كما قتلناه ، فقال علي : والله لو أقر أهل الدنيا كلهم بقتله هكذا وأنا أقدر على قتلهم به لقتلتهم ، ثم التفت إلى أصحابه ، فقال لهم شدوا عليهم ، فأنا أول من يشد عليهم ، وحمل بذي الفقار حملة منكرة ثلاث مرات ، كل حملة يضرب به حتى يعوج متنه ثم يخرج فيسويه بركبتيه ، ثم يحمل به حتى أفناهم "[16].

روى ابن المغازلي باسناده عن مسروق قال : " قالت عائشة يا مسروق إنك من ولدي وإنك من أحبهم إلي فهل عندك علم من المخدج ؟ قال : قلت : نعم قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تأمراً ولأسفله النهروان بين حقايق وطرفاء . قالت : أبغني على ذلك بينة فأتيتها بخمسين رجلا من كل خمسين بعشرة - وكان الناس إذ ذاك أخماساً - يشهدون أن علياً عليه السّلام قتله على نهر يقال لأعلاه تامراً ولأسفله النهروان بين حقائق وطرفاء ، فقلت : يا أمّه . أسألك بالله وبحق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبحقي - فإني من ولدك - أيّ شئ سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول فيه ؟ قالت : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : هم شر الخلق والخليقة . يقتلهم خير الخلق والخليقة . وأقربهم عند الله وسيلة "[17].

 

[1] مروج الذهب ج 2 ص 403 .

[2] نفس المصدر السابق ص 405 - 406 .

[3] مروج الذهب ص 405 - 406 .

[4] سورة الزمر : 65 .

[5] سورة الزمر : 65 .

[6] الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 334 .

[7] سورة الأنعام : 56 .

[8] نهج البلاغة صبحي الصالح ص 92 .

[9] شرح نهج البلاغة ج 4 ص 132 .

[10] نهج البلاغة صبحيِ الصّالح ص 178 .

[11] الكامل لابن الأثير ج 3 ص 341 ، وأورد القضية بكاملها : الطبري في تاريخه ج 5 ص 81 - 82 .

[12] وفي الكامل في التاريخ ج 3 ص 348 أنه قال : " الشيطان وأنفسٌ أمّارة بالسوء غرّتهم بالأماني وزينت لهم المعاصي ونبّأتهم أنهم ظاهرون "

[13] مروج الذهب ج 2 ص 415 .

[14] نهج البلاغة - صبحي الصالح ص 93 .

[15] الكامل في التّاريخ ج 3 ص 345 .

[16] شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج 2 ص 282 .

[17] لمناقب ص 56 الحديث 79 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.